مختصر خطبتي الحرمين 3 من ربيع الأول 1438هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

ألقى فضيلة الشيخ أسامة بن عبد الله خياط - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "وجوب الحفاظ على الدين"، والتي تحدَّث فيها عن أهم المهمات وأوجَب الواجِبات، وهو: حِفظُ المُسلم لدينِه أمام الشُّبُهات والأباطِيل، مُبيِّنًا ما يلزَمُ كلَّ مسلمٍ ومسلمةٍ من آليَّاتٍ ووسائِل في الحِفاظ على الدين، كلٌّ بحسبِه.

 

 

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فاتَّقوا الله - عباد الله -؛ فتقوَى الله خيرُ زادٍ يصحَبُ المرءَ في سَيره إلى الله، وأعظمُ عُدَّةٍ ليومِ الشدَّة، وأرجَى منجاةٍ في أُخراه.

 

وأضاف الشيخ: إنَّ الحياةَ في رِحابِ الدين هي الحِصنُ الحَصين، والدِّرعُ المتين، والرُّكنُ الشديدُ الذي يأوِي إليه المُسلم ويثُوبُ إليه؛ ليحظَى بطِيبِ العيشِ في دُنياه، والسعادَةِ والنجاةِ في أُخراه، ذلك أنَّه الضياءُ الذي يقذِفُه الله في قلبِ المُسلم فينظُرُ إلى الحقائِقِ بنُور الله، فيهتَدي إلى الجادَّة، ويسلَمُ من العِثارِ في سَيرِه إلى الله.

 

وقال حفظه الله: وإن من لوازِم ذلك وضروراتِه: حِفاظَ المسلمِ على دينِه، واعتِزازَه به، وحمايتَه من الزَّيفِ والأباطِيلِ، وصيانَتَه من الأضاليلِ، والتجافِي به عن الفتَن بالنأْيِ عن العقائدِ الفاسِدة، والاتِّجاهاتِ الضالَّة، والمبادِئِ الإلحادية التي تهدِمُ ولا تبنِي، وتُضلُّ ولا تهدِي، وتمحَقُ ولا تُربِي، والتي أصبحَ لها اليوم سُوقٌ نافِقة، وأبواقٌ ناعِقة، وسُبُلُ غوايةٍ ومسالِكُ هدمٍ وتخريبٍ لا مُنتهَى لها، ولا حدَّ يحدُّها، وموجاتُ مدٍّ عاتِية تولَّى كِبرَها دعاةُ ضلالٍ يلبِسون الحقَّ بالباطل بزخرُفِ القولِ وبانتِهاجِ سبيلِ التشكيكِ في كلِّ شيء، حتى في ما استقرَّ في الفِطَر السليمةِ صوابُه، ورسَخَ في النفوسِ القويمةِ صلاحُه، وقامَت على ذلك دلائِلُه وحُجَجُه وبراهينُه، من مُحكماتٍ وقطعياتٍ، مُستخدِمين ما وفَّرَته تقنيَّاتُ العصر، من قنواتٍ ومواقعَ وشبكاتٍ وغيرِ ذلك، أملاً في مدِّ رواقِ الباطل، واغبِرارِ وجهِ الحقِّ.

 

وأكَّد الشيخ أنَّ الحفاظَ على دينِ الله، يستلزِمُ صونَه من شوائِبِ الدَّخيلِ المُبتدَع، الذي لا أصلَ له في كتابٍ ولا سُنَّة، ولا في عمل سلفِ الأمة. ويستلزِمُ أيضًا: حمايتَه مما نسَبَه إليه أهل الغلوِّ أصحابُ فتنةِ التكفير، لينصُرُوا بذلك بِدعَتهم، وليُقوُّوا به باطلَهم، وليُزكُوا به نارَ فتنَتِهم، التي أعقبتَهم جُرأةً على الدمِ الحرامِ لا حُدودَ لها، واستباحةً للأنفُسِ المعصومةِ التي حرَّم الله إلا بالحقِ.

 

 

وبيَّن فضيلته أن الحفاظ على الدين أيضًا يستلزِمُ: حمايتَه وصيانتَه من موجاتِ الإلحاد العاتِية، بالوقوفِ في وجه دُعاتها، وصدِّ باطلهم، وردِّ شُبهِهم، وإماطَة اللِّثام عن وسائلِ كَيدِهم للإسلام عامةً، وللشبابِ وحُدثاءِ الأسنان خاصَّةً، ليردُّوهم عن دينِهم إن استطاعُوا، أو ليلبِسُوا عليهم دينَهم، بما ينشُرُون من دعاوَى، وما يُذيعُون من شُبهاتٍ لا تصمُدُ أمام صَولَةِ الحقِّ المُستندِ إلى الأدلةِ الدامِغةِ لشُبهاتِ الباطل، الهاتِكةِ لأستارِه، الكاشفةِ لعُواره.

 

وقال وفقه الله: حمايةُ جَنابِ الدين من غلوِّ الغالِين، وتأويلِ الجاهِلين، وانتِحالِ المُبطلين من أوكَدِ الواجِباتِ وأهمِّ المهمات، حتى يبقَى وجهُ الدين مُشرِقًا مُسفِرًا عن بهاءٍ وجمالٍ، وحتى يبقَى مَعينُه مغدِقًا في صفاءٍ وكمال.

 

وختم الشيخ خطبته بالتأكيد على أن الإسلام منصور، وأنَّ من أعظمِ ثمار حفاظِ المرءِ على دينِه، وحمايتِه له، وذَودِه عنه: أن يكونَ المسلمُ موصُولاً بربِّه، مُستشعِرًا معيَّتَه، غيرَ عابِئٍ بكَيدِ أهلِ الأرض جميعًا ومكرِهم، مُعتزًّا بأن الله حسْبُه ومولاه، فلا يرضَى أن يُسامَ خُطةُ خسفٍ تُستذلُّ بها كرامتُه، أو يُحَطُّ بها من قَدره، أو تُستباحُ بها حُرماتُه. فهو مُستيقِنٌ أن ما شاءَ الله كان، وما لم يشَأ لم يكُن، ومُستيقِنٌ حقَّ اليقين أن ذلك الدين هو الدينُ الحقُّ، الذي جاءَ به رسولُ الهُدى - صلواتُ الله وسلامُه عليه - من ربِّه، فأخرَجَ به العبادَ من الظُّلماتِ إلى النور، وهو الدينُ الذي كتبَ الله له الخلودَ والظهورَ، وعدًا حقًّا لا يتخلَّفُ ولا يتبدَّلُ، (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33].

 

 

المدينة المنورة:

ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من الغفلة"، والتي تحدَّث فيها عن الغفلةُ، مُبيِّنًا معناها وقسمَيها: غفلةُ الكافر والمنافق، وغفلةُ المُؤمن، وأوضحَ كيفية النجاة منها، من خلال آياتِ القرآن الكريم، وأحاديثِ النبي الأمين - عليه الصلاة والسلام -.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فاتَّقُوا اللهَ بفعلِ كل عملٍ يرضَاه، والبُعد عن كل عملٍ يُبغِضُه ويأبَاه؛ فتقوَى اللهِ سعادةُ الدينا، والفوزُ بجنَّة الخُلد في الأُخرى، فطُوبَى لمن تمسَّك بها.

 

وأضاف الشيخ: إنَّ أعظمَ أمراض القلوب: هي الغفلَة، فالغفلةُ المُستحكِمةُ هي التي شقِيَ بها الكفارُ والمنافقون، وهي التي أوجَبَت لهم الخلودَ في النار، قال الله تعالى: (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [النحل: 106- 108].

 

وقال حفظه الله: وقد تكونُ الغفلةُ من المسلم عن بعضِ أعمالِ الخير، وعن الأخذِ بأسبابِ المنافِعِ والنجاةِ من الشُّرور، فيفُوتُه من ثوابِ الخير بقَدر ما أصابَه من الغفلَةِ، ويُعاقَب بالمكرُوهاتِ والشرِّ بقَدر غفلَتِه بتَركِ أسبابِ النجاة.

 

وعرّف فضيلته الغفلة فقال: هي: عدمُ إرادةِ الخيرِ قَصدًا، وعدم محبَّتِه مع خُلوِّ القلبِ من العلمِ النافِع، والعملِ الصالح، وهذه هي الغفلة التامَّةُ المُهلِكة، وهي غفلةُ الكفارِ والمنافقين، التي لا يُفلحُ المرءُ معها إلا بالتوبةِ إلى الله.

ولا يتَّبِعُ الإنسانُ - إذا استولَت عليه - إلا الظنَّ وما تهوَاه نفسُه، ويُزيِّنُه له شيطانُه، ويُحبُّهُ هواهُ من الشهَوَات.

 

وقال وفقه الله: وهذه الغفلةُ هي التي عاقَبَ اللهُ بها الكفارَ والمنافقينَ في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179]، وقال تعالى: (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) [الأعراف: 135]، وقال تعالى: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) [يونس: 92]. وقال عن المنافقين: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يُبصِرُون، وقال - سبحانه -: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [مريم: 39].

 

وأكد الشيخ أن: غفلة الكفارِ والمنافقين غفلةٌ مُستحكِمةٌ تامَّة، تُخَلِّدُ صاحبَها في النار، وهي عدمُ إرادةِ الخير قصدًا، وعدمِ محبَّتِه، وخلُوُّ القلبِ من العلمِ النافِع والعملِ الصالح، مع اتِّباعِ الهوى. قال الله تعالى: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].

 

وقال وفقه الله: وأما غفلةُ المسلم، فهي غفلةٌ عن بعضِ الأعمالِ الصالحة التي لا يُضادُّ تركُها إسلامَه، أو الوقوعِ في بعض المعاصِي التي لا تُكفِّر، والغفلةِ عن عقوباتِها. والغفلةُ من المسلمِ شرٌّ عليه كبيرٌ، وضرَرٌ خطيرٌ، تُورِدُه المَهالِك، وتسُدُّ عليه من الخيرِ مَسالِك. وللغفلة مضارٌّ كثيرة، وشرورٌ مُستطِيرة، قال الله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر: 19]، وقال تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [التوبة: 67]، وقال - عزَّ وجل -: (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف: 205].

 

وأشار الشيخ أن من أسوأ الغفلة: الغفلَة عن تعلُّم أركانِ الصلاةِ وواجِباتها يقَعُ الخللُ في الصلاة. وبالغفلَةِ عن تذكُّرِ صلاةِ الجماعة، يجُرُّ إلى التساهُلِ في الجماعة. وبالغفلَةِ عن ثوابِ الزكاة، والغفلَةِ عن عقوبةِ مانِعِها، يكونُ التفريطُ في أدائِها.

 

وبيَّن فضيلته أن بالغفلَة عن تذكُّر عقوباتِ عقوقِ الوالدَين، يقتَرِفُ الولدُ العقوقَ، فيحِقُّ عليه ما قال عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وثلاثةٌ لا يدخُلُون الجنة: العاقُّ لوالدَيه، والدَّيُّوثُ، والرَجِلَةُ من النساء» (رواه النسائي والحاكم، وقال: "إسنادُه صحيحٌ" عن ابن عُمر).

 

وبالغفلَةِ عن عقوبةِ قطِيعَةِ الرَّحِم، يقَعُ الوعيدُ على القاطِع، في حديث جُبَير بن مُطعِمٍ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخُلُ الجنةَ قاطِع» (رواه البخاري).

 

وبالغفلَةِ عن عقوباتِ الظُّلم، يكثُرُ الظلمُ في الأرض، فيُسفَكُ الدم، ويُؤخذُ مالُ الغَير، ويُعتدَى على الأعراض، ويصيرُ العمران خرَابًا، والأرضُ يَبابًا، ويهلِكُ الحرثُ والنَّسلُ، وينتشِرُ الخوفُ، ثم تنزِلُ العقوبةُ بالظالِم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليُملِي للظالم، حتى إذا أخَذَه لم يُفْلِتْه»، وقرأَ الآيةَ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102] (رواه البخاري ومسلم من حديث أبي مُوسى).

 

وأكد الشيخ أن الغفلَة مِفتاحُ شُرور، ويُحرَمُ بها المسلمُ من كثيرٍ من الأجُور، وما يدخُلُ النقصُ على المسلم إلا من بابِها، فالنجاةُ منها هي السعادةُ، والبعدُ عنها رُقِيٌّ في درجات العبادة، والحذَرُ منها حِصنٌ من العقوبات في هذه الدنيا، وفوزٌ بالنعيم بعد الممات. ولا يكون الاعتِصامُ من الغفلَةِ والنجاة منها، إلا بالابتِعاد عن أسبابِها، وعدم الرُّكُون إلى الدنيا، التي تغُرُّ المرءَ عن آخِرَته.

 

وختم الشيخ خطبته بذكر الوسائل التي تنجي من الغفلة فقال: ومما يُعينُ المسلمَ على تجنُّب الغفلَةِ: المُحافظةُ على الصلواتِ جماعةً، بخشُوعٍ وحضورِ قلبٍ، فالصلاةُ تتضمَّنُ حياةَ القلوب.

 

ومما يُنْجِي من الغفلَة: ذِكرُ الله على كل حالٍ؛ فالذِّكرُ يُحيِي القلوبَ، ويطرُدُ الشيطانَ، ويُزكِّي الروحَ، ويُقوِّي البدنَ على الطاعاتِ، ويُوقِظُ من نوم النسيانِ، ودوامُه يحفظُ العبدَ من المعاصِي.

 

ومما يحفظُ العبدَ من الغفلَةِ: تلاوةُ القرآن؛ ففيه العجائِب، وفيه الرغائِب، وفيه شفاءُ القلوب، وفيه الحثُّ على كل خيرٍ، والزَّجرُ عن كل شرٍّ.

 

ومما يحفظُ العبدَ من الغفلَةِ: مُجالسةُ العلماءِ والصالحين؛ لأنهم يُذكِّرون بالله، ويُعلِّمُون العلمَ الشرعيَّ.

 

ومما يُنجِي من الغفلَةِ: الابتِعادُ عن مجالس اللَّهو والفسقِ وجليسِ السوءِ، ومما يُنجِي من الغفلَةِ: معرفةُ حقارةِ الدنيا وزوالِها، وعدم الاغتِرار بزخرُفِها عن الآخرة؛ فهي التي صدَّت أكثرَ الناس عن الآخرة، واتِّباع الهُدى.

 

ومما يُنجِي من الغفلَةِ: مُجانبةُ الذنوبِ والمعاصي؛ فكلُّ معصيةٍ وقَعَ فيها العبدُ كان ذلك بسببِ الغفلةِ.

 

وإن من أعظَم ما يُنقِذُ المُسلمَ من الغفلَة وآثارِها الضارَّة: ذِكرَ الموتِ وما بعدَه، فهو واعِظٌ بليغٌ، مُشاهَدٌ مسموعٌ، يقينٌ طعمُه، قريبٌ لقاؤُه، واقِعٌ أمرُه. ومن أكثَرَ من ذِكرِ الموتِ صلُح قلبُه، وزكَا عملُه، وسلِمَ من الغفلَةِ، وعند الموتِ يفرَحُ المؤمنُ، ويندَمُ الفاجِرُ ويتمنَّى الرجعةَ، وهيهَاتَ أن يُستجابَ له، قال الله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 100]. وعُمرُ الإنسان ما مضَى في الطاعاتِ، وما مضَى في المعاصِي فهو خسارةُ عُمره.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات