المرأة الإعلامية بين المشاركة والممانعة (1)

مثنى بن علوان الزيدي

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

استضافة الشيخ مثنى الزيدي في موقع (وفاء لحقوق المرأة)

في تحقيق صحفي بعنوان

المرأة الإعلامية بين المشاركة والممانعة (1)

 

 

 

تتباين آراء الكثيرين حول مشاركة المرأة في العمل الإعلامي  وأهمية اقتحامها وارتاديها هذا المجال وتتعدد الأسئلة حول هذه القضية الشائكة.. هل يكتفي بدور الرجال في الإعلام أم أنَّ المرأة وهي صانعة الرجال، ومربيَّة الأجيال لابد من مشاركتها لأنها هي الأقدر على التواصل مع النساء؟ وهل دخول المرأة هذا المجال ينافي الحشمة والالتزام بالحجاب؟، وما حدود المشاركة في ذلك، وهل هنالك أوجه نقص وقصور في مشاركة المرأة في المجال الإعلامي المرئي؟

 

 

طرحنا هذه الأسئلة وغيرها على عدد من الباحثين الشرعيين والمتصلين بمجال الإعلام والصحافة، وأخذنا كذلك رأي إحدى النساء العاملات والداعيات في المجال الصحفي والإعلامي.

 

 

وقبل أن نلج في صلب الموضوع نذكر أنَّ هذه آراء يمكن للعلماء  الاستفادة منها، وبناء رأيهم بحسب ما يقوله جمع من أهل الإعلام والدعوة وطلبة العلم الشرعي، ولعلَّ هذا التحقيق الصحفي يفيدهم في هذا المجال، والله ولي التوفيق.

 

 

 

المشاركون في التحقيق حسب الترتيب الهجائي:

أنور قاسم الخضري: كاتب وباحث يمني، رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث.

 

 

ماجد بن جعفر الغامدي:باحث إعلامي سعودي، مؤلف كتاب:الإعلام والقيم، وكتاب الإعلام بالأرقام.

 

 

مثنى علوان الزيدي:داعية وكاتب إسلامي عراقي.

 

 

محمد شكري حجازي: إعلامي وداعية إسلامي سوري، دكتوراه في الإعلام.

 

 

هنادي الشيخ نجيب: مديرة تحرير مجلة غدي الشبابية، ومديرة العلاقات في مجلة منبر الداعيات النسائية.

 

 

 

مشاركة المرأة في العمل الإعلامي:

توجهنا بأسئلة عدَّة لعموم المشاركين في التحقيق وسألناهم في البداية: هل ترون أن تشارك المرأة في الإعلام المرئي؟ ولماذا؟

 

 

فالشيخ مثنى الزيدي: يقول الشريعة الإسلامية وكما هو معلوم جاءت لتحقيق مصالح العباد كبيرهم وصغيرهم عالمهم وجاهلهم على حد سواء فلا مانع من أن تأخذ المرأة دورها في الحياة ضمن الضوابط التي رسمتها الشريعة. فما دامت المرأة منضبطة بهذه الضوابط فلا مانع من أن تقوم بأي دور إعلامي سواء كان مرئيا أو مسموعا أو مقروءا. ولا يمكن لأحد أن يجزم بأن الإعلام المرئي هو الأكثر خطورة بالنسبة للنساء، في حين أن الإعلام السمعي والمقروء لا يحمل تلك الخطورة.

 

 

وذلك لأن الأمر يتبع دين المرأة(أي انضباطها بضوابط الشرع) فلربما تجد امرأة تعمل في الإعلام المقروء تستطيع أن تساهم بنشر ما لا يُرضي من القول والفعل، وهكذا بالنسبة للإعلام السمعي على حد سواء.

 

 

ويضيف الشيخ مثنى قائلا: فالحاجة لمشاركة الداعيات من النساء والمرشدات مهم وخاصة في عصرنا الحالي لحاجة النساء في الملقي لذلك،وكان المسلمون يتعلمون من أمهات المؤمنين في سابق العهد ويسألونهن  ولم يقتصر على الرجال فقط.

 

 

فيما يطرح الأستاذ ماجد الغامدي فكرته بطريقة مغايرة حيث يقول: البعض يهتم بمشاركة المرأة في الإعلام وهل تشارك أم لا، وأرى أن خروج المرأة بالإعلام في حد ذاته ليس هو الموضوع الكبير والعظيم أنها خرجت أو لم تفعل، فقد تجاوز الزمن هذه النقطة إلى مطلبين مهمين وهما:الإبداع  فيما تقدّمه المرأة ويكون ذو جاذبية فائقة، والمحتوى القيمي الراقي الذي يستحق خروجها من أجله، وطبعاً في هذا وذاك لابد من مراعاة الضوابط الشرعية.

 

 

وكذلك نجد الشيخ محمد شكري يتوافق في الطرح القائل بمشاركة المرأة للإعلام فيقول: يتأكد في حق المرأة المسلمة الداعية والواعية أن تشارك في الإعلام المرئي وذلك لأنه أصبح من أكثر وسائل الإعلام تأثيرا في أوساط الرجال والنساء ومن خلاله تستطيع الداعية أن توصل رسالة الإسلام وترد على شبهات المفسدين من دعاة تحرير المرأة وغيرهم.

 

 

بدوره يجيب الأستاذ أنور الخضري قائلاً:هذه المسألة تخضع لتقدير مدى الضرورة والحاجة لخروجها في هذه القنوات لتساهم في تعليم النساء والأبناء وتوعية الأمة، فإذا استطعنا أن نقوم بدراسات ميدانية تؤكد أهمية وضرورة مشاركة المرأة في الإعلام لتوجيه الأبناء –مثلا- أو مخاطبة النساء عموما، بقياس أثر هذا الدور لو وجد، فإن الفتوى بدون شك سوف تختلف فيما لو كانت النظرة تعتمد على الأصل وهو بقاء حركة المرأة في أضيق الحدود انسجاما مع قول الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33].

 

 

من جهتها تقول هنادى الشيخ نجيب:نعم أرى المشاركة، لأنه لا يعبر عن المرأة إلا المرأة ولا يفهم المرأة إلا المرأة، وواجب المرأة الإعلامية أن تتبنى قضايا المرأة بشكل عام  وتعرضها بحجمها الحقيقي بحثا عن حلول واقعية تناسب خصائص المرأة التكوينية وتنسجم مع دورها المنوط بها.

 

 

 

حدود المشاركة للمرأة في الإعلام المرئي:

هنالك سؤال مهم وهو فيما إن كانت هنالك موافقة على ظهور المرأة في الإعلام المرئي، فما حدود المشاركة فيه، وهل لذلك ضوابط وقيود؟

 

 

فأجاب الأستاذ أنور الخضري بقوله: هذه مسألة تخضع لجوانب الحاجة، فهناك برامج الأطفال والفتيات والنساء والطبخ والعلاقات الأسرية والاجتماعية، ولكن بحيث لا تستحيل هذه البرامج إلى برامج مشتركة بين الرجال والنساء وتصاحب بالخلطة المذمومة والتنزل في الحديث والضحك والأُنس فهذا فيه من المفاسد أعظم مما فيه من المصالح. وهناك من المذيعات ممن يطلق عليهن محجبات ما يمارسن ما هو أعظم من كشف الوجه إثما في تقديمهن للبرامج.. حيث الزينة والضحك مع الرجال وتحولها من مذيعة إلى مفتية ومرشدة دينية!

 

 

فيما يتحدث الشيخ محمد شكري حجازي ويقول:  في البرامج الخاصة بالمرأة يجب أن تخرج محتشمة بحجابها الإسلامي بضوابطه وشروطه الشرعية وأن يكون ذلك بقدر الضرورة والحاجة التي تقدَّر بقدرها وأن تضمن أن المصلحة المترتبة أكثر بكثير من المفسدة.

 

 

أما الأستاذة هنادى الشيخ نجيب فتقول: أرى أن الحدود الشرعية التي نص عليها العلماء فيما يتعلق بأي عمل تريد المرأة أن تمارسه تنطبق على العمل الإعلامي بكل أشكاله، ويتأكد في الإعلام المرئي تجنب التبرج والحرص على عدم الاختلاط.

 

عمل المرأة الإعلامي هل يتناقض مع حجابها:

وحول قضية قد يعتبرها بعض المراقبين بأنَّها إشكالية في الواقع الإعلامي النسوي وخصوصاً فيما يُشاهد من تبذل للنساء في ظهورهنَّ في الإعلام، فيُخشى أن تكون مشاركة المرأة الصالحة مخالفاً لعفَّتهنَّ وحشمتهنَّ.

 

 

أجاب الأستاذ ماجد الغامدي بقوله: قليلون هم الذين إذا درسوا الجوانب الإعلامية المختلفة يحرصون على ذكر الإيجابيات لوسائل الإعلام، وإنما تطغى النظرة العامة فيكون الحديث منصب في جانب السلبيات فقط والنظرة الحذرة كما ذكرتَ على العفة والحشمة وهذا من التوازن المهم.

 

 

ويزيد قوله شرحاً وإيضاحاً حيث يقول: ولكن سأفكر بطريقة مقلوبة وأذكر بعض الإيجابيات التي ظهرت في مشاركة المرأة الإعلامية في صور متعددة لم نكن نتصورها.. وحقيقةً أن الإعلام أظهر أن هناك العديد من النساء  يقدمن إعلاماً ايجابياً نافعاً، فهي (صحفية - كاتبة مقال – مديرة جهة إعلامية -معدة برامج) وكل ذلك وهي تحمل قيمها ومبادئها وقبل كل هذا تحمل رسالة نبيلة تسعى لبثها للعالمين.

 

 

  • ظهور إعلام متخصص بالمرأة العربية والمرأة المسلمة يهتم بشأنها ومناقشة تفاصيل اهتماماتها وذلك بطرح نسائي ومشاركة نسائية وجمهور نسائي فكان أكثر نجاحاً لأن المرأة تفهم المرأة أكثر.

 

 

  • صنعَ الإعلام رموزاً نسائية مميزة في مجالات متعددة فرأينا: (الواعظة - المربية - الاستشارية - الطبيبة...) وخاصة في القضايا التي تختص بالنساء، فكم هي فرحتنا عندما نرى تلك المرأة المختصة تحمل الشهادة العالية في ذات المجال، فتطرح القضايا وتناقشها مع بنات جنسها بكل راحة وفهم متبادل بينهن، بخلاف عندما يكون المختص رجلاً فإن التحفظات تطغى والفائدة قد تتبعثر.

 

 

ويرى الأستاذ أنور الخضري أن العمل الإعلامي بوضعه الراهن يخالف عفَّة المرأة وحشمتها في الغالب، وما لم يسع العلماء والدعاة والمصلحون لإقامة مؤسسات إعلامية نموذجية تقدم مشاركة صحيحة وسليمة للمرأة ووفقا للضوابط الشرعية فإن النموذج المعروض سيظل هو المتاح: مذيعات بكامل زينتهن، بعيدات عن آداب الحوار مع الرجال، لا ينطلقن من مرجعية شرعية صافية،.. ويُقال فيما بعد (مذيعة إسلامية) أو (محجبة)!

 

 

ويقول الشيخ محمد شكري حجازي في هذا الصدد: العمل الإعلامي المنضبط بضوابط الشريعة لا ينافي عفة المرأة وحشمتها إذا كان محددا ببعض النواحي الخاصة بالمرأة بشرط أن لا تغشى مجالس الفساق والذين يتبعون الشهوات وأن تكون البيئة الإعلامية نظيفة.

 

 

وكذلك يقول الشيخ مثنى: العمل الإعلامي لا علاقة له بفقدان العفة أو العكس،إذ أنَّ هذا الأمر متعلق بمدى التزام المرأة فإذا كانت المرأة ملتزمة منضبطة؛ فستكون العفة مصاحبة لها في حلها وترحالها في أي زمان ومكان في كل وقت وحين،أما لو أضاعت المرأة دينها والتزامها فان عفتها ستكون مهددة في أي وقت وان كانت داخل البيت وهذا الكلام ناتج عن تجربة شخصية وسماع لكثير من هذه الحالات.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات