شغب في ريف العوامية

أحمد بن عبد المحسن العساف

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

وينقم الشيعة على الحكومة إقصاءهم من المناصب، وهذا الأمر ليس صحيحاً على الإطلاق، وليس خاصاً بالشيعة وحدهم. فالمناصب الكبرى مثلاً شبه محجوبة عن المتدينين من أهل السنة مع صدق ولائهم، والمناصب الدينية العامة لا يعقل أن تكون المرجعية فيها للأقلية، والمناهج الدراسية لطيفة القول في مذهب الرفض، وللشيعة محاكم خاصة بهم، ولو أنهم قارنوا وضعهم بالمقهورين من المسلمين ..

 

 

 

 

 

ملتقى الخطباء: أصدرت وزارة الداخلية السعودية بياناً عما جرى في مدينة العوامية التابعة لمحافظة القطيف الواقعة شرق البلاد، وملخص البيان أن بعض الأجراء لدولة أجنبية أثاروا الشغب حول دوار الريف مستخدمين الأسلحة وقنابل المولتوف، ونتج عن ذلك إصابة بعض المواطنين ورجال الأمن، وقد أهابت الوزارة بذوي مثيري الفتنة ردهم إلى جادة الصواب، وتأكيد ولائهم لله ثم لوطنهم، وختمت بالتحذير من عواقب تخاذل عقلاء الشيعة أو تمادي المغرر بهم. 

ويحظى الشيعة داخل السعودية بمزايا لا يشكرون عليها أحداً، وفي الوقت ذاته يرتفع عويلهم بما اعتادوه من إدعاء المظلومية والإقصاء من الحكومة والمؤسسة الدينية الرسمية.

فمن المزايا التي ينفرد بها الشيعة أن تبرعاتهم تعبر البحار وتقطع الصحاري وتجوب الفضاء بلا حسيب ولا رقيب، وفي مقابل ذلك تمتلئ المعتقلات بعدد من السجناء؛ لأنهم جمعوا تبرعات قد لا يبلغ مجموعها راتب شهر واحد لموظف حديث التعيين، إضافة إلى أن بعضهم جمع المال حين لم يكن جريمة!

ومن المزايا الخاصة للشيعة أن برامجهم الدعوية والثقافية تقام دون إذن من وزارة دعوة أو ثقافة، ومؤسساتهم الاجتماعية تعمل بحرية كبيرة، وسجناؤهم لا يطيلون اللبث خلافا لمواطنيهم من أهل السنة الذين يمضون أعواماً خلف الأسوار ولا حياة لمن تناشد. ومن هذه الباب فإن مظاهراتهم المطالبة بالإفراج عن السجناء آتت ثمرتها غير مرة ولذا فلا غرابة أن يكرروها؛ ولو استقبلتهم الحافلات من جهة ونقلتهم إلى مكان بغيض من جهة أخرى لما أعادوها.

وتتعامل الحكومة مع المواطنين الشيعة تعاملاً ناعماً للغاية، فأي جرم لدى الحكومة أعظم من تفجير مبنى الأمريكان في الخبر، أو الاعتداء على أمير من العائلة الحاكمة في نجران، أو رسوخ الاعتقاد لدى الشيعي بانتفاء الشرعية عن الحكم والحاكم، أو مد الجسور المتينة مع دولة معادية والرجوع إليها ديانة وتعبدا؟ ومع ذلك فكل هذه الحوادث مرت على الشيعة والباطنية برداً وسلاما، ولو كان الفاعل في واحد منها سني لكان علاجه الأغلب أن يعلو الحسام مفرقه!

وينقم الشيعة على الحكومة إقصاءهم من المناصب، وهذا الأمر ليس صحيحاً على الإطلاق، وليس خاصاً بالشيعة وحدهم. فالمناصب الكبرى مثلاً شبه محجوبة عن المتدينين من أهل السنة مع صدق ولائهم، والمناصب الدينية العامة لا يعقل أن تكون المرجعية فيها للأقلية، والمناهج الدراسية لطيفة القول في مذهب الرفض، وللشيعة محاكم خاصة بهم، ولو أنهم قارنوا وضعهم بالمقهورين من المسلمين مواطني الجمهورية الإيرانية لعلموا يقيناً أنهم في بحبوحة يحسدون عليها.

وأما إعلامنا فصفحته القاتمة ضد السواد الأعظم من أهل البلاد يقابلها صفحة بيضاء رقيقة تجاه الشيعة والباطنية، فلم يهزأ إعلامنا بدين الشيعة، ولم يسخر مهرجونا من رموزهم، مع أن في تراث الشيعة وفي أقوال معاصريهم مادة دسمة للاستظراف. ولم يستعد الإعلام السلطات على علماء الشيعة وجمعياتهم، بل إن ليبرالينا -وهم أعداء للمنطلقات الدينية- يجدون متعتهم في القرب من الشيعة وملاليهم وحفلاتهم، وأي بلاء أنكى من تعاون أهل النفاق مع الباطنية والمبتدعة؟

وفي توقيت هذا الشغب ريبة واضحة، فاليمن في خاصرتنا مضطرب وشر الحوثيين باق لم ينقمع بعد، والبحرين عادت إليها المظاهرات وإشغال المملكة عنها مطلب مهم للشيعة، وإيران وسوريا تتوعدان المنطقة بالإحراق بعد تصاعد المد الشعبي المناهض للحكم النصيري في بلاد الشام، فضلاً عن أن الموسم الميمون على الأبواب وحجاج بيت الله الحرام يستعدون لقصد الأماكن المقدسة، وللشيعة الروافض مكر كبار تجاه مكة والمدينة -حماهما الله-، وما أحداث البقيع والأنفاق والبراءة الكاذبة عنا ببعيد.

وقد طالب البيان الرسمي عقلاء الشيعة أن يكون لهم موقف واضح تجاه هؤلاء المخربين، وهو مطلب طبيعي إن كان العقلاء من علماء الشيعة ودعاتهم ومفكريهم يغلبون المصلحة العامة على المكاسب الفئوية، وإن كان الوطن أولى عليهم من المرجعية والجمهورية المتربصة على أطراف الخليج، وإن كان لديهم الاستعداد لردع المفسدين دون ابتزاز الحكومة. وإذا لم يكن شيء من ذلك فليعلم العاقل والأحمق منهم أن هذه الجزيرة مسلمة سنية سلفية وإن رغمت أنوف عربية وأعجمية، وأما مَنْ لم يرتدع من مثيري القلاقل فلا مناص من كسر شوكتهم، فالبعير يكوى من يسير الداء، وإذا كانت قوات درع الجزيرة قد هبت لنجدة البحرين فإقليمنا الشرقي بأهله ونخيله ونفطه وبره وبحره أولى!

ومع كل ما يقال عن الشيعة، ومع بغضنا لبدعهم وضلالاتهم؛ إلا أن المنهج الشرعي يقتضي العدل مع القريب والبعيد، ومع الموافق والمخالف، وهو مطلب العقلاء من كل فئة، وهو أساس للحكم وبقاء الدول، ولا جدال في وجوب العدل مع الأقلية؛ بيد أنه واجب أكثر إلحاحاً مع الأكثرية، حتى لا نكون كمن خاف البعيد فقربه، وأمن الصديق فأبعده، وكانت العاقبة زيادة العداوة وضمور الصداقة.

المصدر: لجينيات
 

 

 

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات