اتهام النبي بأنه كتب القرآن من عنده، وبأنه شهواني

خالد بن محمد الشهري

2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات:

 

 

شبهة: ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفرقان: 5]:

 

اتهم المشركون نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه جمع أساطير الأولين من الرواة الذين كانوا يتناقلونها، ثم كتبها فهو يلقيها عليهم ليدعي بذلك الوحي.

 

وقد بيّن القرآن الكريم الرد على مثل هذه الشبهة ومفاده أنه كان صلى الله عليه وسلم أمياً لا يقرأ ولا يكتب. وأنه لم يخرج من مكة ولم يسافر إلى البلاد التي تكثر فيها هذه القصص والأساطير التي ادعتها عليه قريش ثم إن ما جاءهم به محكم لا لبس فيه ولا اختلاف ولا عجمة ولا اعوجاج فيه على عكس ما كان يتناقل في عصرهم من أساطير يكذب بعضها بعضاً.

 

 

 

شبه المستشرقين الحديثة وصفهم له صلى الله عليه وسلم بأنه شهواني:

 

حين تزوج إحدى عشرة امرأة، بينما منع أتباعه من الزيادة على أربع نساء.

 

 

 

والجواب على هذه الشبهة أنه ينبغي أن يُعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً قط إلا عائشة - رضي الله عنها - كما أنه صلى الله عليه وسلم إبان شبابه وفتوته لم يتزوج سوى خديجة - رضي الله عنها - حين كان عمره خمساً وعشرين سنة وهي امرأة كبيرة فلو كان ذا شهوة لما اكتفى بها وهي المرأة الكبيرة في السن فلم يتزوج عليها حتى توفيت - رضي الله عنها.

 

 

 

وكان زواجه بعائشة - رضي الله عنها - إكراماً لصديقه وأحب الناس إليه وأوفاهم لـه وأكثرهم إخلاصاً له ولدعوته.

 

 

 

وكذلك كان زواجه بحفصة بنت عمر بن الخطاب إكراماً لأبيها ثاني رجل في الإسلام وثاني وزراءه وإذا لم يكرم عمر بن الخطاب فمن يكرم إذاً؟! وأما زواجه بأم حبيبة وأم سلمة وسودة وميمونة وأم المساكين وهن أرامل فكان إيواءً لهن لما فقدن أزواجهن ولما أصابهن من عذاب واضطهاد في ذات الله تعالى.

 

 

 

وزوّجه ربه تبارك وتعالى زينب بنت جحش وهو كاره لذلك خشية من قول الناس: «محمد تزوج امرأة ابنة زيد» الذي تبناه قبل الإسلام فأراد الله عز وجل أن يهدم قاعدة التبني التي كانت متأصلةً في المجتمع الجاهلي حيث كان للابن المتبنى عند العرب في الجاهلية جميع الحرمات والحقوق التي كانت للابن الحقيقي سواء بسواء، فكان أقوى معول لهدم هذه القاعدة أن أمر الله عز وجل نبيه أن ينكح زوجة زيد بعدما طلقها وقد كان ابناً لـه بالتبني في الجاهلية ليستقر عند العرب عدم جواز التبني.

 

 

 

وكان زواجه لصفية وجويرية مسحاً لدموعها وإذهاباً لحزنهما لموت زوجيهما في معركة قتال دارت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين رجالهما.

 

 

 

كما أن من فوائد زواجه صلى الله عليه وسلم ما كان شائعاً عند العرب من احترام للمصاهرة إذ كانوا يرون مناوأة ومحاربة الأصهار سبة وعاراً على أنفسهم. فلما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة المخزومية لم يقف خالد بن الوليد المخزومي من المسلمين موقفه الشديد الذي وقفه بأحد، وكذلك أبو سفيان قائد المشركين لم يواجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي محاربة بعد زواجه بابنته أم حبيبة، وكذلك لا نرى من قبيلتي بني المصطلق وبني النضير أي استفزاز وعداء بعد زواجه بجويرية وصفية.

 

 

 

ومن أعظم وأجل مقاصد نكاحه صلوات ربي وسلامه عليه أنه كان مأموراً بتزكية وتعليم الناس ولما كان من المبادئ التي قام عليها بناء المجتمع المسلم ألا يختلط الرجال بالنساء كانت الحاجة داعية إلى وجود نساء مختلفات الأعمار والمواهب (وهن أمهات المؤمنين) فيزكيهن النبي صلى الله عليه وسلم ويربيهن ويعلمنهن ليقمن من بعده بتربية نساء المسلمين فيكفين مؤنة التبليغ في النساء، وقد كان لأمهات المؤمنين فضلٌ كبير في نقل أحواله صلى الله عليه وسلم المنزلية للناس.

 

 

 

أفَترى رجلاً يدع الزواج في شبابه من النساء ويقتصر على امرأة كبيرة في السن كخديجة أو كسودة حتى يصل الخمسين من عمره ثم فجأة يجد في نفسه شهوة عارمة فيتزوج بمثل هذا العدد الكبير من النساء؟.

 

 

 

اللهم إن هذا لا يقولـه إنسان عاقل بل لا يقوله إلا مكابر فاجر [1]!!

 

[1] (إن أشدَّ أيام الرغبة الجنسية يقظةً وثورةً هي سن ما بين البلوغ والخامسة والعشرين، هذه هي السن الخطرة التي ينبغي لكل عاقل وعاقلة أن يحذر فيها الوقوع في المعصية ويبتعد عن ذرائعها وأسبابها من التكشف والاختلاط، فأين كان محمد صلى الله عليه وسلم في هذه السن؟ وما هي حوادث صبوته؟ لقد كان حرَّاً، في مجتمع حرٍّ، ولو أرادها لم يمنعه منها مانع من رقابة ولا من عرف. ولقد كان لداته من الشباب غارقين في هذه الملذات لا يحرمها عليهم دين ولا قانون؟ فلماذا لم يسلك سبيلهم كما يقول المستشرقون المفترون؟ إن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم مكشوفة للعدو والصديق، معرضة لأنظار كل ناقد فهل ترون فيها ما يدلُّ على أنه من أرباب الصبوات؟ ولقد كان خصومه من المشركين من أبناء بلده وأعرف الناس به، فلو عرفوا عنه شيئاً لما كتموه، بل لأذاعوه في الشرق والغرب وسيروا به القصائد والخطب، عن كتاب (سيد رجال التاريخ محمد صلى الله عليه وسلم) للشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - جمع وترتيب حفيده.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات