اقتباس
كُونوا إلى الله راغِبين، ولدُعائِه مُداوِمين، فما خابَ من دعاه، ولا حُرِم من رَجاه، وكلُّ إنسانٍ له حاجاتٌ مُتجدِّدة، ومطالِبُ في كل وقتٍ مُتعدِّدة، فليسأَل كلُّ أحدٍ ربَّه ما يعلمُه خيرًا له، وليستعِذ بالله مما يعلمُه شرًّا. وأعظمُ سُؤلٍ هو رِضوانُ الله والجنة، وأعظمُ ما يُستعاذُ منه هو النار. وليُلِحَّ المُسلمُ على ربِّه في المطلَبِ الذي يهمُّه، فالله غنيٌّ حميدٌ كريم، جوادٌ عظيمٌ قادِر.. فما أعظمَ سعادةَ وفلاحَ وأجرَ من عكَفَ قلبُه على الله –تعالى-، يدعُوه ويرجُوه ويتوكَّلُ عليه، ويستعينُ به، ويُلِحُّ الدعاءَ على الله، وما أشقَى وما أشدَّ شركَ وكُفرَ من يدعُو الأضرحة والقبور وأصحاب القبور..
مكة المكرمة:
ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "مظاهر التعاون على البر والتقوى"، والتي تحدَّث فيها عن مبدأ عظيم، ومنهج قويم، يزرع الأملَ في النفوس، ويُعيدُ الثقةَ للأمة في مُقوِّماتها ورجالاتها وإنجازاتها، ألا وهو: التعاوُن على البرِّ والتقوى، وقد ذكر أهميتَه للمُسلمين في هذا العصر بوجهٍ خاصٍّ، مُبيِّنًا آثارَه ونتائجَه العظيمة التي نلمَسُها وتتحقَّقُ إذا تعاونَ المُسلمون وتحالَفوا واعتصموا بالوحيَين.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: أما بعد .. فيا عباد الله: اتقوا الله ربَّكم، واشكُروه على نعمِه الوافِرة، وآلائِه المُتكاثِرة.
وأضاف الشيخ: في زمان الفتن الدُّهم، والقلاقِل السُّحم، التي تُزلزِلُ شموخَ أمَّتنا، وتُنضنِضُ وطيدَ لُحمَتنا، وبين أَثَرةٍ ونِياط، وعُنفُوانٍ وشِماط، وأمورٍ لا تجري على أقيِسَة العقول، ولا رغائِب الأنفُس والمأمول، يتجلَّى مبدأٌ عظيم، ومنهجٌ قويم، وتبدُو قيمةٌ قويمة، وخُلَّةٌ عظيمة، وتنبلِجُ في الآفاق الواسِعة إشراقاتُ الآمال العريضة، والإيجابيات الشامِخة النَّضيدَة، تزرعُ الأملَ في النفوس الهامِعة، وتُضِيءُ قنادِيل الضياء اللامِعة، والأنوار الساطِعة، لتُبدِّد ظُلُمات الشكِّ والحيرة، وتُعيدَ الثقةَ للأمةِ في مُقوِماتها ورجالاتها وإنجازاتها. ومن هذه الانبِلاجات والإشراقات: مبدأُ تحقيق التعاوُن على البرِّ والتقوى، ونبذ النُّكوث وفَصم العُروة الوُثقَى، التي هي أقوى وأبقَى.
وقال حفظه الله: وإن من عظمة الإسلام وجلاله، وشُموله وكماله، وإشراقاته ورحماته وجماله: تلكُم الأواصِر الاجتماعية السامِية، والوشائِجُ الإيمانية والخُلُقيَّة الحقيقية الحانِية، الحاثَّةُ على التعاوُن والتآزُر، والتضامُن والتشاوُر، التي تُمتِّنُ العلاقات والعلائِق، وتكشِفُ أسرارَ المكارِم الدوالِق، مهما تقلَّب الزمان، أو اختلَّت الأوزان.
وأكد الشيخ أن أوجُه التعاوُن على البرِّ جليلةٌ عن الحَصر، لا يحُدُّها فُرسانُ اليَرَاعة، وأربابُ البراعَة، ولكن نستلهِمُ من القوارِح طوارِفَها، لتهنَأَ في درجات مطارِفِها. فمن بهيِّ التعاوُن الأبهَى: التعاوُن على الاعتصامِ بالكتاب والسنَّة، وتحقيق المُعتقَد الصحيح، والمنهج السليم الرَّبيح، الذي هو قِوامُ الدين، والمُرقِّي إلى درجات اليَقين، ويدلُفُ هذا بالأمة إلى التعاوُن على التناصُح والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر.
وقال وفقه الله: ويلحَقُ به خدينُه وقرينُه: وهو التعاوُن في رفع منار الدعوة الإسلامية على هدي خير البريَّة وأزكى البشرية - عليه الصلاة والسلام -، واتِّباعًا لآلِه المهديِّين، وخلفائِه الراشِدين، وصحابتِه الغُرِّ الميامين، ويعقُبُ هذا الفخر شرفٌ آخر يكادُ يُدانِيه: وهو تعاوُن المُسلم مع أخيه في قضاء الحاجات، وتمهيد العقَبات، وتذليل العثَرات.
وحذر الشيخ من عدم معاونة الآخرين فقال: ما ضنَّ بمُعاونة غيره إلا غَبين، وما حجَبَ جُهدَه عن الخلق إلا أَفين، وما يقتضِي كرمُك نبذَ حُرَمِه، فبيِّض أملَه بتخفيف ألَمِه،.. وهذا من أعظم أوجُه التعاوُن. فالمُسلم - يا رعاكم الله - دائِمُ التحفُّز لمُعاونة إخوانه الآخرين.
وأضاف الشيخ: وإن من التعاوُن على البرِّ والتقوى: مُواساة المكلُوم، ونُصرة المظلُوم، ومن أحسنِ أوجُه البرِّ والتقوى التي يُلبِّيها المرءُ مُمتطِيًا شِمِلَّه، ومُنتضِيًا عزمَةً مُشمئِلَّة: الإصلاحُ بين الناس، زوجيًّا وأسريًّا واجتماعيًّا، وتقريبُ وجهات النظر بالطرق السلمية والإيناس، وبهذا التآلُف والتلاحُم يتمكَّنُ أبناءُ الأمة من البناء والتنمية، وإعمار الأوطان، وتشييد العُمران. ويُلحَقُ به: التعاوُن على ردِّ الشائعات، والأكاذِيب والافتِراءات، وإياد الأبواب أمام ما تبُثُّه بعضُ وسائل الإعلام من أكاذِيبَ ومخارِيق.
وبيَّن الشيخ أنَّ من أروع التعاوُن وأجملِه: تعاوُن أبناء الأمة مع قادَتهم ووُلاة أمرهم وعلمائِهم ورجال أمنهم، تعزيزًا للحسِّ الأمنيِّ في استقرار المُجتمع والأمة، وتحقيق الأمن والأمان، ومُعالجة قضايا أمَّتنا الساخِنة، وأدوائِها الكامِنة السَّاكِنة، وكل ما يُثيرُه الواقعُ ويقتَضيه، وما نُؤمِّلُه من الإصلاح ونرتَجِيه. وكذا التعاوُن للحِفاظ على المُقدَّرات والمُكتسَبَات، وردِّ الغوائِل والمُدلهِمَّات، والتصدِّي للأفكار الضالَّة والمسالِك المُنحرِفة؛ كالغُلُوِّ والتطرُّف، والتكفير والإرهاب، تحقيقًا للوسطية والاعتِدال، وتعزيزًا للأمن الفكريِّ، والوحدة الدينية، واللُّحمة الوطنية، وصدِّ كل من يُريد خرقَ سفينة الأمة بالدعوات الهادِمة إلى الفتن الهائِمة، أو تعاطِي المُسكِرات، وترويج المُخدِّرات، والإبلاغ عن هؤلاء وأولئك.
وأوضح الشيخ أن من صور التعاوُن الذي تُضربُ به الأمثال: تعاوُن وُلاة الأمر في مُختلف بلاد المُسلمين لجمع الكلمة، وتوحيد صفِّ الأمة، والبُعد عن النزاع والشِّقاق، فهما نارٌ كانَّةٌ تنتظرُ مُوقِدًا، وأضغانٌ مُزمَّلة تنتظرُ مُخرِجًا. وذلك - لعَمْرُ الحقِّ - شرٌّ من شُرب ماءِ الكَرْم، وأغمَسُ لصاحبِها في غِمار الإثم والجُرم. وتعاوُن وُلاة الأمر في رأب الصَّدع بين أبناء الأمة هو تاجُ عزٍّ، ووِسامُ فخرٍ لأبناءِ الأمة أجمعين، وهو دُرٌّ منقُود، وإنجازٌ موعُود. وكذا التعاوُن في نُصرة قضايا المُسلمين؛ كقضيَّة فلسطين والأقصَى، وبلاد الشام، والعراق، واليمن، وغيرها.
وختم الشيخ خطبته بالحث على التفاؤل والأمل فقال: ورغم ما تُعانيه أمَّتُنا من تشتُّتٍ وتفرُّق، إلا أن تباشير الأمل والضياء، تُبدِّدُ دائِمًا دياجيرَ الظُلَم والبأساء. ومن رياض الوحدة والتوحيد شعَّ النورُ من جديد، وفي رعايةٍ تأريخيةٍ مُوفَّقة جاء هذا التحالُفُ الإسلاميُّ العسكريُّ لمُحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره وصُوره، والقضاء على أهدافِه ومُسبِّباته، وأداءً لواجبِ حمايةِ الأمة ممن يَعيثُ في الأرض فسادًا.
المدينة المنورة:
ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الدعاء .. فضائل وآداب وأحكام"، والتي تحدَّث فيها عن الدعاء في خطبةٍ جامعةٍ، ذكرَ فيها الشيخُ بشيءٍ من الإيجاز ما يتعلَّق بالدعاء من فضائل ومنافع، وآدابٍ، وأحكامٍ، وشروطٍ، وما يُنهَى من صرف الدعاء لغير الله تعالى.
واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: أما بعد: فاتقوا الله حقَّ تقواه؛ فمن تمسَّك بالتقوى جمع الله له الخيرَ في دُنياه وأُخراه، ومن جانبَ التقوى شقِيَ في عواقِب أموره وإن أقبلَت عليه دُنياه.
وأضاف الشيخ: لقد قدَّر الله أسبابَ كل خيرٍ وسعادةٍ في الدنيا والآخرة، وقدَّر أسبابَ كل شرٍّ في الدارَين، فمن أخذ بأسباب الخير والفلاح، ضمِنَ الله له صلاحَ دُنياه، وكان له في الآخرة أحسن العاقِبة مُخلَّدًا في جنات النعيم، فائزًا برِضوان الربِّ الرحيم، ومن عمِل بأسباب الشرِّ، حصدَ جزاءَ عمله شرًّا في حياته وبعد مماته.
وأكد الشيخ أن من أسباب الصلاح والإصلاح والفلاح، وتتابُع الخيرات، وصرف النوازِل والعقوبات، ورفع المصائِب الواقعة والكُرُبات: الدعاءَ بإخلاصٍ، وحضور قلبٍ، وإلحاح، فالربُّ - جل وعلا - يُحبُّ الدعاء ويأمر به. والدعاءُ ينفع مما نزل ومما لم ينزِل، والدعاءُ هو العبادة.
وقال حفظه الله: والدعاءُ مُرغَّبٌ فيه في كل وقتٍ، فهو عبادةٌ يُثيبُ عليها الربُّ أعظمَ الثواب، وهو مُحقِّقٌ للمطالِبِ كلِّها الخاصَّة والعامَّة، الدينية والدنيوية، في الحياة وبعد الممات. ولمنافِع الدعاء العظيمة شرعَه الله في العبادات المفروضة وجوبًا أو استِحبابًا، رحمةً من ربِّنا -سبحانه-، وتكرُّمًا وتفضُّلاً لنعمل بهذا السبب الذي علَّمَنا الله إياه، ولو لم يُعلِّمنا الدعاءَ لم نهتَدِ إليه بعقولنا.
وبيَّن الشيخ أنه تشتدُّ الحاجةُ إلى الدعاء دائمًا خاصَّةً في هذا العصر، مع تظاهُر الفتن وكثرتها، وحُلول الكوارِث المُدمِّرة، ونزول الكُرُبات بالمُسلمين، وظهور الفِرَق المُبتدِعة التي تُفرِّقُ صفَّ المُسلمين، وتستحلُّ الدماءَ والأموالَ المعصومة، وتجفُوا العلمَ وأهلَه، وتُفتِي بالجهل والضلال. ومع تمالُئِ أعداء الإسلام عليه، وتآمُرهم على أهل الإيمان، والتخاذُل والفُرقة والاختلاف بين المُسلمين، ومع الأضرار التي لحِقَت بكل فردٍ مُسلم أُخرِج من دياره بظُلمٍ ومسَّه الضُّرُّ، وتعسَّرت عليه حوائِجُه، وضاقَت عليه الأرضُ بما رحُبَت، تشتدُّ الحاجةُ إلى الدعاء في هذه الأحوال العَصيبة التي يصطلِي بنارها المُسلمون في بُلدانٍ شبَّت فيها الفتن.
وقال وفقه الله: والدعاءُ سببٌ عظيمٌ لنزول الخيرات والبركات، ودفع الشرِّ أو رفعه عن الداعي. والداعي أقوى الأسباب للخروج من الشرِّ الذي وقع، والمكروه الذي حلَّ،.. والمُسلمُ عليه أن يرغبَ إلى الله في إصلاح شأنه كلِّه، وأن يرفعَ إلى ربِّه حوائِجَه كلَّها، ويسألَه كلَّ شيءٍ، وأعظمُ مطلوبٍ الجنة والنجاة من النار، وفي الحديث: «ليسأَل أحدُكم ربَّه حتى شِسْع نعلِه ومِلحَ طعامه».
وأضاف الشيخ: وكم دعوةٍ غيَّرَت مجرَى التاريخ من شرٍّ إلى خير، ومن حسنٍ إلى أحسن، .. والدعاءُ بنصر الحقِّ ودحضِ الباطل نُصحٌ لله ولكتابه ولرسولِه ولأئمة المُسلمين وعامَّتهم، فلا يزهَدُ في الدعاء ولا يهجُرُه إلا من أضاعَ حظَّ نفسِه في الدنيا والآخرة، وأضاعَ ما يجبُ عليه للإسلام والمُسلمين.. ولو تتبَّعنا آثارَ الدعاء وبركاته وخيراته ونتائجَه العجيبة الطيبة، لطال السَّرْدُ، وحسبُنا ما أشرنا إليه.
وأشار الشيخ إلى أن للدعاءِ شُروطًا وآدابًا؛ فمن شروط الدعاء: أكلُ الحلال، ولُبس الحلال، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقَّاص: «يا سعد! أطِب مطعمَك تُستجَب دعوتُك».
ومن شروطه: التمسُّك بالسنَّة، والاستِجابةُ لله تعالى بفعلِ أوامره واجتِناب نواهِيه، فمن استجابَ لله استجابَ الله له، قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186]، وقال تعالى: (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [الشورى: 26].
وأما المظلُوم فيُستجابُ له ولو كان كافرًا أو مُبتدِعًا.
ومن شرط الدعاء: الإخلاصُ وحُضور القلب، والإلحاحُ على الله، وصِدقُ الالتجاء إلى الربِّ تعالى، قال - سبحانه -: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [غافر: 14]. وفي الحديث: «لا يقبلُ الله الدعاءَ من قلبٍ ساهٍ لاهٍ غافلٍ».
ومن شروطه: ألا يدعُو بإثمٍ ولا قطيعة رحِم، وألا يعتدِيَ في الدعاء.
وأكَّد الشيخ أن من أسباب إجابة الدعاء: الثناءُ على الله تعالى بأسمائِه الحُسنى وصفاته العُلى، والصلاةُ على النبي - عليه الصلاة والسلام -،.. ومن آداب الدعاء وشروط قبوله: ألا يستعجِل الإجابة، بل يصبِرُ ويُداوِمُ على الدعاء، .. فدوامُ الدعاء معه الإجابة، وعلى المُسلم أن يتحرَّى أوقاتَ الإجابة، وعند رؤية الكعبة، وعند نزول الغيث، وعند الاضطرار، وبعد خَتم القرآن، وبعد الصدقة.
وقال حفظه الله: فما أعظمَ سعادةَ وفلاحَ وأجرَ من عكَفَ قلبُه على الله –تعالى-، يدعُوه ويرجُوه ويتوكَّلُ عليه، ويستعينُ به، ويُلِحُّ الدعاءَ على الله، وما أشقَى وما أشدَّ شركَ وكُفرَ من يدعُو الأضرحة والقبور وأصحاب القبور، أو يستغيثُ بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، أو الأولياء، أو يدعُوهم من دون الله تعالى، أو يرفع حاجاته لمَلَكٍ مُقرَّب، أو نبيٍّ مُرسَل. فإن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - جاؤوا لدعوة الناس أن يخُصُّوا الله تعالى بالدعاء، ويُفرِدوه وحدَه بالعبادة والدعاء. وهذا كتابُ الله تعالى، وأحاديثُ رسولِه - صلى الله عليه وسلم - تُبيِّنُ لك أن الدعاءَ هو العبادة، وأنه يختصُّ بالله - عز وجل -، وهو حقُّه على العباد، لا يُصرَفُ إلا لله؛ فمن أشركَ مع الله أحدًا في الدعاء فهو مُشرِكٌ شِركًا أكبر.
وختم الشيخ خطبته بالحث على الإكثار من الدعاء فقال: كُونوا إلى الله راغِبين، ولدُعائِه مُداوِمين، فما خابَ من دعاه، ولا حُرِم من رَجاه، وكلُّ إنسانٍ له حاجاتٌ مُتجدِّدة، ومطالِبُ في كل وقتٍ مُتعدِّدة، فليسأَل كلُّ أحدٍ ربَّه ما يعلمُه خيرًا له، وليستعِذ بالله مما يعلمُه شرًّا. وأعظمُ سُؤلٍ هو رِضوانُ الله والجنة، وأعظمُ ما يُستعاذُ منه هو النار.
وليُلِحَّ المُسلمُ على ربِّه في المطلَبِ الذي يهمُّه، فالله غنيٌّ حميدٌ كريم، جوادٌ عظيمٌ قادِر، قال الله تعالى في الحديث القُدسيِّ: «يا عبادي! لو أن أولَكم وآخرَكم، وإنسَكم وجنَّكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسأَلوني فأعطيتُ كلَّ واحدٍ منهم مسألتَه ما نقصَ ذلك مما عندي إلا كما ينقُصُ المِخيَطُ إذا أُدخِلَ البحر» (رواه مسلم من حديث أبي ذرٍّ - رضي الله عنه -). وفي الحديث: «من لم يسأل اللهَ يغضَب عليه».
ويُستحبُّ للمُسلم أن يتخيَّر جوامِع الدعاء الوارِد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كقوله تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201]، وكان النبي يدعُو بها كثيرًا. ومثلُ: اللهم إني أسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عمل، وأعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم