مختصر خطبتي الحرمين 27 من شعبان 1437هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

شهرٌ مُبارَك، لا يُخلِفُ موعِدَه الذي ارتسَمَه الله له، ولكن الناس هم الذين يُخلِفُون اللَّحاقَ بالرَّكبِ الكرامِ في رحابِه؛ إذ يصومُ الناسُ فيه عن المُفطِّرات، والغِيبَة والنَّميمَة، وقولِ الزُّور، والكِبر والأثَرة، في حين إن آخرين ليس لهم حظٌّ من صيامِه إلا الجوعُ والعطَش. ويقومُ فيه الناسُ لربِّهم مُخبِتين، يتلُون آياتِ الله فيه آناءَ الليل وأطرافَ النهار، يركَعون له ويسجُدون، ويُسبِّحونَه وله يقنُتُون، في حين إن آخرين منهم ليس لهم حظٌّ من قيامِه وتلاوتِه إلا التعبُ والسهرُ.

 

 

 

مكة المكرمة:

 

ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "رمضان شهر القرآن"، والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان وتلك الميزة التي ميَّزه الله بها عما سِواه من الشهور، وهي أنه شهرُ القرآن؛ فقد نزلَ فيه القرآنُ الكريم، مُبيِّنًا عظمةَ هذا الكتاب العظيم، ومدَى تأثيره في قلوبِ الناسِ مُسلمين وكفَّار.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فإن الوصيةَ المبذُولةَ لي ولكم - عباد الله - هي تقوَى الله - سبحانه -.

 

وأضاف الشيخ: في هذه الأيام والليالي تشرئِبُّ النفوسُ وتتُوقُ، وتلهَجُ ألسُنُ الناسُ سرًّا وجهرًا أن يُبلِّغَها ربُّها شهرًا أودَعَ فيه من الخيرات والبركات والرحمات ما لم يودِعه في غيره. إنه شهرُ القرآن والفُرقان وباب الريَّان .. إنه شهرُ ضياء المساجِد، والذكر والمحامِد .. شهرُ التوبة والأوبَة والقُنوت.

 

وقال حفظه الله: لقد هبَّت نسائِمُ هذا الشهر العظيم في الأُفق وهي تحمِلُ في طيَّاتها عبَقًا نشُمُّ نفحَاته مُقبِلةً تزُفُّ البُشرى لأهل الصيامِ والقيامِ والصدقةِ .. إنه عبيرُ رمضان المُبارَك، عبيرٌ يُبهِجُ نفوسًا أزكمَتها ذنوبُ الخلَوات، والتفريط في جنبِ الله في الجلَوات .. إنه عبيرٌ ينسَخُ روائِحَ القسوةِ والدَّعَة والأثَرَة والجفَاء، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 185].

 

وأكَّد الشيخ أنه شهرٌ مُبارَك، لا يُخلِفُ موعِدَه الذي ارتسَمَه الله له، ولكن الناس هم الذين يُخلِفُون اللَّحاقَ بالرَّكبِ الكرامِ في رحابِه؛ إذ يصومُ الناسُ فيه عن المُفطِّرات، والغِيبَة والنَّميمَة، وقولِ الزُّور، والكِبر والأثَرة، في حين إن آخرين ليس لهم حظٌّ من صيامِه إلا الجوعُ والعطَش. ويقومُ فيه الناسُ لربِّهم مُخبِتين، يتلُون آياتِ الله فيه آناءَ الليل وأطرافَ النهار، يركَعون له ويسجُدون، ويُسبِّحونَه وله يقنُتُون، في حين إن آخرين منهم ليس لهم حظٌّ من قيامِه وتلاوتِه إلا التعبُ والسهرُ.

 

وبيَّن فضيلته أن الأمةَ الإسلامية - عباد الله - على موعِدٍ مع كتابِ الله في الشهر الذي أُنزِل فيه، إنهم سيجتَمِعون عليه في صُورةٍ وهيئةٍ لا تتكرَّرُ في غيره، إنهم على موعِدٍ أن يُنصِتُوا لهم جميعًا بسَكينةٍ ووقارٍ وخُشُوعٍ، ليُلامِسَ شِغافَ قلوبهم. إنهم سيَتلُون كتابَ ربِّهم في مشهَدٍ عظيمٍ، ليتأمَّلُوا كلامَ خالقهم الذي أدهشَ العقول، وحيَّر الألباب، وأبكَى العيون، وأحيَى القلوبَ والأفئِدة.

 

وقال وفقه الله: إنه كتابُ الله - عباد الله -، إنه كتابُ الله الكريم الذي من قامَ يقرؤُه بكأنما خاطبَ الرحمنَ بالكلِم، إنه أحسنُ الحديث، وأحسنُ القصص، إنه القرآنُ العظيمُ الذي لو أُنزِلَ على جبلٍ لرأيتَه خاشِعًا مُتصدِّعًا من خشيةِ الله. ألا فليتَ شِعرِي! علام تقسُو القلوبُ أمامَ كتابِ الله؟! علامَ يقرأ القرآنَ أقوامٌ فلا يُجاوِزُ تراقِيَهم، وعلامَ يكثُرُ ضحِكُهم ويقِلُّ بُكاؤُهم؟! ألا يقرؤوا قولَ الله: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ) [النجم: 59- 61].

 

وأكَّد الشيخ أن رمضان شهر القرآن - عباد الله -، وشهرُ التراويحِ التي تسمُو بقلبِ المُهتَدِي .. إن الأمةَ لفِي شوقٍ إلى إحياءِ ليلِ المسجِدِ .. والأُنسِ بالقرآنِ في ليلِنا المُتجدِّدِ. إنه لعجَبٌ عُجابٌ أن ترى من لا تُرهِبُه آياتُ الوَعيد والترهيب، ومن لا تحُضُّه آياتُ الوعدِ والترغيبِ .. عجَبًا لمن يسمعُ آياتِ الله تُتلَى فلا يخشَعُ ولا يُنيبُ، وإنما تدخُلُ من اليُمنى وتخرُجُ من اليُسرى! ألا تعجَبُون - عباد الله - حين يكونُ بعضُ الجنِّ أرشدَ وأرقَّ من بعضِ الإنس، حين استَمَعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأُ القرآن، فرجَعوا إلى قومِهم مؤمنين.

 

وحذر الشيخ من قسوة القلوب فقال: إن القلوبَ إذا غفَلَت قسَت، وإذا قسَت خلَت من دواعِي التدبُّر والخُشوع والإخبات، ولقد صدقَ الله إذ يقول: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24]. أعاذَنا الله وإياكم من القسوَة والغفلَة.

 

وأضاف الشيخ: فاللهَ اللهَ بالبِدارِ فيه بالعمل الصالحِ، واستِقبالِه استِقبالَ المُستبشِرين الفرِحين بفضل الله ورحمتِه، لا استِقبالَ المُتشائِمين المُشاغِبين الذين لا يرَونَ في الشهر إلا أنه موسِمٌ للعبَثِ بما يشِينُ ولا يَزينُ، وما يخدِشُ الحياءَ من لهوٍ مقيت، يدلُّ عل استِهتارٍ بمقام الشهر وحُرمتِه. فإنما هو شهرٌ تُترَكُ فيه عوالِقُ الدنيا وزُخرُفُها .. إنه شهرٌ تُحطُّ فيه الرِّحال، ليجأَرَ الصائِمون فيه إلى الله أن يمحُو ذنوبَهم وإسرافَهم في أمرِهم.

 

وبيَّن الشيخ أن رمضان شهرٌ تُشحَذُ فيه الهِمَمُ العليَّة ليلتفِتَ ذوُوها إلى إخوانٍ لهم في الدين لن يصُوموا كما يصُومون، ولن يُصلُّوا كما يُصلُّون، ولن يُفطِروا كما يُفطِرون، ولن يتسحَّروا كما يتسحَّرون، أثخَنَتهم الحروب، وروَّعَهم الاقتِتال، يفترِشُون الفقرَ، ويلتحِفُون المسغَبَة. ينامُ الصائِمون على صوتِ القرآن، وهم ينامُون على أصواتِ القنابِل والشَّظايا.

 

وختم الشيخ خطبته بالحث على اغتنام أيام رمضان ولياليه في الباقيات الصالحات فقال: ألا فاتَّقُوا الله - عباد الله -، وهلُمُّوا بقلوبِكم الرحيمة، وعواطِفِكم الرَّخيمة إلى استِقبال شهر الجُود بالجُود، وشهرِ القرآن بالقرآن، وشهر الدعاء بالدعاء، وشهر التوبة بالتوبة؛ فإنه قريبُ الوصول لكنه سريعُ الأُفول. لن ينتظِرَ كسلانًا، ولن يُجامِلَ لاهِيًا. شِعارُه للمُغتنِمين: قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا فقد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه»؛ متفق عليه. وشِعارُه للاهِين المُفرِّطين: قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ عليه رمضان، ثم انسلخَ قبل أن يُغفرَ له .. » الحديث (رواه الترمذي وغيرُه).

 

 

المدينة المنورة:

 

ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "كيف نستقبل شهر رمضان؟"، والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان وما خصَّه الله تعالى بالنَّفَحات والخيرات والبركات، وذكرَ ما ينبغي على المُسلم من اغتنام هذه الفُرصة بشُكر الله تعالى على نعمة بُلُوغ الشهر، والإكثار من الأعمال الصالحة التي تُقرِّبُ من رِضوان الله تعالى، وتُباعِدُ عن النار.

 

واستهل فضيلته خطبته بنصح المصلين بتقوى الله قائلاً: فاتقوا الله وأطيعُوه؛ فما شقِيَ بطاعةِ الله أحد، وما سعِدَ بمعصيةِ الله أحد.

 

وأضاف الشيخ: ثِقُوا بوعدِ الله على صالح الأعمال، واجتهِدُوا لحُسن العاقبةِ والمآل؛ فربُّكم شكورٌ عليم، غنيٌّ كريم، يدعوكُم للتقرُّب إليه بما يحبُّ، وهو غنيٌّ عن الطاعات، ويُحذِّرُكم من العِصيان، وهو لا يضُرُّه من أقامَ على المُوبِقات، وكُونوا - أيها الناسِ - على خوفٍ من وعيدِ الله؛ فما نزلَ بأحدٍ إلا أرداه، وما أحاطَ بمُعرِضٍ وغافلٍ إلا عذَّبَه وأشقاه، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى) [طه: 81].

 

وقال حفظه الله: لقد نزلَ بكم موسِمٌ عظيمٌ، وشهرٌ كريمٌ، تتنزَّلُ فيه الخيراتُ والبركات، وتُكفَّرُ فيه السيئات؛ شهرُ رمضان الذي فضَّله الله تعالى.عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيِّدُ الشهور: رمضان، وأعظمُ حُرمةً: ذو الحجَّة» (رواه البزار).

 

وقال وفقه الله: زمنُ رمضان مُبارَك، جمعَ الله فيه العبادات: الصيام مع الصلوات، والزكاة لمن زكَّى فيه، والصدقات، والحجَّ الأصغَر العُمرة، وكثرة تلاوة القرآن، وأنواع الذكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر، وبقيَّة الطاعات لمن أراد أن يستكثِرَ من القُرُبات.

 

وأكَّد الشيخ أن أسباب الخير في شهر رمضان كثيرةٌ ظاهرةٌ، وأسبابُ الشرِّ في رمضان قليلةٌ صاغِرة، ويُحال فيه بين الشياطين وبين ما تُريد من الإفساد والغوايةِ للمُسلم، وصدِّه عن الطاعة. عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا دخلَ رمضان فُتِّحت أبوابُ الجنة، وأُغلِقَت أبوابُ جهنَّم، وسُلسِلَت الشياطين» (رواه البخاري ومسلم).

 

وبيَّن فضيلته أن: أنواع الثوابِ والنعيمِ في الجنة لأنواع الطاعات والعبادات في الدنيا؛ فكل طاعةٍ لها ثوابٌ ونعيمٌ، قال الله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) [الحاقة: 24]. وعن سهل بن سعدٍ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «في الجنةِ بابٌ يُدعَى الريَّان، يُدعَى له الصائِمون؛ فمن كان من الصائمين دخلَه، ومن دخلَه لم يظمَأ أبدًا» (رواه البخاري ومسلم).

 

وأوضح الشيخ أن أعظم تكريمٍ لمن دخلَ الجنة: النظرُ إلى وجهِ الله الكريم، وهو جزاءُ الإحسان بعبادةِ الله كأنَّ المُسلم يراه، قال الله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس: 26]، وفسَّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الزيادةَ بالنظرِ إلى وجهِ الله الكريم، كما في حديث سلمان -رضي الله عنه- الذي رواه مسلم، فالجزاءُ من جنسِ العمل.

 

وأضاف فضيلته: كما أن أنواعَ العذابِ لأنواع المعاصِي؛ فأكل الزقُّوم وشرابُ الحميم جزاءُ أكل الرِّبا والحرام، وشراب المُسكِر والمُخدِّرات. وصبُّ الماء الحار على الرأس جزاءُ الكِبر والتعاظُم على امتِثال الشرع، قال الله تعالى: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان: 43- 49].

فالجزاءُ من جنسِ العمل في الدنيا والآخرة.

 

وأوصى الشيخ بالاستبشار والفرح بقدوم رمضان، فقال: أبشِروا - أيها المسلمون -ببِشارة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابِه برمضان؛ فقد كان يُبشِّرُهم به في آخر شعبان ليستعِدُّوا. فاستقبِلوا هذا الشهر بكل خيرٍ، وأعِدُّوا له العُدَّة. فاستقبِلُوه بالإخلاص لله، والاحتِساب، والفرح الشديد بأن الله بلَّغَكم إياه، قال الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].

 

وبيَّن فضيلته من وسائل الاستقبال فقال: واستقبِلوه بالتوبة من كل ذنبٍ، ليمحُو الله به ما سلَفَ من الذنوبِ. واستقبِلوه بردِّ المظالِم لأهلها، وإعطاء الحُقوق لأهلها؛ ليحفظَ لك ربُّك الحسنات، ويُكفِّر عنك السيئات. وتذكَّر أنه سيأتي يومٌ لا تُدرِكُ رمضان. فكُن مُستعِدًّا للموت وما بعدَه من الأهوال.

 

وأوصى الشيخ بالمحافظة على الصيام فقال: واحفَظ صيامَك من اللغو والرَّفَث، والغِيبة والنَّميمة، وقولِ الباطل، والمعاصِي، والنظر إلى المُحرَّمات. واحفَظ قلبَك من خواطِر السُّوء؛ فإن مداخِل الشيطان على الإنسان هي خواطِرُ السوء. عن ابن عُمر - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رُبَّ صائمٍ حظُّه من صيامِه الجُوعُ والعطش، ورُبَّ قائمٍ حظُّه من قيامِه السهرُ» (رواه الطبراني وقال المُنذِريُّ: وإسنادُه لا بأس به). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يدَع قولَ الزُّور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه وشرابَه» (رواه البخاري وأبو داود والترمذي).

 

وليُعظِّم المُسلمُ ثوابَ صيامه بكثرة الطاعات والقُرُبات في رمضان؛ من تلاوة القرآن، فإن رمضان هو شهرُ القرآن، نزل فيه. وكثرة الذكر، والاستغفار، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكثرتها، والصدقات والهدية ابتِغاء وجهِ الله، وأنواع الإحسان؛ كتعليم العلم، والأمر بالخير، والحثِّ عليه، والنهي عن الشرِّ والتحذير منه. فكثرةُ الطاعات مع الصيام تزيدُ في ثوابِ الصيام. ومن فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجرِه، من غير أن ينقُص من أجرِه شيء.

 

وحث الشيخ على قيام ليالي رمضان فقال: ولا تزهَدَنَّ -أيها المسلم- في التراويح والقيام، ولاسيَّما الاجتهادُ في ليلةِ القدر في العشرِ الأواخِر. وصيامُ رمضان كفَّارةٌ للذنوبِ؛ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صامَ رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه» (رواه البخاري). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قامَ رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه» (رواه البخاري ومسلم).

 

وأضاف الشيخ: احرِص - أيها المسلم - على صلاةِ الجماعة؛ فبها يحفظُ الله العبدَ، ويتولَّى أمورَه، ويُسدِّدُ أحوالَه. ومن ضيَّع الصلاةَ ذهبَت دُنياه وأُخراه، ومُتِّع في الدنيا متاعَ البهائِم، وقِيل له يوم القيامة: ادخُل النارَ مع الداخِلين. وفي الحديث: «من صلَّى العشاءَ مع الجماعةِ فكأنما قامَ نصفَ الليل، ومن صلَّى الفجرَ فكأنما قامَ الليل كلَّه» (رواه مسلم من حديث عُثمان - رضي الله عنه -).

 

وحذر الشيخ من لصوص رمضان فقال: ومما تعظُمُ به الخسارة، ويُحرَمُ به العبدُ الخيرَ: الصيامُ مع ترك الصلاة أو ترك بعضِها، ومن تضييع العُمر وساعاته: السهرُ على اللهو واللعب، أو تتبُّع المواقِع المُفسِدة، ومُشاهَدة المُسلسلات الضارَّة الهابِطة المُدمِّرة للأخلاق، ويعظُمُ الخِذلانُ والخُسرانُ بالاشتِغال بها في هذا الشهر عن القُرُبات.

 

وأوصى رمضان باغتنام شهر رمضان بالتوبة فقال: اجعَلوا لكل ذنبٍ توبة؛ فقد أفلحَ التائِبون، وتعِسَ المُصِرُّون المُذنِبون، قال الله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]. وهذا الشهرُ زمنُ التوبة.

ومن أعظمِ الذنوبِ التي تجبُ التوبةُ منها: شربُ الدخان، فطيِّب فمَكَ - أيها المسلم - من شُربه، وطهِّر فمَكَ منه لذكرِ الله وتلاوةِ القرآن، وتطييبُ رائحتِك للصالِحين المُجالِسين، وللملائكة الكرام الكاتِبين؛ فشُربُ الدخان يُقرِّبُ الشياطين، ويُفسِدُ الدمَ، ويجلِبُ الأمراضَ الفتَّاكة، ويُقصِّرُ العُمر، وقواعدُ الشريعة تُحرِّمُه.

 

وختم الشيخ خطبته بالحث على تبييت نية الصيام من الليل، فقال: اعلَم - أيها المسلم - أن الصيامَ تجبُ نيَّتُه من الليل؛ عن حفصَة - رضي الله عنها -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يُجمِع الصيامَ قبل الفجر فلا صيامَ له» (رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه).

وفي الحديث: «من أفطرَ يومًا من رمضان من غير عُذرٍ لم يقضِه وإن صامَ الدهرَ».

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات