الإعلام العربي بدد منظومة القيم

ماجدة أبو المجد

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

"الأُسْرةُ هي أهمُّ عناصرِ بِناء الحضارةِ الإسلاميَّة، وهي عنصرُ استقرارِ المجتمعات العربيَّة الإسلاميَّة، ويُساندها في تحقيق هذا الدَّور الفَعَّال ما يُؤدِّيه الإعلامُ من دَورٍ إيجابيٍّ أو سلبيٍّ يؤثِّر بشكلٍ مباشرٍ على تشكيل الحياة المعاصرة بكلِّ عناصرها ومؤسَّساتها، ويَزيد من أهمِّيَّته "ثورة المعلومات والاتِّصالات"، التي باتتْ تُشكِّل الوعيَ العامَّ للأُمَّة الإسلاميَّة في جميع المناحي، مِمَّا يُحتِّم على كثيرٍ من وسائلِ إعلامنا والفضائيات بشكلٍ خاصٍّ - مراجعةَ خُططها وبَرامجها؛ لتتواكبَ مع ثورة المعلومات باعتبارِها شريكًا في عمليةِ التَّنشِئَةِ الاجتماعيَّة"، هذا ما خَلَص إليه مؤتمر الأُسْرة والإعلام الذي عُقِد مؤخَّرًا بكلية الإعلام - القاهرة.

 

الدور السلبي لوسائل الإعلام:

أكَّدتِ الدكتورة ليلى عبدالمجيد - عميد كلية الإعلام، ورئيس المؤتمر - على تَزايدِ تأثير دَور وسائلِ الإعلام ووسائل التكنولوجية الحديثة السَّلبيِّ، خاصَّةً مع الانفتاح على ثقافةِ غيرِ المسلمين التي أتاحتْها وسائلُ التقنية الحديثة، في ظلِّ عدم وجود أيِّ نَوعٍ مِن الرِّقابة على وسائل الإعلام، وهو ما جعل الأُسْرةَ تتعرَّضُ لأخطارٍ متتاليةٍ، لها عواقبُها الخطيرة.

 

وهو نَفْس المعنى الذي أكَّدت عليه الدكتورة نجوى كامل - وكيل كلية الإعلام لشؤون البيئة وخِدمة المجتمع - حيثُ اعتبرت الانهيارَ الذي تُعانيه العَلاقاتُ داخلَ الأُسْرة يُمثِّل تَحدِّيًا رئيسًا لكافَّةِ المجتمعات العربيَّة، وهو ما تُركِّز على دراسته الجامعاتُ والمراكز البحثيَّة.

 

وفي نفس الاتِّجاه أكَّدت الدكتورة منى الحديدي - أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام -: أنَّ الأُسْرة المصريَّة تُعاني صمْتًا أُسريًّا وزَوجيًّا يقارب "صمت القبور"، وأنَّ الإعلام العربيَّ اهتمَّ اهتمامًا مبالَغًا فيه ببعض الفِئات علي حساب الاهتمام بالأُسْرة المصريَّة، وضَربتِ المثل بكيفية اهتمامِ الإعلام الغربيِّ بالتَّخطيط وإعداد بَرامجهم بشكلٍ علميٍّ مدروس، حتَّى إنَّ التلفزيون الفَرنسيَّ نفسَه يُقدِّم أكثرَ الموضوعات حساسيةً بأسلوبٍ علميٍّ مُيسَّرٍ، يستطيع فَهْمَه‏ جميعُ أفراد الأُسْرة.

 

على العكس تمامًا، رَصد الدكتور محمود عَلم الدِّين - رئيس قسم الصَّحافة بكلية الإعلام -: أنَّ قناة الأُسْرة والطفل أَفشلُ وأسوأُ قناة تليفزيونية في مِصرَ، باعتبارِها قناةً مدرسيَّةً، تقوم علي تقديم الأطباء والأساتذة فقط.

 

الإعلام وتهتك النسيج الأسري:

أمَّا الدكتور علي ليلة - أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس - فأكَّد على أنَّ الإعلامَ أدَّى إلى تَهتُّك النَّسيج الأُسريِّ؛ بما لعبتْه تكنولوجيا الإعلام والمعلومات من تشويهٍ في المكوِّن القِيميِّ؛ لعِدَّةِ اعتباراتٍ، كاتِّساعِ مساحة دور الإعلام في عملية التَّنشئة الاجتماعيَّة، مقارَنةً بمؤسَّسات التَّنشئة الأخرى كالأُسْرة والمدرسة، بحيثُ نجد أنَّ دَورَ الإعلام أصبح طاغيًا، وكذلك الاختراق الثَّقافي والقِيمي لمجتمعنا القوميِّ من خلال الإعلام، الأمر الذي أدَّى إلى تبديدِ منظومةِ القِيَمِ والمعاني الأُسَريَّة، ونشرِ قِيمٍ ومعانٍ غريبةٍ مُضادةٍ لثقافتنا، تعمل على تبديدِ هُوِيَّتنا، بالإضافة إلى نَشْر سلوكياتٍ منحرِفةٍ، أدَّت إلى التَّفكُّك الأُسريِّ، وتمزيق النَّسيج الاجتماعيِّ، كما أنَّه عمد إلى نشر الثَّقافة الاستهلاكيَّة.

 

الإعلام وغياب المنهج:

ومِن جانبه أكَّد الدكتور أبو المجد: أنَّ قضيةَ المنهج لدَى النُّخبة المُثقَّفة في أُمَّتنا العربيَّة غائبةٌ بسبب دور الإعلام، الذي شَكَّل الحالةَ الوِجدانيَّة والعقليَّة للأُمَّة، مشيرًا إلى أنَّ الثَّوراتِ العِلميَّةَ المتعاقبةَ بلغتْ مِنَ العمق والتَّراكُم ما يجعل كلَّ اختراعٍ يحمل في داخله اختراعًا جديدًا، وأكَّد أنَّ العزلة التي يفرضها البعضُ على أُسرته - ويراها طوقَ النَّجاة - ليستِ الحلَّ، وأنَّ المتعلِّمَ لا بدَّ أن يُدرِكَ التَّطورَ الذي لحقَ بالعالَم، حتَّى يكون له دَورٌ في الحياة، كما أنَّه لن يستطيعَ حجبَ كَمِّ المعلومات الرَّهيب الوارد لأُسْرته وأبنائه في ظلِّ ثورة الاتِّصالات والتكنولوجيا الهائلة في العصر الحالي.

 

الإعلام وذوي الاحتياجات الخاصة:

حظي بحثُ الدكتور طلعت عيسى بالجامعة الإسلاميَّة بغزَّة - الذي تعذَّر حضورُه بسبب قَذْف منزله، وعدم تَمكُّنه مِن عبور منفذ رفح - بالاهتمام مِن كافَّةِ المشاركين، حيثُ تعرَّض لقضيةٍ نوعيةٍ، وهي تتعلَّق بالإعلام وذَوي الاحتياجات الخاصَّة، وبتركيزٍ أكبرَ على ضحايَا الحُروب والنِّزاعات، خاصَّةً المعاقين الفِلسطينيِّينَ الذين يَزدادون يومًا بعدَ يومٍ

 

البحث بعُنوان "اتِّجاهات المعاقين الفِلسطينيِّين نحوَ دور وسائل الإعلام في التَّعبير عن حقوقهم وقضاياهم"، والذي طالب الباحثُ من خلاله بضرورةِ العمل على إنشاءِ وسائلِ إعلامٍ متخصِّصةٍ للمعاقين، يكون الطَّاقم الأساسيُّ فيها مِن ذَوي الاحتياجات الخاصَّة، مع الاستعانة بخبراءَ إعلاميِّينَ وتَربويِّينَ، واجتماعيِّينَ ونَفْسيِّينَ عندَ مناقشة قضاياهم.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات