الهبة الإسلامية ضد إيران

خالد مصطفى

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

 

 

 

استفحل الخطر الإيراني في المنطقة في الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق وأصبحت الأصابع الإيرانية تعبث في الشؤون الداخلية للكثير من الدول بشتى أنواع العبث ابتداء من محاولات نشر التشيع بجميع الوسائل حتى الدعم العسكري للشيعة لتنفيذ عمليات ضد الأنظمة لإفشالها...

 

راهنت العديد من الدول العربية وخصوصا الخليجية ـ التي كانت في الصدارة من حيث المحاولات الإيرانية للعبث باستقرارها ـ على ضبط النفس وفتح قنوات حوار مع النظام الإيراني من أجل إرساء مبادئ حسن الجوار ورغم احتلال طهران لعدة جزر إماراتية والاحتجاج الخليجي على هذا الملف إلا أن الخليج فضل الدعوة لحل الأزمة سلميا وطالب بالتحكيم الدولي بعد أن يئس من استجابة طهران للحوار؛ الأمر الذي رفضته إيران في صلف وغرور واضح...

 

التدخل الإيراني في الشأن الخليجي ومحاولة النيل من استقراره لم يبدأ اليوم ولكن منذ سنوات طويلة عندما دعمت طهران مليشيات شيعية في البحرين في محاولة لقلب نظام الحكم فيها بدعوى أن الشيعة أغلبية مضطهدة من السنة! وعندما تدخلت قوات درع الخليج لإحباط مخطط الانقلاب نددت إيران يومها بما أسمته "الغزو الخارجي" رغم أنه تم بناءً على اتفاقية الدفاع المشترك بين دول الخليج.. والعجيب أنه بعد سنوات قليلة تدخلت إيران عسكريا في سوريا لدعم نظام الأسد النصيري المتهاوي والذي يحكم أغلبية ساحقة سنية ولم تعتبر ذلك غزوا خارجيا!...

 

إيران ظلت تمارس هذا الدور المشبوه على نطاق واسع حتى وصل الأمر للاستيلاء على العراق بواسطة صفقة عقدتها مع الاحتلال الأمريكي وأصبحت هي من تقرر اسم رئيس الوزراء وتحدد الدور الذي يقوم به وأنشأت مليشيات شيعية موازية لقوات الجيش كما فعلت في لبنان عندما زرعت حزب الله بحجة مقاومة "إسرائيل" فما كان منه إلا أن أصبح أحد المخالب الإيرانية تضعها حيث شاءت...

 

ووصل التبجح الإيراني إلى مرحلة خطيرة عندما هدد أكبر دولة خليجية وأحد ركائز الأمن العربي والإسلامي وهي السعودية وذلك بدعمها للحوثيين الذين استولوا على حكم اليمن بالقوة وانقلبوا على الحكومة الشرعية ووجهوا صواريخهم للأراضي السعودية وأصبحت إيران تهدد الحدود الجنوبية للمملكة بواسطة أذنابها.. هنا كان الموقف الحاسم بتغير الاستراتيجية الخليجية والعربية من الرهان على الحوار إلى إطلاق تحالف عسكري رادع لإعادة الأوضاع لنصابها وهو ما استفز الحلف الطائفي الذي تقوده إيران واشتد الاستفزاز عندما تم الإعلان عن التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب والتأكيد على أن إيران أحد أهم داعميه في المنطقة...

 

إيران لم تكتف بالتحرش بالسعودية على الحدود ولكنها تعمقت أكثر مستخدمة أذرعها الشيعية في الداخل وكان من أهم هذه الأذرع الشيعي المعروف نمر النمر الذي حرض على رجال الأمن وهيج بعض شباب الشيعة لإثارة العنف والبلبلة, وللنمر فيديوهات كثيرة تبين تطرفه وطعنه في السنة والصحابة رضي الله عنهم وعندما ثبت عليه جرائم ارتكبها ضد الدولة وحكم عليه بالإعدام هاجت إيران وماجت وتجاهلت أنها أعدمت الكثير من علماء وطلاب العلم والناشطين السنة ووضعت البعض الآخر وراء القضبان منذ سنوات طويلة بحجج واهية ومن خلال محاكمات صورية..

 

إيران لا تتصرف كدولة ولكن كإمبراطورية فارسية أو خلافة شيعية وهي لا تتوانى عن التهديد والوعيد بالحرب في أي موقف تشعر أنه يمس طموحها في السيطرة والتمدد ولا تراعي أي أعراف دبلوماسية أو حدود للياقة..المفاجأة هذه المرة أن رد الفعل السعودي والعربي كان حازما وواضحا وهي المرة الثالثة خلال أشهر قليلة التي تفاجأ طهران بذلك؛ فأعلنت السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية وتبعتها في ذلك السودان والبحرين وجيبوتي, وخفضت الإمارات من تمثيلها الدبلوماسي واستدعت الكويت السفير الإيراني وانطلقت التصريحات المؤيدة من معظم الدول العربية والإسلامية كمصر وتركيا وتونس للموقف السعودي حتى أن مجلس علماء باكستان أكد في بيان قوي أن من ينظر إلى بلاد الحرمين بسوء سيتم اقتلاع عينيه...

 

الموقف الروسي من الأزمة الداعي للوساطة, وهي المعروفة بقربها من طهران, يبين مدى الصدمة التي تعيشها إيران جراء الهبة الإسلامية والعربية ضدها والتي ستضعها في عزلة قاتمة وهي أكبر ما تخشاه إيران لأنها تسعى للتغلغل والاختراق, والعزلة تفقدها أحد أهم مصادر قوتها..فهل يدرك العالم العربي والإسلامي أخيرا الطريق لإيقاف هذا الكابوس قبل أن يصبح حقيقة؟

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات