اقتباس
بَنَوا الصوارِفَ عن بيتِ الله؛ من مشاهدَ ومقاماتٍ وأضرِحة، واصطَنَعُوا لها فضائِل، واختَرَعُوا لها أُجورًا، ولم يستجِب لهم إلا من أضلَّه الله على علمٍ أو على جهلٍ، واستنُّوا بسُنَّةِ أبرهة في بَعثِ البُعوثِ للإلحادِ في الحرَم، وتخريبِ ما يمكن تَخريبُه. فانقطَعَت بهم السُّبُل، وأعجزَتهم الحِيَل، وردَّ الله كيدَهم إلى الوسوسةِ والتَّهديد، والإشاعةِ والتخويفِ، ولم تَثْنِ تلكَ الهجماتُ الإعلامية حُجَّاجًا ومُعتمرين، ولم يصرِفُوا بها زائِرِين ولا مُتعبِّدين.
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "دروس من الحجِّ"، والتي تحدَّث فيها عن الحجِّ وتوفيقِ الله تعالى عباده لأداء مناسِك الحجِّ في أمنٍ وأمانٍ واطمِئنانٍ، مُبيِّنًا أسبابَ ذلك، كما ذكرَ أبرزَ علامات قبول الحجِّ؛ بل وكل عبادةٍ سِواه.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].
وأضاف الشيخ: بيتُ الله وحَرَمُه، وشعائرُه ومُقدساتُه، لم تزَلْ من الله في مأمَن، وعليها منه لاحِظٌ وحافِظ، يُسخِّرُ الله لحفظِها الإنسَ والطيرَ والجماد، ومن آياتِ اللهِ السالفات، وأيامهِ الخالِدات: حِمايتُه لبيتِه من غزو أبرهة وأفيالِه، وقد خلَّد اللهُ ذكرَ الفيل، وأهمَلَ صاحبَه هوانًا له، وإطفاءً لذكره. ولم يزَل في كل عصرٍ أبرهة، كما أنه لم يزَل لحمايتها في كلِّ وقتٍ أبابيل، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال: 30].
وقال حفظه الله: وكان صاحبُ الفيلِ قبل غزوتِه المشؤومة قد بنَى بيتًا ليصرِفَ الناسَ عن بيتِ الله، وكذلك فعَلَ أشباهُه والمتَّبِعُون سبيلَه؛ فقد بَنَوا الصوارِفَ عن بيتِ الله؛ من مشاهدَ ومقاماتٍ وأضرِحة، واصطَنَعُوا لها فضائِل، واختَرَعُوا لها أُجورًا، ولم يستجِب لهم إلا من أضلَّه الله على علمٍ أو على جهلٍ، واستنُّوا بسُنَّةِ أبرهة في بَعثِ البُعوثِ للإلحادِ في الحرَم، وتخريبِ ما يمكن تَخريبُه. فانقطَعَت بهم السُّبُل، وأعجزَتهم الحِيَل، وردَّ الله كيدَهم إلى الوسوسةِ والتَّهديد، والإشاعةِ والتخويفِ، ولم تَثْنِ تلكَ الهجماتُ الإعلامية حُجَّاجًا ومُعتمرين، ولم يصرِفُوا بها زائِرِين ولا مُتعبِّدين.
وأكد الشيخ أن نجاح موسمِ الحجِّ نصرٌ يفرحُ به المؤمنون، ولا يكرَهُه إلا المنافقون، إنَّه نعمةٌ من الله لها أسبابُها الشرعية، وسُننُها الإلهية، لا بدَّ من التوقُّفِ عندها ذِكرًا وتدبُّرًا واتِّباعًا؛ فأولُ ذلك: هو إخلاصُ مقصدِ الحجِّ لما شُرعَ له، وهو التوحيدُ، وإعلاءُ ذِكرِ الله تعالى دون سواه، وإخلاصُ الدعاء والعبادةِ له - سبحانه - وحده.
وبيَّن الشيخ أن شِعار الحج التكبيرُ والتلبِية، وكلُّها تعظيمٌ لله وتوحيد، فلا يُذكَر مع اللهِ أحدٌ، ولا يُدعَى من دونه أحدٌ، وإن الإصرارَ على إخلاصِ الحجِّ من كل شائِبةٍ تُناقِضُ هذا المقصِدَ هو من توفيقِ اللهِ تعالى، وحِفظِه لهذا البيتِ وقاصِدِيه. فلا دعوةَ لغير الله، ولا تعظيمَ إلا لما عظَّمَه الله، وليس الحجُّ ميدانًا للمُزايَداتِ السياسية، والمُناكَفَاتِ والخصومات، وسيظلُّ موسِمُ الحج هانِئًا، ما دام سالِمًا من تلك الشوائبِ والمُحدَثات.
وأشار الشيخ إلى أهمية اتباع السنة فقال: لقد أدَّى الحَجيجُ مناسِكَهم، فلا طوافَ إلا كما طافَ، ولا سعيَ إلا كما سعَى، ولا وقوفَ ولا رميَ ولا إقامةَ ولا نَفرَة إلا كفعلِه - عليه الصلاة والسلام -، وهذا ليس مُختصًّا بالحجِّ فحسب؛ وإنما يشمَلُ الدينَ كلَّه.
وقال وفقه الله: لقد ترَكَنا النبي - صلى الله عليه وسلم - على المحجَّةِ البيضاءِ ليلُها كنهارهِا، لا يزيغُ عنها إلا هالِك، وكتابُ ربِّنا وسُنةُ رسوله - صلى الله عليه وسلم - قائِمةٌ بيننا، إليهما المرجِعُ والتحاكُم، وقد مضَى النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابتُه الكرامُ عليها بعد خَتم الرسالة وتمام الدين، فما لم يكن يومئذٍ دينًا فليس هو اليومَ بدِين، وما لم يشرَعه النبي - صلى الله عليه وسلم - مُبلِّغًا عن ربه فليس بشريعةٍ.
وأضاف الشيخ: إن الإسلامَ وهو دينُِ الوسطِ واليسر، قد علِقَ به من الشوائِبِ ما غطَّى بهاءَه وصفاءَه، وفرَّقَ المسلمينَ وشتَّتَهم، والأدهَى من ذلك: إثارةُ الغُبارِ على عامَّةِ المسلمين، بتمزيقِهم وتحزيبِهم، وجَعلِهم فِرقًا وشِيَعًا، مما يُؤكِّدُ أن في داخل الأمةِ أدواءً لا تقِلُّ خطورةً عن ضررِ أعدائها من الخارج. وإنَّ تَنَقُّصَ علماء الأمة، السائِرِين على منهجِ سلفِها الصالح هو طعنٌ في صحابةِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتابِعِيهم، وفي علماءِ الإسلام، وأئمةِ الفقه وتلامِذَتهم.
وأكد فضيلته أنَّ الواجبَ هو وَأدُ كلِّ خلافٍ يشُقُّ صفَّ المسلمين، ويُفرِّق جمعَهم، فليست الأمةُ في حال رَفاهٍ يسمَحُ لها بمزيدٍ من التدابُرِ والتقاطُع، ومن سعَى في تفريقٍ وعَزلٍ فهو المعتزِلُ لوحده، وهو النادُّ عن جماعةِ المسلمين، ويبقَى عمومُ المسلمين في دائرةِ الإسلام والوحدة، يجمعُهم كتابُ الله وسُنةُ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قِبلتُهم واحدة، ودينُهم واحد، وكتابُهم واحد.
وأكد الشيخ أن الحجَّ مسيرةُ أمنٍ وسلام، فلا نِداء إلا بتوحيدِ الله، ولا دُعاء إلا لله، ولا هُتافَ إلا بالتكبير، جلَّل ذلك صِدقُ القائمين على الحجِّ ورعايةِ الحُجَّاج، والحبُّ المبذولُ لكل المسلمين، أيًّا كانت أجناسهم ولغاتهم، وهو رسالةٌ لكلِ العالم أن هذا الدين وشعائِرَه رحمةٌ وعدلٌ وأمنٌ وسلام، وأنَّ الإسلامَ والمسلمين بُرآءُ من مسالكِ العنفِ والإرهاب، والإقصاء والعداء. إن هذا الأمنَ الذي امتَنَّ الله به على ساكِنِي حرمِه، فأطعمَهم من جُوعٍ، وآمَنَهم من خوفٍ هو سببٌ رئيسٌ لنجاحِ الحجِّ وسلامتِه.
وسيبقَى الحجُّ، وتبقَى شعائِرُ الله شِعارًا للتوحيدِ، ومُوافِقةً سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشِعارًا للوحدة والأمن، والرحمة والسلام، وعبادةً خالصةُ لله ربِّ العالمين. وإذا أراد الحاجُّ أن يرجِعَ إلى بلدِه، فيجِبَ عليه أن يطُوفَ بهذا البيتِ طوافَ الوداع.
وختم الشيخ خطبته بالحث على مداومة العمل الصالح فقال: ولئِن انقضَت هذه الأيامُ الفاضِلةُ، فإن عُمرَ المؤمن كله خيرٌ، هو مزرعةُ الحسنات، ومَغرِسُ الطاعات، والمؤمنُ لا يزيدُه عمرُه إلا خيرًا، وعبادةُ الله لا يحُدُّها زمانٌ ولا مكانٌ، ومِعيارُ القبول هو إخلاصُ العامل لله، ومُتابعتُه رسولَ الله، وفضلُ اللهِ واسع. ومن علامة قبول الحسنة: الحسنةُ بعدها، وعلامةُ الحجِّ المبرُور أن تعودَ خيرًا مما كنتَ، ومن طهُرَت صحيفةُ عمله بالغفران، فليحذَر العودةَ إلى دنَس الآثام؛ فالنكسةُ أشدُّ من الجُرح، وليكن من الخيرِ في ازدِيادٍ، فإن ذلك من علامة القبول.
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "صُور من الشرك الأكبر"، والتي تحدَّث فيها عن الشركِ والتحذيرِ من مسالِكِه ووسائلِه وذرائِعِه، مُبيِّنًا بعضَ أبرز صُور الشركِ الأكبر المُخرِج من مِلَّة الإسلام.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].
وأضاف الشيخ: أعظمُ الموبِقاتِ، وأظلمُ الظلمِ، وأكبرُ الجرائِم: الشركُ بالله - جلَّ وعلا -، من وقَعَ فيه تردَّى، ومن ماتَ عليه صارَ إلى نارٍ تلظَّى، (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) [المائدة: 72]. ورسوُلنا - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «من ماتَ وهو يدعُو من دونِ اللهِ نِدًّا دَخلَ النار» (رواه البخاري). ويقولُ - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: «من لقِيَ الله يُشرِكُ به شيئًا دخلَ النار».
وأكد الشيخ أن من رَامَ الفوزَ والنجاة، وابتَغَى الخيرَ والزكاة، فليكُن على حَذَرٍ من الشركِ ووسائلِه ومظاهرِه وذرائِعه، حتى يصيرَ آمِنًا مُطمئنًّا، دُنيا وأخرى، يقول - جل وعلا -: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام: 82]. ويقولُ رسوُلنا - صلى الله عليه وسلم -: «فإن الله حرَّم على النارِ من قال: لا إله إلا اللهُ يَبتغي بذلكَ وجهَ الله».
وقال حفظه الله: ألا وإن من صُورِ الشِّرك وأصولِه: أن تُعَظِّمَ مخلوقًا أيًّا كانت مرتَبتُه، وإن كان نبيًّا مُرسَلاً ومَلَكًا مُقرَّبًا، أن تُعَظِّمَه كتعظيمِ الله، أو أن تعتقِدَ أن له بعضَ الخصائِص الإلهية، ورسوُلنا - صلى الله عليه وسلم - يُقرِّرُ هذا الأصلَ بقوله: «لا تُطرُوني كما أطرَت النصارَى ابنَ مريم، إنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبدُ الله ورسوله».
وإن من أمثلةِ هذا الأصل: أن تحلِفَ - أيُّها المخلوق - بغيرِ الله مُعَظِّمًا المحلُوفَ، كتعظيمِ اللهِ - جل وعلا -، فذلك شركٌ أكبر، مُحبِطٌ للعمل، وإلا فإن جرَى ذلك على اللسان من غيرِ قصدِ التعظيمِ للمحلُوف، فهو شِركٌ أصغر أعظمُ من الكبائر.
وقال وفقه الله: ومن صورِ الشركِ الأكبرِ المُحبِطِ للعملِ، المُخلِّد في نار جهنَّم: اعتقادُ أن غيرَ الله - جل وعلا - له تصرُّفٌ في الكون، وأنه ينفَعُ ويضُرُّ من دون الله - جل وعلا -، ولذا فمن اعتقَدَ في سببٍ ما أنه مُؤثِّرٌ بنفسِه، كمن يلبَسُ حِرزًا، أو يضعَه في بيته، مُعتقِدًا أنه في نفسِه جالِبٌ للنفع، دافِعٌ للضرِّ فذلك شركٌ أكبر، (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ) [يونس: 107].
وأكد فضيلته أنَّ من صُورِ الشركِ الأكبر التي تقعُ عند القبور: ما يفعَله بعضٌ من الجُهَّال من التوجُّهِ للموتَى، يسألُونَهم تفريجَ الهُمُوم، وكَشفَ الغُمُوم، ويطلُبُون منهم قضاءَ الحاجات، ويرجُونَ منهم رَفعَ الكُرُبات، فذلك من أقبَح الشرك باللهِ، المُخالِفِ لدعوةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
فمن الضلالِ العظيم، والشركِ المُبين: أن يعكُفَ المخلوقُ عند قبرِ ميتٍ لا يملكُ لنفسِه نفعًا ولا ضرًّا، يسجُدُ له، أو يطوفُ بقبرِه، أو يذبَحُ له، أو يدعُوه ويرجُوه، فتاللهِ ذلكم هو الإفكُ العظيمُ، والشركُ الجَسِيم، (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) [الأحقاف: 5]، ويقولُ - سبحانه -: (وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ) [يونس: 106].
وبيَّن الشيخ أن من أعظمِ الخسران: أن يتَّخِذَ أحدٌ ملجَأً غير الله - جلَّ وعلا -، كلما وقعَ في ورطةٍ، أو حصَلَ له مصيبةٌ نادَى: يا فلانٌ! وهذا فيه نِسيانٌ للقادرِ العظيم، الربِّ الرحيم، وذلكَ هو محضُ الشرك. فكُن - أيها المسلم - عبدًا مُخلِصًا لربِّك، في دعائِك ورجائِك، وخوفِك ومحبَّتِك، وتضرُّعِك وتذلُّلِك، (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162، 163].
وأشار الشيخ إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حرِصَ على تعظيمِ حقِّ الله العظيم، ألا وهو التوحيدُ الخالِصُ له - سبحانه -، وقام - عليه الصلاة والسلام - بكلِ وَسيلةٍ تحفَظُ جنابَ هذا الحقِّ، وتصُونُ حِمَاه. روَى مالكٌ في "الموطأ"، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهمَّ لا تجعَلْ قبري وَثَنًا يُعبَدُ، اشتدَّ غضَبُ اللهِ على قومٍ اتَّخَذُوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ».
فكن - أيُّها المسلم - على حَذَرٍ من هذه المصائبِ العظيمة، والمُوبِقاتِ الجَسيمة، واعلَم أن الشيطانَ بالمرصادِ، يُزيِّنُ للعبادِ الشركَ وذرائِعَه، ويصُدَّهم عن التوحيدِ وصفائِه.
وختم الشيخ خطبته ببيان معنى العبادة وشمولها وأنها حق لله فلا تصرف لغيره، فقال: العبادةُ حقٌّ خالِصٌ لله - جل وعلا -، أولُ أمرٍ يُطالِعُك في المصحف: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 21]، ورسولُنا - صلى الله عليه وسلم - يقول: «وحقُّ الله على العبادِ: أن يعبُدُوه ولا يُشرِكُوا به شيئًا».
والعبادةُ: اسمٌ جامِعٌ لما يُحبُّه الله ويرضَاه، من الأقوال والأفعال الظاهرة؛ كالصلاةِ، والزكاةِ، والصومِ، والحجِّ، وسائرِ المأمورات، والباطنةِ؛ كالخوفِ، والمحبَّةِ، والخشيةِ، والرَّجاء، فمن صرَفَ شيئًا من ذلك لغير الله فقد أشركَ بالله - جل وعلا -.
فاحذَر - أخي المسلم - من ذلك أشدَّ الحَذَر؛ فهو أعظمُ خطرٍ وأقبَحُ ضرَر، (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [النساء: 48].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم