مختصر خطبتي الحرمين 20 رمضان 1435هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

آيةٌ في كتاب الله تُلينُ القلوبَ القاسية .. وتُوقِظُ النفوسَ الغافِلة .. آيةٌ تستدعِي التأمُّل، وتدعُو إلى التفكُّر .. آيةٌ في كتاب الله شابَت منها رؤوسُ الأتقياء .. ووجِلَت لها قلوبُ الأولياء .. وذرَفَت لها دموعُ الخائِفِين .. واقشعرَّت منها جلودُ الوجِلِين. فلله درُّهم! ما أعظمَ تدبُّرهم للقرآن .. وأشدَّ تأثُّرهم بمواعِظِه .. ووقوفهم عند زواجِرِه. إنها قولُ الله - عزَّ شأنُه -: (وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ).

 

 

 

المسجد الحرام:

 

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "محبّطات الأعمال"، والتي تحدَّث فيها عن الأسباب التي تؤدي إلى حبوط الأعمال؛ مثل: الرياء، وذنوب الخلَوات، والإعجاب بالنفس، وما إلى ذلك، مُحذِّرًا من هذه الأمراض المُهلِكة؛ لأن صاحبَها يظنّ نفسَه قد عملَ شيئًا، ثم يجِد كل ما عملَ هباءً منثورًا.

 

وأوصى فضيلته المصلين بتقوى الله - عز وجل–، وحثَّهم على مزيد من المُحاسَبَة ورفع الهِمَّة، والأخذ بالعزائم؛ وذكرهم بهذه المعاني عبر وقفة مع آيةٍ من كتاب الله، ولا سيما مع إنابة المسلمين وإقبالهم على الله في شهر القرآن.

 

ووصف فضيلته هذه الآية بأوصاف جليلة قائلاً: آيةٌ في كتاب الله تُلينُ القلوبَ القاسية .. وتُوقِظُ النفوسَ الغافِلة .. آيةٌ تستدعِي التأمُّل، وتدعُو إلى التفكُّر .. آيةٌ في كتاب الله شابَت منها رؤوسُ الأتقياء .. ووجِلَت لها قلوبُ الأولياء .. وذرَفَت لها دموعُ الخائِفِين .. واقشعرَّت منها جلودُ الوجِلِين. فلله درُّهم! ما أعظمَ تدبُّرهم للقرآن .. وأشدَّ تأثُّرهم بمواعِظِه .. ووقوفهم عند زواجِرِه. إنها قولُ الله - عزَّ شأنُه -:  (وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) [الزمر: 47].

 

وأشار الشيخ إلى عظم خوف السلَف من هذه الآية وذكَّر المصلين بشيء من مواقف السلف، فهذا محمد بن المُنكَدر لما حضَرَته الوفاة جزِع، فدعَوا له أبا حازِم ليُخفِّفَ عنه من جزَعِه، فقال له ابنُ المُنكَدر: "إن الله يقول:  وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ، فأخافُ أن يبدُوَ لي من الله ما لم أكن أحتسِب. فجعل يبكِيَان". فقال أهلُ ابن المُنكَدر: دعوناكَ لتُخفِّف عنه، فزِدتَّه جزَعًا..

 

وحذر الشيخ من ذنوب الخلَوات، ودعا المصلين إلى الابتعاد عما يُحبِطُ الأعمال، ويأكلُ الحسنات؛ من الحسد، والرياء، والسُّمعة، والغِيبَة، والنَّميمة، والكِبر، والظُّلم، والعُجب، وأكل الحرام، وتقطيعِ الأرحام، والإسرافِ في المآكل والمشارِب والولائِم والمطاعِم، وإدمان السهر على غير طاعة الله، والإغراق والانهِماك في وسائل الإعلام ومواقع التواصُل بما لا يُفيد، والتكلُّف في تصنيفِ الخلق؛ مما يُمرِئُ الأبدان، ويُهلِكُ القلوب، ويُفسِدُ العقول، ويُشقِي النفوس، ويُشغِلُ عن الطاعة، ويصرِفُ عن النافع، ويُبعِدُ عن الجادَّة، ويُضيِّعُ المسؤوليَّات.

 

وأضاف فضيلته قائلا: يموجُ العصرُ بألوانٍ من المُخالفات، وما تبُثُّه وسائلُ الإعلام والتواصُل بمقروئِها ومسموعِها ومُشاهَدها من أنواع المُحرَّمات؛ في العقائد والسلوك، وألوان الجرائم والإجرام، ممن زُيِّن له سوءُ عملِه فرآه حسنًا، وممن ضلَّ سعيُه في الحياة الدنيا وهم يحسَبُون أنهم يُحسِنون صُنعًا. وإن من أعظم المظاهِر الصارِفة والصادَّة: الانبِهارَ بمظاهر المادَّة والعُمران، والانصِرافَ والزُّهدَ في حقائق الإيمان، وعلوم القرآن والسنَّة...

 

وأضاف الشيخ: أن من مظاهر الانحِراف والغلُوِّ انبهار بعض المُعاصِرين بالمُكتشَفات والمُستجَدَّات ووسائل التحضُّر، حين يُنبَّه إلى مواطِن الضعفِ والنقصِ في صور الضلال والانحِراف، والانحِلال، والفُجور، والفواحِش، يتورَّمُ أنفُه، ويظهرُ عليه التبرُّم، ويبدُو عليه القلقُ. ويأبَى الله أن تكون الرذيلةُ سبيلاً للفضيلة، والإسفافُ طريقًا للعفاف..

 

وأوصى الشيخ في ختام خطبته: من يُريد الخلاص لنفسِه بألا ينصاع للهوى والملذَّات، أو ينكب على موائِد المُشتهِيات، لا يُبالِي مخرَجَها من مدخلِها، ولا طيِّبِها من خبيثِها.

 

 

المدينة النبوية:

 

من جانبه ألقى فضيلة الشيخ ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "العشر الأواخر وليلة القدر"، والتي تحدَّث فيها عن اغتنام العشر الأواخر من رمضان في الطاعة لله، والاعتِكاف، وقراءة القرآن، والدعاء، وسائر الطاعات، مُنبِّهًا إلى ضرورة تحرِّي ليلة القدر بالقيام والدعاء وغير ذلك.

 

وبيّن الشيخ أن من فضل الله - سبحانه – على عباده: أن جعل في موسِمِ رمضان مواسِم؛ ففضَّل العشرَ الأخيرة على سائر ليالي الشهر، وجعل ليلةَ القدر أفضلَ ليلةٍ في الشهر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخصُّ العشرَ الأواخر من رمضان بأعمالٍ لا يعملُها في بقيَّة الشهور؛ فإذا دخلت العشرُ أحيا ليلَه، وأيقظَ أهلَه، وشدَّ المئزَر، وجدَّ واجتهَد في طاعة الله يتحرَّى فيها ليلةً مُباركةً هي تاجُ الليالي .. بركاتُها عديدة .. وساعاتُها معدودة..

 

وأضاف الشيخ في وصف ليلة القدر قائلاً: ليلةُ القدر ليلةٌ عظيمةٌ، أخبرَ الله أن مما يحدثُ فيها: أنها يُفرقُ فيها كلُّ أمرٍ؛ أي: يُفصَلُ من اللوح المحفوظِ إلى الكتَبَة أمرُ السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق والخير والشرِّ وغير ذلك...

 

وبيّن الشيخ أن المُعتكِفُ يعكفُ على طاعة الله، ويُقيمُ عليها مُدَّة اعتِكافِه في أحبِّ البِقاع إلى الله "المساجد"، ويُقيمُ فيها على الطاعة والعبادة، والخضوع والخشوع والابتِهال، فلا يكون همُّه إلا الله، ولا مقصودُه إلا إياه، ولا مُرادُه سِواه - عز وجل -.

ويخرُج من الاعتِكافِ وقد اعتكفَ قلبُه على طاعة الله، فيكون أوَّاهًا مُنيبًا إليه - سبحانه -.

 

وحث الشيخ على الصدقة في رمضان قائلاً: ورمضانُ موسِمٌ للمُتصدِّقين يتنافسُ فيه الأغنياءُ بالبذلِ والإنفاقِ في فعل الخيرات، وصنائِع المعروف، ومدِّ يدِ العون والمُساعَدة والصدقة إلى ذوي الفاقَة، والمساكِين، وإتحاف الفُقراء...

 

وختم الشيخ خطبته بالتأكيد على أن رمضانُ مغنَمٌ للتوبة والإنابة، يُقيلُ الله فيه العثَرَات، ويمحُو فيه الخطايا والسيئات. فأقبِل على الله بالندم على التفريط، والعزمِ على مُجانبَة الآثام، وهو - سبحانه - يحبُّ الآيِبَ إليه، ويفرحُ بتوبةِ التائِب.

 

وأوصى المصلين قائلاً: فتعرَّضُوا لنفحَات ربِّكم، واستنزِلوا الرزقَ بالاستِغفار، والعاقلُ من ينتهِزُ بقيَّة لحظات شهره، فيشغلُها بالطاعات وعظيم القُرُبات، ويستبدِلُ السيئات بالحسنَات.

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات