مختصر خطبتي الحرمين 19 ربيع الثاني 1437هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

العلماءُ بالله وبأمره ونهيِه من السابِقين واللاحِقين لا يُذكَرون إلا بالجَميل، فحقُّهم على الأمة عظيم، بمحبَّتهم واحتِرامهم وتوقيرهم والرجوعِ إليهم والأخذ عنهم، وتعظيمُ أهل العلم من تعظيم الدين؛ فهم حمَلَتُه والمُؤتَمَنون عليه، ومن حادَ عن هذا الطريق فقد ضلَّ سواءَ السبيل. وبُغضُهم ومُعاداتُهم نقصٌ في العقل، وانحِرافٌ عن الفِطرة، وذاك مُؤذِنٌ بحربِ الله وعقوبتِه....

 

 

 

مكة المكرمة:

 

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "عِبَرٌ من السيرة النبوية"، والتي تحدَّث فيها عن واقع المُسلمين وأنهم منذ أن كتبَ الله لهذا الدين أن تُشرِق شمسُه من هذه الديار، فقد تكفَّل الله بحفظِه، وقضَى أنه لا تزالُ طائفةٌ منصورةٌ لا يضُرُّها من خذلَها ولا من خالفَها، وقد ذكرَ موقفًا من مواقف السيرة النبوية، وهو (غزوة حمراء الأسد)، وما كان فيها من عزَّة المُسلمين مُتمثِّلةً في قائِدهم الفذِّ - عليه الصلاة والسلام -، وما يُستفادُ منه من العِبر والدروس، كما وجَّه النصائِح بضرورة التمسُّك بهذا الدين والدفاع عنه ضدَّ المُعتَدين، مُشيدًا بجهود المملكة في ذلك.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: وأُوصِيكُم - أيها الناس - ونفسي بما وصَّى الله به الأُمم الغابِرة، كما وصَّى الأمةَ الحاضِرة: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].

 

وأضاف الشيخ: منذ أن أذِنَ الله تعالى لهذا الدين العظيم بأن تُشرِق شمسُه من هذه الديار، وكتبَ أن يبلُغ ما بلغَ الليلُ والنهار، فقد تكفَّل - سبحانه - بحفظِه، وقضَى أنه لا تزالُ طائفةٌ من الأمة منصورة، لا يضُرُّها من خذلَها ولا من خالَفَها، وهم من كانوا على مثلِ ما كان عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه. وأجرَى الله –تعالى- سُنَّة الابتِلاء على أتباعِ الدين العظيم، بدءًا من الرسول الكريم وصحبِه المُبجَّلين، وأتباعِهم إلى يوم الدين، ليميزَ الله المؤمنين ويعلَم الصادِقين.

 

وقال حفظه الله: وكلَّما مضَت عقودٌ بعد زمن النبُوَّة ظهرَ أعداءٌ ومُنافِقون، إما من خارِج الأمة أو من داخلِها، بالقوة والقتال، أو بالفِكر والضلال، لكنَّ الله تعالى يُقيِّضُ من العلماء والحُكَّام من يدفعُ عن دينِه، ويُبصِّرُ الناسَ بالحقِّ، ويرُدُّهم إلى الوِرد الصافِي، ويُمسِّكُهم بالقرآن والسنَّة.

 

وقال وفقه الله: وفي هذا القرن الأخير والذي قبلَه أصابَ الأمةَ ما أصابَها في دينها وقوَّتها، ومن رحمةِ الله أن حفِظَ جزيرةَ العرب، ومهبَط الوحي، ومُهاجَر الرسول، فنشأَت فيه دولةٌ سنِيَّةٌ فتيَّة، وسط صِراعاتٍ عالميَّةٍ وحروبٍ كونيَّة، ونجَّاها الله من فتنِ الحروب، وصِراعات الفِكر والأحزاب. واختطَّت لنفسِها منهجًا وسطًا مُعتدلاً في الدين والدنيا، فجعلَت دستورَها كتابَ الله وسُنَّةَ رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، وتجافَت عن البدع والخُرافات، وأظهرَت للناس صفاءَ الدين. ولم يمنَعها تمسُّكُها بدينِها أن تُشارِك العالَمَ عالَمَه، في السياسة والاقتِصاد، والعلوم والصناعات، والأفكار والحوارات، فمكَّن الله لها، وفجَّرَت كنوزَ الأرض وأغناها، فكانت سنَدَ المظلُوم، ومقصِد العمل والتجارة وطلب الرِّزق. ووصلَت خيراتُها لكل مُحتاجٍ من الدُّول والأفراد، ولا يُنكِرُ ذلك إلا حاسِد.

 

وبيَّن الشيخ أنه ما كان لهذه البلاد أن تحظَى بهذه المكانة إلا بتوفيقِ الله لها بأن أخلصَت التوحيد، وطبَّقَت الشرعَ المجيد، وتوسَّطَت في دينِ الله بعدلٍ وحقٍّ، والتزَمَت قِيَمَ الإسلام الصحيح ومبادِئَه، حتى حظِيَت باحتِرام المُسلمين وشهادتِهم لها بالرِّيادة، مع الخير الكثير في عُموم المُسلمين في كلِّ البلاد، وتآزُرهم معها. وعندما تقعُ الحوادِث فإن المملكة لها مبادِئُها وقِيَمُها الثابتة على الحقِّ والعدلِ، يُعاضِدُها في ذلك أشقَّاؤُها وحلفاءُ الصِّدقِ، وفي الأمة خيرٌ كثير.

 

وأكَّد الشيخ أنه لم تزَل سُنَّةُ الله تعالى تقضِي صِراعَ الحقِّ والباطِل، واختلافَ البشَر وتعارُكَهم، والابتِلاءَ بالشرِّ والخيرِ فتنة، إلا أن الله تعالى لم يُسلِم أولياءَه؛ بل علَّمَهم وأرشدَهم، وجعلَ بين أيديهم كتابًا يستَهدون بهديِه، ويقتبِسُون من نُوره، يجبُ أن يكون مفزَعَهم، وسُنَّةُ رسولِ الله قُدوتَهم، أين ما كانت بلاءاتُهم، وكيفما كانت مواجِعُهم.

 

وأضاف الشيخ: إليكم قبَسٌ من كتابِ الله، وموقفٌ مرَّ على رسولِه وصحبِه، فيه ثباتٌ للمُؤمنين، وعزاءٌ للمكلُومين، وأزرٌ للصامِدين. ففي سُورة آل عِمران عرضَت الآياتُ كفاحَ نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه مع قومِهم من المُشركين، وانتِصار المُؤمنين في بدر، وانكِسارَهم في أُحُد، والابتِلاءات والمِحَن، وأحوالَ المُؤمنين والشهداء، ومواقِف المُنافِقين والأعداء، في مسيرةٍ طويلةٍ تحكِيها الآيات، وتعرِضُها مقرونةً بالعِبَر والعِظات، تُعلِّلُ للأحداث، وترسُمُ السُّنَن، وتدعُو للنظر في الأسباب والعواقِب، وتحُثُّ على اليقين والثبات في المبادئ والمواقِف.

 

وبيَّن الشيخ أن واقعة (حمراء الأسد) فيها درسٌ من دُروس السياسة والعزَّة والفِداء، ذلك أن المُسلمين أصابَهم القرحُ في أُحُد، وحلَّت بهم هزيمة، وقُتِل سبعُون من الصحابة، وتولَّى المُشرِكون وأقامُوا بالرَّوحاء، فخشِيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من طمعِهم في الضَّعف الذي طرأَ على المُسلمين، فيكِرَّ المُشرِكون على المدينة وما فيها من ذَرارِي وأموال. فتحاملَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه، وسارُوا يحمِلون معهم آلامَهم وجِراحَهم، ويضمُّون بين الضُّلوعَ مواجِعَهم ومُصابَهم، ليُبيِّنُوا لعدوِّهم أنهم لم تزَل بهم شوكة، وأن الحِمَى به حِماتُه، ولم ينهزِموا مع جِراحاتهم، وأن الحِمَى إذا لم يُرَ به أسودٌ وطِأَته الثعالِب. فنصرَ الله المُؤمنين، وردَّ كيدَ المُعتَدين.

 

وأكَّد الشيخ أننا نرى تكالُب الشرقِ والغربِ على المُسلمين، ونرى في الوقت نفسِه انبِراء العدوِّ المُتخفِّي، والذي لم يُضيِّع فُرصةً على مرِّ تاريخِه الطويل، من طعنِ الأمة في ظهرِها مُظاهرةً لأعدائِها، وخلخلةً لصُفوفِها من داخلِها، مُستغلاًّ حوادِثَ التاريخ ومظالِم لم تكُن تَعنِيه، ولم تتَّصِل أسبابُها بسببِه. يتَّهموننا بالإرهاب ونحن من اكتوَى بنارِه! إنه التناقُض والظلمُ الصُّراح، الذي يستنهِضُ الأمةَ للدفاع عن نفسِها، مُعتمِدَةً على الله الواحدِ الأحد، وإن كلما نسمعُه ونراه من تغيُّرٍ في السياسات، وتبدُّلٍ في التحالُفات لن يُضيرَنا ما دُمنا مُعتصِمين بمن لا يُبدِّلُ إلا إن بدَّلنا، ومن لا يخذُلُنا إن نحن به التَجأنا، فهو ضمانٌ لنا في الدنيا والآخرة، ولم يخذُل من قصدَه مهما كان الحال.

 

وختم الشيخ خطبته بالإشارة إلى دور المملكة في مد يد المساعدة للأمة فقال: وإن بلادَنا - بحمدِ الله - نُخبًا وعامَّة، على قدرٍ من الوعيِ بما يحدُثُ ويُحاكُ، وقد اعتَدنا على هذه الأحداث التي تُظهِرُ المعدِنَ الحقيقيَّ للعرب في هذه البلاد ومُسلمِيها، فيظهر فيهم عُمقُ التديُّن وصِدقُ التوكُّل، كما تُجلِّي الأُخُوَّةُ الاتِّحادَ، وتدفعُ القيادةَ من الحلمِ إلى الحَزم، في اتِّكاءٍ على الأصل الذي قامَت عليه، وتمسُّكًا بالأساس وهو التوحيدُ والوحدة، والاعتِمادُ على رِجالها وإعداد العُدَّة.

 

 

المدينة المنورة:

 

ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "العلم .. فضائلُه وثِمارُه"، والتي تحدَّث فيها عن العلم وأنه من أعظم العبادات والقُرَب التي يتقرَّبُ بها العبدُ إلى الله تعالى، وقد ذكرَ الكثيرَ من الآيات والأحاديث الدالَّة على فضلِ العلم وفضلِ أهله، وما أعدَّه الله لحمَلَته والساعِين في طلبِه في الدنيا والآخرة.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فاتَّقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى؛ فتقوى الله نورُ البصائر، وبها تحيَا القلوبُ والضمائِر.

 

وأضاف الشيخ: عبادة الله وحدَه هي حكمةُ الخلق والأمر، ولأجلِها بُعِثَت الرُّسُل وأُنزِلَت الكتب، وبها شرفُ الخلق وسعادتُهم وفلاحُهم ونجاتُهم، ومنازِلُ العباد عند الله بحسب منازِلهم فيها، ومن فضلِ الله وكرمِه أن نوَّع العبادات ليُنوِّع لخلقِه اللذَّات، ويُعلِيَ لهم بها الدرجات، وعبادةٌ في الدين عظيمةٌ سابقةٌ لغيرها، ومُصحِّحةٌ لما سِواها، الظافرُ بها فائزٌ، والمُفرِّطُ فيها نادِم.

 

وقال حفظه الله: امتدحَ الله أهلَها وفضَّلَهم لأجلها، تهدِي العبدَ إلى ربِّه وتُنيرُ له دروبَ حياته، كمالُ الإنسان ونجاتُه مُتوقِّفٌ عليها، وما عُبِد الربُّ بمثلِها، فبِها يُعرفُ ويُعبَدُ ويُذكرُ ويُمجَّد، ويُعلمُ حقوقُ الخالِقِ والمخلُوقين، ويُميَّزُ الحلالُ من الحرام. تُؤنِسُ صاحبَها في الخلوَة، وتُذكِرُه عند الغفلة، طلبُها طاعةٌ، وبذلُها قُربةٌ، زينةٌ لأهلها وأمانٌ لأصحابِها، تُنيرُ القلوبَ والبصائِر، وتُقوِّي الأذهانَ والضمائِر، أهلُها للأرض كالنجوم للسماء، فبهم يُقتَدى، وهم زينةٌ للبريَّة وجمالُها، وحصنُ الأمة ودِرعُها، ولولاهم لطُمِسَت معالمُ الدين.

 

وأكد الشيخ أن العلمَ ميراثُ الأنبياء، والوارِثون لعلمِهم خيرُ الخلق بعدَهم، وأقربُ الناسِ إليهم، قال - عليه الصلاة والسلام -: «العلماءُ ورثةُ الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثُوا دينارًا ولا دِرهمًا، إنما ورَّثُوا العلم، فمن أخذَ به أخذَ بحظٍّ وافِر» (رواه الترمذي).

 

وبيَّن الشيخ أن خيار الناسِ أعلمُهم، وأن العلمَ ميزانُ تفاوُت الأعمال ودرجاتها، وبه صلاحُ العلم وزكاتها، ولن تصفُو للمرءِ عقيدتُه ويُحقِّق الإخلاصَ لربِّه إلا بالعلمِ، قال - سبحانه -: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) [محمد: 19]، فبدأَ بالعلمِ قبل القول والعمل.

 

وأشار إلى أن ما دامَ العلمُ باقيًا في الأرض فالناسُ في هُدًى، ومن عبَدَ الله بغير علمٍ كان ما يُفسِدُ أكثرَ مما يُصلِحُ، وما فشَا الشركُ والبدعةُ إلا لقلَّة العلم والبُعد عن أهله، والضلالُ ثِمارُ الجهل، ولذا أمرَنا الله بالاستِعاذة من طريق أهل الضلال في كل ركعةٍ من صلاتِنا: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7]، والله نفَى التسويةَ بين أهل العلم وغيرِهم، فلا يستوُون كما لا يستوِي الحيُّ والميِّتُ، والأعمَى والبصيرُ، قال - سبحانه -: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 9].

 

وأكد الشيخ أن أهل العلم بالله وبأمره ونهيِه هم للأمة خيرُ قُدوة، نفعُهم مُتعدٍّ إلى الغير بعد نفعِ أنفُسهم، ولهذا الكلُّ يُثنِي عليهم ويدعُو لهم، وأن السعي في تحصيلِه من العمل في سبيلِ الله، والتنافُسُ فيه محمودٌ، فلا حسَدَ إلا في اثنتَين: مُحسنٍ بعملِه أو مالِه، وما عداهُ لا يُغبَطُ أهلُه عليه؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: «لا حسدَ إلا في اثنتَين: رجلٍ آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلَكَته في الحقِّ، ورجلٍ آتاه الله حكمةً فهو يقضِي بها ويُعلِّمُها»؛ متفق عليه.

 

وأضاف فضيلته: وقد تظاهَرَ الشرعُ والقدرُ أن الجزاءَ من جنسِ العمل، والعلمُ يدلُّ على الله من أقرَبِ الطريقِ إليه؛ فمن سلَكَ طريقَ العلم وصلَ إلى الله وإلى الجنةِ من أقربِ الطُّرق وأسهَلها؛ والعلمُ الشرعيُّ حصنٌ للأمة من الفتن؛ قال الإمام مالكٌ - رحمه الله -: "إن أقوامًا ابتغَوا العبادةَ وأضاعُوا العلمَ، فخرجوا على أمةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بأسيافِهم، ولو ابتغَوا العلم لحجَزَهم عن ذلك".

 

وقال حفظه الله: ولعظيم نفعِه جاء الأمرُ بإبلاغِ ولو شيءٍ منه ونشرِه في الآفاق؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: «بلِّغُوا عنِّي ولو آية»، والله أمرَ بسُؤال أهل العلم والرجوعِ إليهم: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43]، ودعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأهله بالنَّضارة، وهي البهجةُ وحُسن الوجه، والفرحُ، وانشِراحُ الصدرِ، فقال: «نضَّر الله امرأً سمِع منَّا شيئًا فبلَّغَه كما سمِع، فرُبَّ مُبلَّغٍ أوعَى من سامِع» (رواه الترمذي).

 

وقال وفقه الله: وأفضلُ العلم وأجلُّه وهو الممدُوحُ في النصوص: ما نبعَ من الكتاب والسنَّة، وأعظمُه العلمُ بالله وأسمائِه وصفاتِه، وهو الغايةُ من خلقِ الله وأمره؛ قال - سبحانه -: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) [الطلاق: 12].

 

وأكد الشيخ أنه يجبُ على كُلِّ مُسلمٍ السعيُ في تحصيلِ الفرضِ من العلمِ، والذي يُصحِّحُ به توحيدَه وعبادتَه من صلاتِه وصومِه وغيرِهما، وأن يبذُل زمنًا من وقتِه في ذلك، ولا يستثقِلُ حِلَقَه ومجالِسَه، وعلى طالبِه تعظيمُ قدره، وسُؤالُ الله النافِع منه، مع حُسن الظنِّ به - سبحانه - ومُلازمة التقوى فهي خيرُ عونٍ لنَيلِه. وأن تكون نيَّتُه خالِصةً لوجهِ الله، لا يُمارِي بعلمِه السُّفهاء، ولا يُجادِلُ به العلماءَ، ومن عمِلَ بما علِمَ أورثَه الله علمَ ما لم يعلَم.

 

وأضاف فضيلته: فقد وعدَ الله أن من طلبَ العلمَ يسَّره له وأعطاه منه ما لم يحتسِبه بكرمِه - سبحانه -، فقال: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) [العلق: 3].

 

وبيَّن الشيخ أن طريق العلم سهلٌ يسيرٌ، حفظٌ لكتاب الله العظيم، وشيءٌ من سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومُختاراتٌ من مُتون أهل العلم، مع فهم ما تقدَّم والعمل به، ومن زادَ في طلبِه زادَت رِفعَتُه. وبهذا ينالُ المرءُ رِضا الله وأعالِي الجِنان.

 

وختم الشيخ خطبته بالتأكيد على رفعة مكانة العلماء فقال: العلماءُ بالله وبأمره ونهيِه من السابِقين واللاحِقين لا يُذكَرون إلا بالجَميل، فحقُّهم على الأمة عظيم، بمحبَّتهم واحتِرامهم وتوقيرهم والرجوعِ إليهم والأخذ عنهم، وتعظيمُ أهل العلم من تعظيم الدين؛ فهم حمَلَتُه والمُؤتَمَنون عليه، ومن حادَ عن هذا الطريق فقد ضلَّ سواءَ السبيل. وبُغضُهم ومُعاداتُهم نقصٌ في العقل، وانحِرافٌ عن الفِطرة، وذاك مُؤذِنٌ بحربِ الله وعقوبتِه؛ قال الله تعالى في الحديث القُدسيِّ: «من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ» (رواه البخاري). قال النوويُّ - رحمه الله -: "قال الإمامان أبو حنيفة والشافعيُّ - رحمهما الله -: إن لم يكُن العلماءُ أولياءَ الله فليس لله وليٌّ".

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات