مختصر خطبتي الحرمين 20 ذي القعدة 1436هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

وإن من أجلِّ العبادات التي تتجلَّى فيها حقائِقُ التوحيد ومعانِيه ودلائِلُه: عبادةَ الحجِّ التي ستُظلُّنا بعد أيامٍ -بإذن الله-، تلكُم العبادةُ العظيمة التي تزخَرُ بالدلائل والبراهين على التوحيد، ومناسِكُها وشعائِرُها آياتٌ بيِّناتٌ، ودلائِلُ باهراتٌ على العلاقة الراسِخة بين التوحيد والحجِّ. حيث إن من أعظم مقاصِد الحجِّ وتكراره كل سنةٍ: إعلانَ التوحيد وترسيخَه في القلوب، وإقامةَ ذكر الله تعالى في التلبية، والإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة ومُزدلفة، ورمي الجِمار والنحر، ..

 

 

 

 

مكة المكرمة:

 

ألقى فضيلة الشيخ خالد الغامدي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التوحيد وعلاقته بالحج"، والتي تحدَّث فيها عن التوحيد وأهميته وفضله، وأنه دعوة الرُّسُل، والذي من أجله خلقَ الله الخلقَ وأوجدَهم في هذه الدنيا، وذلك في ضوء آياتٍ من القرآن الكريم وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما بيَّن في آخر خُطبته العلاقة التي تربِطُ بين الحجِّ والتوحيد في المناسِك كلِّها.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: فأُوصيكم ونفسي - عباد الله - بتقوى الله في الغيب والشهادة؛ فإن المُتقين هم أولياءُ الله لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزَنون.

 

وأضاف الشيخ: إن أعظمَ ما يُستفتَحُ به المقال، وتُسطَّر فيه الأقلام، وتفنَى فيه الأعمارُ هو تحقيقُ التوحيد الخالِص لله، الذي بيدِه مقاليدُ السماوات والأرض. يرفعُ من يشاءُ بفضلِه، ويخفِضُ من يشاءُ بعدلِه، يُعزُّ من يشاء، ويُذلُّ من يشاء، أحاطَ بكل شيءٍ علمًا وقُدرة، فما من دابَّةٍ في الأرض، ولا طائرٍ يطيرُ بجناحَيه، وما تسقُط من ورقة، وما يلِجُ من شيءٍ في الأرض وما يخرُج منها، وما ينزلُ من شيءٍ من السماء وما يعرُجُ فيها، ولا حبَّةٍ في ظُلمات البرِّ والبحر، ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا وسِعَه علمُ الله، وأحاطَت به قُدرةُ الله وسُلطانُه.

 

وقال حفظه الله: أكبرُ المقاصِد، وأهمُّ المطالِب، وقضيَّةُ القضايا، ولُبُّ دعوة الرُّسل: تحقيقُ التوحيد لله تعالى وإفرادُه بالربوبية والألوهية، إنها قضيَّةُ الكون والحياة، وسرُّ القرآن وأساسُه. ما قامَت السماوات والأرض، ولا نُصِبَت الموازين، ولا خُلِقَت الجنةُ والنار، ولا أُرسِلَت الرُّسُل، وبُعِثَت الأنبياءُ وأُنزِلَت الكتب، ولا أُقيمَ علَمُ الجهاد إلا من أجل التوحيد وتحقيقه، وتقريره في النفوس والقلوب. التوحيد أعظمُ الحقوق .. التوحيدُ حقُّ الله الأعظمُ على العبيد، وصراطُه الأقوم .. وأولُ دعوة الرُّسُل .. ومُفتَتحُ خطاب الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - لأقوامهم.

 

وقال وفقه الله: وأعظمُ الرُّسُل، وسيِّدُ الأنبياء، وإمامُ الدعوة - صلى الله عليه وآله وسلم - مكثَ يدعُو إلى التوحيد ولوازمِه وتكاليفِه، ويُحذِّرُ من الشرك وأنواعه ووسائلِه ثلاثًا وعشرين سنةً في مكة والمدينة، ما فترَ - عليه الصلاة والسلام -، ولا توانَى، ولا استكانَ، وهو يُقرِّر التوحيدَ ومسائلَه بأساليب مُتنوِّعة في كل خُطبه ومواعِظه ومجالسِه - صلى الله عليه وآله وسلم -.

 

وأضاف فضيلته: إن التوحيدَ بدايةُ الإسلام وختامُه، وأولُ الدعوة وآخرُها، والقرآنُ كلُّه من أوله إلى آخره إنما هو دعوةٌ إلى التوحيد وتحقيقِه، وتربيةٌ للعقول والقلوب على حقائِق التوحيد ومعانِيه، وأمرٌ بلوازِمِه ومُقتضياتِه؛ من أحكامٍ، وتشريعٍ، وأخلاقٍ، وآدابٍ، ومروءاتٍ، وبيانٌ لجزاء أهل التوحيد وإكرام الله لهم. كما أن في القرآن العظيم التحذيرَ الشديدَ من الشرك وصوره، (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: 72].

 

وقال حفظه الله: القرآنُ العظيمُ الذي هو عهدُ الله الأخير للبشرية كلُّه حديثٌ عن التوحيد وحقوقه وواجباته ونواقِضِه. فلا عجبَ إذًا - يا مُسلمون - ولا غرْوَ أن يكون هو التوحيدُ هو سرَّ القرآن ولُبَّ الإيمان، كما قرَّر ذلك كلَّه شيخُ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم - رحمة الله عليهما -.

 

وقال وفقه الله: إن حقيقةَ التوحيد الذي دعَت إليه الرُّسلُ - عليهم الصلاة والسلام - هو: إفرادُ الله تعالى بكل ألوان العبادة، والتوجُّه إليه - سبحانه - وحده بالقصد والعمل، ومعرفتُه - سبحانه - بأسمائِه وصفاته وأفعاله، فتنجذِبُ إليه - سبحانه - الأرواحُ والقلوب، وتقطعُ التعلُّق بمن سِواه كائنًا من كان، وتتحرَّرُ النفوسُ من عبودية الشهوات ورِقِّ الشبهات، وأسر المطامِع والأهواء، وتتخلَّصُ القلوبُ من الخُضوع للمخلوقين والعمل لأجلهم رجاءً وخوفًا وطمعًا، وتُوقِنُ الأفئدةُ إيقانًا لا شكَّ فيه أنه لا رازِق إلا الله، ولا مُدبِّر ولا مُصرِّف للكون غيرُ الله، ولا مُعينَ ولا ناصرَ ولا مانِعَ ولا مُعطِيَ ولا رافعَ ولا خافِضَ ولا مُحيِي ولا مُميتَ، إلا الله وحده لا شريك له.

 

وأضاف الشيخ: إن القلبَ إذا امتلأَ بحقائِق الإيمان وتوحيده ومعرفة الله وإجلاله، صفا وأشرقَ واستنارَ، وعلمَ حقيقةَ الدنيا، وحقيقةَ وجوده في هذه الحياة. فيعيشُ في سعادةٍ وانشِراح صدرٍ، ولذَّةٍ ونعيمٍ، ويُصبِحُ ويُمسِي ولا همَّ له إلا ربُّه - سبحانه -. فإذا سألَ فإنه لا يسألُ إلا الله وحده، وإذا استغاثَ فبالله وحده، وإذا توكَّل واستعانَ فعلى الله وبالله وحده، لا يرجُو إلا الله وحدَه، ولا يخافُ إلا من الله وحدَه، ولا يُعطي ولا يمنَع، ولا يغضبُ ولا يرضَى، ولا يُوالِي ولا يُعادِي إلا لله ومن أجلِ الله - سبحانه وتعالى -.

 

وقال حفظه الله: إن التوحيدَ والعقيدةَ الصحيحةَ سفينةُ النجاة، من ركِبَها نجا من ظُلمات الشرك، وأهوال الوثنيَّة، وسلِم من تخبُّطات الإلحاد، وآلام البُعد عن الله، وشقاء النفوس التي لم ترضَ بالله ربًّا وإلهًا ومُدبِّرًا حكيمًا. ولما كرِه أناسٌ الحديثَ عن العقيدة، وألصَقوا بها أفكار التطرُّف والإرهاب، استكثَروا العنايةَ بها، والحِرصَ عليها تعلُّمًا وتعليمًا ودعوةً، .. وما علِموا أنه لا صلاحَ للنفوس والقلوب إلا بأن يكون الله هو مولاها وإلهَها وربَّها ومفزعَها ومهربَها وملجأَها عند الشدائِد والأهوال، وفي كل الأحوال.

 

وقال وفقه الله:  إن التوحيد وحقائِقَه هو السِّياجُ المنيعُ للأمة من كل انحِرافٍ عقديٍّ وفِكريٍّ، أو تحلُّلٍ سلوكيٍّ وأخلاقيٍّ. إن منهجَ العقيدة الصحيحة هو العاصِمُ - بإذن الله - من قواصِم الغُلوِّ والتطرُّف والتفجير والتكفير، التي نتجَ عنها سفكُ الدماء البريئة في المساجِد وغيرها، وتكفيرُ المُسلمين أفرادًا ومُجتمعاتٍ وحكوماتٍ. وإن كلمة التوحيد تُوحِّدُ المُسلمين في مشارِق الأرض ومغاربِها، وتجمعُهم ولا تُفرِّقُهم، وتُؤلِّف بين قلوبهم في محبَّةٍ وأُخوَّةٍ وتعاطُفٍ وتناصُر، وتمنعُهم من التفرُّق والنِّزاع والشِّقاق.

 

وختم فضيلته خطبته ببيان علاقة التوحيد بالحج فقال: وإن من أجلِّ العبادات التي تتجلَّى فيها حقائِقُ التوحيد ومعانِيه ودلائِلُه: عبادةَ الحجِّ التي ستُظلُّنا بعد أيامٍ - بإذن الله -، تلكُم العبادةُ العظيمة التي تزخَرُ بالدلائل والبراهين على التوحيد، ومناسِكُها وشعائِرُها آياتٌ بيِّناتٌ، ودلائِلُ باهراتٌ على العلاقة الراسِخة بين التوحيد والحجِّ. حيث إن من أعظم مقاصِد الحجِّ وتكراره كل سنةٍ: إعلانَ التوحيد وترسيخَه في القلوب، وإقامةَ ذكر الله تعالى في التلبية، والإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة ومُزدلفة، ورمي الجِمار والنحر، وغير ذلك.

 

 

المدينة المنورة:

 

ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "أحكام في الحج"، والتي تحدَّث فيها عن الحج مع ذكر أبرز وأهم الأحكام المُتعلِّقة به؛ من حيث متى يجب، وعلى من يجب، ومتى يسقط مطلقًا أو مؤقتًا، وما إلى ذلك من أحكامٍ ضرورية، كما نبَّه في خطبته الثانية إلى غشِّ وتدليس البعض في دخول الأراضي المقدسة بدون تصاريح، وأن هذا لا يجوز.

 

واستهل الشيخ بالوصية بتقوى الله -تعالى- فقال: اتَّقوا الله فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب.

 

وأضاف الشيخ: الحجُّ أحد الأركان الخمسة التي بُنِي عليها الإسلام، يجبُ على المُكلَّف المُستطيع في العُمر مرةً واحدةً، ومن وجبَ عليه الحجُّ وأمكنَه فعلُه لزِمَه تعجيلُه، ومتى تُوفِّي من وجبَ عليه الحجُّ ولم يحُجَّ ويعتمِر، وجبَ أن يُخرَج عنه من ماله حجَّة وعُمرة، سواءٌ فاتَه بتفريطٍ أو بغير تفريطٍ، أوصَى أم لم يُوصِ.

 

وقال حفظه الله: ومن قدِر على الحجِّ بنفسه فليس له أن يستنيبَ، فإن فعل لم يُجزِئه. ومن وُجدت فيه شرائطُ وجوب الحجِّ وكان عاجزًا عنه ببدنِه، لمانعٍ ميؤوسٍ من زواله؛ كزمانةٍ أو مرضٍ لا يُرجَى زوالُه، أو كان لا يقدِرُ على الثبوت على الراحِلة إلا بمشقَّةٍ غير مُحتمِلة، أو كان شيخًا فانيًا، لزِمه أن يُقيم من يحُجُّ عنه ويعتمِر. ومن أحجَّ عن نفسه ثم عُوفِيَ لم يجب عليه حجٌّ آخر؛ لأنه أتى بما أُمر به فخرجَ من العُهدة. ومن كان يرجُو زوالَ المانع والقُدرة على الحجِّ بنفسه، أو كان يُرجى زوالُ مرضه فليس له أن يستنيبَ، فإن فعلَ لم يُجزِئه.

 

وقال وفقه الله: والفقيرُ لا يجبُ عليه الحجُّ، ولا يُحجُّ عنه، ولا بأس ببذلِ النفقة له ليحُجَّ عن نفسه، ومن بُذلَت له نفقةُ الحجِّ ولم تلحَقه بقبولها منَّةٌ ولا ضرر فلا حرجَ عليه في قبولها وأداء الحجِّ بها. ويجوزُ أخذُ الأُجرة على النيابة في الحجِّ، والأَولَى أن يأخذ النائِبُ من المُستنيبِ نفقةً ولا يأخُذ أجرًا.

 

وأضاف فضيلته: ويُستحبُّ أن يحُجَ الإنسانُ عن أبويه إن كانا ميتَين أو عاجِزين، ويبدأُ بالحجِّ عن أمِّه؛ لأنها مُقدَّمةٌ في البرِّ، ويُقدِّم واجبَ أبيه على نفلِها. وليس للرجل منعُ امرأته من حجَّة الإسلام إذا وجدَت مَحرَمًا، والمَحرمُ من استطاعة السبيل. وقال الإمام مالك - رحمه الله تعالى -: "تخرج مع جماعة النساء". وليس لمن تُوفي عنها زوجُها الخروجُ إلى الحجِّ في عدَّة الوفاة.

 

وقال حفظه الله: وتركُ التطوُّع بالحجِّ أو العُمرة في وقت شدَّة الزحام بقصد التوسيع على الضعفاء والنساء والمرضَى وكبار السنِّ، الذين قدِموا لأداء فريضة الحجِّ، تركُ ذلك أقربُ إلى البرِّ والخير والأجر والثواب. والصدقةُ أفضلُ من التطوُّع بالحجِّ أو العُمرة إذا كان ثَمَّ رحّمٌ مُحتاجة، أو كان زمنَ مجاعَة، أو وُجّد من المُسلمين من هو مُضطرٌّ إلى صدقته، ومُحتاجٌ إلى نفقَته.

 

وقال وفقه الله: ومن لم يُصرَّح له بالحجِّ من الجهات الرسمية أجَّل حجَّه وجوبًا على الصحيح حتى يُصرَّح له؛ لأن السياسة الشرعية اقتضَت تحديدَ عدد الحُجَّاج والمُعتمرين، دفعًا لمفاسِد التزاحُم والتدافُع، ومنعًا لحصول الفوضَى.

 

ونادى فضيلته الذين يحتالون للحج فقال: يا من تسلُكون مسالِك الكذب والغشِّ والحِيَل والرِّشوة، للتفلُّت من أنظمة الحجِّ .. يا من تسلُكون الدُّروب الوعِرة، والطرق الخطِرة للفرار من نقاط التفتيش الأمنية التي لم تُوضَع إلا لمصلحة الحجِّ وأمنه وسلامة الحجيج .. يا من تُخالفون الشرع، وتتعدَّون حدود الله تعالى، وترتكِبون الحرام، وتتجاوزون المواقيت ونقاط التفتيش بلا إحرام، أيَّ حجٍّ تقصِدون؟َ وأيَّ ثوابٍ تُريدون؟! وأيَّ أجرٍ ترومون وأنتم تكذِبون وتحتالُون وتُخالِفون؟! يا من تُهرِّبون المُخالفين والمُتسلِّلين الذين يُريدون الحجَّ بلا تصريح، أجرتُكم كسبٌ خبيث، ومالٌ حرام، وسُحتٌ وإثم.

 

وختم الشيخ خطبته بالحث على التمسك بالسنة والحذر من بدع القبور فقال: الزَموا السُّنن المُسندات التي رواها الثقات الأثبات، واحذَروا البدع والمُحدثات؛ فما أكثرَ من تجمَّعوا على البدع وتحشَّدوا، وعدَلوا عن السُّنن وتفرَّدوا! وأين من السُّنَّة أقوامٌ نحَت إلى القبور ترجُوها، ووجَّهت لها قلوبًا ووجوهًا، اتخذوها سندًا ومفزعًا ومُلتجَا، وبابًا وحجابًا ومُرتجا، يسجُدون على أعتابها، ويذبَحون على أبوابها، ويطوفون بأركانها، يرجُون منها كشفًا ونفعًا وشفعًا وبركةً وفيوضًا.

 

زُوَّار مسجد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -! احذَروا التمسُّح بجُدران المسجِد وأبوابه، ومنبَره ومحاريبِه؛ فالبركةُ لا تُلتمسُ في التمسُّح بالجمادات. احذَروا التبرُك بتربة القبور، أو الاستِشفاءَ بها، أو رمي الأطعمة والحبوب والنقود عليها، أو سُؤال أصحابها؛ فإن ذلك من أفعال الجاهلين. تلقَّى الله سعيَكم بالقبول والإثابة، ودعاءَكم بالرضا والإجابة، وساقَ لكم الرزقَ وفتحَ لكم أبوابَه.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات