يتفاوت الناس في فضل الله عليهم، ففيهم القوي وفيهم الضعيف، وفيهم الغني وفيهم الفقير، وفيهم صاحب الجاه والسلطان، وفيهم الشخص العادي الذي لا سلطان له؛ وعندما يعطي الله من فضله أحداً أكثر من غيره،قد ينسى هذا الإنسان أن قدرته وقوته، أو غناه أو سلطانه، إنما هو فضل من الله وامتحان واختبار له، أيشكر أم يكفر هذا الفضل، فإذا ما نسي ذلك غرته قدرته، وغره ماله، ودعاه ذلك إلى أن يتكبّر ويتجبّر على الآخرين، ناسياً قدرة الله عليه، وأن الله هو الجبار، وهو القاهر فوق عباده.
وفي رمضان، يصوم المؤمن، ويمضي الساعات الطويلة بلا طعام ولا شراب، فيشعر بشيء من الضعف في قوته، ويشعر بالحاجة إلى الطعام والشراب، ويسره أن تغيب الشمس، حتى يتمكن من أن يأكل ويشرب من جديد.. إن الصائم يستشعر بهذا ضعفه البشري، فيقل اغتراره بقوّته، وتتطهر نفسه من نزعة التجبر والعلو في الأرض، إذ كيف يتجبر وهو لم يصبر دون طعام وشراب أكثر من ساعات؟ ولعل هذا من الفوائد النفسية الهامة للصيام، لأنه يُرجع المغرور إلى الواقع، ويخلصه من عقدة التفوق والعلو التي أفسدت عليه نفسه.
كما أن الصوم، بما يترك في نفس الصائم من إحساس بالضعف، والحاجة إلى لقمة طعام، وإلى جرعة ماء، هذا الصوم يجعل للآيات الكريمة، التي وعدت المؤمنين في الجنة: الطعام والشراب، ضمن ما وعدتهم به من نعيم، يجعل لها أثراً كبيراً في النفس، أكبر مما يكون لو أن الإنسان الذي أنعم الله عليه، قد أمضى عمره كله دون أن يجوع أو يعطش، فكما أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى، فإن الطعام والشراب نعمة من الله، لا يعرف قدرها إلا من جاع وعطش.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم