فرعون الواعظ أم مؤمن آلِه الواعظ!

ابتسام بنت بدر الجابري

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

بون شاسع ما بينهما

 

وإن كانت الهداية إلى سبيل الرشاد هي دعواهما جَمِيعَاً.

 

فها هو فرعون يقول: (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ) ٢٩غافر.

 

وها هو المؤمن من آل فرعون: (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ) ٣٨ غافر.

 

تتنوع دعاوى الإصلاح والنصح وتحقيق الحرية والمطالبة بالحقوق. ويتفاوت أصحاب تلك الدعوات ما بين صادق ساعٍ للإصلاح بحق، ومن كان كاذباً ساعٍ للإفساد بأي صورة فحسب.

 

ويتفاوت أولئك المستجيبون بين من يريد الحق ليتبعه بحق، ومن هو جاهل يتبع كل ناعق فقط، وبين متبع للهوى وطامح لمتاع الدنيا فحسب.

 

بلا شك لم يكن فرعون واعظاً يبتغي حقاً أو هداية إلى رشاد، بل كان غاية مراده الدنيا والإفساد.

 

وكذا بلا شك كان مؤمن آل فرعون يبتغي الحق والهداية إلى الرشاد، بل كانت غاية مراده الآخرة والإصلاح.

 

وحديث القُرْآن الكريم عن صورة فرعون عندما صار واعظاً، وعن مؤمن آله الواعظ حقاً حديث عظيم.

 

يصور لنا عِدَّة أمور، ويقرر لنا عِدَّة حقائق ليس لها حصر.

 

منها: أن ليس كل واعظ هو واعظ، كما أنه ليس كل ناصح بناصح فهذا إبليس قَالَ الله فيه: (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ).

 

فمن نصح كنصحه فقد أشبه إبليس، ومن وعظ كوعظ فرعون فقد أشبهه.

 

ولو تأملنا واقع دعوات من أشبه إبليس وفرعون ونداءاتهم، مع واقع أقوالهم وأفعالهم هي كقول فرعون: (إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) ٢٦ غافر، من قَالَ هذا هو من قَالَ: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) ٣٨ القصص، (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ) ٢٤ النازعات؛

 

وهو من (جَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)٤ القصص (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ)١٤١ الأعراف.

 

واقع مؤلم: مجادلة بالباطل، وتهمة للصالحين، ورد لشرائع الدين، وانغماس في الملذات والأهواء المحرمة.

 

أما واقع المآلات لتلك الدعوات فبيّنة لا تحتاج جهداً في استبصار حقيقتها متى ابتغيت الحق.

 

فكم جنت تلك الدعوات من نزع للفضيلة، ودعوة للرذيلة، وطمس للحقيقة، وجناية على الصالحين وأذية!

 

تأملها فقد آلت في صور شتى، وتحت شعارات مثلى.

 

ونحن اليوم لسنا بأقل حاجة للبصيرة والثبات مما كان عليه من سبقنا، بل أشد حاجة.

 

فلا تُقدّم الهوى في قبول الدعوى، ولا تُقبل على كل ناعق، وتمسك بالْكِتَاب وَالسُّنَّة، واحذر البدعة والفتنة، وتفكر في مآلات هذه الدعاوى على دنياك وآخرتك، ولا تقصرها على دنياك، فأنت راحل عنها لا محالة.

 

والزم سؤال الله الهداية والبصيرة.. وكن صادقاً فطناً في طلب الحقيقة

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات