اقتباس
هذا نسيمُ القبول هبَّ.. هذا سيلُ الخير صبَّ.. هذا بابُ التوبةِ مفتوحٌ لمن أحبَّ. فيا باغِيَ الخيرِ! أقبِل.. ويا باغِيَ الشرِّ! أقصِر. هذا شهرُ التوبة قد أناخَ بساحتِكم، ونزل بباحَتِكم، وهو عن قريبٍ راحِلٌ عنكم، شاهِدٌ لكم أو عليكم. فاعمُروا نهارَه وليلَه بما يُقرِّبُكم من رِضوانِ الله وجنَّته، ومغفرتِه ورحمتِه وكرامتِه. فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتهِدُ في غيره"...
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "رمضان وتحصيل التقوى"، والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان والهدفُ من تشريعه، وهو: تحصيلُ تقوى الله تعالى، وحثَّ فيها على اغتِنام أوقاتِه وساعاته في كل ما يُرضِي الله تعالى من أعمالٍ صالحاتٍ، واجتِنابِ الآثامِ والمُوبِقات.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: إن خيرَ ما استكَنَّ في الجَنان، وثَرَّ به اللسان: الوصيةُ بتقوَى الرحيم الرحمن؛ فبتقوَى الله تحصُلُ البركات، وتندفِعُ الفوضَى والهلَكَات.
وأضاف الشيخ: هذا موسِمُ الصوم قد أشرقَت ولادتُه، وتألَّقَت بين الأنام إطلالتُه، وقد كانت الأعناق ترقُبُه، وأشواقُ أهل الإيمان تستشرِفُه .. كيف لا، وهو شهرُ رمضان دُرَّة الأزمان. ها هي أمَّتُنا الإسلاميةُ تنعَمُ بعبَقِ شهرها الخالِد، وأيامِها الفيحَاءِ التوالِد، وتتفيَّؤُ خيرَه الوارِف المُزدانِ بأسنَى المطارِف، وترشُفُ رحيقَه، وتنهَلُ ريَّاه، وتستلِي أنوارَه، وتتملَّى بديعَ مُحيَّاه.
وقال حفظه الله: فهو شهرٌ تبلَّجَ بيُمنِه الصباح، وتأرَّجَت الأمصارُ بعبَقِه الفوَّاح .. ربيعُ الذاكرين .. وأُنسُ العابِدين .. وروضةُ القاصِدين .. معينٌ ثرَّارٌ للمُتنافِسين .. ومنهَلٌ بالتُّقَى عذبٌ يرِدُه العُبَّادُ المُتسابِقُون. تفيضُ أيامُه بالقُرُبات والسُّرور، وتُنيرُ ليالِيه بالآيات المتلُوَّات والنور.
وقال وفقه الله: ضيفُكم الكريمُ هو الفرصةُ السانِحة، والصفقةُ الربَّانيَّةُ الرابِحة للتزوُّد للدار الآخرة بالأعمال الصالِحة، وليس إلى مرضاةِ الرحمن كبيرُ مشقَّةٍ واقتِحامُ عناءٍ، إن راقبَ المُسلمُ نفسَه وأولاها الحزمَ والاعتِناء، وبادرَ إلى الطاعة دون تلكُّؤ أو وَناء، مُعتبِرًا بمن كانوا بيننا في العام الماضِي وقد سرَت بهم المنايا القواضِي.
وحث فضيلته على التنافس في العمل الصالح فقال: فالبِدارَ البِدارَ إلى فضلِ الله الممنُوح، قبل فواتِ الرُّوح. أجهِدوا أنفسَكم أن يكون عهدُ التوانِي منسُوخًا، وزمنُ التسويفِ مفسُوخًا؛ فمن أخلدَ للتوانِي حصَدَ الأوهامَ والأماني، وخيرُ الدُّرَر ما صحَّ عن سيِّد البشر - عليه الصلاة والسلام -. عن أم المُؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم - يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتهِدُ في غيرِه" (رواه مسلم).
وأكد الشيخ أن صيام نهار رمضان، وقيامُ ليلِه طريقُ السعادة والسُّرور، والبهجَة والحُبُور. في "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «للصائِمِ فرحتَانِ يفرحُهما: إذا أفطرَ فرِحَ، وإذا لقِيَ ربَّه فرِحَ بصومِه».
وما دعا عبدٌ ربَّه إلا أجابَه، ولم يُوصِد دونَه بابَه.
يقول - عليه الصلاة والسلام -: «إن للصائِمِ عند فِطرِه لدعوةً ما تُردُّ» (أخرجه ابنُ ماجَه).
وحث الشيخ على المسارعة في الخيرات فقال: فيا باغِيَ الخيرِ! أقبِل .. يا باغِيَ الخيرِ! أقبِل .. حيَّهلاً بمن اختارَ الخيرَ من نواحِيه وأطرافِه، ولزِمَ المعروفَ من قواصِيه وأكنافِه، وكان ديدَنُه الذكرَى والترتيلَ والصدقةَ، والاستغفارَ والتوبةَ والنفقةَ.
ونبه الشيخ إلى ضرورة حفظ الجوارح فقال: ألا فلتجعَلوا لجوارِحكم زِمامًا من العقل والنُّهَى، ورقيبًا من الورَع والتُّقَى، حِفظًا للصيام عن النقصِ والانثِلام. فأيُّ غناءٍ في أن يدَعَ بعضُ المسلمين طعامَه وشاربَه، ثم يركَبُ الصعبَ والذَّلُولَ للآثام والمُوبِقات، والمعاصِي والمُنكَرات، لا يرُدُّه من الدينِ وازِع، ولا ينزِعُ به من حُرمةِ الشهر نازِع. وتحذيرًا للوالِغين في هذا المكرَع الآسِنِ وتنبيهًا: يقولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رُبَّ صائِمٍ ليس له من صيامِه إلا الجوعُ والعطَش، ورُبَّ قائِمٍ ليس له من قيامِه إلا السهرُ والتعَب» (أخرجه النسائي وابن ماجه).
وتساءل فضيلته: وهل مقاصِد الصيام العِظام - يا أمة خير الأنام - عليه الصلاة والسلام - إلا تهذيبُ النفوس وترقِيَتُها، وزمُّها عن أدرانِها وتزكِيَتُها؟! وذلك هو المُرادُ الأسمَى، والهدفُ الأسنَى من شِرعَة الصيام، إلا وهو: التقوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].
يقول الإمام ابن القيِّم - رحمه الله -: "الصيامُ لِجامُ المُتقين، وجُنَّةُ المُحارِبين، ورياضةُ الأبرار والمُقرَّبين". فالصيامُ تُرسٌ للمُسلم من الخطايا والأوزار، ولأَمَةٌ دون التلطُّخ بالأدران والأكدار، وجُنَّةٌ واقِيةٌ من لهيبِ النار، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «الصيامُ جُنَّةٌ يستجِنُّ بها العبدُ من النار» (أخرجه الإمام أحمد في "مسنده").
وأشار الشيخ إلى أنه مع شديدِ الأسَى والأسَف، ضلَّ أقوامٌ عن مسالِكِ الرشاد، في هذه الأيام الغُرِّ المُبارَكة، فصامُوا عن الطعام والشرابِ، وما صامُوا عن فضائيات الفسقِ والمُجُونِ، ومُشاهَدة فُنون الفُتُون، ومجالسِ الغِيبَة والنميمةِ والبُهتان، ومُنتديَات ومواقِعِ الشائِعات، والطُّعون والاتهامات.
وتساءل فضيلته: أين آثارُ الصيام الهَتُون؟! أين أنوارُ القيام في مُقَل العيُون؟! أما حلَّقَت بكم أشواقُ الأرواح إلى سِماكِ الإخباتِ والسَّكينة، وقُنَنِ الطُّهر والطُّمأنينة؟! أين اغتِنامُ الشهر بأيامهِ وليالِيه؛ بل بدقائقِه وثوانِيه؟! إنكم لن تبلُغُوا من رمضان مُرامَكم إلا إن أولَيتُم فضائلَه ومقاصِدَه اهتمامَكم.
وأكد الشيخ أنها مُناشَدةٌ جهيرَة في مطلَع هذا الشهر العظيم، أن يتنادَى المُسلمون جميعًا إلى التواصِي بالحقِّ والخيرِ والتعاوُن على البرِّ والتقوَى.
وطالب فضيلته بوضع ميثاق شرف إعلامي فقال: يا حملَة الأقلام .. ورجال الإعلام! هلمُّوا إلى عقدِ ميثاقٍ أخلاقيٍّ مهنيٍّ، يصُونُ المبادئَ والقيَم، ويحرُسُ المُثُل والشِّيَم، ويُعلِي صرحَ الفضيلَة التي انتحَبَت من الوأد غِيلَة، ويصُونُ هيبَة أيام الصيام وليالِيه العِظام. هلُمُّوا إلى التصدِّي للحملات الإعلاميَّة المُغرِضَة ضدَّ دينِكم وبلادِكم، وضدَّ الإسلام ونبيِّه وكتابِه وبلادِه، ورموزِه ورجالاتِه، وأن يُفعَّلَ الإعلامُ الإسلاميُّ من حيِّز التنظيرِ والنجوَى إلى واقعِ الحِراكِ والجدوَى.
وأكد الشيخ أن التوجيه موصولٌ إلى الآباء والأمهات كرامِ الأصول أن يتَّقوا الله في تربيةِ البنين والبنات، فيُجلُّوا عن صفَحات عقولِهم ومرائِي قلوبِهم الانهِزاميَّةَ والتبَعيَّة، ولوثَات المشارِبِ الفكريَّة، والمآربِ الأخلاقيَّة والسلُوكيَّة، والإرهابِ والأعمال التطرُّفيَّة. ويغرِسُوا فيهم الفضائل الدينية، والآداب الإسلاميَّة، والسُّنَّة السنيَّة. وأن يصُونوهم عن تمزيقِ الأوقاتِ المُبارَكات في ذَرعِ الأسواقِ والطُّرُقات، والتسمُّر أمامَ القنوات والفضائيَّات.
وأكد الشيخ كون شهر الصيام رافِدًا أساسيًّا لصدقِ الانتِماء، وحقيقةِ الالتِزام؛ فإن أمَّتَنا لا تزالُ عطشَى إلى الوعيِ النافِذِ بمكائِدِ الأعداء، وتحديَات الألِدَّاء، الذين يتقحَّمون الزُّورَ والبَهيتَة، والفِرَى العفِنَةَ المقيتَة، ولا يتورَّعُون عن الأكاذِيب العِظام، ولو كانت في حقِّ صفوَة الأنام.
وحذر فضيلته من الإشاعات قائلاً: إنه يجدُرُ بكل مُسلمٍ غيُورٍ - ونحن في شهر الصيام - ألا ينساقَ خلفَ الشائِعات، وخصوصًا ممن ألِفَها وجعلَها من العادات، وأن يعملَ ليلَ نهار ممن يعمَلُوا ليلَ نهار على زرعِ الإرهابِ والطائفيَّة في الأمة الإسلاميَّة، ويستغِلَّ الشعائِرَ الدينية لتحقيقِ أطماعٍ سياسيَّة، ومآرِبَ دُنيويَّة.
وأكد الشيخ أنه لجديرٌ بنا أن نُترجِمَ مقاصِدَ هذا الشهر العظيم بإخلاصِ العبادةِ لله وحدَه لا شريكَ له، وتحقيقِه في كلِّ عباداتنا وشعائِرِنا، وأن تجتمِعَ كلمتُنا، وتتوحَّدَ صفوفُنا، وتتآلَفَ قلوبُنا، وأن ننبُذَ الفُرقةَ والاختلافات والانقِسامات لتحقيقِ الأُمنِيات، وتجاوُز الأزمَات والتحديَات.
وأشار الشيخ إلى ضرورة تذكر معاناة المسلمين في كل مكان فقال: يا أمةَ المِليار! يا من تجمعُها شِرعةُ الإمساكِ والإفطار! إنه لحَرِيٌّ بنا أن نحُلَّ قضايا أمَّتنا، ونُعالِجَ آلامَنا، وأن نستشرِفَ مصائِرَنا وآمالَنا، في عزَّةٍ وإباء، وشُموخٍ وإعلاء. فرمضانُ شهرُ النصر والعزَّة والتمكين. لاسيَّما قضيَّة فلسطين والمسجِدِ الأقصَى الحزين، والحدُّ من استِمرار العُدوان الصهيونيِّ الغاشِمِ على الأرض المُبارَكة وأكنافِها.
وحث على تذكر معاناة أهل الشام واليمن والدعاء لهم فقال: وكذا ضرورةُ إحلالِ الأمن والوَحدَة في بلاد الرافِدَين وبلاد الشامِ التي زادَ التقتيلُ فيها والإجرام، والحِصارُ والرَّزايا العِظام، من قِبَل جحافِلِ البطشِ والاستِبداد، وكواسرِ الطُّغيان والإفساد، في أبشَع انتِهاكٍ للحقوق الإنسانيَّة، وأوضَع انتِهاكٍ للأعرافِ الدوليَّة. وفي اليمن السعيد وما أدراك ما اليمنُ السعيدُ الذي يتجرَّعُ أهلُه مُرَّ المذاق، وأحوالُه تُهيجُ عبَرَاتِ الأحداق، فإلى دروبِ التحريرِ والنصر والعِزِّ، يا أهلَ اليمن وتعَز! وأين نحن من مُسلمِي بُورما وأراكان الذين استقبَلُوا شهرَ القرآن بالإبادة والتشريد، والطُّغيان والتهجيرِ ومزيدِ الوعيد.
وختم الشيخ خطبته بالتذكير بأن الإسلام دين منصور فقال: ولكنَّ الله ناصِرٌ أولياءَه، ومُتبِّرٌ أعداءَه، وإن طالَ الدُّجَى زمنًا فارفَعوا أكُفَّ الضراعَةِ لكم ولأهلِيكم وأمَّتِكم، وألِحُّوا عليه -سبحانه- بالدعاء، وارفَعوا إليه الشكوَى والنداء أن ينصُرَ إخوانَكم المُستضعَفين والمُشرَّدين والمنكُوبين والمُحاصَرين والمأسُورين والمُضطهَدين في كل مكان، وأن يُفرِّج كروبَهم وهُمومَهم، ويكشِفَ شدائِدَهم وغُمومَهم. كما نتذكَّرُ - بحمدِ الله وفضلِه - نعمةَ الله علينا في هذه البلادِ المُبارَكة بالأمنِ والأمانِ، وما ينعَمُ به المُعتمِرُون والزائِرون من أجواءٍ إيمانيَّةٍ وأمنيَّة، وتسهيلاتٍ خدميَّةٍ وتنمويَّةٍ، كلُّ ذلك بفضلِ الله، ثم ما تبذُلُه هذه الدولةُ المُبارَكة في خدمةِ الحرمين الشريفين وقاصِدِيهما. جعلَه الله في موازين أعمالهم الصالحة.
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "موعظة رمضان"، والتي تحدَّث فيها عن المُسلمين الذين شهِدوا رمضان الماضي وهم الآن بين الموتَى، وكيف يعملُ العبدُ لهذه اللحظة التي ستمرُّ على كل حيٍّ، مُذكِّرًا بوجوب استغلال كل وقتٍ في هذا الشهر المُبارَك.
واستهل فضيلته خطبته بنصح المصلين بتقوى الله قائلاً: اتَّقوا الله بالسعي إلى مراضِيه، واجتِنابِ معاصِيه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].
وأضاف الشيخ: هنيئًا لكم بلوغُ شهر رمضان؛ فبلوغُه نعمةٌ جليلةٌ، وإحسانٌ كبيرٌ، وعطاءٌ عظيم. وكم من طامعٍ في بلوغِه وما بلغَه، وكم من مُؤمِّلٍ إدراكَه وما أدركَه! أين من كانوا معنا في رمضان الماضِي؟!
وحث فضيلته على اغتنام هذه المنحة وعدم الغفلة عنها فقال: يا غافِلاً يتمادَى.. غدًا عليه يُنادَى.. حتَّامَ لا ترعوِي وتنتهِي.. حتَّام سمعُك لا يعِي لمُذكِّرٍ.. وصميمُ قلبِك لا يَلينُ لعاذِلِ. فبادِرِ الموتَ.. وحاذِرِ الفوتَ.. وحاذِر ضياعَ رمضان بين العجز والكسل، وتصرُّم ساعاته بين أجهزة اللهو والغفلة، والشرِّ والفتنة، وذهابَ أوقاته في الإثم والحُوبِ.
وأكد الشيخ أن هذا شهرٌ يُطلَقُ فيه العَاصِي، ويُفكُّ فيه العانِي، ويُعتَقُ فيه الجانِي، ولله عُتقاءُ من النار وذلك كل ليلة. فلا تكُن ممن أبَى.. وخرجَ رمضانُ ولم ينَل فيه الغُفرانَ والمُنَى.
وقال حفظه الله: هذا نسيمُ القبول هبَّ.. هذا سيلُ الخير صبَّ.. هذا الشيطانُ تبَّ.. هذا بابُ التوبةِ مفتوحٌ لمن أحبَّ. فيا باغِيَ الخيرِ! أقبِل.. ويا باغِيَ الشرِّ! أقصِر. هذا شهرُ التوبة قد أناخَ بساحتِكم، ونزل بباحَتِكم، وهو عن قريبٍ راحِلٌ عنكم، شاهِدٌ لكم أو عليكم. فاعمُروا نهارَه وليلَه بما يُقرِّبُكم من رِضوانِ الله وجنَّته، ومغفرتِه ورحمتِه وكرامتِه. فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتهِدُ في غيره" (أخرجه مسلم).
وأكد الشيخ على ضرورة تحصين الصيام مما يفسده، فقال: يقول عُمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه -: "ليس الصيامُ من الطعام والشرابِ وحدَه، ولكنه من الكذبِ والباطلِ واللغو".
وعن حفصةَ بنت سِيرين قالت: "الصيامُ جُنَّةٌ ما لم يخرِقها، وخرقُها الغِيبَة".
وختم الشيخ خطبته بالتحذير من مفسدات الصيام فقال: يا مَن تسألُ عن غُبار الطريق، وغربلَة الدقيق، وابتِلاع الرِّيق هل تُفسِدُ الصومَ أم لا؟ يا مَن احترزَ من هذه الأمور اليسيرة! احترِز من كبائر الفواحِشِ والآثام، احترِز من أكل مالِ أخيك المُسلم، وفرْيِ عِرضِه، وغشِّه وظُلمِه، وخديعَته والاحتِيال عليه. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يدَع قولَ الزُّور والعملَ به، فليس لله حاجةً في أن يدَعَ طعامَه وشرابَه» (أخرجه البخاري).
أسرِعوا بالمتابِ، وأقبِلوا على الكريم الوهَّاب، فهذا زمنُ الإياب، (هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) [ص: 42].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم