“ولا تهنوا ولا تحزنوا”

علي التمني

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

 

 

 

العنوان أعلاه جزء من آية الخطاب فيها موجه إلى المسلمين، وهو يطالب المؤمن بأمرين: ألا يهنوا ومعناه: ألا يضعفوا وألا يجبنوا. وكذلك ألا يحزنوا لما أصابهم في معركة أُحد من الخسارة للأرواح بل وجرح النبي صلى الله عليه وسلم على أيدي المشركين الأشقياء، وقد نزلت بعد معركة أُحد، حيث أصاب المسلمين فيها ما أصابهم من قتل 75 منهم وجرح أكثر من ذلك، ومن انتصار المشركين المادي؛ لأن الهزيمة المادية ما لم تصل إلى الإيمان والثقة في نصر الله وما أعده لأهل الإيمان فليست بهزيمة؛ ولذا رأينا الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر كل من خرج للقتال في أُحد وبعد ما أصابهم من القتل والجراح أن يطلبوا المشركين فخرجوا في اليوم الثاني، خرجوا بجراحهم، ودماؤهم تثعب استجابة لله ورسوله، حتى بلغوا حمراء الأسد فلما رأى المشركون منهم ذلك أسرعوا ميممين شطر مكة وقد كانوا يخططون لكبس المؤمنين في المدينة لاستئصالهم؛ ولذا انقلبت الهزيمة إلى نصر، ولا سواء فقتلى المؤمنين في الجنة وقتلى الكفار في النار وذلك فضل الله.

 

ومما خرج به المؤمنون من هذه الخسارة المادية في أحد وجوب طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مهما كانت الظروف والتغيرات، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الرماة ألا ينزلوا من على جبل الرماة مهما كانت الظروف حتى يأتيهم أمره بذلك، فخالف أربعون منهم ونزلوا لما رأوا ظفر المسلمين بالمعركة في جولتها الأولى، فلما رأى المشركون الرماة نزلوا إلإ عشرة رجع المشركون فقضوا على العشرة الباقين من الرماة ثم طوقوا المسلمين وكانت النتيجة كما تقدم.

 

فطاعة الله ورسوله في كل أمر هي مفتاح النصر، وسبب العزة والمنعة والقوة والسؤدد، وسبب نعيم الدنيا والاخرة، ووقوع الهيبة لهم في قلوب أعدائهم في كل زمان ومكان.

 

أخي المسلم:

 

إن ما تتعرض له الأمة من هزائم ومحن اليوم هو بسبب البعد عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وموعود الله للمؤمنين الصادقين لم يتغير، فأهل الإيمان لهم الجنة ولو ماتوا على فرشهم، وللذكرى فقد أرجف المنافقون بعد معركة أحد وأذاعوا بين أهل المدينة وفي القرى المجاورة والبوادي أن المسلمين هزموا ولن تقوم لهم قائمة، وأن الإسلام لو كان حقاً ما هُزم محمد وصحبه..

 

ولكن الأيام أظهرت خلاف ما فرح به المنافقون ونصر الله عبده صلى الله عليه وسلم وصحابته الميامين، ودخل جند الله مكة بعد خمس سنين فقط من أُحد ظافرين فرحين بنصر الله وفتحه.

 

فلا تهن أيها المؤمن ولا تحزن وثق بوعد الله: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} [سورة آل عمران، آية: 139].

 

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً * يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شيئاً * وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [سورة النور، آية: 55].

 

والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات