الأضرار والأخطار المترتبة على نشر الشائعات المغرضة بين أفراد المجتمع

إبراهيم الحمود

2022-10-08 - 1444/03/12
التصنيفات:

 

 

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات سيتحدث كل من فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن ناصر الحمود والشيخ محمد بن سعد السعيد والشيخ الدكتور فهد بن سليمان الفهيد عن موضوع هام جِدًّا وهو الأضرار والأخطار المترتبة على نشر الشائعات المغرضة بين أفراد المجتمع.

كلمة الشيخ إبراهيم الحمود

مفهوم الشائعة وأسباب انتشارها في المجتمع

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وشق سمعه وبصره وهداه النجدين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

أما بعد، إن موضوعنا يهم كل مسلم ومسلمة، وله صلة وثيقة بحياة المسلم وأخلاقه، ويؤثر سَلْبًا في وَحْدَة المسلمين وتآلفهم، ويتضح هذا من عنوان موضوعنا، ولا يخفى أن الشائعات لها خطر عظيم على الفرد والمجتمع، ولا تَخْفَى أهمية هذا الموضوع في حياة المسلمين، فالشائعة كما تعلمون آفة من الآفات التي تعمل على تقويض المجتمع ونشر الفوضى والاضطراب بين أفراده، وقد خُصِّص لي من هذا الموضوع أحد جوانبه المهمة التي تُصَوِّر لنا حقيقةَ الشائعات وتُبَيِّن لنا أسباب انتشار الشائعة بين أفراد المجتمع.

تعريف الشائعة:

أقول وبالله التوفيق: الشائعةُ مِن شاع الخَبَرُ، إذا ذاع وانتشر. ففيها معنى الانتشار والتكاثر، وقد تعددت الأقوال في بيان حقيقتها وبيان مفهومها وتحديدها، فقيل: هي نبأ مجهول المصدر، سريع الانتشار، ذو طابع استفزازي في الغالب. وقيل: هي مجموع سلوكيات خاطئة سريعة الانتشار، تُثِير البَلْبلة والفتنة في المجتمع. وقيل: هي معلومة ضَالَّة مُضَلِّلة تَصْدُر من فردٍ، ثم تنتقل إلى أفراد، ثم إلى المجتمع، فهي محمولة على الضلال، وهي مجموعة أخبار مُلَفَّقة تعمل على نشر الفوضى بين الناس. وقيل: هي رواية مُصْطَنَعة يَتِمُّ تَناوُلُها بأيِّ وسيلة متعارف عليها، دونَ النظر لمصدرها.

وأقرب ما قيل في بيان مفهوم الشائعة وتحديدها ومفهوم حقيقتها أنها أقاويل وأخبار يتناقلها الناس بقصد الإرجاف، صحيحةً كانتْ أو غيرَ صحيحةٍ.

بالنظر إلى تلك التعاريف السابقة في بيان مفهوم الشائعة نجد أنها متقاربة من حيث المعنى وإنِ اختلفت ألفاظها، فالشائعة قد تكون ذاتَ مصدرٍ، لكنه غير موثوقٍ فيه ، أو يكون موثوقًا فيه، لكن القائل غيَّر وبدَّل، سواء كان هذا التغيير أو التبديل بالنقص أو الزيادة، بقصدٍ أو بغير قصدٍ، فجاءت على خلاف الواقع. وقد قيل: آفة الأخبار رواتها.

أيها الإخوة، لقد ابْتُلِي فِئَام( 1) من الناس بتلقف الروايات وافتعال الأحاديث في هذا الزمن بشكل لافت للنظر والانتباه، ومَن كانت هذه حالَهُ فهو أبعد الناس عن التقوى.

وقد ساعد على انتشار الشائعات في وقتنا الحاضر تَنَوُّع الوسائل وتَعَدُّدها عن طريق البثِّ المباشر بوسائله المختلفة، بحيث تصل الشائعة إلى مَن وُجِّهت إليه في زمن قياسيٍّ، والشائعة ليست دائمًا خبرًا كاذبًا أو قِصَّةً مُلَفَّقة، وإنما قد تكون وَاقِعيَّةً تستحق الكتمان، وغير قابلة للنشر، لِمَا في نشرها من الخطر والضرر على الفرد والمجتمع؛ لأنها تستهدف كثيرًا من الحالات والجوانب، فهي تؤثر على الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وهناك ما يُسَمَّى بحرب الشائعات، وهذا أثره كبير، وخطره شديد في علاقات الدول بعضها مع بعض، وهي تسمى الحرب النفسية، أو الحرب المعنوية.

والشائعات ليست وليدة هذا اليوم، وإنما هي معروفة بقِدَم الإنسان، لكنها أخذت تَتطور وتزداد مع تَطَوُّر الحضارات القديمة والحديثة، وهذا شيء مُشاهَدٌ فيما نلحظ الآن من الشائعات التي نسمع بها بين فترة وأخرى في شتى الوسائل.

ومَن يقرأْ تاريخ الأنبياء عليهم السلام وقصصهم مع قومهم في القرآن الكريم يَدْرِكْ أثر الشائعات وخطرها على الدعوة إلى الله، فمثلا – على سبيل المثال، لا الحصر – نوح عليه السلام رماه قومه بالضلال والجنون قال الله تعالى حكاية عنهم: ﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾ [سورة الأعراف : الآية 60] وفي موضع آخر: ﴿ وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ﴾ [سورة القمر : الآية 9].

وهود عليه السلام اتَّهَمه قومُه بالسفاهة والكذب قال الله تعالى حكاية عنهم: ﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكَاذِبِينَ ﴾ [سورة الأعراف : الآية 66] حتى وصل بهم الأمر إلى أن اتهموه في عقله – عياذا بالله – يقول الله جل وعلا حكاية عنهم أيضًا: ﴿ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾ [سورة هود : الآية 54].

وموسى عليه السلام قالوا عنه: ساحر. وقد حكى الله جل وعلا وذكر ذلك على لسان فرعون: ﴿ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ﴾ [سورة الشعراء : الآية 34 – 35].

ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين لم يسلم من تلك الشائعات الكاذبة الْمُلَفَّقة، فقد ابْتُلِي بحادثة الإفك، وكلنا يعلم هذه الحادثة، وكادت أن تؤثر في بعض النفوس، لولا أنَّ الله جل وعلا فضحهم وبَيَّن كذبهم، وبَرَّأ عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات، بَرَّأَها بآيات تُتْلَى إلى يومِنا هذا.

كذلك لما أشيع مقتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أَثَّرَ ذلك على صفوف المجاهدين، والأمثلة على هذا كثيرة، ولعل من يأتي من إخواني يتحدث عنها إجمالا وتفصيلا.

وقد جاء التحذير – أيها الإخوة – من تلقف الشائعات والترويج لها صريحًا في قول الله جل وعلا: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [سورة الحجرات : الآية 6] فسمى الله ناقل الشائعة فَاسِقًا، ولا يخفى دور الفاسق في الإفساد في الأرض، وحَقٌّ على من سمع الشائعة أن يتثبت وأن يتأكد من صحة الخبر، وعليه أن يسأله نفسه هل في إعلانه مصلحة أم أن المصلحة في الكتمان؟!

ولقد جاء التحذير من الشائعة في السنة المطهرة أيضًا كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ». ( 2)

وفي حديث آخر عند أبي داود: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَموا»( 3)، فكم أوقدت الكلمة الخبيثة من فتنة! وكم أهلكت من أمة! لا سيما إن كان مستثمروها من الفساق الذين يُرَوِّجون للباطل تحت شعار حرية الكلمة، وأي حرية هذه حين يجد أهل الباطل مَسْلَكًا لترويج أكاذيبهم، يُحَرِّفون الكلم عن مواضعه من أجل التمويه والتضليل، فيَلْبِسون الحقَّ بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون

إن من يتولى كِبْر الشائعات وترويج الأكاذيب وقلب الحقائق لا يعرف قدر مسئولية الكلمة، فالحرية أيها الإخوة لا تعني الخوض في الباطل، فالإنسان مسئول أمام الله عز وجل عما يقول وعما يفعل، قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [سورة ق : الآية 18].

وقال جل من قائل: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [سورة الإسراء : الآية 36].

فكم من كلمة قالت: لصاحبها دعني. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِى جَهَنَّمَ»( 4) نعوذ بالله وما قرب إليها من قول أو عمل.

وقد قال الشاعر:

إِذا رُمْتَ أَنْ تَحْيَا سَليمًا مِنَ الرَّدَى

وَدِينُكَ مَوْفورٌ وَعِرْضُكَ صَيِّنُ

فَلا يَنْطِقَنْ مِنْكَ اللِّسَانُ بِسَوْءَةٍ

فَكُلُّكَ سَوْآتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ

أسباب انتشار الشائعات وداوفعها:

إن انتشار الشائعة بين أفراد المجتمع له دوافع كثيرة، وهذه الدوافع قد تكون دوافع نفسية وسياسية واجتماعية واقتصادية، وتتعرض الشائعة في أثناء التداول إلى التحريف والتبديل والتغيير والزيادة والنقص.

ولنذكر أهم أسباب انتشار الشائعة – وهذا على سبيل المثال لا الحصر لئلا يطول بنا المقام – من تلك الأسباب:

السبب الأول: اتباع الهوى الهوى.

والمقصود بالهوى هوى النفس الأَمَّارة بالسوء إلا ما رحم ربي، فصاحب الهوى يعمل على نشر ما يوافق هَوَى نفسِه، ولو كان على حساب إلحاق الضرر بغيره، فهو لا يهمه إلا مصلحة نفسه فقط، وإشباع غريزته السيئة، ولا يهمه ما يحصل بعد ذلك من خطر على البشر، ولهذا أنكر الله جل وعلا على من هذا صنيعه، فقال تبارك وتعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ [سورة الجاثية : الآية 23]، وقال جل وعلا: ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [سورة ص : الآية 26].

فمَن يعمل على نشر الشائعة دون النظر في العواقب إنما يعمل ذلك لموافقة هوى نفسه، ولا يخفى علينا خبر هوى النفس الأَمَّارة بالسوء.

السبب الثاني: الجهل.

ونعني الجهل بعواقب الأمور، فمن أراد أن يقدم على عمل لا بد أن يكون عنده بُعْدُ نظرٍ ليعلم ما يمكن أن يُؤدِّيَ إليه هذا العمل من المفاسد؛ إذ لا يليق به أن يقتصر على فهمه القاصر، فقد يظن الإنسان أن ما ينشره من الأكاذيب والأقاويل حقائق مُسَلَّمة لا تقبل الجدل، لكن في الحقيقة هي أكاذيب مُلَفَّقة، فالجهل بعواقب الأمور من أهم دوافع انتشار الشائعات في المجتمع، وأحيانا قد يؤدي به جهله إلى أن يطلق الشائعة من باب الْمُزاح والدعابة، إن أولئك الذين يطلقون الشائعات على سبيل المزاح والدعابة لا تلبس شائعاتهم أن تتلقفها الآذان الصاغية المحبة للفساد والإفساد بين الناس، ثم سرعان ما تنتشر انتشار النار في الهشيم، تسابق الريح من هنا وهناك حتى تعم الآفاق، ومَن كانت هذه حاله وهذه مهنته ولا يتمعر وجهه من الخوض في الباطل يكون من الذين خلعوا ربقة الحياء من أعناقهم؛ لأن كل همه إثارة المشاكل وخلق القلاقل بين الناس.

السبب الثالث: النفاق:

إن النفاق سبب من أسباب الإرجاف، قال جل وعلا في الآية: ﴿ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلًا ﴾ [سورة الأحزاب : الآية 60].

والنفاق مرض القلب، وهو سبب الويلات والنكبات، فما من فتنة إلا وكان للمنافقين يد فيها، وما حادثة الإفك من ذلك ببعيد، وهي خير شاهد على ذلك، وقد وصف الله المنافقين بالعداوة للمؤمنين، ومن يرد إلحاق الأذى ونشر الفوضى فهو عدو لله ولرسوله وللمؤمنين، كما قال جل وعلا عن حالهم: ﴿ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [سورة المنافقون : الآية 4] فهم أهل إرجاف وكذب وبهتان، يُخْفُون ما لا يُبْدُون، والحقيقة أن هذه الشائعات المغرضة إنما تصدر ممن لا خلاق له.

السبب الرابع: الفراغ.

إنَّ الفراغ القاتل يؤدي بلا شك إلى ترويج الشائعات بطرق ووسائل مختلفة، ومن هذه الطرق وسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت والجوال ويكون ذلك بغرض التسلية والتهكم، ولذلك شواهد كثيرة من رسائل “البلوتوث" عياذًا بالله.

كثير من الشائعات تنقل عن طريق البلوتوث، وتنقل عن طريق مواقع الدردشة في الإنترنت وهذه المواقع ما هي إلا ويلات على البشر، وخاصة الشباب منهم الذين جعلوها مسرحًا لآرائهم وأفكارهم الهدامة، فهم يتناقلون فيها القيل والقال، والزور والبهتان، وخدش الحياء، لا شك أن هذا سوء استخدام للفراغ الذي هو نعمة من الله جل وعلا ومِنَّة مَنَّ اللَّهُ بها على الإنسان، وكما جاء في الحديث الشريف الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»( 5)

ولا يخفى علينا أن تجريح الآخرين ونشر معايبهم في تلك الوسائل يُعَدُّ أيضًا من الغيبة المحرمة؛ لأن الغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره، فمن ينقل هذه الأقاويل الملفقة عن طريق تلك الوسائل ويذكر معايب أخيه فهذا من الغيبة المحرمة، والله جل وعلا يقول: ﴿ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ﴾ [سورة الحجرات : الآية 12] ويزداد خطرها وإثمها إذا تحولت هذه الغيبة إلى شائعة وانتشرت بين الناس على وجه التشهير والفضيحة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

السبب الخامس: الرغبة في حب الظهور.

إن حب الظهور مرض نفسي، وهو من الحيل العقلية التي يلجأ إليها ضعاف النفوس من أجل إبراز أنفسهم على حساب الآخرين، يعني يعمل الواحد منهم على إبراز نفسه بنشر هذه الشائعات وإن كان فيها ضرر على غيره نتيجة لِمَا يعانيه من الفشل في حياته العامة، مُعْتَقِدًا أن ذلك يُعوِّض ما يشعر به من نقص، ولا شك أن هذا اعتقاد غير صحيح، ومسلك باطل، فرحم الله امْرَءًا عرَف قَدْر نفسه.

السبب السادس: الشعور بالكراهية للآخرين.

إن الشعور بالكراهية للآخرين وخاصة مَن لهم نفوذ ومكانة في المجتمع سبب في زرع الشائعات ، فيعمل مُرَوِّج الشائعة على نشرها من باب الكراهية والبغضاء لذلك الإنسان ذي النفوذ حتى يسيء إلى سمعته بين الناس، وذلك لِمَا يَرَى عليه من نِعَم الله من المكانة والمنزلة، وهذا يعد من باب الحسد على هذه النعمة، فيأخذ في ترويجع الشائعات الكاذبات عنه حتى يسيء إلى سمعته، ويكون هذا أحيانا من باب الانتقام لنفسه بإلحاق الضرر بأخيه.

وخلاصة القول أن هذه الأسباب يجمعها سبب واحد، وهو ضعف الوازع الديني، فإن الإيمان متى وَقَر في قلب العبد فإنه لا يرضى بأذية لأخيه المسلم، فالإيمان يُرَبِّي صاحبه على الأخلاق الفاضلة، أما إذا خف ميزان الإيمان في قلب العبد – عياذًا بالله – فعندئذ يصبح العبد عرضة لكل ما مِن شأنه الإساءة والإفساد، ومن ذلك الإفساد والإساءة تلقف الشائعات ونشرها، فلا شك أنَّ ضعف الوازع الديني هو رأس الأمر كله في نشر هذه الشائعات الكاذبة.

اللهم احفظ بلادنا من حقد الحاقدين ونوايا المغرضين، واحفظ قلوبنا من النفاق، وأعيننا من الخيانة، وألسنتنا من الكذب، اللهم أرنا الحق حَقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئ الأخلاق لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، وأوصي نفسي وجميع إخواني المسلمين بتقوى الله عزو وجل، وأذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»( 6)

أحسن الله إليكم، وبارك فيكم على ما أدليتم به وتفضلتم به، لا شك بعد هذا العرض من الشيخ عن الشائعة وعن أسباب انتشارها أصبح في أذهاننا مدى أخطارها وأضرارها على المجتمع، ولا شك أنها كثيرة.

كلمة الشيخ محمد السعيد

خطر الشائعات على الفرد والمجتمع

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد، أيها الأحبة في الله أحييكم بتحية الإسلام الطيبة تحية أهل الجنة، تحية فيها سلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد تفضل فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم ببيان أسباب الشائعات، فجاء من المناسب أن نتكلم عن أخطارها وأن نحذر منها، فالشائعات لها خطر عظيم وأمر جسيم على الفرد والمجتمع وعلى مستوى الدول والحكومات، فيكفي من خطر الشائعات أنها تدخل في باب الغيبة والنميمة، وقد حذرنا الله من ذلك أيما تحذير، قال تعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ﴾ [سورة الحجرات : الآية 12].

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ». قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ». قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِى أَخِى مَا أَقُولُ قَالَ « إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ ».( 7)

إن سبب نزول قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ﴾ [سورة الحجرات : الآية 12] أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا. تَعْنِى أنها قَصِيرَة. فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ ». ( 8) أي: غيرته.

وهي لم تقل شيئًا إلا أنها قالت كذا وكذا، يعني تقصد بأنها قصيرة، فما بالكم بمن يُرَوِّج الشائعات الكبيرة، ويسعى في نشرها وتشويه سمعة الناس والطعن في أعراضهم وأخلاقهم وقدراتهم وعلمهم، ويسعى إلى انتشار ذلك ما استطاع إليه سبيلا، فهي أيضا تدخل في باب النميمة، وقد قال تعالى: ﴿ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [سورة القلم : الآية 10 – 11].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ»( 9) وفِي لَفْظٍ: «نَمَّامٌ». والقتات الذي ينقل الكلام من شخص إلى شخص، أو مِن قَوْم إلى قَوْمٍ على سبيل الإفساد.

وتدخل الشائعات في باب الكذب، والله حذرنا من الكذب قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ ﴾ [سورة النحل : الآية 105].

أكد على كذبهم وافترائهم، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» ( 10)

هل ترغب يا عبد الله أن تكون من الكاذبين الذين يحملون الأخبار الملفقة غير الصحيحة؟! لأن الشائعة إما أن تكون كَذِبًا مَحْضًا وإما أن تكون أخبارًا ملفقة تحتمل الصدق والكذب، أي تكون مزيجًا من الأخبار المشوهة غير الموثوقة، وغالبًا ما تكون الشائعات يكتنفها الغموض والسرية والسرعة في نشر الخبر، والهدف الإساءة إلى الآخرين، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم محذرًا: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ». ( 11)

ويقول صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَموا»( 12) فهو يسمع أيَّ خبر خيرًا كان أو شَرًّا، أو فيه مصلحة للمسلمين أو للأفراد أو فيه مضرة، وينقل هذا الخبر على عواهنه بدون التأكد، وبدون التريث، وبدون أن ينظر هل في نشر هذا الخبر مصلحة للمسلمين أم فيه مضرة؟ فإذا كان فيه مصلحة نسعى إلى نشره، وإذا كان فيه مضرة ويجر إلى فتنة وفساد فيتوقف الإنسان، ولقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الذي يتحدث ويكذب في حديثه بأن فيه خصلة من خصال النفاق قال صلى الله عليه وسلم: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَااؤْتُمِنَ خَانَ».(13 )

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ»(14 )

لذلك وجب أن نتثبت في نقل الأخبار حتى لا نسعى في نقل الكذب ونكون من الكاذبين قال الله عز وجل: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [سورة الحجرات : الآية 6] ومعنى تبينوا : تثبتوا.

لقد حَذَّرنا الله من نقل الخبر بدون التثبت فقال: ﴿ أَن تُصِيبُوا ﴾ [سورة الحجرات : الآية 6] أي: لئلا تصيبوا. فالتساهل في نقل الخبر قد يكون سببًا لإصابة الآخرين، ويكون فيه ضرر لهم، سواء شعرت أم لم تشعر، والله عز وجل حذرنا من أذية المؤمنين، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [سورة الأحزاب : الآية 58]

وفي الحديث: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ».( 15) ومعنى ما لا يعنيه: ليس منه فائدة

فالنبي صلى الله عليه وسلم بَيَّن لنا هذه الأمور وحذرنا منها أيما تحذير، لقد جاء الإسلام بالتعقل والتثبت، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾ [سورة الإسراء : الآية 36].

وقال جل من قائل: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [سورة ق : الآية 18] ، وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [سورة الانفطار : الآية 10 – 12].

والشائعة لها آثار وأخطار نفسية؛ فهي سبب في إحداث الأضرار النفسية والعقلية للإنسان، لا الجسدية، فقد يكون هذا الشخص الذي تَلَقَّى هذه الشائعة وحِيكَت ضِدَّه ضعيف الإيمان، ضعيف الصبر، ضعيف التحمل، فلا يستطيع الصبر، فربما تؤثر على نفسيته، فينطوي على نفسه ويعتزل الناس، وربما تطور الأمر إلى أن يضرب عن الأكل والشرب وتسوء صحته وتتدهور من يوم إلى يوم حتى يئول به الأمر إلى الوفاة، أو إلى الجنون، أو الخبل حتى يمشي يحاكي نفسه.

وأعظم من اصطلى بنار الشائعات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أفضلُ خلق الله على وجه الأرض، وذلك في حادثة الإفك، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم شَهْرًا كاملاً وهو في حَيْرة من أمره، حتى نزل الوحي من السماء يُبَرِّئ أُمَّنا عائشة رضي الله عنها من هذه الفرية التي خاض فيها البعض.

ولَمَّا توفي النبي صلى الله عليه وسلم اشتغل الكفار والمنافقون بإشاعة وهي كيف يموت النبي، لو كان نَبِيًّا ما مات، ولرد عن نفسه الموت، حتى خرج عمر بن الخطاب ومعه سيفه يقول: من ادعى ذلك فسأقطع رأسه. واضطرب الناس ولم يتحملوا الموقف، حتى خرج أبو بكر رضي الله عنه وخطب خطبته فقال: مَن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومَن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. جاء بالخبر اليقين وتلا قوله تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾ [سورة آل عمران : الآية 144] إلى آخر الآيات. فثَبَت الصحابة ورَضُوا بما كتب الله وبما قسم الله؛ لأنه رضوان الله عليه ذكرهم وجاءهم بالخبر اليقين والصحيح.

ويقول أحد من اصطلى بنار الشائعة: حصل بيني وبين جاري خلاف بسيط، فحقد علي، فرأيت بعد فترة أن جماعة الحي لا يسلمون عَلَيَّ، ولا يَرُدُّون عَلَيَّ السلام، وصاروا لا يَدْعُونَنِي إلى اجتماعاتِهم وندواتِهم المعتادة، فأحسست أن في الأمر شيئًا، فبعد أيام دخل ولدي عَلَيَّ فَزِعًا وهو يقول: يا أبي، ما معنى كلمة مُرَوِّج؟ قلت: ماذا تقول؟ مَن قال لك هذه الكلمة؟ قال: قالها لي ولدُ الجيران – حصل بين هذا الطفل وطفلٍ آخر من الجيران خلاف، فقال له: يا ولد المروج – قال: فاضْطَرَبَتْ أعصابي واضْطَرَبَتْ نفسي وصِرْتُ في حَيْرة من أمري، حتى حاولت أن أعرف الخبر، وإذا به قد أشيع عني أني مُرَوِّج مُخَدِّرات، وأنا بريء من هذه الفرية، فضاقت بي الأرض بما رَحُبت، حتى إنَّ صاحب العقار رفض أن يجدد لي العقد؛ لأنه سمع بهذه الشائعة، فخرجت واستأجرت في حَيٍّ آخر؛ لأنه لم يكن لي وجه أقابل به الناس وقد انطلقت هذه الفرية عَنِّي وشاعت في الحي.

فانظروا إلى الشائعات كيف تسبب البلبلة وتسبب الفرقة وتسبب الخصام وتسبب الحقد والحساسية بين أفراد المجتمع.

والشائعات لها آثار اقتصادية سيئة، فقد تؤثر على اقتصاد البلد وتسبب انهيارًا للأثرياء وغيرهم، وقد سمعنا أن من أسباب الانهيار الاقتصادي في العالم الذي تسمعونه الآن من بعض المحللين إشاعة بعض الشائعات ضد الأثرياء وضد بعض المؤسسات التجارية، حتى وصل الأمر إلى ما تسمعون به الآن.

من الأمثلة في ذلك: يأتي صاحب مصنع عنده صناعة كاسدة لا يُشْتَرَى منه، وليس للناس رغبة في منتجه فيدبر شائعة أو أكذوبة أن المصانع الفلانية والفلانية تستعمل في هذه المنتجات مواد كيماوية تضر بصحة الإنسان، سواء كان مشروبًا أو مأكولاً أو ملبوسًا، فيعرض الناس الذين سمعوا بهذه الشائعة عن الشراء من هذه المنتجات خوفًا على أنفسهم وصحتهم، فتُصاب هذه المصانع وهذه المنتجات بالخَسارة، وربما أقفلت أبوابها وأوقفت إنتاجها، كل ذلك من أجل أن يُدِيرَ مَصْنَعه ويَجْعله مُنْتِجًا على حساب الضرر بالآخرين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ»( 16) وقد يكون هدف الشائعات الإخلال بالأمن، فتكون سببًا في بلبلة الناس واضطرابهم، وخاصة في البلدان التي فيها حروب، فيستخدمها الأعداء ضد أعدائهم، فيروجون شائعات عبر وسائل الإعلام من تلفاز وإذاعة ومحطات فضائية وشبكات إنترنت أن البلد الفلاني قتل منه كذا وكذا من الأفراد، وسقط منهم عددًا من الطائرات، واحترقت دبابات، وتهدمت بيوت ومساكن، فيحدث هزيمة نفسية للجنود المقاتلين، ويصابون بالاضطراب والحيرة في أمرهم، والجبهة الداخلية تهتز، فيتولد عند الناس والشعب البغضاء لحاكم البلد أو لرئيس الجمهورية، فربما تقوم ثائرتهم وتتحرك الفتن، وربما تقوم المسيرات للانقلاب على ذلك الحاكم.

وتمتد الشائعات فتنال من كبار الشخصيات والوزراء، والعلماء والمشايخ وطلبة العلم والدعاة إلى الله، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حتى تحصل الفجوة والهوة بين العلماء وبين الناس، فتهتز الثقة بين الناس والعلماء، فيذهبون يستفتون الجهلة، ويستفتون أولئك الذين يخرجون عبر المحطات الفضائية ممن ليس عنده علم فيفتونهم، ويتركون علماء البلد؛ لأن هناك مَن يُشَوِّه سُمْعتهم ويطعن في مِصْداقيتهم، ويطعن في علمهم.

فانظروا كيف تصل الشائعات من الخطر إلى هذا المدى، بل تصل إلى أمور كثيرة يضيق المجال لسردها، ويضيق الوقت لعدها، نسأل الله أن يُجَنِّبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسأل الله أن يوفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات، وأن يُرِيَنا الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

لا شك أن المجتمعات طالها ما طالها من هذه الشائعات، وسيحدثنا الشيخ الدكتور فهد الفهيد عن حماية المجتمع من الشائعات وطرق علاج ذلك.

كلمة الشيخ الدكتور فهد الفهيد

حماية المجتمع والأفراد من الشائعات

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فقد تحدث صاحبا الفضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الحمود وفضيلة الشيخ محمد السعيد عن الشائعات وقد أفادا وأجادا فيما يتعلق بأسباب الشائعات وعظم خطرها وأضرارها، وألخص الحديث فيما يتعلق بحماية المجتمع والأفراد من هذه الشائعات.

طرق حماية المجتمع من الشائعات:

أولا: صيانة اللسان.

إذا عرفنا أن الشائعات أصلها نميمة وكذب وأخبار قد زِيدَ فيها ونُقِص منها، وغُيِّرت عن وجهها، نتذكر ما جاء في النصوص من القرآن والسنة من وجوب حفظ اللِّسان، قال الله جل وعلا: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [سورة الإسراء : الآية 36].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»( 17)

فهذا أول علاج للشائعات، وهو علاج نَاجِع يقطع دابرها، ويُطْفِئ نارها، ويميت شَرَّها في مكانه، فإذا وصلت إليك أَمِتْها بأن تحفظ لسانك، ولا تتكلم بها، ولا تَرْضَى لأحدٍ أن يتكلم بها.

ثانيا: الحذر من سوء الظن.

يُعَدُّ الحذر من سوء الظن من أسباب علاج الشائعات، فالواجب على المسلم أن يكون سليم الصدر لإخوانه المسلمين خُصوصًا ولاة أمورهم وعلماءَهم ودعاتِهم والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وأهلَ الخير والصلاح، بل وجميع عموم المسلمين والمسلمات، فإحسان الظن واجب، وإساءة الظن بالمسلمين مُحرَّمة شَرْعًا، قال تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة الحجرات : الآية 12].

ثالثا: التماس الأعذار وحسن النية.

إذا بلغك عن أحد كلام أو سمعته وتوثقت من صحته، فالواجب عليك أن تحمله على أحسن المحامل، وأن تبحث له عن الأعذار، فربما يكون له عذر أو أمور قد احتفت بها القرائن، فيكون لكلامه أو لتصرفه عذر تعذره به، فلا تظن بأخيك شَرًّا، فأنت قادر على أن تحمل كلامه أو فعله على أحد مَحامل الخير.

رابعا: الرد إلى رسول الله وولاة الأمر عند وصول الشائعة.

يجب علينا أن نرد الأمور إلى رسول الله أو ولاة أمورنا، وننظر كيف يتعامل الشرع مع مثل هذه الأمور. قال الله تعالى في الشائعات التي تخيف المسلمين: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا ﴾ [سورة النساء : الآية 83].

فيا أيها المسلمون ربنا يدلنا على خيرنا وصلاحنا وسعادتنا، وينهانا عما فيه شَرٌّ لنا فقوله: ﴿ أَذَاعُوا بِهِ ﴾ [سورة النساء : الآية 83] يعني تحدثوا به في المجالس والأماكن ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ ﴾ [سورة النساء : الآية 83].

هذا هو المشروع لكل مؤمن ومؤمنة، إن كان الأمر أَمْرًا شَرْعِيًّا دِينِيًّا فَيُرَدُّ إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاته إلى ورثته من العلماء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».(18 )

وكذلك يُرَدُّ الأمر في مثل ذلك إلى ولاة الأمور، كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ ﴾ [سورة النساء : الآية 83]. فهم أهل الشأن والاختصاص، فولاة الأمور هم أهل الخبرة فيما يتعلق بالأعداء وبغير ذلك من الأمور العسكرية أو الحربية أو الاقتصادية.

وكما تفضل فضيلة الشيخ محمد السعيد عندما ذكر أن كثيرًا من الناس ينقل الأخبار عن الدول المعادية والتي تقوم هي بنشرها لتبث الفرقة في بلاد المسلمين وتزعزع أمنهم، فالواجب على المسلمين أن يردوا الأمر إلى أُولي الأمر.

خَامِسًا: عدم مجالسة المرجفين( 19).

يجب على المسلم عدم مجالسة المرجفين في الأرض أو الاستماع إليهم عبر القنوات والإذاعات أو قراءة كلامهم في المنتديات أو الصحف والنشرات، فهم حريصون كل الحرص على أن يصلوا إليك أيها الإخوة ليؤثروا فيك. فالواجب على المسلم الابتعاد عنهم وعدم مجالستهم، ويجب عليه ألا يستمع إليهم حتى يسلم من هذ الشر والفساد، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 68] وقال تعالى: ﴿ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلًا ﴾ [سورة الأحزاب : الآية 60].

فيجب الحذر من المرجفين، وإياك إياك أيها المسلم أن تصدق المرجفين في الأرض.

سادسا: إدراك عظم الشائعة وخطرها وضررها.

إذا صدق الإنسان ما يقوله مروج الشائعات من أن فلانا وقع في الفواحش أو أن فلانا صدر منه أمر مستقبح أو أن فلانا وقع منه كذا وكذا ونحو ذلك من قبائح الأمور، إذا أدركت عظم كم الضرر الذي يقع عليك وعلى المسلمين من تلك الشائعات، أدركت خطرها، وأدركت أنه يجب عليك السكوت والنصح لمن بلغك عنه أمر مستقبح وذلك بعد التأكد والتثبت.

فيجب على المسلم أن يقف وقفة حازمة أمام هؤلاء الكذبة والمروجين للأخبار الباطلة، بل يجب ذلك على أفراد المجتمع وولاة الأمور وأهل العلم، فإذا وقف المجتمع كله ضدهم باءوا بالفشل والخسران.

أيها المسلمون إن من يروج الشائعات تهون عليه المعاصي في المجتمع المسلم، مما يجعله يدل عليها ويصف أماكنها، ونوجه رسالةً لكل إعلامي وصحفي، وإلى كل من يكتب في المنتديات والإنترنت أو يتكلم في القنوات بأن يتقي الله عز وجل، فكم سمعنا أخبارًا مُفْزِعة كان مَن سبق مِن الصالحين في هذه البلاد وبلاد المسلمين لا يسمع بها إلا مرة في الأمد الطويل، واليوم مع كل أسف ينشرون أخبارًا شِبْه يومية عن فواحش أو عن أمور حدثت وربما لم تثبت، وربما تكون من قبيل الكذب على أصحابها، ألا يدري هؤلاء أنهم يشجعون على الفواحش، وأذكرهم بقول الله سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة النور : الآية 19].

حتى لو كانت تلك الأخبار التي تنشر من قبيل الصدق فلا يحق لك أن تشيع عن أصحابها وتفضحهم، فالدين النصيحة، وليس الفضيحة، يقول بعض العلماء لمن يأمر بالمعروف ويهنى عن المنكر: اجتهد في ستر العصاة، فإن ظهور عوراتهم وَهَن في الإسلام، وأحق شيء بالستر العورة.

أيها الإخوة في الله، كم من الناس ارتكب المعاصي بعد أن كان غافلا عنها بسبب ما رآه أو سمعه عنها في بعض الصحف والمحطات الإذاعية وبعدما علم أماكنها وصفتها من هذه الوسائل، فالواجب على المسلم أن يحذر من ذلك أشد الحذر.

سابعًا: الثقة في المسلمين.

من أسباب علاج هذه الشائعات الثقة في المسلمين عامَّةً والثقة في بلادهم، والثقة في ولاة الأمور، والثقة في علماء الإسلام الراسخين، وعدم قبول كلام الأعداء فيهم، فإن الثقة بهم هي الأصل، فالأصل في المسلم السلامة، وأما ما طرأ على ذلك فهو عارض.

أيها الإخوة في الله إذا سمعنا قول الله عز وجل: ﴿ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [سورة الحجرات : الآية 6] وقوله سبحانه: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [سورة النساء : الآية 94] فحينئذ يتوقف المسلم، يتوقف لقوله: ( فَتَبَيَّنُوا). فعندما تنقل كلامًا فيه قال فلان، وقيل كذا، وكتبوا كذا، وأنت لم تتثبت ولم تتبين فعليك أن تتذكر أنك محاسب عند الله عز وجل على ما تتلفظ به، قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [سورة ق : الآية 18] وقال صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ». (20 )

فمن ينقل كل ما يسمع بدون تثبت فهو من الكاذبين، فالمسلم يتثبت ويتأكد، وعلى المسلم الحذر من الظلم والجهل، فهذان الصفتان من لوازم صفات الإنسان الذي قال الله تبارك وتعالى عنه: ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [سورة الأحزاب : الآية 72].

فاحذر من نفسك ففيها الظلم وفيها الجهل، إياك إياك أن تطيع دواعي النفس، فعالج ما في نفسك من الظلم بتقوى الله عز وجل، وبالعدل والإنصاف، وعالج ما في نفسك من الجهل بالعلم، والتحري والتثبت، وحفظ اللسان وحفظ الفؤاد، نسأل الله جل وعلا أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين، وأن يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين، وألا يشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين، ونسأل ربنا سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يصلح ولاة أمورنا، وأن يوفق علماءنا، وأن يجمع شملنا، وأن يؤلف بين قلوبنا، ومن كان يريد بنا وبالمسلمين سوءا نسأل الله أن يرده خاسئًا، اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار يا ذا الجلال والإكرام، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تعليق سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد، لقد تحدث المشايخ الفضلاء جميعًا في موضوع واحد ألا وهو الشائعات وخطرها على الأفراد والجماعة، وتقاسموا هذا الموضوع، كلٌّ تحدث عن جانب من جوانبه، وهذا الموضوع في الحقيقة موضوع هام وحساس، والعمل على أسباب علاجه أو التنبيه عن أخطاره يجب أن يتكرر، وأن يعاد المرة تلو الأخرى؛ لأن هذا المبدأ خَيِّر جِدًّا ومؤثر على الناس في أمور دينهم ودنياهم، لقد أمرنا الله جل وعلا بالصدق حيث قال: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [سورة التوبة : الآية 119]، وحذرنا جل وعلا من الكذب، فقال في حق الكذابين: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [سورة البقرة : الآية 10] وقال جل من قائل: ﴿ وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [سورة الزمر : الآية 60].

وأمرنا ربنا أن نتثبت من الأخبار حين ترد إلينا، وألا نقبلها بمجرد سماعها، بل نمحص وندقق، ولا نشيع كل ما سمعنا، قال جل من قائل: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [سورة الحجرات : الآية 6].

ونبينا صلى الله عليه وسلم حذرنا من ترويج الشائعات فقال: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَموا»( 21) وقال صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ». ( 22)

فالتبثت في الأخبار ونقلها والحكم عليها يحتاج إلى تثبت، فلا تحكموا على شيء من سماع، فربما يكون المتكلم مسيئًا وحاقدًا ومغرضًا لا يهمه إلا ترويج الباطل، فقد ينسب الخطأ والجهل والكذب إليك وأنت بريء منه.

فالكذب أمره عظيم، ويصف النبي صلى الله عليه وسلم في رؤيته حال المُعَذَّبين من أهل الكذب فيقول: «أَمَّا الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»( 23) . وقال صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلَّذِى يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ فَيَكْذِبُ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ»( 24)

أيها الإخوة الشائعات شأنها كبير، وأعظمها أن تشيع عن مسلم أمرًا هو بريء منه، وتنسب إليه ما لم يتكلم به، وما لم يعمل به، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة النور : الآية 19].

فالذي يحب إشاعة الفواحش ونشرها وتلفيقها وينسبها إلى المؤمنين كَذِبًا وافتراءً هو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، والله حذرنا من إيذاء المؤمنين حيث قال: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [سورة الأحزاب : الآية 58].

وقال جل وعلا مُتوَعِّدًا هؤلاء: ﴿ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ﴾ [سورة الأحزاب : الآية 60 – 61].

فالمرجفون في المدينة هم الذين يشيعون الفاحشة، يكذبون كذبة ويروجون الأكاذيب والأباطيل، ويسوقونها طعنا في الأبرياء وتلفيقا لهم، وقد قال تعالى: ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾ [سورة النساء : الآية110 – 112].

كم من شائعات أغرت الناس وأغوتهم، وكم من شائعات وقع الناس بأسبابها في الخطإ، وكم قُدِح في أناس أبرياء وإشيع عنهم ما لم يقولوه، ونُسِب إليهم ما لم يأمروا به أو يفعلوه، إنما يقصد هذه الأشياء المغرضون وأهل الحقد والحسد، والذين في قلوبهم مرض، ينتصرون لأنفسهم على حساب إذلال الآخرين والإساءة إليهم، فالواجب علينا أن نتقي الله ونحذر هذه الشائعات الباطلة، وكم من محطات فضائية ومنتديات خبيثة تشيع الفاحشة والكذب والباطل والزور، نسأل الله العافية.

فيا أيها المسلم إذا جاءك عن شخص أنه عمل عملا سيئا وقال قولا سيئا فعليك أن تتثبت، فلعل الناقل حاقد، ولعل الناقل جاهل، ولعل الناقل سَيِّئ الحفظ، ولعل الناقل سَيِّئ السمع أو سَيِّئ الفهم، فيعبر عما يظنه.

وإذا نسب إلى عالم فتوى تراه زلت بها قَدَمُه فاتصل به واسأله عما قيل، فلعل ناقلا أساء القول، أو أساء التصرف، فالمهم ألا نقبل الشائعات.

والذين يحاولون القدح في الولاة ويشيعون عنهم ما لم يفعلوه وما لم يقولوه لأجل نشر الفوضى وملء القلوب حِقْدًا وبغضاء مُغْرِضون مرجفون لا خير فيهم؛ لأن المسلم ينصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين، ينصح لعموم المسلمين بالنصيحة الصادقة الهادفة في قنواتها المعتبرة، لا يطلب بها شهرة ولا رياء، ولكن يقصد إصلاح الحق، وإيصال كلمة الحق بأدب واحترام، هكذا المسلم في أخلاقه وتعامله، نسأل الله أن يرزقنا الصدق في أنفسنا والتفكر في عيوبنا قبل أن نفكر في عيوب الآخرين، فعلينا أن نتبصر في عيوب أنفسنا ونصلح ما أخطأنا فيه، فلعل ذلك يكون هو الخير، وفقني الله وإياكم لما يرضيه.

أسئلة:

سؤال:

ما حكم الجلوس في بعض المجالس التي يُطْعَن فيها ويُشَكَّك في حكام هذه البلاد وينشر ذلك في المجالس عنهم لأجل التقليل من هيبتهم وزعزعة الأمن وجزاكم الله خيرا؟

جواب:

إذا احتوى المجلس على أناس يطعنون في الولاة ويقدحون فيهم ويفترون الكذب عليهم، ففي هذا الموضوع أمران:

الأمر الأول: نصيحتهم وتحذيرهم من بأس الله ونقمته، وأن اغتياب الولاة أمام الجهلة والعامة وتلفيق التهم لهم إنما يصدر عن أناس عقولهم قاصرة، ويجب أن يُبَيَّن لهم أن هذا أمر خطير، فحذرهم من ذلك، فإن أبوا وإلا فابتعد عنهم، ولا يمكن أن تصاحبهم فيُقْتَدَى بك، وأنت تعلم شرهم وبلاءهم، هؤلاء جلساء سوء، وهذا مجلس سَيِّئ، فالمجلس الذي يُقْدَح فيه في الولاة ويُسَبُّ الولاة فيه مجلس سُوءٍ؛ لأن الولاة نعمة من نعم الله على المسلمين، فضلهم كبير، بهم يقيم الله العدل، وبهم يردع الله الظالم عن ظلمه، وبهم تقام الحدود وتحمى الثغور، ويؤمن الناس على دينهم ودمائهم وأموالهم، الولاة نعمة من نعم الله، ورحمة من الله بالمسلمين، الولاة رحمة من الله وفضل وإحسان، الولاة لهم فضل كبير، والذي يقدح فيهم أو يحاول التنقص منهم فإنما هو مغرض ومحب للفوضى، ولو عاد هذا المنتقد لنفسه لرأى في نفسه من الأخطاء ما هو جدير به أن يصلحها.

فعليك بالنصيحة لهم فإن قبلوا النصيحة وأعرضوا عن هذا الباطل وإلا فاعتزلهم، لأجل ألا يَقْتَدِيَ بك غيرُك وتكون بذلك من الذين يُكَثِّرُ سَوَادَهم، فإن هؤلاء هم جلساء السوء؛ ولو كان فيهم خير لنصحوا لله بالطرق الشرعية، أما بالغيبة ومجالس السوء والطعن في الولاة وتنقيص قدرهم من الناس هذا ما يقدم عليه إلا جاهل مغفل، أو في قلبه مرض نسأل الله العافية.

سؤال:

ما هي النصيحة لأصحاب الصحف الإلكترونية من منتديات الإنترنت الذين يقومون بنشر الشائعات في هذه المنتديات وجزاكم الله خيرًا؟

جواب:

الأصل في هذه المنتديات ألا تقبل أخبارها، فهي منتديات يُفْرِغ كلٌّ فيها همه ، فليست هي من وسائل الثقة، وليست وثائق معتبرة، ولا مصادر مُعَوَّل عليها، هذه المنتديات لمجاهيل، كل إنسان يقوم بعمل منتدى ويملي فيه ويخطب ويكتب فيه ما يريق له، فليست مصادر معتبرة، هي مصادر مجهولة لا يعول عليها ويعتمد عليها في الأخبار، لأن صاحبها معتمد على غير هدى.

سؤال:

ينقل عن سماحتكم في بعض منتديات الإنترنت وبعض المجالس أنكم أفتيتم بجواز التصوير الفوتوغرافي، فما صحة ذلك وجزاكم الله خيرا؟

جواب:

التصوير المجسم لا يشك أحد في تحريمه، والتصوير الذي بلينا به الآن كما تعلمون، كتصوير المرضى بالأشعة، والكاميرات التي تراقب الطرق وتراقب الأمن وتراقب المستشفيات، أصبح هذا التصوير الآن ليس مجرد تصوير فقط، بل أصبح أمرًا يحتاجه الناس في كل أحوالهم، فمراقبة الطرق بالكاميرات ومراقبة المستشفيات ومراقبة الأسواق ومراقبة المجتمعات العامة من الأمور المهمة، مثلا كما في الحرم – شَرَّفه الله – غرفة المراقبة يرون فيها أيَّ حركة لأي شخص خارج عن المعقول، يرونه في الحال، ويطلعون عليه، فبه حفظ الله الأمن، وبه استتب الأمر، فجنس الكاميرات هذه التي أصبحت ضرورة للناس ماذا يعمل الناس بها، لا شك أنها ليست للتصوير والتفكه، فهناك أشياء فُرِضت ووجدت وأصبحت ضرورية الآن في جميع شئون الحياة، فجنس هذه الأمور لو قلت: إنها حرام ماذا يعمل الناس؟ هذه وسائل تُعِين على اكتشاف الجرائم، وتساهم في التخطيط إلى غير ذلك من الضروريات، فهي أصبحت من الأشياء التي لا يستغنى عنها الآن.

سؤال:

ما هي الحكمة من إشاعة خبر الإفك في القرآن؟

جواب:

الله جل وعلا حكيم عليم، لقد أشاع المنافقون فرية الفاحشة فرية الكذب، أشاعوها عن أم المؤمنين رضي الله عنها انتقامًا من رسول الله وتشويهًا لفراش رسول الله وزعزعة لمقام النبوة، اشترك فيها المنافقون واليهود، وبعض من ضعف إيمانه من بعض الصحابة وقل إدراكه وتصوره، فاشترك فيها المنافقون واليهود وبعضٌ من أفراد المؤمنين – عفا الله عنهم وتاب عليهم لما تابوا – فالقضية في حادثة الإفك أن عبد الله بن أبي بن سلول كان يعيد ويزيد في القصة إذا كان في مجلس، ما كان يقذف، وإنما كان يقول: ماذا سمعتم؟ ماذا جرى؟ ماذا قيل؟ ماذا كذا؟ يشيعها في المجالس ويعيدها، كلما خَبَت كررها مِرارًا وتَكْرارًا لذلك قال الله فيه: ﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [سورة النور : الآية 11] أربعون يومًا والناس في تَخَبُّطهم، والمصطفى في أَلَم، والصديق وأهل بيته في غَمٍّ شديد، اشتد الأمر، فكشف الله الغمة ورفع الهم، وجاءت الآيات تُبَرِّئ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من كل ما نسب إليها، وبينت أن كل ما نسب إليها كذب وافتراء، وقال الله للصديق: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ [سورة النور : الآية 11] فنزل في أمر المؤمنين آيات تتلى في محارب المسلمين، فنزل قرآن يتلى في براءتها وعِزِّ وشَرَفِ بَيْتِها، ونَعْيًا لبعض المؤمنين الذين سلكوا هذا المسلك وإرشادًا لهم إلى الخير وتحذيرًا لهم من العودة، قال تعالى: ﴿ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [سورة النور : الآية 14 – 15]، فبرأ الله فراش النبي صلى الله عليه وسلم، وحَدَّ الذين قذفوا، وبقي المنافقون؛ لأن الحد لا ينفع فيهم، فبقوا على آثامهم، وكبت الله شرهم والحمد لله، فهي حكمة الابتلاء والامتحان.+

سؤال:

ما نصيحتكم لأناس يشيعون الشائعات عن علمائنا الكبار في بعض المجالس ويصفونهم بأنهم عملاء، لا هَمَّ لهم إلا الدنيا، وأنهم جامية فما حكم ذلك وجزاكم الله خيرا؟

جواب:

أيها الإخوة الأقوال كثيرة، كلٌّ يتحدث بما يهوى، لكن كما قال الله: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [سورة ق : الآية 18]، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ ﴾ [سورة النور : الآية 24 – 25] كون الإنسان ينبسط في أعراض الناس ويصفهم بما هم بُرَآء منه، لا شك أن هذا خطأ عظيم، وخطر كبير، وخير لذلك المسلم ألا يتكلم بما لا يعلمه، فالتحدث عن الناس ووصفهم بالعمالة كأن يقول: علماء السلطة. بلا بينة ولا برهان يعد من أكبر الآثام، فالعلماء مع السلطة يد واحدة، فعلماء هذ البلد مع قيادتهم شيء واحد، وجسد واحد يشد بعضهم أزر بعض، ويعين بعضهم بعضًا، ولا انفصام ولا انفصال بينهم، بل هم فئة واحدة، وهذا هو الأصل، أن العلماء والقادة يد واحدة على الخير، والقيام بالواجب، والذين يقولون ويفترون هم بين جاهل وبين حاسد ومغرض، نسأل الله أن يعافي الجميع من كل سوء.

*************************************************************************************************************************

( 1) الفِئام الجماعة من الناس. لسان العرب: فأم .

( 2) أخرجه مسلم (1/10 ، رقم 5).

( 3) أخرجه أحمد (5/401 ، رقم 23451) ، وأبو داود (4/294 ، رقم 4972)، وصححه الألباني .

( 4) أخرجه البخاري (5/2377 ، رقم 6113) .

( 5) أخرجه البخاري (5/2357، رقم 6049) .

( 6) أخرجه البخاري (5/2240 ، رقم 5673) ، ومسلم (1/69 ، رقم 48) .

( 7) أخرجه مسلم (4/2001 ، رقم 2589) .

( 8) أخرجه أبو داود (4/269 ، رقم 4875) ، والترمذي (4/660 ، رقم 2502) .

( 9) أخرجه البخاري (5/2250 ، رقم 5709) ، ومسلم (1/101 ، رقم 105).

( 10) أخرجه البخاري (5/2261 ، رقم 5743) ، ومسلم (4/2012 ، رقم 2607).

( 11) سبق تخريجه.

( 12) سبق تخريجه .

( 13) أخرجه البخاري (1/21 ، رقم 33) ، ومسلم (1/78 ، رقم 59).

( 14) أخرجه البخاري (1/21 ، رقم 34) ، ومسلم (1/78 ، رقم 58) .

( 15) أخرجه الترمذي (4/558 رقم 2317) وقال : غريب . وابن ماجه (2/1315 ، رقم 3976). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 3/60.

( 16) أخرجه أحمد (1/313 ، رقم 2867) ، وابن ماجه (2/784 ، رقم 2341).

( 17) سبق تخريجه .

( 18) أخرجه أحمد (5/196 ، رقم 21763) ، وأبو داود (3/317 ، رقم 3641) ، والترمذى (5/48 ، رقم 2682) ، وابن ماجه (1/81 ، رقم 223) .

( 19) هم الذين يكثرون من الأخبار السيئة واختلاق الأقوال الكاذبة حتى يضطرب الناس. انظر المصباح المنير رجف.

( 20) سبق تخريجه.

( 21) سبق تخريجه .

( 22)سبق تخريجه.

( 23) أخرجه البخاري (1/465 ، رقم 1320) ، ومسلم (4/1781 ، رقم 2275) .

( 24) أخرجه أحمد (5/5 ، رقم 20058) ، وأبو داود (4/297 ، رقم 4990) ، والترمذى (4/557 ، رقم 2315) وقال : حسن.

—————————————-

المحاضرون:

فضيلة الشيخ الدكتور/إبراهيم بن ناصر الحمود
فضيلة الشيخ الدكتور/ فهد بن سليمان الفهيد
فضيل الشيخ /محمد بن سعد السعيد

-- إبراهيم الحمود ... محمد السعيد ... فهد الفهيد

رابط الموضوع : http://www.assakina.com/mohadrat/16729.html#ixzz4j2z1C8mB

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات