الدعاة أمام الشائعات

عائض بن عبدالله القرني

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

 

الواجب مع الشائعة :

 

إن الأصل في بيان الواجب أمام الشائعات والأخبار المزعومة قوله I: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات, قال ابن كثير رحمه الله: "يأمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق؛ ليحتاط له، لئلا يحكم بقوله، فيكون في نفس الأمر كاذباً مخطئاً، فيكون الحاكم بقوله قد فعل ما نهى الله U عنه، وهذا من اتباع سبيل المفسدين".
وكثيراً ما أدت العجلة في إصدار الأحكام إلى الندم بعد وقوع الحكم، وكثيراً ما ندم بعض الأخيار من أحكام أصدروها على بعض الناس على معلومات خاطئة وصلتهم، وقد وقع هذا كثيراً حتى في صفوف أهل الصحوة، وأهل الالتزام؛ حيث إن بعضهم يحكم على بعض بأخبار ملفقة لا أساس لها من الصحة, ولقد كثر بين الشباب النقل عن الثقات المزعومين، وهم يبهمون أسماءهم، فيقول أحدهم: حدثني الثقة عن فلان عن فلان عن فلان ثم يروي لك خبراً، وإذا بحثت عن هذا السند على قانون الجرح والتعديل وجدته إما سنداً منقطعاً، أو معضلاً، أو مرسلاً، أو معلقاً، أو وجد الخبر من أحاديث بني إسرائيل, وتجد المبالغات في النقل، فكثيراً ما حدثونا أن فلاناً من المشايخ يحفظ الكتب الستة؛ يعني: الصحيحين والسنن الأربعة، فلما بحثنا وجالسنا كثيراً من الذين ذكر عنهم ذلك، فما وجدناهم يحفظونها, وبعضهم يزعم لك أن فلاناً يحفظ كتاباً بأسره، وأنه يحفظ الألوف المؤلفة من الأحاديث، فإذا جلست معه وشافهته لن تجد تلك المعلومات إلا خاطئة.

ومن ذلك أن كثيراً من الناس سامحهم الله ينقلون الخبر فيبترونه، أو يزيدون فيه، أو ينقصون منه، أو يؤولونه عن مقصد صاحبه؛ فيأتي الخبر مقلوباً لا أساس له من الصحة، ولا صدق، ولا أثر, ومنها: أن أحدهم يعادي صاحبه وزميله لمجرد كلمة بلغته عن ذلك لم يتأكد من صحتها، أو من مقصد صاحبها؛ فيقع فيما نهى الله U، وتقع العداوات بين الأقران، بما فيهم الدعاة الفضلاء بسبب هذه الشائعات التي تنتشر, وكان حقاً على المسلمين خاصة الدعاة التحري أمام الشائعات، والتريث في إصدار الأحكام, وهي الأحكام المخطئة التي تعتمد على مجرد سماع الخبر، في اتهام بعض الجهات وبعض الأشخاص ولم نسألهم عن دليلهم في ذلك، وإنما يتعلقون بشبه وإيحاءات بعيدة، والله U  يقول: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (36) سورة الإسراء, لا تقف أي: لا تقل، ولا تتحدث بما ليس لك به علم، ثم ذكر الله U أن العبد سوف يحاسب على كلماته، وعلى أحكامه، تصرفاته فقال:{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء.

ودائماً أسانيد الناس: زعموا، وسمعنا، ويقولون، وقالوا، ونحو ذلك من الألفاظ التي هي صيغ تمريض، وقد كره الله للناس قيل وقال، وهي دلالة على كثرة النقل بلا روية، ولا تؤده، ولا تثبت، وعند مسلم في الصحيح قولهr: [كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع]، قال الإمام مالك:[لا يكون المرء إماماً إذا حدث بكل ما سمع] وقال الإمام مالك رحمه الله أيضاً: [ليس كل ما يُعلم يقال], فإنك تعلم معلومات ولكنك لا تستطيع أن تقولها.

 

مسائل تهم الناس والشباب حول الشائعات :

 

قبول خبر الواحد الثقة :

 

لا يعني الحرص على التثبت والحيطة في قبول الخبر أن نرد خبر الواحد مطلقاً، لا، فإن أهل السنة يقبلون خبر الواحد الثقة في العقائد والعبادات والأصول والفروع خلافاً للمبتدعة كالمعتزلة وأهل الكلام , فإنهم لا يقبلون خبر الواحد في العقائد, والصحيح قبول خبر الواحد، ففي الصحيحين : [أن ضماد بن ثعلبة أرسله r إلى قومه في ثقيف والطائف], وفي البخاري ومسلم : [أن رجلاً ذهب إلى أناس يصلون وقد تحولت القبلة فأخبرهم بأن القبلة تحولت فتحولوا] وهذا من قبول خبر الواحد.

 

تجنب التهويل في نقل الأخبار :

 

أن الواجب على المسلم أن يتجنب التهويل في نقل الأخبار فلا يزيد شيئاً، والمبالغة في ذلك لها رد فعل؛ فإنه قد تصاب النفوس بالإحباط فتكون النتيجة عكسية، بعد أن تعرف الشيء على حقيقته، وهذه تسمى خيبة الأمل؛ لأنه كان يتأمل شيئاً فلما وجده ورآه وجده أقل مما أمله, ومثل ذلك المبالغة في الكرامات: فهذا ينشق له القبر بعد أن يقتل يصافح والده؛ فأين السند الصحيح لهذه القصة؟ وأيضاً المبالغة في مكاسب الصحوة، وإنجازاتها حتى كأن الناس كلهم عادوا إلى الله، فيقول لك أحدهم: رأيت المنطقة، أو القرية، أو المدينة الفلانية، فما رأيت واحداً منهم غير ملتزم، بل كلهم ملتزمون، وهذه مبالغة؛ لأنها تخالف أصول الكتاب والسنة، واللهI يقول: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} (116) سورة الأنعام, ويقول: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (13) سورة سبأ, ويقول: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (103) سورة يوسف.

 

الحيطة من قصص الواقع :

 

المطالبة بأخذ الحيطة من قصص الواقع التي تضخم ويزاد فيها، ويجعل لها أذيال وأجنحة، والعادة أن قصص التائبين في هذا الزمان مبالغٌ فيها، وقد سمعت كثيراً منها وأعتقد أنه لو رأينا الحقيقة لما كانت كما سمعنا، وغالباً أن قصص التائبين هذه تكون بعد حادثة انقلاب سيارات، فيقولون: فانقلبت به سيارة، فنقل إلى المستشفى، فتاب إلى الله، فبقي يبكي الليل والنهار حتى كأنه داود u حينما تاب، وبعضهم قال: فسمع شريطاً فأخذ يبكي ويبكي، فوعظناه يكفي يا أخي، فقال: أنا مذنب، ثم صلى فبكى ثم بكى بعد الصلاة، ثم أتى لينام فبكى، وسمعت كثيراً من هذا وأنتم سمعتم، وهذا ليس بوارد.

 

التأكد من صاحب الخبر نفسه :

 

لماذا لا يتصل بالأشخاص الذين نقل عنهم الخبر مباشرة؟ بمعنى: إذا سمعت كلمة من أخ فلا تعجل بالحكم عليه من جرائها، بل حاول أن تسأله: هل قلت أنت هذه الكلمة؟ هل ثبتت عنك حقيقة؟ وما مقصودك بها؟ سمعت عالماً من العلماء المشاهير الذين لا زالوا أحياء يقول: أنا من عادتي إذا سمعت الكلمة أن أتصل بالهاتف مباشرة بذاك الشخص الذي نقلت عنه الكلمة، فأقول: هل صحيح أنها قيلت عنك؟ هل ثبت عنك هذا؟ ماذا تقصد؟ حتى أرد على بصيرة، أو أنصحه، وكثير من الأشخاص يعيشون في حي واحد تبلغ أحدهم عن الآخر كلمة فلا يسأل عنها، وإنما يسارع بالحكم عليه، وبإمكانك أن تزوره، وتسأله هل ثبت عنك هذا أم لا؟ لتكون على بصيرة، هذا هو التثبت.

 

التثبت قبل الندم :

 

الأصل في التثبت قوله I: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات, وفي الآية أن الفاسق هو الكاذب، وقيل: هو الذي لا يستحي من الله، وقيل: هو الذي يختلق الأمور، وقيل: هو المبالغ على سبيل الافتراء.

 

الدليل والبرهان فيما يقول :

 

ليسأل كلٌ منا نفسه، ما هو الدليل على ما يذكر؟ إذا أردت أن تذكر قصة، وأردت أن لا تحرج نفسك أمام الناس، وأمام الفضلاء في أي مجلس، فلا تذكر قصة إلا ومعك الوثائق والبراهين والأدلة، قال I في هذا المبدأ: { قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} (148) سورة الأنعام, قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليعتصم طالب العلم في كل مسألة بدليل، ويقاس على ذلك مسائل الواقع، والمسائل الدعوية والاجتماعية؛ فإنه لا يحل لك أن تذكر مسألة إلا بدليلها".

 

عرض الشائعة على الكتاب والسنة ثم العقل :

 

كل شائعة لا بد أن تعرض على العقل، وإن كانت شرعية فلا بد من عرضها على الكتاب والسنة.

كشائعة مثلاً قد نشرت في بعض الصحف قديماً أن ميتاً خرج من قبره بعد ثلاث ليال، وأكفانه على جنبه ومشى بين الناس، وصدق العوام بها، ولم يبحثوا عن أصلها، أو من أتى بها من الناس، وكشائعة مثلاً أن بعض الناس لما دفنوا شارب الدخان تحول عن القبلة، قالوا: غسلناه، فلما وضعناه في القبر حول الله وجهه، وجعل ظهره إلى القبلة فتحول عن القبلة، مع العلم أن آكل الربا والزاني وشارب الخمر أعظم إثماً من شارب الدخان، ولم ينقلوا عنهم أنهم حولوا عن القبلة، فانظر جرم هذا وجرم ذاك، وخطأ هذا وخطأ ذاك، وما وقع تحويل وجه هذا عن هذا إلا في شارب الدخان، والكتاب والسنة لا يدل على ذلك، ولا ينفيه صراحة لكن الأقرب أن نتوقف، ولا بد أن ننزل أهل الذنوب منازلهم؛ فإن من علامات القصة الموضوعة والحديث الموضوع أن يضخم الأجر على عمل بسيط، أو يضخم الإثم على جرم بسيط، وقد ذكرها السباعي في السنة ومكانتها في التشريع.

وأما الشائعات فالواجب عرضها على الكتاب والسنة: فمثلاً الأحاديث الباطلة الموضوعة التي فيها طوام ودواهي، فإنها تخالف أصول الكتاب والسنة، فمثلاً: الأثر الموضوع المكذوب على الرسول r: [من قال: لا إله إلا الله بني له سبعون قصراً في الجنة] وغير هذا الأثر كثير.

 

الحذر من الظن :

 

الحذر من الظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، يقول I: {إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} (32) سورة الجاثية, وأكثر معلومات الناس ظن، لأن المصادر التي نتلقاها في الأربع والعشرين ساعة من سبيل الظن، وليست من سبيل اليقين، ولا يوثق بأخبارها؛ لأنها ليست مرشحة لتعطي الأخبار الصحيحة المعقولة، وقال I: { إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (36) سورة يونس.

 

إسناد الحديث إلى أهله :

 

على المتحدث أن يسند الحديث إلى أهله، فمثلاً يقول: حدثني فلان بن فلان بكذا وكذا؛ لأن الرواية عن المجاهيل مظنة الكذب، وإذا ذكر المتحدث الزمان والمكان كان أحسن وأجمل وآكد، مثل أن تقول: حدثني فلان بن فلان في مدينة كذا يوم الثلاثاء الماضي ومعنا فلان بن فلان، لكي يصدقك الناس، أما إذا قلت: يقولون: وقال لي أحد الثقات، فكم من الثقات! أصبح الناس كلهم ثقات، فإذا بحثت وجدته ليس بثقة.

 

الذب عن المسلمين والدعاة :

 

إن المطلوب من المسلمين عموماً، ومن الدعاة خصوصاً ذب بعضهم عن عرض بعض وفي الحديث: [ومن ذب عن عرض أخيه المسلم, ذب الله عن وجهه النار يوم القيامة] ولا يجوز للمسلم أن يقف متفرجاً وأعراض إخوانه المسلمين تنتهك، وأشخاصهم تجرح, وإذا رأيت الساكت في مجلس من المجالس التي تنتهك فيه أعراض العلماء والمشايخ والدعاة، والفضلاء والصالحين، من أمثالكم، فاعلم أنه أحد رجلين:إما جبانٌ خوار، سلب الله الغيرة من قلبه, أو منافق يعجبه التشفي في أعراض المسلمين.

 

عدم نشر ما يجرح المسلم :

 

الواجب على المسلم إذا سمع جرحاً في أخيه المسلم أن لا ينشره، ولا يوشيه، ولا يفشيه، فيكون مشاركاً بفعله هذا في انتهاك أعراض المسلمين، ومناصرة المنافقين، بل عليه أن يطوي هذه الأخبار، ويجعلها قيد الكتمان، ويعتبر بقوله r: [من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه].

 

الشائعات عن الملتزمين مستمرة :

 

يشاع الآن، وسوف يشاع عن الملتزمين بشرع الله U، والمستقيمين على دينه أنهم متطرفون، فنقول لهم: ما معنى: التطرف؟ وما هي صور التطرف عند هؤلاء الشباب؟ ومن الذي يحق له أن يحكم عليهم بالتطرف؟ هل هو من حقوق من ليس من أهل الشريعة؟ ولا من حملة الكتاب والسنة؟ وهل يحق لبعض الناس ممن قلَّ تصورهم للشريعة وقلَّ عملهم بطاعة الله U، هل يحق لهم أن يحكموا على هؤلاء بالتطرف؟ ومفهوم كلامهم أن العصاة هم الوسط، ويجعلون الوسط التساهل في الالتزام بالسنة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم التشاغل بالدعوة، وعدم الغضب لله U، بل يرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جرحٌ للمشاعر, وهو من التدخل في شئون الغير، ويرى هؤلاء أن اتباع السنة والتقيد بها تشديد وتزمت.

 

التحليل والتحريم من خصائص الله ورسوله r :

 

يقال عن الملتزمين: إنهم يحرمون كل شيء، حتى سمعت من بعضهم مشافهةً من رجل له قَدْرَة، يقول: صليت مع خطيب جمعة، فقال: الربا حرام، والغناء حرام، والصور حرام، والدخان حرام، وكل شيء حرام. هل يقول هذا؟ إن كان أحد الناس يعني معتوه، أو جاهل، أو مرفوع عنه القلم قال هذا، لكن هل يستطيع خطيب أن يقول هذا ويسكت المصلون عنه؟ لا لأن عندنا فضلاء، وطلبة علم، والشعب مسلم، ومثقف، وواعٍ، فلا يمكن أن يقول خطيب في مسجد فيه خمسمائة رجل هذا الكلام ويسكت الناس، وعلى الأقل أن ثمانين في المائة منهم يعرفون أن كل شيء ليس بحرام، فسيوقفونه بعد الصلاة ولو عشرة منهم ويحاسبونه على الكلمة، لكن معنى هذه الفرية: أن تأخذ تصوراً أن هؤلاء الشباب والدعاة والخطباء يحرمون كل شيء، فتقول: حسبنا الله عليهم.

فبالله عليكم، هل يعتقل أن الدعاة يعتقدون تحريم كل شيء، والله يقول: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} (116) سورة النحل.

 

كتّاب يسخرون من الدعاة :

 

نشرت جريدة الحياة عن بعض الكتبة وهو يعرض ببعض الدعاة وشباب الصحوة ويقول: إنهم يروون أن طائرة (إف 15) تسقط بقراءة آية الكرسي، وأن هناك دعاء يفجر الدبابة، فأقول: أسألكم بالله هل سمعتم داعية ممن يوثق بعقله وعلمه ورأيه يرى هذا الرأي، ويقول مثل هذا القول؟ ولقد رأيت غالب شباب الصحوة في الداخل والخارج، ولا يقولون هذا، يقولون: هذه أدعية لها أثر، أما أنهم يقولون القضية المعينة هذه: من قرأ آية الكرسي أسقط طائرة إف 15 فلا، نعم إن الكرامات موجودة لكن لماذا يضحك عليهم بهذا الأسلوب الساخر، الساذج، المكشوف، السافر، ولا يتعرض إلا لهم دائماً، ولا تضخم إلا أخطاؤهم، بينما تجد أهل الفن، وأهل الغناء والضياع؛ معفوون من هذه، بل يلمعون، أما هؤلاء إذا أخطأ أحدهم خطأً صغيراً ضخم، وكبر، حتى يكون كارثة.

 

ضرورة التثبت فيما ينقل عن العلماء :

 

ينسبون إلى بعض العلماء أنه حرم كذا، وأحل كذا، دون أن يتثبت من قوله، فيقع كثير من الناس في الخطأ على اعتقاد أن العالم الفلاني أفتى بكذا وكذا، فالرجاء التثبت والتحري، وأخذ الحيطة في مثل هذا الأمر المهم، والاتصال بالعلماء مباشرة، فإنه ينتشر بين الناس أن فلاناً من المشايخ أفتى بحلِّ كذا وكذا، بينما لو سألت من نشر هذا الخبر، ومتى سمعته؟ وهل سمعته من الشيخ؟ وهل سألته؟ وهل قرأت هذا في كتاب أو سمعته في شريط؟ لقال: لا أدري، سمعت هذا، أو قيل لي.

 

الفراغ يورد الشائعات والقيل والقال :

 

الفراغ لدى الشباب يورد الشائعات، والقيل والقال، وقد كان السلف يسمون من يجلس فارغاً (عاطلاً) ويسمونه (بطالاً) وسماه العصر الحاضر (بطالة) وقالوا: مشكلة البطالة، ودرسوا أزمتهم، وما هي الحلول المقترحة لأزمة البطالة، التي هي عبء على المجتمع، والشعوب، الآن كثيرٌ من الناس يعيش في بطالة، وتورث المهاترات، والنقولات الواهيات، والشائعات.

 

الفوضى في الزيارات :

 

فإن هذا أمرٌ محرج، وديننا أسمى من أن يكون مسئولاً عن هذه الفوضى في الزيارات، أو الفوضى في النظام على سبيل المثل, كم نبه للباعة وقيل لهم وكتب لهم، واتصل بالجهات المختصة، ألا تبيعوا بعد الأذان الثاني، إذا دخل الخطيب، ثم يخالفون الأمر، ويخالفون التوجيه والإرشاد، فينقلون صورة لغير المسلمين أن هذا دين فوضى، والله U ذكر النظام في كتابه، مثل نظام الزيارات وقد أشير في القرآن إلى أوقات محرجة في الزيارة منها: {قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ} ....{وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} (58) سورة النــور,فالواجب علينا الرتابة: وأنا أقترح أن الوقت المناسب عند المسلمين الآن من المغرب إلى العشاء، وقد نبه على هذا الوقت،ووضعت عند بعض الفضلاء لوائح تشير إلى هذا، أن وقت الزيارة من المغرب إلى العشاء؛ لأنه وقتٌ مستهلك، ووقت ذاهب، فيتزاور الأحبة فيه، وأما غيره فإنه محرج صراحة، وحتى الاتصال بالهاتف أن يكون هناك وقتاً منظماً، فبعد الحادية عشرة لا تتصل لأحد، بل قبلها بكثير، وفي أوقات الأذان إذا أذن المؤذن فلا تتصل، أحياناً يتصل بك والأذان يؤذن فتترك متابعة المؤذن حتى تجيب على الهاتف، أو إذا دنت الإقامة وأنت إمام مسجد شغلك إلى الإقامة فأخرك عن الصلاة، فتحري الأوقات حتى باختلاف نسب الأوقات بين المدن أمر مطلوب خاصة بين أهل الوعي حتى ننقل صورة النظام للناس.

 

الكلام أكثر من العمل :

 

من قصورنا جميعاً أن نسمع ونتحدث أكثر من أن نعمل، محاضراتنا أكثر من فعلنا، ندواتنا، ودروسنا، أكثر من تأثيرنا بالعمل البناء بالناس، أمة تتحدث، أمة تحب الكلمة والقيل والقال, وعلى سبيل المثال: كم يحضر المحاضرة العامة من شباب، لكن كم يدعو إلى الله من هؤلاء؟ بعض المحاضرات يحضرها أكثر من عشرة آلاف، وهذا ليس مبالغة بل هو الحق، ومن حضر شهد بذلك، وليت من العشرة آلاف عشر العدد يعملون لله، وأنا لا أقول: العشرة الآلاف لا يعملون لله, فإنهم يعملون لله في الصلوات، وفي الحج، والعمرة ورمضان، وفي بعض الحقوق، ولكني أقصد حق الدعوة، وحق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحق محمد r على الأمة، وحق إيصال الكلمة إلى الناس، وحق التأثير، والمشاركة، ليت العشر من العشرة آلاف يعملون لله في الدعوة، يعني: ألفاً، لو عمل ألف في مدينة من المدن بالحكمة والموعظة الحسنة، واللين، وإيصال الفكرة للناس، واقتحام الحواجز التي وضعها بعض الناس بينهم وبين الناس؛ لعم الخير، وكان الشر في إدبار، وكان النفع العميم ينتشر هنا وهناك.

ما هو تأثيرنا في الناس؟ ما هو دور هذا الكم الهائل الذي يحضر هذه المحاضرة؟ ماذا يقولون غداً لمحمد r؟ إذا قال: هل بلغتم دعوتي؟ أنا قلت لكم في الحياة الدنيا: [بلغوا عني ولو آية] قراكم فيها خرافة، وقد يتخلف فيها الناس عن صلاة الجماعة، وقد لا يطبق فيها الحجاب، وقد يوجد فيها قطيعة الرحم، وأذية للجيران، والغيبة، والنميمة، والحسد، وأكل الربا، فماذا فعلتم؟ من منا أنفق من راتبه قدراً لإيصال دعوة محمدٍ r للناس؟

وقد قال كثير من العلماء: أن من أدخل شريطاً إسلامياً في بيت من بيوت المسلمين فاهتدى أهل البيت أنهم في ميزان حسناته، وأنه هو السبب الأول في هدايتهم، وأنه هو المأجور، والرسولr يقول: [من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله] ويقول: [من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة] فهنيئاً للباذلين، وهنيئاً لمن دعا إلى نهج الله، وهنيئاً للمؤثرين، وهنيئاً لمن شارك بوقته، أو تدبيره، أو تخطيطه، أو ماله، أو رأيه، أو علمه: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} (16) سورة الأحقاف.

 

دور المرأة في الدعـوة :

 

الدعوة تجب على المرأة  في حدود طاقتها، وهي مسئولة أن تبلغ بقدر جهدها وعلمها، وهي مشاركة للرجل في الحياة، وهي نصف المجتمع، والله U ذكر الصالحين والصالحات، فقال: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} (195) سورة آل عمران, والمرأة الصالحة يجب عليها أن تبلغ دين الله في بنات جنسها؛ بكلمتها، وباتصالها، وبزيارتها، وبالكتيب، وبالشريط الإسلامي، وبأي مستوى من مستويات التأثير؛ لأنا نرى قصوراً في جانب تثقيف المرأة، وتفقيهها ودعوتها، وآن للمرأة العاقلة والفاهمة والتي آتاها الله قدراً من العلم، أن تبذل علمها، ولها أجرها عند ربها.

 

والله أسأل أن يتقبل مني ومنكم صالح العمل، وأن يتجاوز عنا وعنكم الزلل، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل, وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

..................................................................................................................

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات