مختصر خطبتي الحرمين الجمعة 16 ربيع الأول 1435هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

التنافس على الدنيا وأتباع الشهوات والهلع على الرزق مع نسيان الحساب مال ببعض الخلف إلى التهافت على حطام الدنيا وعدم المبالاة بموارد الكسب، حيث يجتهد المسلم في عمل صالح لكنه يتهاون في أكل الحرام، فيخسر الدنيا والآخرة، فلا يقبل عمله ولا تستجاب دعوته ولا يبارك له في كسبه، ولذا كانت الصدقة بالمال الحرام مردودة غير مقبولة، فليتذكر كل إنسان أن الله سائله يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه!!

 

 

 

 

 

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب المسلمين بتقوى الله -عز وجل- في السر والعلن وخشيته وتقواه.

 

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: حب المال طبيعة في البشر وجبلة في الإنسان، والكسب الطيب محمود في شريعة الله، والله جعل الرغبة في المال ابتلاءً واختباراً، مبيناً أن أصحاب المكاسب الطيبة هم أسلم الناس ديناً وأعفهم نفساً وأهدأهم بالاً، وهم أشرح الناس صدراً وأهنأهم عيشاً، أعراضهم مصونة، وأيديهم نزيهة، ورزقهم مبارك، وذكرهم في الناس جميل.

 

وأفاد فضيلته أن من أعظم الخصال التي تحلى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أنهم كانوا يتحرون الأكل الحلال، وكان أهل السنة والصلاح يتواصون بالتعفف في المآكل والمشارب والمكاسب، مؤكدًا أن العلماء احتفوا بأكل الحلال تقريراً وتحقيقاً حتى أثبتوه في عقائدهم.

 

وأوضح أن طلب الحلال وتحريه ليس مجرد خلق فاضل، بل هو أمر واجب، فلن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه؟!

 

ورأى فضيلته أن التنافس على الدنيا وأتباع الشهوات والهلع على الرزق مع نسيان الحساب مال ببعض الخلف إلى التهافت على حطام الدنيا وعدم المبالاة بموارد الكسب، حيث يجتهد المسلم في عمل صالح لكنه يتهاون في أكل الحرام، فيخسر الدنيا والآخرة، فلا يقبل عمله ولا تستجاب دعوته ولا يبارك له في كسبه، ولذا كانت الصدقة بالمال الحرام مردودة غير مقبولة، فليتذكر كل إنسان أن الله سائله يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه!!

 

وقال آل طالب: إن مما تساهل الناس فيه -وهو من كبائر الذنوب-: الغلول، وهو أن يأخذ الإنسان من الأموال العامة ما ليس له، أو يسخر أدوات وظيفته أو نفوذه لنفع نفسه وقرابته لا لخدمة الناس، وهذا من الظلم العظيم الذي يجر المجتمع إلى فساد عريض وصاحبه متوعد بالعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة، لافتاً النظر إلى أنه إذا انتشر الغلول بين الناس ولم يجد أحدهم حرجًا من امتداد يده إلى ما ليس له فإن أخلاقًا رديئة تنتشر في الناس وكل خلق سيئ منها يدعو إلى ما هو أسوء منه، في سلسلة لا تنتهي من فساد الضمائر والأخلاق والأنانية والجشع، مما يؤدي إلى الظلم والبغي، وينتج الضغائن والأحقاد، وينشر الخلاف والشقاق ولا سيما عند اتساع الدنيا.

 

وأشار إلى أن الفساد الإداري والمالي يؤدي إلى فساد المجتمع كله، ويؤدي إلى التخلف والانحطاط والفقر والحاجة وضعف الديانة وفساد الأخلاق وتعطيل مصالح العباد وظلمهم.

 

 

المدينة النبوية:

من جانبه أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ المسلمين بتقوى الله -جل وعلا-، فمن أتقاه وقاه وأسعده ولا أشقاه.

 

وقال في خطبة الجمعة: "إن من أعظم العقوبات التي تحل بالأمة حينما تحيد عن شرع الله -عز وجل-، وأن تجعل بأسها بينها، فعندما تبتلى الأمة بالبعد عن دين الله -عز وجل- وتركن إلى هذه الدنيا الفانية وتكون هي الهدف والغاية، وهي المحرك، عندئذٍ تقع الأمة في المصائب العظمى وتعاني المحن الكبرى، يقول -تبارك وتعالى-: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُم ْشِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)".

 

وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد خشي على أمته من التفرق وما يؤدي إليه من البغضاء والتقاتل، وفي الحديث الشريف قال -عليه السلام-: "إنَّ اللهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْك أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَلا يَبْسُطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا فَيُهْلِكُّمْ بِعَامَّةٍ، وَلا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَلا يُذِيقَ بَعْضَهُم ْبَأْسَ بَعْضٍ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ، إِنِّي أَعْطَيْتُ أُمَّتَكَ أَنْ لا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَلا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَاهُمْ فَيُهْلِكُونَ هُمْ بِعَامَّةٍ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَبَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا، وَبَعْضُهُمْ يُسْبِي بَعْضًا".

 

وأوضح فضيلته أنه عبر تاريخ الأمة كاد لها الكائدون، وتربص لها الأعداء والحاسدون، ومع هذا لم يستطيعوا أن يطفئوا نور الله سبحانه، ولكن الخطر يكون فيما يقع بين أنباء هذه الأمة، فمصائب المسلمين الحالية لا تخفى على أحد، حتى نسي كثير منهم قواعد الأخوة الإيمانية، وتجاهلوا الحقوق المفروضة للرابطة الإسلامية، بل وأصبح البعض يستهين بالضروريات الخمس التي حرمها الشرع وزجر عن انتهاكها، مستشهدًا فضيلته بقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْض".

 

وبيّن فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن من أعظم الجرائم وأقبح الموبقات أن يلقى الإنسان ربه -جل وعلا- بدم امرئ مسلم، أو أن يسعى لسفك دماء محرمة ونفوس معصومة مستشهدًا بقول الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّلَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، منوهاً إلى أن ما يحزن المسلم ما يسمعه عن تلك الدماء المسلمة التي تراق بغير حق، وهو أمر ينذر بشر عظيم على جميع المسلمين إن لم يكونوا يداً واحدة لإيقاف تلك المهازل والقبائح.

 

ونبّه فضيلته إلى أن من أقبح الأحوال حال من لا يراعي الأخوة الإسلامية حقها، ولا يقوم بواجبها، فبئس قوم هم من جمع الإسلام بينهم فتفرقوا، وأمرهم بمحبة بعضهم بعضًا فتباغضوا، ونهاهم عن الأذية لإخوانهم فكانوا أشد الناس بهم أذى وضررًا، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه".

 

وخلص فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ في نهاية خطبته إلى أن السبب الأعظم لوقوع البأساء بين أبناء المجتمع المسلم الواحد هو الحيد عن الصراط المستقيم، والميل عن هدي النبي الكريم، وأن السبيل للنجاة من المحن والسلامة من الفتن هو اللجوء إلى الله -جل وعلا-، لا مخلص ولا منقذ للأمة مما هي فيه إلا أن يرجع الحكام والمحكومون إلى الله -جل وعلا- بتوبة صادقة وإنابة في جميع المناشط وشتى الأحوال.

 

المصدر: واس

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات