اقتباس
ليلةُ العِتق والمُباهاة .. ليلةُ القُرب والمُناجاة .. ليلةُ الرحمة والغُفران .. ليلةٌ هي أم الليالي، كثيرةُ البركات .. عزيزةُ الساعات .. القليلُ من العمل فيها كثير، والكثيرُ منه مُضاعَف. ومن رحمةِ الله بعبادِه أن أخفَى عليهم علمَ ليلةِ القدر ليكثُر عملُهم في طلبِها في ليالِي العشر بالصلاة والذكر والدعاء، فيزدادُوا قُربةً من الله وثوابًا، وأخفاها اختِبارًا لهم، ليتبيَّن بذلك من كان جادًّا في طلبِها حريصًا عليها، ممن كان كسلانَ مُتهاوِنًا؛ فكل ليلةٍ حرِيَّةٌ بليلةِ القدر، وأرجاها ليالِي الوِتر، وأرجاهنَّ ليلة سبعٍ وعشرين، وفي كل ليلةٍ لله عُتقاءُ من النار.
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "ختام شهر رمضان"، والتي تحدَّث فيها عن حُسن الختام لهذا الشهر المُبارك شهر رمضان، وما يجبُ على المُسلم من الإقبالِ على الله تعالى فيه، والحرصِ على كل لحظةٍ من لحظاتِه وساعةٍ من ساعاتِه في طاعةِ الله - جل وعلا -، والذكر والدعاء وقراءة القرآن، مُبيِّنًا بعضَ الأحكام التي تهمُّ كل مُسلم في آخر الشهر؛ من زكاة الفِطر، وأحكام عيدِ الفطر وبعضِ آدابِه.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فلم تزَل الوصيةُ بالتقوَى هي خيرُ الوصايا، وهي العُدَّةُ في الرَّزايا، (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].
وأضاف الشيخ: شهرُكم الكريمُ الذي امتنَّ الله عليكُم بأيامِه وليالِيه قد فرطَت أيامُه وتقضَّت ساعاتُه، ولم يبقَ منها إلا أيامُ الوداعُ، ثلاثٌ ليالٍ أو أربع، كقطَرات ماءٍ يتصابُّها صاحبُها .. ثلاثُ ليالٍ أو أربع ثم هو مُودِّعٌ ومُودَّع، وبما قدَّم فيه من عملٍ مُستودَع، إلا أن ما بقِيَ من الشهر هو خيرُه وأرجاه، وأعظمُه وأبهَاه. ففيه أرجَى الليالِي لليلةِ القدر، وفيه ليالِي العِتقِ من النار، ولآخر ليالِي رمضان هيبةٌ لا تُضارَع، فالاعتِمادُ كلُّ الاعتِماد إنما هو على رحمةِ الله وحدِه.
وقال حفظه الله: ولأنه شهرٌ مُباركةٌ ساعاته وأيامه، ولأن بركةَ الله لا مُنتهَى لها ولا حدّ، فامتاحُوا من بركة الشهر ما بقِي، وتزوَّدوا من ساعاته ما لم تزَل؛ فإنكم لا تعلَمون أيَّ ساعةٍ تحِلُّ عليكم فيها سعادةُ الأبَد، ولا اللحظةُ التي تطوِيكُم فيها رحَمَاتُ الله، ويتفضَّلُ عليكم بالقَبول. فاجعَلوا ما بقِيَ من ساعات الشهر وليالِيه مطايا إلى رِضوان الله، فاشترِ نفسَك اليوم ما دامَت السوقُ قائِمة، والبضائِعُ رخيصَة، وسيأتي يومٌ لا تصِلُ فيه إلى قليلٍ ولا كثير، ذلك يوم التغابُن.
وأكد الشيخ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتهِدُ في غيره، ويجتهِدُ في العشر الأواخِر منه ما لا يجتهِدُ في غيرِها، فيعتكِفُ فيها، ويشُدُّ مئزَرَه، ويُحيِي ليلَه، ويُوقِظُ أهلَه.. وما ذاك إلا لفضلِ هذه الليالي، ورغبةً في مُوافقةِ ليلةِ القدر التي شرَّفَها الله تعالى وباركَ فيها؛ فهي الليلةُ التي يُفرقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم، وهي الليلةُ التي نزلَ فيها القرآنُ العظيم، ويكثُرُ نزولُ الملائكة فيها، لكثرةِ بركتِها، ونزول الرحمة فيها، وهي سلامٌ للمُؤمنين من كل مخُوفٍ، لكثرةِ العُتَقاء فيها من النار، والسالِمين من العذابِ، وعبادةُ المُسلم لله في هذه الليلة خيرٌ من عبادةِ ألفِ شهرٍ فيما سِواها من الليالي.
وأكَّد الشيخ أنها ليلةُ العِتق والمُباهاة .. ليلةُ القُرب والمُناجاة .. ليلةُ الرحمة والغُفران .. ليلةٌ هي أم الليالي، كثيرةُ البركات .. عزيزةُ الساعات .. القليلُ من العمل فيها كثير، والكثيرُ منه مُضاعَف. ومن رحمةِ الله بعبادِه أن أخفَى عليهم علمَ ليلةِ القدر ليكثُر عملُهم في طلبِها في ليالِي العشر بالصلاة والذكر والدعاء، فيزدادُوا قُربةً من الله وثوابًا، وأخفاها اختِبارًا لهم، ليتبيَّن بذلك من كان جادًّا في طلبِها حريصًا عليها، ممن كان كسلانَ مُتهاوِنًا؛ فكل ليلةٍ حرِيَّةٌ بليلةِ القدر، وأرجاها ليالِي الوِتر، وأرجاهنَّ ليلة سبعٍ وعشرين، وفي كل ليلةٍ لله عُتقاءُ من النار.
وبيَّن فضيلته أن: القيام مع المُؤمنين نعمةٌ عظيمةٌ في هذه الليالِي، تُحيِي العزيمة، وتُذكِي الهمَّة، قُرآنٌ يُتلَى، ورُكوعٌ وسُجودٌ ودُعاء، وربٌّ كريم. طُولُ القيام يحتاجُ لمُجاهَدةٍ وصبرٍ، ومن تأمَّل عددَ الساعات التي فرطَت منه طُول العام لم يرَ قيامَه هذه السُّويعَات قليلاً. تذكَّر بطُول قيامِك طُولَ القيامِ بين يدَي الله يوم العرضِ، فخفِّف ذاك بإطالةِ هذا. أما طولُ السُّجود، فأخرِج لله حاجاتِك ورغبَاتِك ورهبَاتِك، فإنه قريبٌ مُجيب.
وقال وفقه الله: وللعبدِ بين يدَي الله موقِفان: موقِفٌ بين يدَيه في الصلاة، وموقِفٌ بين يدَيه يوم لقائِه. فمن قامَ بحقِّ الموقِف الأول هُوِّن عليه الموقِفُ الآخر. فأحسِنُوا الخِتامَ، ختمَ الله لنا ولكم بالحُسنى، وألِحُّوا على الله بالدعاء فإنه يُحبُّ المُلِحِّين. تضرَّعُوا لله وارجُوه، وتملَّقُوا بين يدَيه - سبحانه - واستغفِرُوه، اطلُبُوا خيرَي الدنيا والآخرة لأنفُسِكم ولأهلِيكم وقرابَتِكم، ولبلادِكم ولمن ولاَّه الله أمرَكم، ولمن يُدافِعون عنكم على ثُغور بلادِكم، وللمُسلمين.
وأضاف الشيخ: إن الله تعالى قد شرعَ لكم في خِتام شهرِكم: زكاةَ الفِطر، وهي واجِبةٌ بالإجماع على القادر عن نفسِه وعمن يعُول، كما أنها وجهٌ مُشرِقٌ في محاسِنِ هذا الدينِ العظيمِ؛ حيث العيدُ للغنيِّ والفقير، والواجِدِ والمُعدَم، وحتى يكون عيدًا فلا بُدَّ أن يفرَحَ الجميع. ويُسنُّ إخراجُها عن الحمل ولا يجبُ. ووقتُها من قبل العيدِ بيومٍ أو يومين إلى ما قبل صلاةِ العيد. فاحرِصُوا على أدائِها - رحِمكم الله - لمُستحقِّيها، ومِقدارُها: صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ، أو طعامٌ من غالبِ قُوتِ البلد؛ كالبُرِّ والأرز، وتُخرَجُ في بلد الصائِمِ ويجوزُ نقلُها لبلدٍ أهلُه أكثرُ حاجةً.
وختم الشيخ خطبته بالتذكير ببعض أحكام صلاة عيد الفطر فقال: أدُّوا صلاةَ العيد مع المُسلمين، واصحَبُوا إليها أولادَكم ونساءَكم؛ فهي شعيرةٌ ظاهرةٌ من شعائِرِ المُسلمين. ويُسنُّ التكبيرُ ليلةَ العيد وصَبيحَةَ العيد حتى يدخُل الخطيب، ويُجهَرُ بالتكبيرِ في الأسواقِ والطُرُقات، فأعيادُ المُسلمين تميَّزت عن أعياد الجاهليَّة بأنها قُربةٌ وطاعةٌ لله، وفيها تعظيمُ الله وذِكرُه بالتكبير في العيدَين وحُضور الصلاة في جماعة، وتوزيع زكاة الفِطر، وإظهار الفرَح والسُّرور على نعمةِ الدينِ ونعمةِ تمامِ الصيام. فابتهِجُوا بعيدِكم، واشكُرُوا اللهَ على التمامِ، واسأَلوه القبولَ وحُسنَ الخِتام؛ فالعيدُ هبةُ الله لعبادِه، ليفرَحوا وليُوسِّعوا على أنفُسِهم وأهلِيهم.
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي -حفظه الله- خطبة الجمعة بعنوان: "وداع شهر رمضان"، والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان وأيامه الأخيرة ووجوب اغتِنامها، مُبيِّنًا فضلَ هذه الأيام والليالي، وأن من قصَّر فيما مضَى فليجتهِد فيما بقِي، لعلَّ الله تعالى يتقبَّلُ منه، والأعمالُ بالخواتِيم.
واستهل فضيلته خطبته بنصح المصلين بتقوى الله قائلاً: فاتقوا الله الذي خلقَكم وبسطَ لكم من فضلِه؛ فربُّنا أهلٌ أن يُتَّقى، وأهلٌ أن يُرجَى، بيدِه الدنيا والأخرى، ما خابَ من عبَدَه ورجاه، وما أفلحَ من كفرَ نعمَه واتَّبعَ هواه.
وأضاف الشيخ: هذا شهرُكم سيِّدُ الشهور، غشِيَتكم فيه من الله الرحمة، وتمَّت عليكم فيه النعمة. شهرٌ أنزلَ الله فيه القرآنَ العظيم، وهو أعظمُ رحمةٍ وأعظمُ نعمة؛ فبه يسعَدُ السُّعداء، ويُحرَمُ العمل به الأشقِياء، والقرآنُ الكريم هو أعظمُ مُعجِزةٍ لنبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، ما سمِعَه أحدٌ يعلمُ معانِيَه إلا آمنَ بصدقٍ ويقينٍ ومحبَّةٍ، وما كفرَ أحدٌ به إلا باستِكبارٍ وعنادٍ وإعراضٍ، ففازَ المُؤمنون، وخابَ وشقِيَ المُعرِضون.
وأكَّد الشيخ أن هذا القرآن العظيم له سُلطانٌ على القلوب، وتأثيرٌ على النفوس في رمضان وفي غيره، ولكن سُلطانَه وتأثيرَه في رمضان أشدُّ وأقوَى، بسبب أن الروحَ تصفُو بالصومِ وأنواعِ العبادات، فتُقبِلُ على القرآن وتتنعَّمُ به، وتضعُفُ موادُّ الشرِّ في البدَن بضعفِ مادَّة الشُّرورِ ومُجانبَةِ المُحرَّمات، فتقوَى الروحُ على الهوَى ونوازِعِ الشيطانِ. فأكثِروا من تلاوة هذا الكتاب في أيامِكم الباقِية، وتدبَّرُوه، فما نزلَ هذا القرآنُ المجيدُ إلا ليرحمَكَم به الله.
وبيَّن فضيلته أن من تتبَّع الآيات والأحاديث تبيَّن له بغايةِ البيان أن السعادةَ كلَّها ترجِعُ إلى تلاوةِ القرآن العظيم والعملِ به، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 29، 30]، وقال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: 156]. وعن ابن عباسٍ: قال رجلٌ: يا رسولَ الله! أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الحالُّ المُرتحِلُ». قال: وما الحالُّ المُرتحِل؟ قال: «الذي يضرِبُ من أولِ القرآن إلى آخره، كلما حلَّ ارتحَلَ» (رواه الترمذي). ومن عمِلَ بالقرآن فهو من أهل القرآن ولو لم يكُن حافِظًا، ومن لم يعمَل بالقرآن فليس من أهل القرآن ولو كان حافِظًا.
وقال حفظه الله: وقد نزل القرآنُ العظيمُ لغايتَين عظيمتَين، ومهمتين كبيرتَين:
أولاهما: حفظُ الإنسان من ظُلم نفسِه؛ فأعدَى الأعداء للإنسان نفسُه وهواه، وظُلم الإنسان لنفسِه بالتوجُّه بالعبادات التي هي حقُّ الله إلى التقرُّب بها إلى المخلُوق، بدُعائِه أو رجائِه أو طلبِ نزول الخيرات، ودفع الشُّرور والمُهلِكات من المخلُوق، أو الاستِعانةِ به، وظُلمُ الإنسان لنفسِه باتباع ملذَّاته المُحرَّمة، وتضييع الفرائِض.
وأضاف الشيخ: والغايةُ الثانيةُ للقرآن الحكيم: حفظُ الإنسان من ظُلم أخيهِ الإنسان في دمِه أو مالِه أو عِرضِه؛ بل حرَّم القرآنُ ظُلمَ الحيوان، فالظلمُ شرٌّ كلُّه، وما هلكَ فردٌ أو أمةٌ إلا بالظلم والبغيِ، قال الله تعالى: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) [الكهف: 59]، وقال تعالى: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت: 40].
وقال وفقه الله: وجاء القرآنُ في رمضان لنشر العدلِ والإحسانِ، ودفعِ الفساد، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]. ومن أعظم الظُّلم والعُدوان وأخبَثه: بخسُ الناس حُقوقَهم المعنوية، وإلغاءُ فضائلِهم، وحسَدُهم على ما أعطاهم الله من النِّعَم، وانتِقاصُ كرامتهم، بفعلٍ أو قولٍ يحطُّ من منزلتهم ورُتبتهم، ويغمِطُ مواهِبَهم.
وأكَّد الشيخ أنه إذا كان هناك سعيٌ لمنعِ حقٍّ معنويٍّ عن مُؤهَّلٍ لذلك الحق، كان هذا أعظمَ من الظٌّلم في الدرهم والدينار، وفي هذه الحال لا تسأل عن ضَرَر المحسُود الموهوب بسبب الظُّلم والحسَد، وقد يتضرَّرُ بضرره من لا يُحصِيهم إلا الله، وويلٌ لمن كثُر خُصماؤُه في الحقوق المعنويَّة المنُوعِ منها المُؤهَّلُون لها. فما أعظمَ رحمة الله بحماية الإنسان بالقرآن المُنزَّل في رمضان من جميع أنواع الظُّلم والعُدوان، والبغي المعنويِّ والماديِّ، قال الله تعالى: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) [الأعراف: 85].
والبخسُ المعنويُّ أشدُّ ظُلمًا وأشقُّ على النفوسِ البريئة.
وقال تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [المطففين: 1- 6].
ولذَّةُ بغيِ الحسَد ساعة، والنَّدامةُ إلى قيامِ الساعة.
وقال حفظه الله: من أحسنَ في هذا الشهر فيما مضَى، فليحمَد الله وليزِد في الاجتِهاد، ومن فرَّط فليتُب، وليختِم شهرَه بخيرٍ، فالأعمالُ بالخواتِيم، وليسأل كلُّ مُسلمٍ حُسنَ الخاتِمة دائمًا. عن البراء بن عازبٍ - رضي الله عنه - قال: أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ مُقنَّعٌ بالحديد، فقال: يا رسولَ الله! أُقاتِلُ أو أُسلِم؟ قال: «أسلِم ثم قاتَلَ». فأسلمَ، فقاتلَ ثم قُتِل، فقال - عليه الصلاة والسلام -: «عمِلَ قليلاً وأُجِر كثيرًا» (رواه البخاري ومسلم).
فانظُر حُسن الخاتِمة وخاتمة العمل، قال الله تعالى: (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة: 223].
وختم الشيخ خطبته ببيان بعض أحكام زكاة الفطر فقال: فرضَ الله زكاةَ الفِطر طُهرةً للصائِمِ، وجبرًا لما حصلَ في الصوم. عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ قال: "فرضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صدقةَ الفطرِ صاعًا من بُرٍّ، أو صاعًا من شَعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زَبيبٍ، أو صاعًا من أقِط". ويُجزِئُ أن تُخرَج من قُوت البلد؛ كالأرز، والذرة، والدخل، ونحو ذلك. ومِقدارُه ثلاثة كيلو إلا شيئًا. وتُخرَجُ عن الكبير والصغير، والذَّكَر والأُنثَى، ويجوزُ إخراجُها قبل العيدِ بيومٍ أو يومَين، والأفضلُ قبل الصلاةِ إن تيسَّر. ويُسنُّ ليلةَ العيد كثرةُ التكبير إلى خُروجِ الإمام، لقول الله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم