مختصر خطبتي الحرمين 12 ربيع الثاني 1437هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

ماذا دهاكُم يا أبناء الإسلام؟! ماذا أصابَكم يا أمة القرآن؟! ماذا حصلَ بكم يا أمة سيِّد الأنبياء والمُرسَلين؟! إلى أن يصِل بكم الأمرُ أن يقتُل بعضُكم بعضًا، ويُذيقَ بعضُكم بعضَكم الآخر أصنافَ المآسِي والتَّنكيل والحِصار والتشريد والتقتيل والتفجير! أليس لكم إسلامٌ يحكمُ بينكم؟! وقرآنٌ تتعقَّلون به أمورَكم؟! ونبيٌّ هادٍ أرشدَكم إلى ما تُفلِحُ به دُنياكُم وأُخراكُم؟! أين يذهبُ أولئك من الله الجبَّار القهَّار، وهم يعملون هذه الأعمال الإجراميَّة في أرض المُسلمين، وعلى من يقول: لا إله إلا الله؟!

 

 

 

مكة المكرمة:

 

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "نعم الله تعالى ووجوب شكرها"، والتي تحدَّث فيها عن نعم الله تعالى على عباده ووجوب شُكرها، وخصَّ بذلك الحديثَ عن نعمة الأمن والاستقرار التي ينعمُ به أهلُ المملكة، مُحذِّرًا لهم من كُفران النعم والذي إن حدثَ يُفضِي إلى زوالها وحلول النِّقَم.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله - رحمكم الله -، واخشَوا يومًا تُرجَعون فيه إلى الله.

 

وأضاف الشيخ: والعاقلُ الحازِم من تزوَّد من دٌنياه لآخرته، وفي شبابِه قبل هرَمه، وفي صحَّته قبل سقَمه، وفي فراغه قبل شُغله، وحرِص على تقارُب القلوب؛ فليس كل غيبةٍ جفَوة، وليس كل لقاءٍ مودَّة، والتسامُح والاعتذارُ من أخلاق الكِبار.

 

وقال حفظه الله: لقد ضربَ الله من الأمثال ما فيه مُزدَجر، وساقَ من الأنبياء ما فيه مُعتبَر، (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)، الشكرُ سبيلُ الهُدى، ومن غفلَ عن نعم ربِّه أو استقلَّها أو جحدَها وكفرَها وكلَه الله إلى نفسه، فيستدرِجَه بهذه النِّعم حتى يُهلِكَه بها، أو يسلُبَها منه، أو يُغيِّرَها عليه بضدِّها.

 

وأكد فضيلته أن نعمَ الله ما حُفِظ موجودُها بمثلِ عبادته، وما استُجلِبَ مفقودُها، وطُلِب مزيدُها بمثل شُكره وطاعته، يقول - عزَّ شأنُه - في قاعدةٍ ربَّانيةٍ لا تتخلَّف: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7]، قاعدةٌ هي صمَّام الأمان لبقاء النِّعم، وهي السبيلُ المُقيم لزيادتِها وبركتِها. فحذارِ ثم حذارِ - يرحمُكم الله - من التنكُّر والجُحود والغفلَة، (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ). احذَروا التبرُّم الممزوجَ بالمقت والتسخُّط: (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ).

 

وبين الشيخ أنه: يُقال ذلك - يا عباد الله - والمُتأمِّل والمُتابِعُ لما يُدوَّنُ في مواقع التواصُل الاجتماعيِّ، وما تطفَحُ به وسائلُ الإعلام من عبارات التندُّر وصور الاستِهانة والغفلة، وكتابةً وصوتًا وصورةً، ومما يُلاحَظ من مسالِك بعضِ الناس من صُور البطَر ومظاهر الإسراف، والمُباهاة والتفاخُر، قد يكون ذلك كلُّه مُؤشِّرًا على كُفران النِّعم، واستيلاء الغفلة. في عباراتٍ وتدويناتٍ وتعليقاتٍ وتجاوُزاتٍ، في تكبيرٍ للصغير، وتصغيرٍ للكبير، يتتبَّعون النقائِص، ويتصيَّدون الأخطاء، وقد يكذِبون مئات الكذِبات، ويُثيرُون ألوانَ الإثارات، وبخاصَّةٍ إذا كان مثلُ هذه الإثارات والتعليقات تتعلَّقُ بهذا البلد المُبارَك، وهذا المُجتمع الطيب.

 

وأكَّد فضيلته: أن المسؤولية والشُّكر والخوف والحذَر كلُّها تقتضِي النظرَ والتفكير والتدبُّر، لا تقتُلوا أنفسَكم، ولا تُمزِّقُوا مُجتمعَكم، ولا تكفُروا نعمَ ربِّكم، ولا تهزُّوا استقرارَ وطنِكم بانفِعالاتٍ وتغريداتٍ مُهلِكة. حافِظوا على اتِّزانِكم، والتزِموا براقيات المبادئ، وشامِخات القِيَم، بل في مثل هذه الظروف يجبُ أن يُشرِق نورُ التلاحُم، وتتلاشَى ظُلُمات المُشاحنَات، وتتجلَّى مظاهرُ الشُّكر، والإحسانُ في الصَّرف، والترشيدُ في الإنفاق.

 

وأشار الشيخ إلى أنه: كم هو جميلٌ أن يعود المُجتمع على نفسِه بالنقد والمُحاسَبة. فكما تُنقدُ الدول والحكومات تُنتقَدُ الشعوبُ والمُجتمعات، ومع الأسَف فإن الثقافة المُعاصِرة جعلَت نقدَها الحُكومات هو الأسهل، وتعجزُ وتضعُفُ أن تنتقِد نفسَها أو مُجتمعها، أو تُراجِع مسالِكَها وتصرُّفاتها.

 

وأكد فضيلته أن أيَّة دعوةٍ أو كلمةٍ أو تعليقٍ أو تدوينٍ يُولِّدُ حقدًا، أو يبعثُ على فُرقة، أو يُورِثُ نَعرَة، فهو دعوةٌ جاهليَّة. وإن من واجبِ الشُّكر والاعتراف بالنِّعم أن يستشعِر الجميعُ الحفاظَ على هيبَة الدولة. هذه الدولةُ المَهيبة التي تُريدُ بكل جديَّة وحزمٍ وصرامةٍ فرضَ الأمن والاستقرار ومُحاربةَ الإرهاب، وكل من تُسوِّلُ له نفسُه زعزعةَ الأمن أو تكديرَ صفو عيش الناس.

 

وأضاف الشيخ: كم هو جميلٌ لدى العاقل المُتبصِّر الذي يشكُر النِّعَم، ويخشَى حُلُولَ النِّقَم أن يُقارِن بين ما تبذُلُه الدولةُ في سبيل عزَّة الأمة وقوَّتها والدفاع عنها وعن دينها ومُقدَّساتها، ومُحاولات النَّيل من مكانتها وقوَّتها، وبين بعض مظاهر الإسراف في بعض الناس في مآكلِهم ومشاربِهم وملابسِهم ومراكبِهم، في صُورٍ من البطَر والمُبالغَات والمُفاخرَات. يُخشَى - والله - منها زوالُ النعمة، وتحوُّل العافية، وفُجاءةُ النِّقمة، وحلُول السَّخَط.

 

وأكد الشيخ أن من الديانة والعقل والحكمة والشُّكر: إظهارَ مزيدٍ من الالتِفاف حول القيادة، والمزيدَ من صُور الرِّضا والطاعة والشُّكر، والتضرُّع إلى الله بدوامِ التسديد والتوفيق والثبات والنصر لجُنودنا في كل رُتَبهم، وفي القوات كافَّة على الحدود وداخل الحدود.

 

وقال وفقه الله: هذه الدولةُ المُبارَك دولةٌ كبيرةٌ غنيَّةٌ - بفضل الله -، قادرةٌ - بإذن الله - على حماية نفسِها والمُقيمين على أرضِها، وفيها كفاءاتُها ورِجالاتُها. إن هذه الدولة المُبارَكة تُديرُ حربًا ضَروسًا ضدَّ الأعداء أعداء الأمة، وأعداء الإسلام، كما تُديرُ تحالُفًا خليجيًّا وعربيًّا وإسلاميًّا، وهي - ولله الحمدُ - تُديرُ ذلك كلَّه بتوفيقٍ من الله، من خلال مِصداقيَّتها وما كُتِب لها من قَبول، كما تُديرُه بشجاعة وحُسن سياسة، واقتصادٍ متين، ورصيدٍ قويٍّ لم يتأثَّر بالظروف والمُتغيِّرات - ولله الحمدُ والمنَّة -. الحمدُ لله، ثم الحمدُ لله. الشدائِدُ فيها العِبر، وفيها يتبيَّنُ العدوُّ من الصديق، والقويُّ من الضعيف، والهشُّ من المتين.

 

وقال حفظه الله: النِّعمةُ الحقيقية - بعد حفظِ الدين - هي نعمةُ الصحة والأمن، ورغَد العيش الذي يعيشُه أهلُ البلاد - ولله الحمد -، ويفتقِدُه من يفتقِدُه، وبخاصَّة بعضُ دُول الجِوار، رفعَ الله عنهم كربَهم، وجمعَ كلمتَهم، وحفِظَهم، ولمَّ شملَهم، وحفِظَ بلادَهم. هذه الدولةُ - ولله الحمدُ - غنيَّةٌ وقويَّة، وهي تسعَى لترشيد الإنفاق وكفاءَته، وليس لتقليله أو تقليصِه. فالتنمية مُستمرَّة، والمشاريعُ قائمة، مع إصلاحاتٍ اقتصاديَّةٍ وماليَّة، واستِشرافٍ للمُستقبل، وترسيخٍ للدور الرقابيِّ.

 

وأشار الشيخ إلى أنه ليس ضامنًا للأمن - بإذن الله - إلا العلاقةُ الوثيقة بين الدولة والأمة المبنيَّةُ على السمع والطاعة، والنُّصح والرِّضا والشُّكر، والاعتراف بنِعَم الله الوارِفة، والحذَرُ من البطَر والإسراف والتباهِي. نعم، إن حفظَ الدين، وعزَّ الأمة، وشدَّ اللُّحمة يستحِقُّ كلَّ ثمَن. والريالُ يحفَظُه ويُنمِّيه الرِّجال؛ بل إن حفظَ الدين وعزَّ الأمة لا يُستكثرُ عليه الفداءُ بالأنفُس والدماء، فكيف بالدراهِم والدنانير؟!

 

وأوصى فضيلته المسلمين بالحذر فقال: احذَروا أن يكون الثمنُ المدفوع هو ضياع الدين، وسلامة الوطن وأمنه ووحدته وتبديد ثرواته، واستذكِروا الحكمة البالِغة: رُبَّ يومٍ بكيتُ منه، فلما صِرتُ في غيره بكيتُ عليه! لا تدَعوا فُرصةً للحاقِدين، والمُغرِضين، والموتُورين، والمُتربِّصين، والكائِدين، من الذين يتصيَّدون الأخطاء، ويتناسَون الإنجازات، لينالُوا من هذه الوحدة المُبارَكة والاستقرار والعيش الرَّغيد.

 

وبيَّن الشيخ أن السعي في الإصلاح ليس بكسر الأضلاع، وليس من النقد أن يُظهِرَ الناقدُ ولدَه وكأنه لا خيرَ فيه، ومن حُرِم العدل حُرِم التقوى. كثيرون يدَّعون حبَّ بلادهم وهم يفعلون ما يهدِمُه، وآخرون تحترِقُ قلوبُهم من أجلِه من غير أن يُسمَع لهم جلَبَةٌ أو ضَجيج، والعاقلُ لا يهدِمُ بيتَه لأنه قد غضِبَ من أخيه.

 

وأكد الشيخ في ختام خطبته أن بلاد الحرمين الشريفين هي قلبُ العالم الإسلامي، وما يصدُرُ منها تتردَّدُ أصداؤُه في أرجاء العالَم في الدين، والاقتصاد، والسياسة. بلدٌ أنعمَ الله على أهله بالأمن والاستقرار، وأكرمَهم بتطبيق شرع الله، فعلى الجميع الحرصُ على الاستِمساك بهذه المُكتسَبات، فيكونون يدًا واحدة ضدَّ كل من يُريدُ تقويضَ هذا البُنيان، أو زعزعَة هذا الكِيان.

 

 

المدينة المنورة:

 

ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "وصايا مهمة لشباب الأمة"، والتي تحدَّث فيها عن الشباب مُوجِّهًا خطابَه إليهم بالنصح والتوجيه والإرشاد؛ حيث ذكَّرهم بشُكر نعمة الله تعالى عليهم، واستغلالها فيما يُرضِيه تعالى، ووجَّه بضرورة الالتفاف حول أهل العلم وسُؤالهم عما يُشكِل عليهم، مُحذِّرًا إياهم من مسالِك الضلال والبدع والأفكار الهدَّامة، وفي ختام خطبته حذَّر من سفك الداء المعصُومة ومغبَّة ذلك على المُجتمع بأسرِه.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: أما بعد .. فيا أيها المسلمون: إن خيرَ زادٍ في هذه الدنيا هو تقوى الله - جل وعلا - وطاعتُه في السرِّ والعلَن.

 

وأضاف الشيخ: الشبابُ في الأمة محطُّ الأنظار، ومعقِدُ الآمال .. مشاعِلُ الحاضر، وبُناةُ المُستقبل. ومن هنا أحاطَتهم التوجيهاتُ الإسلاميةُ بالعناية التامَّة والرعاية الخاصَّة.. وقتُ الشباب ثمينٌ لا عِوَضَ له، وزهرةٌ لا مثيلَ لها. فيجبُ على كل مُوفَّقٍ في هذه الحياة أن يغتنِمَ شبابه في طاعة الله - جل وعلا -، وأن يعمُره بعبادةِ ربِّه والتقرُّب إليه - سبحانه -، وأن يكون في جهادٍ لا يفتَر في مُصارعة الهوى والنفس والشيطان.

 

وقال حفظه الله: أعظمُ منَّةٍ أن يُوفِّق الله - سبحانه - العبدَ في شبابِه ليغتنِمَه في طاعة مولاه، والمُسارعة إلى رضا ربِّه، والبُعد عن نواهِيه. وفي صلاحِ الشبابِ صلاحُ الأمة، فلن تسعَدَ الأمةُ الإسلاميةُ ولن يحصُلَ لها عزٌّ وفلاح، وسُؤددٌ وشأنٌ إلا حينما يكونُ شبابُها كما كانوا في العهد الأول: صلاحٌ في الدين، وإعمارٌ للحياة، وجدٌّ في كل عملٍ مُثمِر وفعلٍ خيِّر. كما أنكم في أمسِّ الحاجة إلى الحذَر من الأسباب التي تُوقِعُكم وتُوقِعُ أمَّتَكم ومُجتمعَاتكم في مزالِق الهوى وخُطوات الشيطان.

 

وبيَّن فضيلته أن الشبابَ المُسلم اليوم يجبُ عليه أن يكون كما كان في الماضي كيِّسًا فطِنًا، فلا يستجيبُ إلى ما لا يُحقِّقُ للإسلام غايةً ولا يرفعُ للحقِّ راية. فكم يحرِصُ أعداءُ الإسلام - أيها الشباب - بكل السُّبُل أن يُوقِعُوكم في مطايا المهالِك ومسالِك الغواية، والبُعد عن القِيَم الإسلامية السامِية، ومبادِئِه السَّمحة اليسيرة التي تسلُكُ بكم مناهجَ الوسطيَّة والاعتِدال، وتقودُكم إلى رعاية المصالِح وجلبِ المنافِع لأنفُسكم ولأمَّتكم، ولبُلدانكم ولمُجتمعاتكم. ولذا حرِصَ الأعداءُ على أن يتفنَّنوا بكل طُرقِ المكر والخديعة لإفساد شبابِ الإسلام. وهل حصلَ في الأندلُس ما حصلَ إلا بغزو الشبابِ، وأن ينالُوا في عقائِدهم وأفكارِهم؟!

 

وأوصى فضيلته الشباب قائلاً: احرِصوا على تفويت الفُرصة على أعداء الإسلام، ولذلك لا يكونُ إلا بأن تحمِلوا بصدقٍ وإخلاصٍ مِشعلَ الإيمان والعقيدة الصحيحة، والتحلِّي بالعلم النافع والعمل الصالح، الذي تستنيرُ به عقولُكم وتصفُو بصائرُكم، وتُسدَّدُ به أفكارُهم، وتُصوَّبُ به آراؤُكم، فتكونوا حينئذٍ عاملَ إصلاحَ وصلاح، سالِمين من عاديات الأشرار، وعادِيات الفتن، وهائِجات المِحَن.

 

وأكَّد الشيخ أن شبابَ الإسلام اليوم تتقاذَفُ بهم أمواجُ الفتن؛ من أفكارٍ مُنحرِفة، ومشارِبَ ضالَّة، وشهواتٍ جامِحة، وغزوٍ فكريٍّ لا ساحلَ له، حتى إن أحدَهم ليحمِلُ تلك الوسائل في يدِه فيما يُسمَّى بالجوَّالات. فهم في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ إلى الالتِحام بعُلماء الأمة المشهُود لهم في الأمة بالعلمِ والورَع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات. بحاجةٍ إلى أن يصدُروا عنهم خاصَّةً في قضايا مهمة حصلَ من الخطأ في فهمِها نتائجُ وخيمةٌ عبر تأريخ الأمة المُحمدية؛ كقضية التكفير، كقضية الولاء والبراء، كمسائل الإنكار، كالبَيعة والجهاد، ونحو هذه القضايا الخطِرة.

 

وأضاف الشيخ: إنكم حينما تنعَموا بنعمة العاطفةِ الجيَّاشة لهذا الدين، فذلك محمودٌ لكم في الآخرة والأولى، ولكن بشرطِ أن تكون العاطفةُ محكومةً بعلمِ الوحيِ والهديِ النبوي، وإلا فكم ممن يُريدُ أن يُطِبَّ زُكامًا فيُحدِثُ جُذامًا! فتجُرُّ حينئذٍ هذه العواطِفُ المُطلقة تجُرُّ على الإسلام وعلى الأمة الإسلامية ومُجتمعاتها ويلاتٍ لا تتناهَى، وحسراتٍ لا تنقضِي.

 

وحث الشيخ الشباب على التعاون على خير المجتمع فقالب: يا شبابَ هذه البلاد! احمَدوا اللهَ على نعمه المُتعدِّدة تنعَمون وأهلِيكم بعيشٍ سعيدٍ وأمنٍ وأمانٍ. فكُونوا خيرَ من يُدافِعُ عن أرض الحرمين ويذُودُ عن حِياضِها، فربُّكم - جل وعلا - يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، يا شبابَ هذه البلاد! كُونوا حرِيصين على توحيد الكلمة ورصِّ الصف، والسَّير في دُروب الإصلاح والصلاح، وإياكم ومُفارقَة الجماعة، والشُّذوذَ عن المُجتمع؛ فإن يدَ الله مع الجماعة.

 

وأوصى الشيخ الشباب قائلاً: كُن - أيها الشابُّ - رقيقُ القلب، ليِّنُ الطبع، حسنَ السُّلوك، مُتمثِّلاً رحمةَ الإسلام ومحاسنَه، ولتكُن فضيلةُ الرحمة مُلازمةً لك حتى في أحلَك المواقِف، وأصعَب الأزمات، كُن من أصحاب القلوب الرحيمة بعيدًا عن قسوَة القلب وغِلظَة الطبع، نافرًا عن مسالِك العُنف والقسوَة والفُحشِ والتفحُّش، كُن مُتمثِّلاً بشمائل الإسلام العُليا، ومُثُله العُظمى، تمسَّك بقِيم الفضل والإحسان، تمتَّع بمعالِي القِيَم وفضائل الشِّيَم.

 

وختم الشيخ خطبته باستنكار الجرأة على الدماء المعصومة فقال: كيف يقتُلُ المُسلم من يقول: لا إله إلا الله؟ ماذا دهاكُم يا أبناء الإسلام؟! ماذا أصابَكم يا أمة القرآن؟! ماذا حصلَ بكم يا أمة سيِّد الأنبياء والمُرسَلين؟! إلى أن يصِل بكم الأمرُ أن يقتُل بعضُكم بعضًا، ويُذيقَ بعضُكم بعضَكم الآخر أصنافَ المآسِي والتَّنكيل والحِصار والتشريد والتقتيل والتفجير! مما ضجَّت الأفلاكُ من أهوالِها، واستعاذَ الشمسُ منها والقمر. أليس لكم إسلامٌ يحكمُ بينكم؟! وقرآنٌ تتعقَّلون به أمورَكم؟! ونبيٌّ هادٍ أرشدَكم إلى ما تُفلِحُ به دُنياكُم وأُخراكُم؟! أين يذهبُ أولئك من الله الجبَّار القهَّار، وهم يعملون هذه الأعمال الإجراميَّة في أرض المُسلمين، وعلى من يقول: لا إله إلا الله؟!

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات