مع القرآن - ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى

أبو الهيثم محمد درويش

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

أولم يتفكر كل مستكبر عن أمر الله معرض عن شرعه أن الله خلق كل ما حوله و أن هذا الخلق الهائل المحكم يسير في طريق نهايته إلى الله يوم تبدل الأرض و السماوات و يقوم الخلق أولهم و آخرهم بين يدي الله للحساب. أولم ينظر الإنسان قبل أن يبارز ربه بالكفر و النكران و المعصية إلى أمم سبقته بكل هذا ثم إذا هم و ما يملكون الآن في التراب لا حراك لهم و لا حتى همس !!!! غرتهم دنياهم و ألهتهم عن أمر باريهم فارتد عليهم ظلمهم لأنفسهم فكانت عاقبة السوء هي مآلهم بما كسبت أيديهم.

 

{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } [الروم 8 - 10]

 

قال السعدي في التفسير: أي: أفلم يتفكر هؤلاء المكذبون لرسل اللّه ولقائه (فِي أَنْفُسِهِمْ ) فإن في أنفسهم آيات يعرفون بها أن الذي أوجدهم من العدم سيعيدهم بعد ذلك وأن الذي نقلهم أطوارا من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى آدمي قد نفخ فيه الروح إلى طفل إلى شاب إلى شيخ إلى هرم، غير لائق أن يتركهم سدى مهملين لا ينهون ولا يؤمرون ولا يثابون ولا يعاقبون. (مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ) أي ليبلوكم أيكم أحسن عملا.

 

(وَأَجَلٌ مُسَمًّى) أي: مؤقت بقاؤهما إلى أجل تنقضي به الدنيا وتجيء به القيامة وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات. ( وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ) فلذلك لم يستعدوا للقائه ولم يصدقوا رسله التي أخبرت به وهذا الكفر عن غير دليل، بل الأدلة القاطعة قد دلت على البعث والجزاء، ولهذا نبههم على السير في الأرض والنظر في عاقبة الذين كذبوا رسلهم وخالفوا أمرهم ممن هم أشد من هؤلاء قوة وأكثر آثارا في الأرض من بناء قصور ومصانع ومن غرس أشجار ومن زرع وإجراء أنهار، فلم تغن عنهم قوتهم ولا نفعتهم آثارهم حين كذبوا رسلهم الذين جاءوهم بالبينات الدالات على الحق وصحة ما جاءوهم به، فإنهم حين ينظرون في آثار أولئك لم يجدوا إلا أمما بائدة وخلقا مهلكين ومنازل بعدهم موحشة وذم من الخلق عليهم متتابع. وهذا جزاء معجل نموذج للجزاء الأخروي ومبتدأ له. وكل هذه الأمم المهلكة لم يظلمهم اللّه بذلك الإهلاك وإنما ظلموا أنفسهم وتسببوا في هلاكها.

 

(ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السوأى) أي: الحالة السيئة الشنيعة، وصار ذلك داعيا لهم لأنهم (كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ) فهذا عقوبة لسوئهم وذنوبهم. ثم ذلك الاستهزاء والتكذيب يكون سببا لأعظم العقوبات وأعضل المثلات.

 

المصدر: طريق الإسلام

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات