مختصر خطبتي الحرمين 7 ربيع الأول 1437هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

إن الأمة متى صدقَت في الإيمان بالله - جل وعلا -، والاهتِداء برسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك هو المُحرِّكُ والقائدُ مهما ضُحِّيَت بمصالح الدنيا، متى كان ذلك قائدًا لحياتها، وسيدًا لتوجُّهاتها وتحرُّكاتها - كما كانت الأمة سابقًا - حصل لها الأمنُ بكل مُقوِّماته، وشتَّى صوره؛ الأمنُ من الأعداء والمخاطر، الأمنُ من المخاوف والأضرار. متى قام المُسلمون جميعًا بحقائق دينهم ومبادئ إسلامهم، وجانَبُوا الأهواء والشهوات المُحرَّمة المُتنوِّعة، وعملوا بصدقٍ للإسلام، مع الأخذ بالأسباب وإعداد العُدَّة، والأخذ بالوسائل التي أمرَ الله بها، عندئذٍ يُمكِّنُهم الله - جل وعلا - من الأرض، ويُقوِّي شوكتَهم، ويُعزُّ كلمتَهم، ويُرهِبُ بهم أعداءَهم...

 

 

 

 

مكة المكرمة:

 

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "السيرة النبوية المخرج من الفتن"، والتي تحدَّث فيها عن سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، بأنها منهاجُ حياة يجبُ على كل مسلم فهمها واتباع ما جاء فيها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مُبيِّنًا أن المخرج من الفتن والأزمات المحيطة بالأمة في دراسة هذه السيرة العطِرة والنَّهل من معينها، كما أثنى الشيخ على التحالف الإسلامي الكبير في توحيد صفوف الأمة ضد الأخطار المحدقة بها و ضد الجماعات الإرهابية إي كان انتمائها.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله - رحمكم الله -؛ فإنما تُوعدون لآت. فتدارَكوا الهفَوات قبل الفوَات .. واستكثِروا من الصالحات.

 

وأضاف الشيخ: لقد طال على كثيرٍ من المُسلمين الأمَد، واشتدَّ من الأعداء المكرُ والتسلُّط، جدَّ الأعداءُ في إبعاد المُسلمين عن دينهم، فبرزَ الضعفُ والهوان في كثيرٍ من الديار، وجهِلوا ما جهِلوا من حقائق العقيدة والشريعة، فنزلوا عن مكانتهم واستِقلالهم، ليقتاتوا على بقايا من موائِد حضارات الآخرين، استعبدَتهم أُمم لا تُذكرُ معهم في عدٍّ ولا حساب.

 

وقال وحفظه الله: وحين تكثُر الفتن، وتتوالَى المُدلهِمَّات والنوازِل والمُحدثَات، يبحثُ الناسُ عن مخرَج، ويسألون عن المنجَى والمُلتجَأ. ولئن كان ذلك شاقًّا وعسيرًا على بعض الأُمم والبُلدان، فكيف يكون ذلك عند أهل الإسلام؟! وعندهم الصراط المُستقيم، والنور والهدى، ورائدُهم وقائدُهم وقُدوتُهم وأُسوتُهم هو الهادي البشير، والسراجُ المُنير محمدٌ - صلى الله عليه وآله وسلم -. وهو القائل: «تركتُ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي: كتابَ الله وسُنَّتي».

 

وأكد الشيخ أن أي حياةٍ فاضلة لا بُدَّ لها من رائد، وكل مسيرةٍ ناجِحة لا بُدَّ لها من قائِد. ومَن غَيرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رائدٌ للحياة، وقائدٌ للأحياء؟! وهو الرائدُ الأمين، والمُبلِّغُ الأمين - عليه من الله أزكَى الصلاة وأتمُّ التسليم -. وهل كان رفعُ ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم والليلة خمس مراتٍ، يُنادَى باسمه الشريف عبر الأثير إلا لتتواصَل معه النفوسُ والأرواحُ من غير انقِطاعٍ ولا ليومٍ واحد، بل ولا جزءٍ من يوم.

 

وأشار الشيخ إلى أنه من أجل هذا كلِّه فقد حُفِظت سُنَّتُه وسيرتُه؛ لأنها الترجمةُ المأثورة لحياة هذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -. هذه السيرة المُتميِّزة لشمولها وكمالها، سيرةُ نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - هي المصدرُ الحي، والينبوع المُتدفِّق للحياة الإسلامية والمنهج الإسلامي المُستقيم، وهي المخرجُ، وهي المحجَّة. إنها أصحُّ سيرةٍ لتأريخ نبيٍّ مُرسَل، سيرةُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ليست مُجرَّد تاريخٍ يُروى، أو قصةٍ تُسرَد، أو واقعةٍ تُحكَى؛ ولكنها تسجيلٌ دقيقٌ لحياة رجلٍ اختارَه الله واصطفاه لرسالته، وأحاطه بعنايته ورعايته، وخصَّه منذ ولادته بخصائص ليست لأحدٍ غيره،..

 

 وبيَّن الشيخ أن من هنا أخطأ من أخطأ من المُستشرقين والمُستغرِبين، ومن سارَ على منهاجهم، وهم يدرُسون سيرةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وحياتَه؛ لأنهم نظروا إليها على أنها تأريخٌ إنسانيٌّ بحت. ومن أجل هذا، فإن أي دراسةٍ للسيرة تتجاهل أو تتغافلُ عن هذه الخصائص النبوية، وتجعلُها تأريخًا بشريًّا مُجرَّدًا، فسوف تقعُ في أغلاطٍ في المنهج، وفي التفسير، وفي النتائِج؛ بل قد يقعون في تخبُّطٍ وتناقُضٍ وجهلٍ وضلال. أما من تعمَّد السلوكَ المُعوَجَّ بقصد التشكيك أو التحريف أو الإبطال، فإن الله يُحبِطُ عمله، ويرُدُّ كيدَه في نحره.

 

وأضاف الشيخ: لما كان ذلك كذلك حفِظ الله لنا هذه السيرة النبوية، حفظًا لم يكن لأحدٍ قبلَه ولا بعدَه - عليه الصلاة والسلام -، وهيَّأ لها من أهل العلم والفقه والتحقيق والتوثيق ما يبهَرُ العقول، ويُبهِجُ النفوس، ويُقيمُ الحُجَّة. فحظِيَت السيرةُ بتوثيقها كتابًا وسنَّة، توثيقًا مُتواترًا، نقلاً في السطور، واستيعابًا في الصدور، ومُقترِنًا بمشاعر التعظيم والإجلال، ومُمتزِجًا بصادق الحب والتقدير. ومنهجُ علماء الحديث - رفع الله قدرَهم، وأعلى مقامَهم - في التوثيق هو المنهجُ الذي اختصَّ به أهلَ الإسلام في توثيق ما نُقل عن نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، في شأنه كلِّه، تحريرًا وحفظًا وضبطًا، وصيانةً عن الروايات الموضوعة والمكذوبة، وتمييزًا للضعيف من الصحيح والحسن، في درجاتٍ من الضبط والإتقان.

 

وبيَّن الشيخ أن سيرة نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ليست هي سردَ الروايات، وتتبُّع الأحداث في حياته - عليه الصلاة والسلام -؛ بل السيرةُ في معناها الشامل، ومبناها المُتكامل هي حياتُه ومنهجُه وهديُه وسمتُه، ودينُه ودعوتُه، واقتِفاءُ كل ما صحَّ به النقلُ عنه، إيمانًا وتوحيدًا، وأحكامًا وأخلاقًا في شأن الحياة كلِّها. ذلك أن حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيرتَه هي التفسيرُ الحي لنصوص الشريعة كتابًا وسُنَّة؛ فالسيرةُ لا تنحصِرُ في التفسير اللفظيِّ وحدَه، السيرةُ توحيدٌ في مواجهة الشرك والوثنية والخرافة، ووحدةٌ في مواجهة الفُرقة والتشتُّت، ودولةٌ في مواجهة القبيلة والعشيرة، وحكمٌ وتشريعٌ في مواجهة الأعراف والتقاليد، وأمةٌ في مواجهة التحزُّب والعصبية، وإصلاحٌ وإعمارٌ في مواجهة التخريب والفساد، وعلمٌ في مواجهة الجهل والأمية.

 

وأشار الشيخ إلى جهود الدولة السعودية فقال: إن من بوادِر الخير، وبشائر السعد ما وفَّق الله له هذه الدولة المُباركة من مساعٍ مشكُورة، ومُبادراتٍ مذكورة. في تاريخ هذه الدولة السعودية المُباركة تقديمُ العمل قبل القول، تأريخٌ وإنجازاتٌ تُؤكِّدُ مكانةَ المملكة وأهميتها ودورها في صياغة الواقع الإسلامي، والمُشاركة الفاعِلة في العالَم كلِّه بمُتغيِّراته ومُتطلَّباته. إن هذه الدولة المُباركة هي من تحتضِنُ في أرضها منظمة التعاوُن الإسلامي، ورابطة العالَم الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، ومجلس التعاوُن الخليجي، مضمومًا إلى ذلك جهودُها وأعمالُها المعهُودة والمعروفة في الإغاثة والتنمية للمُجتمعات الإسلامية..

 

وختم الشيخ خطبته بالإشادة بالتحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب فقال: تحالُفٌ إسلاميٌّ مُبارَك، ينقُلُ الدولَ الإسلامية من ردَّة الفعل إلى صناعة الفعل والمُبادرة به، والاستِباق لما يستدعي الاستِباق. حزمٌ وأمل، وانعِتاقٌ من التبعيَّة، تحالُفٌ يُعزِّزُ اللُّحمةَ الإسلامية، ويفضحُ القوى الانتهازية والشريرة التي تريدُ النَّيلَ من المصلحة الإسلامية العُليا من أجل مصالحها الضيِّقة، تحالُفٌ يحسِمُ - بإذن الله - العبثَ بالمنطقة وبديار الإسلام. تحالُفٌ من أجل عزَّة دين الله، وكرامة الأمة، والعيش الكريم، والاستقرار، والنهوض والتنمية. وبيَّن أن هذا الإرهاب وإن وُجِد فيه من ينتمي لأهل السنة، فإنه ليس مقصورًا عليهم؛ بل هناك أكثر من ثلاثين منظمة إرهابية من المذاهب والطوائِف الأخرى، كلُّها تقتُل على الهوية، وتُسهِمُ في تشريد الشعوب، وتمزيق الدول، وتشتُّت الأُسر، وتخدِمُ الفوضَى الخلاَّقة.

 

 

المدينة المنورة:

 

ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: " وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته"، والتي تحدَّث فيها عن الحلول الحقيقية لمُشكلات الأمة وأزماتها التي تمرُّ بها في كل وقتٍ وحين، من خلال وصيَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباسٍ - رضي الله عنهما - بحفظ الله تعالى في اتباع أوامره واجتناب نواهيه، وقد عرَّج على أبرز معاني الحديث وفوائده.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: أُوصِيكم ونفسي بتقوى الله - جل وعلا -، وطاعته في السرِّ والنجوى؛ فإن طاعتَه هي الفلاح، وتقواه هو الفوز.

 

وأضاف الشيخ: في خِضمِّ ما تمرُّ به أمَّتُنا من المُشكلات المُتعدِّدة، من سياسيةٍ واجتماعيةٍ وأمنيةٍ وغيرها، فإن العُقلاء يتطلَّعون لرؤيةٍ مُستقبليَّةٍ تُنقِذُ الأمةَ مما هي فيه. وقد أدلَى المُثقَّفون برؤيتهم، والساسةُ بحلولهم، والمُفكِّرون بنظراتهم. تعدَّدت عندهم التحليلاتُ للأسباب، وتنوَّعت النظراتُ للمخارِج والحلول، وكثُرت المُؤتمرات والاجتماعات، ولكن لا جدوَى ولا نفعَ من ذلك. وقد آنَ الأوان للأمة جمعاء - شعوبًا وأفرادًا، حُكّامًا ومحكومين - أن يتبصَّروا الحقيقة وأن يستجْلُوا الحلول الناجحة من مُنطلقات ثوابت دينهم، ومُرتكزات أصولهم، فإن الأمةَ اليوم لن تجِد الحلول الناجحة لأدوائِها، والمخارِج لأزماتها ومُشكلاتها إلا من فهمٍ صحيحٍ من كتاب الله - جل وعلا -، واستِلهامٍ من سُنَّة نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.

 

وقال حفظه الله: اسمعوا واعقِلوا وصيَّةً عظيمةً صدرَت من مُعلِّم البشرية وسيِّد الخليقة نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وهو يُوجِّهُ للأمة وثيقةً خالدةً، تصلُح بها حياتُها وأُخراها، وتُفلِح بها في كل عصرٍ وحين.

 

وأكد الشيخ أن العزَّ في تحقيق هذه الوصيَّة مضمونٌ، والمجدَ في الدارَين بتنفيذ بنودها مرهُون.. لأنها وثيقةٌ تصدُر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تربط المُسلمين بالأصالة مع اتصالهم بالعصر الذي يعيشُون فيه. وثيقةٌ ووصيةٌ تحقيقُها هو الضامنُ الأوحد للتحديات التي تُواجه الأمة الإسلامية، وتستهدِفُ قيمَها ومُقدَّراتها وخصائصها. قال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -: كنتُ خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فقال لي: «يا غُلام! إني أُعلِّمُك كلماتٍ: احفَظ الله يحفَظك، احفَظ الله تجِده تُجاهَك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله، واعلَم أن الأمةَ لو اجتمعَت على أن ينفعوك بشيءٍ لن ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبَه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لن يضُرُّوك إلا بشيءٍ قد كتبَه الله عليك، رُفِعت الأقلامُ، وجفَّت الصُّحُف»؛ رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيح".

 

وقال وفقه الله: حفظُ الله المُراد في هذا الحديث: هو حفظُ حدوده، والالتِزامُ بحقوقه، والوقوف عند أوامره بالامتِثال، وعند مناهيه بالاجتِناب، حفظٌ يُوجبُ على الإنسان أن يحفَظ الرأسَ وما وعَى، والبطنَ وما حوَى. حفظٌ يمنعُ الجوارِح من الزَّلَل، والحواسَّ عن الخلَل. حفظٌ يُوجبُ على الأمة أن تضبط شهواتها أن تميلَ بها إلى الضلال، أو أن تجنَحَ بهم عن مبادئ القِيَم وكريم الخِلال.

 

وأكد الشيخ أن من قواعد الدين: أن الجزاءَ من جنسِ العمل؛ فمن حقَّق حفظَ الله بالمعنى المُتقدِّم تحقَّق له حفظُ الله - جل وعلا -، ورعايتُه وعنايتُه، ونصرُه وتمكينُه، حفظًا يشملُ دينَه ودُنياه، ويُحقِّقُ له المصالِح بأنواعها، ويدفعُ عنه الأضرار بشتَّى أشكالها. فوالله! لو أن الأمة حفِظَت حدودَ الله كما ينبغي، وكما أمر به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، لجعل الله لها من كل همٍّ فرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا.

 

وأضاف الشيخ: إن الأمة على مُستوى آحادها ومُجتمعاتها، وبمُختلف مسؤولياتها وتنوُّع مكانتها، متى حفِظَت دينَ الله فحقَّقَت الإيمانَ الصادقَ به، واستسلمَت لأمره بصدقٍ وإخلاصٍ في كل شأنٍ، وتخلَّصَت من أهواء النفوس وشهوات القلوب، وكانت أحوالُها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرُها على مُقتضى منهج الله وسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. متى جعلَت الإسلام الصافي منهجًا كاملاً لحياتها في كل أطوارها ومراحلها، وفي جميع علاقاتها وارتباطاتها، وفي كل حركاتها وسكَناتها، حينئذٍ فقط يتحقَّقُ لها حفظُ الله من كل المكارِه والمشاقِّ والأزمات والمِحَن التي تُعاني منها وستُعاني.

 

وقال حفظه الله: إن الأمة متى صدقَت في الإيمان بالله - جل وعلا -، والاهتِداء برسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك هو المُحرِّكُ والقائدُ مهما ضُحِّيَت بمصالح الدنيا، متى كان ذلك قائدًا لحياتها، وسيدًا لتوجُّهاتها وتحرُّكاتها - كما كانت الأمة سابقًا - حصل لها الأمنُ بكل مُقوِّماته، وشتَّى صوره؛ الأمنُ من الأعداء والمخاطر، الأمنُ من المخاوف والأضرار. متى قام المُسلمون جميعًا بحقائق دينهم ومبادئ إسلامهم، وجانَبُوا الأهواء والشهوات المُحرَّمة المُتنوِّعة، وعملوا بصدقٍ للإسلام، مع الأخذ بالأسباب وإعداد العُدَّة، والأخذ بالوسائل التي أمرَ الله بها، عندئذٍ يُمكِّنُهم الله - جل وعلا - من الأرض، ويُقوِّي شوكتَهم، ويُعزُّ كلمتَهم، ويُرهِبُ بهم أعداءَهم، ويعمُّ لهم الخير والعدل والسلام.

 

وأكد الشيخ أن الأمةَ الإسلامية متى وقع بها البلاءُ وقاسَت الابتلاء، وخافَت فطلبَت الأمن، وذلَّت فطلبَت العزَّة، وتخلَّفَت فطلبَت الاستخلاف والاستقرار، كما هو حالُ أمتنا اليوم؛ فلن تجِد لذلك سبيلاً طريقًا، ولن يتحقَّق لها شيءٌ مما تبتغي حتى تقوم بشرط الله - جل وعلا -، من القيامِ بطاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والرِّضا التامِ بشريعةِ الإسلام، وتحقيقِ النهجِ المُرتضَى. فحينئذٍ فقط يرتفعُ عنها الفسادُ والانحِدار، ويزولُ منها الخوفُ والقلقُ والاضطرابُ، ولن تقِفَ إذًا في طريقِها قوةٌ من قُوَى الأرض جميعًا، وإلا فستزيدُ مُعاناتُها، ويرتفعُ شقاؤُها.

 

وتعجب الشيخ من بعض صور الإعراض عن الشرع فقال: كيف يتحقَّقُ الوعدُ بالحفظ لقومٍ أعرضوا عن تحقيق الوحيين، وهرعُوا إلى القوانين الوضعية، والدساتير البشرية، كما هو حالُ الأمة منذ أكثر من قرنٍ؟! ولا يزالُ كثير من بُلدانهم على تلك الحال، كيف يتمُّ النصرُ والعزُّ والصلاحُ لقومٍ كثُر فيهم التوجُّه إلى غير الله - جل وعلا -، كما هو الحالُ عند بعض الأضرحة في مواطن لا تخفَى من بلاد المُسلمين؟! كيف يُفلِحُ قومٌ قام منهجُهم الاقتصاديُّ على الرِّبا المُحرَّم والتعامُلات التي تُخالفُ كتابَ الله وسُنَة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، اقتداءً بالشرق أو الغرب؟!

 

وأضاف: كيف تنجُو أمةٌ قد فشَت فيها كثيرٌ من القبائِح والمُنكرات، كما هو الحالُ في بعض بُلدان المُسلمين اليوم؟! كيف يعلُو قومٌ انتشرَت فيهم الرِّشوةُ والمحسوبية، وغزاهم في تعامُلاتهم الكذبُ والفجورُ والغشُّ والخداعُ، وغابَ عنهم في كثيرٍ من التعامُلات الصدقُ، وغابَت الأمانة بكل مُقوِّماتها وأشكالها؟!  كيف تصلُح أحوالُ كثيرٍ من المُسلمين، وقد فُقد عند بعض أبنائِها لواءُ الحب في الله - جل وعلا -، والبُغض فيه، وأصبحَت الدنيا هي الحاكمُ في الولاء والبراء؟!

 

وختم الشيخ خطبته بالوصية بالعمل على حفظ دماء المسلمين ورفع الضر عن المنكوبين من المسلمين، فقال: تمرُّ الأيام، تمرُّ اللحظات، وإخوانُنا في مواطن مُختلفة يعلمُها كل أحدٍ يُعانون من مشاهد مُرعِبة من الدماء والأشلاء، والتشريد والتقتيل، يستحيلُ أن تمحُوها الأيام، أو تنساها الذاكرة. ألا فليعلَم العالَمُ كلُّه أن الحلَّ كلَّ الحلِّ في إعطاء الحقوق لأصحابها، ونشر العدل الحقيقي بين البشرية، وحفظ الكرامة الإنسانية التي جاء بها الإسلام، وإلا فسينالُ ضررُها ويعمُّ شررُها العالَم كلَّه. الأمرُ جدُّ خطيرٍ، والواجبُ عظيم، والمسؤوليةُ أمام الله كبيرة في نصرة قضايا المُسلمين، والوقوف مع إخواننا المؤمنين، لا لشيءٍ من المصالِح إلا لوجه الله - جل وعلا -، والقيام بالواجبِ الإيمانيِّ الذي افترضَه الله - جل وعلا - علينا جميعًا.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات