الصورة الذهنية للمصلحين

ادارة الموقع

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

 

 

 

منصور المقرن

 

لعل أبرز عوامل قبول الناس أو رفضهم لدعوات المصلحين أو المفسدين هو الصورة الذهنية المنطبعة في أذهانهم عن كل فريق، فمتى كانت الصورة إيجابية عن فريق ما، كانت دواعي قبول ما يدعو إليه أكبر، والعكس صحيح.

 

ولقد وعى المفسدون هذه الحقيقة منذ القدم، فما ظهر نبي إلا بادروا بتشويه سمعته ليصدوا الناس عن اتباعه، قال الله تعالى: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ). قال ربيعة بن عباد الدؤلي: رأيت رسول الله في الجاهلية بسوق ذي المجاز  وهو يقول: يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. قال: يرددها مراراً، والناس مجتمعون عليه يتبعونه، وإذا وراءه رجل أحول ذو غديرتين، وضيء الوجه، يقول: أنه صابئ كاذب، فسألت: من هذا؟ فقالوا: عمه أبو لهب.

 

ولهذا عني القرآن الكريم بالدفاع عن أنبياء الله والثناء عليهم، كقوله سبحانه: (إِنَّهُ? لَقَو?لُ رَسُول كَرِيم، وَمَا هُوَ بِقَو?لِ شَاعِر? قَلِيلا مَّا تُؤ?مِنُونَ، وَلَا بِقَو?لِ كَاهِن? قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ)، وقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم).

 

وفي زماننا استطاع المفسدون -بما يملكونه من آلة إعلامية واسعة الانتشار - رسم صورة ذهنية سلبية مغلوطة عن الدعاة والمصلحين ومؤسساتهم في صفوف كثير من الناس، فأصبحت هذه الصورة كالسحابة التي لا تُمطر ولا تجعل نور الشمس يصل إلى الأرض.

 

ومن أكثر الصور الذهنية السيئة المكذوبة التي نشرها المفسدون: تصوير الأخيار أنهم سيئوا الأخلاق غلاظ الأكباد، أو أنهم متزمتون ومتشددون لا يأخذون بسماحة الإسلام ويسره، أو أنهم متقلبون ليس لهم مبدأ؛ فما يحرمونه على الناس اليوم يُحلونه على أنفسهم غداً، وأن ظاهر أقوالهم وهيئاتهم لا تعكس بواطنهم .. ومن كانت هذه صفاته فأنّى للناس أن يستمعوا له، فضلاً أن يستجيبوا له، مهما كانت قوة بيانه أو لطف خطابه! ومن كانت هذه صفاته فسيفقد التأييد الشعبي الجماهيري الذي يمنع أو يحد من تسلط الظالمين عليه، (وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ).

 

وإذا كان بعض الدعاة لا يشعرون بهذه المشكلة لكونهم يعيشون في بيئات طيبة، ولا يخالطون إلا شرائح صالحة، فإن انتشار الصور الذهنية القاتمة المغلوطة عن الأخيار، في أوساط مجتمعية متنوعة، تُحتم على المصلحين أفراداً ومؤسسات أن يُولوا هذا الأمر عنايته، ويسعوا في بناء صورة ذهنية إيجابية لدى المجتمع عنهم وعن مؤسساتهم، وأن يجتهدوا في تصحيح الصور المغلوطة، وأن يعملوا على تحصين الناس من التأثر بالدعايات المضللة ضد المصلحين ومؤسساتهم. كل ذلك اتباعاً لمنهج القرآن الكريم في ذبه عن المصلحين، ودفعاً للآثار السيئة السالف ذكرها على دعوتهم.

 

والمأمول أن يكون هذا المقال منطلقاً للمصلحين لعقد ورش عمل وملتقيات لتحقيق ذلك.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات