مختصر خطبتي الحرمين 5 شوال 1435هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها، كما قال الحافظُ ابن رجب - رحمه الله -: "مقاديرُ للآجال، ومواقيتُ للأعمال، ثم تنقضِي سريعًا، وتمضِي جميعًا، وأن الذي أوجدَها وأبدعَها وخصَّها بالفضائل وأودعَها باقٍ لا يزولُ، ودائمٌ لا يحُول، وهو في جميع الأوقات إلهٌ واحدٌ، ولأعمال عباده رقيبٌ مُشاهِد".

 

 

 

ألقى فضيلة الشيخ أسامة بن عبد الله خياط - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "المداومة على الطاعات بعد رمضان"، والتي تحدَّث فيها عن استمرار العباد في طاعاتهم بعد شهر رمضان، وأن هذا دليل قبول العبادة في رمضان.

 

وأوصى فضيلته المصلين بتقوى الله -عز وجل– والحذر من لهو الحياة ولغوها، والاغتِرار بزُخرفها وزينتها، والاستِمتاع بزهرتها، حتى لا تضِلُّ أفهام فريق من الناس، وتلتاثُ عقولُهم، وتضطربُ مسيرتُهم، فيُدرِكُهم قدرٌ من السآمة والملل يبعثُ على الإدبار من بعد الإقبال، وعلى الفتور بعد الهمَّة، وعلى القطع بعد الوصل.

 

وأضاف فضيلته واصفًا أحوال كثير من المسلمين بعد انقضاء شهر رمضان .. وقد كلَّت منهم العزائِم التي كانت فيه ماضِية، وخبَت جذوةُ الجدِّ والنشاط التي كانت فيه مُتَّقِدة. فاستبدَلوا الذي هو أدنَى بالذي هو خيرٌ، بالعزوفِ عما كانوا عليه من استِباقِ الخيرات، وتنافُسٍ في الباقيات الصالحات، وعِمارةٍ للأوقات بألوان القُربات..

 

وأشار الشيخ إلى أن السلف الصالح - رضوان الله عليهم – ذموا من قصرَ عبادتَه واجتهادَه على رمضان، فقال بعضُهم: "بئسَ القوم قومٌ لا يعرِفون الله حقًّا إلا في شهر رمضان، إن الصالحَ الذي يتعبَّد ويجتهِدُ السنة كلها". وسُئِل بعضُهم: أيُّما أفضلُ: رجب أم شعبان؟ فقال: "كن ربَّانيًّا ولا تكُن شعبانيًّا".

 

وبين فضيلته أن مما يُعينُ اللَّبيبَ على المُداومة على الأعمال: أن يعلمَ أن مُعاودَة العبادة - لاسيَّما الصيام - بعد شهر رمضان علامةٌ على قبول الله تعالى لصوم رمضان؛ فإن الله تعالى إذا تقبَّل من عبدٍ طاعتَه وفَّقَه لعملٍ صالحٍ يُعقِبُها. كما قال بعضُهم: "ثوابُ الحسنةِ الحسنةُ بعدها".

 

وبيّن الشيخ أن وصلَ البرِّ بالبرِّ، وإتباعَ الخير بالخير، والحسنةَ بالحسنة آيةٌ بيِّنةٌ على كمال الوعي، وصحَّة الفهم، وتمام التوفيق الذي حظِيَ به المتقون والصفوةُ من عباد الرحمن، الذين يرَون في استِدامة أمَد الطاعة وفي امتِداد زمنها نعيمًا لا يعدِلُه نعيمٌ، وأملاً لا يُماثِلُه أملٌ في الظَّفَر بجميل الموعود الوارِد في قوله - سبحانه -:  (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [المرسلات: 41- 44]...

 

وأضاف الشيخ قائلاً: ولئن كان شهرُ رمضان ميدان تنافُس الأبرار، ومضمارَ تسابُق الأخيار، وعامِلَ تهذيب، وباعِثَ ترويضٍ لنفوسِ أهل الإسلام، ومدرسةً للسمُوِّ الروحيِّ، والتكمُّل النفسيِّ، والإصلاح الخُلُقيِّ والاجتماعيِّ؛ فإن المؤمن يجِدُ في صيام ستٍّ من شوال الذي جاء الحثُّ عليه والترغيبُ فيه، فيما أخرجه الإمام مسلمٌ - رحمه الله -، من حديث أبي أيوب الأنصاريِّ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من صامَ رمضانَ ثم أتبعَه ستًّا من شوال كان كصِيام الدَّهر».

 

وأوصى الشيخ المصلين في ختام خطبته بالثبات على طاعة الله قائلاً: وحُقَّ لمن استدامَ على الطاعة، ونأَى عن سُلوك سبيل المعصِية أن تكون أيامُه كلُّها أعيادًا، كما قال الحسنُ البصريُّ - رحمه الله -: "كل يومٍ لا تعصِي اللهَ فهو عيد". وحُقَّ لمن وُفِّق إلى ذلك وأُعينَ عليه من عباد الله المُخلَصين، أن يقول قائلُهم واصِفًا واقعَه، شاكرًا لأنعُم ربِّه، داعيًا غيرَه إلى أن يحذُو حذوَه.

 

 

المدينة النبوية:

 

من جانبه ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "فضل الاستقامة على الطاعة"، والتي تحدَّث فيها عن الاستقامة على عبادة الله تعالى، ودوام ذلك، مُبيِّنًا فضلَها ومدى أثرها على حياة المسلم.

 

وأشار فضيلته إلى أن في انقِضاء رمضان المُبارَك أعظم العِبر، وأبلغ المواعِظ؛ فقد طُوِيَت صحائِفُه بما فيها، وحفِظَت أيامُه ما استُودِعَ فيها، ولن يعودَ يومٌ مضَى إلى يوم القيامة.

 

وأضاف الشيخ: فمن وفَّقه الله فيه فليحمَد الله على الطاعات، والحفظِ من المُحرَّمات، وليُداوِم على الاستِقامةَ؛ فإن الاستِقامة أعظمُ كرامة. من داومَ عليها حفِظَه الله من المُهلِكات، وسبقَ في الآخرة إلى الجنات.

 

وبين الشيخ أن العبد درجات ومنازل بعد رمضان فقال: وأفضلُ أحوال العبد: الاستقامة؛ حيث يُتبِع الحسنات الحسنات، ويكُفُّ عن السيئات، وهذه درجةُ السابقين إلى الخيرات

وأوسطُ أحوال العبد: أن يُتبِعَ السيئةَ الحسنة، بالتوبة، وبما يُكفِّرُ الذنوبَ من العمل الصالِح. وأسوأُ أحوال العباد: الانقِطاعُ عن الأعمال الصالِحات، ومُقارفَة المُحرَّمات،

 

وبيّن الشيخ أن من فاتَه في رمضان من الأعمال، وقارفَ شيئًا من المُحرَّم والغواية والضلال، فقد فتحَ الله بابَ التوبة لعباده في رمضان وفي غير رمضان، قال الله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)[طه: 82].

 

وأوصى الشيخ المصلين: ألا يفتُروا عن الاستِكثار من الخير، ولا يحقِرنَّ أحدٌ الذنبَ مهما صغُر، فإنه محفوظٌ، وله طالِبٌ يُعاقِبُ به. وألا يغترُّوا - عباد الله - بالأمل، ولا تُعوِّلوا على فُسحة الأجل، وكما مضَى رمضان وما قبلَه من الأيام، ستمضِي بعدَه الشهورُ والأعوام. فاسعَوا للآخرة سعيَها؛ تدخُلوا الجنةَ دارَ السلام..

 

وختم الشيخ خطبته بالتأكيد على أن العُمر يومٌ بعد يوم حتى تصيرَ إلى الأجل المعلوم، والقضاء المحتُوم الذي لا يتقدَّم ولا يتأخَّر. فالمُحسِن عند الموت يفرحُ بلقاء الله بما قدَّم، فيحبُّ الله لقاءَهن ويُثيبُه على عمله أعظمَ الثواب، والمُفرِّطُ يكرَه لقاءَ الله؛ لما عملَ من القبائِح، وضيَّع من الفرائض، فيكرهُ الله لقاءَه، ويُعاقِبه على أعماله.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات