التغريدة الصادمة!

ابولجين إبراهيم

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

 

 

 

 

الهجمات التي خلفتها بعض الأحداث المسلحة الأخيرة سواء في الغرب أو العالم العربي والإسلامي، والتي نُسبت إلى جماعات تنتمي إلى الإسلام، استغلها الغرب في الربط ما بين الشريعة الإسلامية والتساهل في سفك الدماء، وإزهاق الأنفس وراحت تعطى انطباعاً بأن الإسلام قرين الإرهاب، وأنه ما انتشر قبل إلا بالسيف، ويريد اليوم أن يمارس ذات الأدوار في مواجهة مجتمعات الحداثة الغربية.

 

وفي هذا الصدد، قَالَ كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقوم بالتركيز على حوادث الإرهاب التي يقوم بها بعض المنتسبين للإسلام، رغم ضآلتها، ويهمل التركيز على حوادث الإرهاب التي يرتكبها سكان الولايات المتحدة.

 

وَأَكَّدَ روث خلال تغريدة له على موقع تويتر، بتاريخ 12 مايو 2017، على أن الولايات المتحدة شَهِدَتْ 300 حادث إطلاق نار منذ العام 2015 وحتى الآن، وأن 1% فقط من تلك العمليات ارتكبها مسلمون!! وأن دونالد ترامب قام بالتركيز على نسبة 1% من حوادث الإرهاب بينما أشاح بوجهه عن الغالبية العظمى من تلك الحوادث التي لم يكن للمسلمين يد فيها.

 

وهذا نص تغريدته:

 

300 mass shootings in US since 2015. Less than one per cent committed by Muslims. But what does Trump highlight?

 

ونحن هنا لسنا بصدد تقييم هذه الأفعال أو الحكم عليها، حتى ولو كانت نسبتها 1 بالمائة، فهو أمر جلي وواضح، وأسهب في الحكم بحرمته جمع من العلماء قديماً وحديثاً، ولكن، يهمنا في المجال الأول تبرئة وجه الشريعة الغراء مما ألصق بها زوراً وبهتاناً من قبل الغرب.

 

وثمة وقفات ضرورية، تتعلق بالمنهج الذي يتبعه الغرب في الحكم على الشريعة والذي يُؤَدِّي لتوارد مثل هذه الشبهات وأمثالها.. وبرأينا أن تصور الغرب الخاطئ في هذا الشأن يكمن في عِدَّة زوايا منها:

 

الأولى: أن الغرب يريد أن يحكم على عموم الشريعة من خلال سلوكيات بعض الأفراد، والأتباع؛ وَهُوَ يخالف بذلك ما يدعو إليه من ضرورة اتِّبَاع المنهج العلمي المتقن، في تناول الظواهر وتفسيرها؛ وَهُوَ المنهج الذي يحتم استخلاص الحكم النهائي على الشريعة الإسلامية من نصوص الشريعة ذاتها دون انتقائية أو تحيز مسبق.

 

الثانية: ثمة تحيز غربي، حتى بعد مخالفة المنهج العلمي في الحكم، فنراه يعمد إلى صنيع طائفة واحدة من الأمة الإسلامية، ويتناسى ما عداها، فإذا قامت طائفة بهذه الأعمال المسلحة تراه يحكم على الشريعة بعمومها من خلال نظرته إلى فعل هذه الجماعات، ويغض الطرف عن أصوات أخرى تقف في رقعة مخالفة رغم كونها الشريحة الأكبر عَدَدَاً، والأكثر وجاهة في علمها وعرضها.

 

الثالثة: إذا اتبعنا منهج الغرب في الحكم على الشريعة من خلال ممارسة بعض الطوائف، ما حق له أن يتحدث عن التساهل في الدماء وإزهاق الأنفس المعصومة، ولحق لنا أن نتساءل نحن: كم قتلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وكم قتل الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان؟… ولنا كذلك أن نتساءل من فجر الحرب العالمية الأولى، والثانية وراح ضحيتهما الملايين؟.. وبأي جريرة قتل الملايين في فيتنام؟!.. لا شَكَّ أننا إذا احتكمنا لواقع الحال ما تجرأ غربي أن ينبس ببنت شفة وأيديهم ما جفت يَوْمَاً من الدماء البريئة، والأنفس المعصومة.

 

إن شريعة جعلت من مقاصدها الخمسة، بل ومن أعلى مقاصدها بعد حفظ الدين، حفظ النفس، لهي شريعة أبعد ما تكون عن التساهل في الدماء، أو التفريط في حق الحياة؛ ومِنْ ثَمَّ نجدها وقد عنيت بحق الحياة وشرعت من الأحكام ما يحقق هذا المقصد مبالغة في الحفظ والصيانة وسداً لذريعة الاعتداء على الدماء المعصومة إلا بحقها..

 

فأين الغرب من هذا النور الساطع المبين؟!

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات