كوني سلعة!

ادارة الموقع

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

 

 

 

عبد الحكيم الظافر

 

الحملة التي أطلقتها فضائية ال MBC تحت عنوان "كوني حرة"، أشعلت غضباً عارماً في أوساط المغردين السعوديين، لما اعتبروه أنها بها قد رسمت لها طريقاً يمزج بين التضليل الفكري، والإغواء الشكلي، بهدف التأثير على تفكير المرأة السعودية وحرفها باتجاه ما تراه في صور التغريدات التي نشرتها على موقع تويتر تجسيداً لما قد يلتبس من كلماتها المضللة على الساذجات، بحسب ما تفيض به أقلام مشاهير موقع تويتر في وسم واسع الانتشار، ما عكس امتعاضاً في شرائح مجتمعية عريضة يعبر عنها هؤلاء المشاهير.

 

ما أثار استهجان المغردين السعوديين، وقلب الوسم الذي أطلقته الفضائية التي اعتبروها أنها لسان حال التغريب في المنطقة العربية برمتها، والسعودية بصفة خاصة رأساً على عقب على مطلقيه، واستظهر وسماً آخر بعنوان #لن_تمر_mbc_على_أعراضنا بات عنواناً آخر للرفض الشعبي الجارف لهذا اللون من الاستخفاف والاستدراج المبطن للنساء العفيفات بدعوى الحرية المزعومة - بحسب المغردين -، فما أغضبهم كما عبر أكثر من داعية شهير ليس دعوة القناة لحرية المرأة بالتأكيد، بل لتشديدهم على أن هذه كلمة حق يراد بها باطل، إذ يعلم الجميع أن المرأة السعودية هي من أكثر نساء العالم اللائي يحصلن على حريتهن الاجتماعية وتصان كرامتهن وتحافظ على أنوثتهن وحيائهن وعفتهن. لهذا اعتبروا أن تقصد المرأة السعودية تحديداً بهذه الدعوة يعني بجلاء أن هذه القناة ترفض النظم التي تسير عليها السعودية فيما يتعلق برعاية والعناية بالمرأة والحفاظ على خصوصيتها وفرادتها.

 

ما أزعج المغردون، هو لغة التغريد على صفحة القناة، والتي قالوا إنها تدعو إلى "التمرد" الذي يعني حرية بلا حدود: أي الانفلات من أي قيد قيمي أو أخلاقي، وإلى إلصاق الطاعة بالعبودية، مع ما ينقدح في الأذهان تلقائياً عن تلك "الطاعة" التي لا تخرج عن سياق كونها طاعة ولي أمرها، طاعة الأب (وطاعة الوالدين) وطاعة الزوج، أو من يلي أمرها عموماً.

 

وإذا كانت كثير من عبارات الوسم على صفحة القناة قد صيغت بطريقة مبهمة؛ فإنها قد قرنت بصور عارية لفتيات بغية تفسيرها على النحو الذي تحمله الصورة، حتى أصبحت عبارة من شاكلة "كوني حرة فانتي لم تخلقى لتكونى تابع أو ظل" (أي بالفصحى: كوني حرة فأنتِ لم تخلقي لتكوني تابعةً أو ظلاً) لا تحتاج إلى توضيح بعد إرفاق صورة عارية معها لتوضيح ماهية هذه الحرية، وتلك التبعية، وهذا الظل!

 

والحق أن غضب هؤلاء المغردين، وهم يمثلون شريحة واسعة تمثل أطيافاً شتى لا يمكن حصرها في قطاع واحد من المتدينين، وإنما يشملها مصطلح "المحافظة" و"الأصالة" و"الغيرة" الأوسع، لم يكن فقط لأن هذا الوسم اشتمل صوراً عارية؛ فهذا ما انتقدوه على مجموعة القنوات هذه أصلاً، وليس مستغرباً منها أن تفعل في نظرهم، وإنما لأنها تقصدت زعزعة الأفكار التي تقوم عليها الأسرة المسلمة في جهات شتى، تشمل احترام الوالدين، والزوج، والقيم المجتمعية، والأخلاقية، والآداب الشرعية، والفكر الذي تستند إليه منظومة الأخلاق المجتمعية الحاكمة للشعوب المسلمة؛ فحينما تقرن هذه القيم بالظلام، والولاية والقيم الأسرية بالعبودية، وحين يصبح النشوز والعقوق هو نوع من "التمرد المحمود على قيود بالية" – في نظر كاتب هذه التغريدات -، حين يقرن التبرج بالانطلاق والحرية والتحليق والحنان والرقة.. الخ؛ فإن واضع هذه التغريدات - وفقاً لهؤلاء - لم يقصد فقط مجرد عرض صور خليعة فقط، وإنما يتعمد وأد الهوية وقتل الأخلاق وذبح الفضيلة.. ولهذا كان الغضب عارماً.. ومع شدة الغضب هذا إلا أنه لا يتوقع أن تكف هذه الحملة أذاها، لأن بين يديها أجندة تمضي في طريق تنفيذها مهما كان الموج أمامها عالياً.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات