قطع دابر الإشاعات

زيد بن عبدالعزيز الفياض

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض

 

يبدو أنَّ الإشاعاتِ تجد مكانًا خَصْبًا بين المواطنين، ولا أعرِف ما إذا كان مبعثُ ذلك الفَرَاغ، أم أنَّ ترْك الأمور على سجيتها دون إيضاح كافٍ ممَّن يقدرون على الإيضاح هو الذي جعل الإشاعاتِ تنطلق دون حدٍّ من طغيانها، أو ردْع لطميها.

 

 

 

ولا أعرِفُ ما إذا كان مصدر بعض الإشاعات أناس تخصَّصوا في بثِّها والتشويش بها؟ أم أنها عفوُ الخاطر، وإن كنتُ أستبعد الأخيرَ في كثير ممَّا يُشاع ولا حقيقة له.

 

 

 

فكم مِن إشاعات انتشرتْ، حتى خالها بعضُ الناس أمرًا ثابتًا لا ريبَ فيه، وبعد حين ينكشف زيفُها، وعدم صحَّتها أصلاً وفرعًا.

 

 

 

وفي البلدان الأخرى تُشكَّل لجانٌ لتتبُّعِ مروِّجي الإشاعات ومعاقبتهم، ولا سيَّما في الأحوال غير العادية كظروف الحرْب - مثلاً - وفي الوقت الذي نطلب فيه من الدولة أن تعاقِب مختلقي الإشاعات الباطلة عقابًا رادعًا؛ سلامةً للمواطنِين من سمومهم وأمراضهم، وحمايةً من البلبلة والقلق، فإنَّا نودُّ أن يقوم المعنيُّون بإيضاح يدحض الإشاعاتِ والمفتريات، وإزهاقها قبل استفحال شرِّها.

 

 

 

وفي الحرْب الأخيرة بين العرب وإسرائيل كثرتِ التخرُّصات والأقاويل، ووَجدتِ الإشاعاتُ طريقَها نافذًا إلى بعض النفوس مما أحْدث بلبلةً فكرية، وتخمينات غير صحيحة.

 

 

 

وزاد الطين بلَّة، والأمر ضغثًا على إبالة أنِ استغلَّت بعضُ أجهزة الإعلام في دول عربية معيَّنة الفرصةَ، فراحتْ تروِّج لأكاذيبها، وتنسج من أوهامها، وتحاول النَّيْل من موقف هذه البلاد من الحرب، وتنعتها بالمتقاعسة والسلبية، والشامتة، وفوق ذلك وصفَتْها بصفات غريبة، وزعمتْ عنها مزاعم كثيرة.

 

 

 

وخطب رئيس دولة عربية، فتكلَّم بكلام تنقصه الدقَّة والتحديد، ووضع النِّقاط على الحروف - كعادته - وطاشتْ منه أسهمٌ موجَّهة لهذه البلاد وموقفها من الحرب، متهمًا الدولة بأنها لم تشتركْ في الحرْب، وأنها يمكن أن تكون أرسلتْ لواءً من جيشها (بعد انتهاء المعارك)!!

 

 

 

وهذا الزعم على ما فيه مِن تحامُل، وعدم دِقَّة ينبغي ألاَّ يُتركَ تفنيده؛ إيضاحًا للحقيقة التي كاد يطمسها ضبابُ الضجة الكلامية المتضاربة، ومِن ثَمَّ فإنَّ إصدار بيان حكومي يجلو الأمرَ، ويقطع دابرَ الإشاعات والافتراءات، ويبيِّن موقف الحكومة، وملابساتِ الوضع قبيل المعركة وإبَّانها، مطلبٌ تمليه الضرورة، ويستدعيه الموقف؛ وإزالةً للإبهام، وردًّا للتقولات الفارغة، وتفويتًا على مروِّجي الإشاعات قصدَهم، وإفهامًا لمن يريدون الاصطياد في الماء العَكِر: أنَّ الطريق أمامَهم مسدودة، وأنَّ الحقائق التي يُريدون تغطيتَها أجلى ممَّا يتوهمون.

 

 

 

وقد أعجبني ما نشرتْه جريدةُ الحياة مؤخَّرًا من تصريحات لمسؤول في وزارة الخارجية السعودية حولَ الموضوع غير أنَّ حذف بعض فِقراته من جانب الرِّقابة اللبنانية، يحفزنا إلى طلب نشْر بيانٍ واضِح يكشف الخافي، ويبرهن على الحقيقة على أن تذيعه الإذاعة وينشر في الصحف المحليَّة.

 

 

 

وبالنسبة للمواطنين فإني - أضمُّ صوْتي مع الغيورين؛ حرصًا على سلامتهم ورغبةً في أن تُسدَّ الطرقُ أمام الإشاعات الكاذبة، على أمل ألاَّ يحفل المواطنون بالإشاعات، وأن يُلقِّنوا مروِّجيها درسًا قاسيًا، وأن ينظروا لهم نظرةً عنيفة، حتى يعودوا إلى صوابهم، وحتى يتيقنوا أنَّ إفْكهم لن يفرخ في رُوع المواطنين المخلصين، وأنهم قد فقدوا احترامَهم في المجتمع ما لم يعودوا إلى صوابهم، ويتجنَّبوا إثارةَ البلبلة والترويجات الباطلة.

 

 

 

ومِن واجب الشَّعْب أن يتعاون مع الدولة لتحقيق هذا المطلَب العادل، والهدف النبيل؛ لأنَّ ذلك من مصلحة الجميع، وسلامة للمجتمع من التصدُّعات والاهتزازات.

 

 

 

والحكومة بنشْرها بيانًا في الموضوع، عِلاوةً على قطعها لدابر الإشاعات في هذا المجال، فهي أيضًا تُسهِم في وعي المواطن، وإشعاره بأهمية دَوْره في هذه الظروف التي تجتازها الأمَّة الإسلامية، ومسؤوليته نحوها؛ ليكونَ على بينة من أمره، واقتناع بما تتخذه من خُطوات تهدف إلى ردِّ العدوان، وإعلاء راية الإسلام، والحِفاظ على كرامة المسلمين.

 

 

 

ومِن واجبِ كلِّ فرْد من الشعب أن يشعر بمسؤوليته، وأن يقدِّر الأمور تقديرًا صحيحًا في حدود طاقاته، وعلى قدر استطاعته، حتى لا يَبقى للعدوِّ ثغرة، ولا للحانقين منفذ، ولذوي الإشاعات مَيْدان، هذا مطلَبٌ في صالِح الجميع، ومن الحِكمة تحقيقه؛ تنويرًا للرأي العام، وشعورًا بالمسؤولية، وتقديرًا للموقف. والإصلاحَ أردت.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات