الاعتذاريون

مالك الأحمد

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

 

 

 

عندما وقعت تفجيراتٌ في بعض المدن الأوروبية والأمريكية؛ انطلقت أصوات كثيرة من مؤسسات إسلامية وأفراد ينددون بالاعتداءات، ويعتذرون عن الأعمال الإرهابية.

 

لم يكن الاعتذار – في أحيان كثيرة – اندفاعاً ذاتياً، بل كان رد فعل لطلبات رسمية وشعبية بالاعتذار.

 

المستغربون وحلفاء الغرب من المسلمين زادوا على ذلك بإظهار التعاطف الشامل، متمثلاً بوضع أكاليل الزهور عند أماكن الانفجارات، وإيقاد الشموع عند السفارات، والتبرع لأسر الضحايا، والوقوف دقيقة صمتاً على أرواح القتلى!!

 

مؤسسات إسلامية كثيرة في الغرب عملت اجتماعات وعقدت مؤتمرات صحفية تندد بالعمليات وتتبرأ من أصحابها (المسلمين) وتدعو لإنزال العقاب بالفاعلين ومن يؤازرهم.

 

في نفس الوقت يصرح وزير الخارجية البريطاني الأسبق (كوك):

 

“ليس على المسلمين تقديم اعتذارات حول التفجيرات”!!

 

لا فض فوك ياكوك.. أين أصحاب الاعتذارات وأين الصائحون وأين النائحون؟

 

لماذا نحن مطالبون بتقديم اعتذارات؟ ولماذا يصر البعض على وجوبها؟ ولماذا نحن -المسلمين- فقط مَن يعتذر عن أخطاء أفراده؟

 

لم يعتذر الإيرلنديون من أعمال الجيش الجمهور الإيرلندي، ولم يعتذر الكاثوليك منهم على الأخص عن تفجيراته المرعبة في بريطانيا، ولم يعتذر اليهود عن أفعال إسرائيل الإجرامية اليومية، ولم يعتذر الإيطاليون عن أفعال الألوية الحمراء، ولم يعتذر اليابانيون عن أفعال الجيش الأحمر الياباني ولم يعتذر السيخ عن قتل رئيس الوزراء الهند، ولم يعتذر الهندوس عن تدمير مسجد أيادودا في الهند وقتل المئات من المسلمين.

 

لماذا نحن -المسلمين- فقط مطالبون بالاعتذار عن أفعال، وإن قام بها البعض من المنتسبين إلى ملتنا؟

 

لماذا تعتذر قبائل عن أفعال بعض أفرادها وهم يعلمون قوله تعالى “ولا تزر وازرة وزر أخرى”.

 

الأدهى والأمر أن عدم الاعتذار أصبح منقصةً ومَسبة (في حق المسلمين فقط)، وأن عدم الاعتذار يُنبئ عن موافقة هذه الأعمال والتواطؤ مع مرتكبيها!!!!

 

المشكلة أن الإعلام الغربي استطاع أن يجرّ المسلمين هناك (بشكل خاص) لهذه اللعبة، وبعد كل حدث يُتصل بهم ويسألون فيعتذرون، ثم ينددون ويستنكرون، ومنهم من يزيد متبرئاً من أمته شاتماً لإخوته.

 

لابد من التفريق الواضح بين آراء ومواقف المؤسسات والشخصيات الإسلامية – في الغرب خصوصاً – تجاه أحداث العنف وبين سلوك الاعتذار والذي يمثل الضعف والمهانة وتحمل مسؤولية أعمال الغير.

 

حتى جرائم العصر الكبرى كمذابح البوسنة لم نسمع اعتذار من الصرب للمسلمين تجاه ما حصل، يحملون المسؤولية أشخاصاً ولا يرون أن الأمة (الصرب) مطالبة بأي اعتذار!.

 

إسرائيل في كافة أعمالها الإجرامية وغير الإنسانية في فلسطين والقتل غير المبرر لا تعتذر عن أفعالها بينما تسارع السلطة الفلسطينية بإدانة أي عملية جهادية ضد اليهود الغاصبين!

 

الاعتذاريون وضعونا في موقف صعب، فإن نحن اعتذرنا عن أفعال لم نرتكبها ولا تمثل رؤيتنا نكون خالفنا قناعاتنا وألزمنا أنفسنا بما لا يلزمنا، وإن نحن لم نعتذر أصبحنا موضع شك ومحل تهمة كأننا شاركنا الإرهابيين أعمالهم!!

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات