مختصر خطبتي الحرمين الجمعة 9 ربيع الأول 1435هـ

ملتقى الخطباء - الفريق الإعلامي

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات:

اقتباس

إن نعمة الاستنقاذ من الهلكة والضلال المورث شقاءً وخسرًا في العاجلة وغضبًا وجحيمًا وعذابًا أليمًا في الآجلة لتستوجب على من أجرى الله عليه هذه النعمة حقوقًا على الأمة يجب القيام بها، ويتعين الوفاء بها ورعايتها حق رعايتها؛ إنها حقوق لهذا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، الذي ضرب مثلاً لما بعثه الله به من هدى، وما جاء به إنقاذًا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاة النجاة، فأطاعه طائفة من قومه فأولجوا على مهلهم فنجوا، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق".

 

 

 

 

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور الشيخ أسامة خياط المسلمين بتقوى الله -عز وجل- والعمل على طاعته واجتناب نواهيه.

 

وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام: "إن نعم الله كثرت على العبد؛ مما استوجب الشكر لله -سبحانه وتعالى-، وإن النعمة الربانية الكبيرة هي بعثة النبي الكريم محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- البشير النذير والسراج المنير ورحمة الله للعالمين، فقد منّ الله على المؤمنين بأن بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.

 

وأضاف: إن نعمة الاستنقاذ من الهلكة والضلال المورث شقاءً وخسرًا في العاجلة وغضبًا وجحيمًا وعذابًا أليمًا في الآجلة لتستوجب على من أجرى الله عليه هذه النعمة حقوقًا على الأمة يجب القيام بها، ويتعين الوفاء بها ورعايتها حق رعايتها؛ إنها حقوق لهذا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، الذي ضرب مثلاً لما بعثه الله به من هدى، وما جاء به إنقاذًا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاة النجاة، فأطاعه طائفة من قومه فأولجوا على مهلهم فنجوا، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق".

 

وبيّن فضيلته أن من هذه الحقوق وأوجبها طاعته -صلى الله عليه وسلم-، التي هي من لوازم الإيمان به وتصديقه فيما جاء به، فقد أمر الله سبحانه بطاعته، وأن من أطاعه فهو مطيع لله، ومن عصاه فقد عصى الله -عز وجل-.

 

وقال: "إن ثمار هذه الطاعة لتجُل عن الحصر وتربو على العد، فمنها أنها سبب الهداية إلى الله وإلى سعادة الدنيا والآخرة، ومنها أيضًا سبب تنزل رحمة الله على من أطاعه، ومنها أن الله تعالى جعل ثواب رحمته دخول الجنة مع المنعم عليهم من الأنبياء ثم من يليهم بالرتبة وهم الصديقون الذين بلغوا الغاية بالصدق والتصديق بدين الله وكتبه ورسله، وهم فضلاء أتباع الأنبياء، ثم الشهداء، ثم المؤمنون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم"، موضحًا أن الكفار عندما تتقلب وجوههم تمنوا لو أنهم أطاعوا الله ورسوله، ولكن لا ينفعهم التمني شيئًا، حيث قد فات زمانه.

 

وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن طاعته تتحقق بالإقتداء به واتباعه والاهتداء بهديه والاستنان بسنته وتقديمها على آراء الرجال واستحساناتهم وبالتحاكم إليه في كل الأمور والرضا بحكمه.

 

وحذّر إمام وخطيب المسجد الحرام من مخالفة أمره -صلى الله عليه وسلم- والإحداث في دينه وتبديل سنته، وقد توعد -سبحانه وتعالى- من أحدث خلاف ما أمر به الله ورسوله حيث وعدهم بالعذاب الأليم في الآخرة، مؤكدًا تحذير من يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو عذاب أليم.

 

وقال فضيلته: إن من أحدث في الدين وشرع من عند نفسه ما لم يأذن به الله، فهو مردود عليه غير مقبول منه، كما أن الصدق في محبة الله ورسوله تتجلى في علامات وأمارات أهمها الاقتداء به وبسنته، والعمل بسنته والتأدب بآدابه في العسر واليسر والمنشط والمكره، وإيثار ما شرع، ونصرة دينه والذب عنه وعن سنته، والذود عن شرعه وكثرة ذكره -عليه الصلاة والسلام- وكثرة الشوق إلى لقائه -عليه الصلاة والسلام-، وكذا الإكثار من الصلاة والسلام عليه، ومنها أيضًا محبة من أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- من آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار.

 

وبيّن الدكتور أسامة خياط أن من حقوقه -صلى الله عليه وسلم- على الأمة محبته محبةً تفوق الوالد والولد والناس كافة كما جاء في الحديث: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"، مشيرًا إلى أن الثواب على هذه المحبة الصادقة هو مرافقة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة.

 

 

المدينة النبوية:

 

من جانبه أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد الباري الثبيتي المسلمين بتقوى الله حق التقوى، مستشهدًا بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

 

وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم: إن لله -سبحانه وتعالى- سننًا تسري على كل شيء في الوجود؛ فقد خلق الله -عز وجل- الكون بالحق، وجعله محكم الصنع منضبط القوانين، لا ترى فيه خللاً ولا اضطرابًا، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، مشيراً إلى أن معرفة سنن الله ضرورة، وهي جديرة بالدراسة والفهم ومعرفتها، وأن الدنيا قائمة على سنن، والمتعرف على هذه السنن يستطيع أن يتنبأ بالنتائج إذا وجدت أسبابها، فمن أهم العلوم وأنفعها العلم بسنن الله التي توسع الإدراك، وتزيد في معرفة الإنسان وقدرته على الاستفادة من التسخير، ومن ثمّ عمارة الأرض وفق منهج الله -عز وجل-.

 

وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن دراسة سنن الله تكشف الحكمة من وراء الأحداث، وهي مطلب شرعي لتحقيق القوة في جميع مناحي الحياة وحماية الدين والوطن، وأن إغفال سنن الله من أسباب التخلف التي جعلت المسلمين في مؤخرة الأمم، ويلام أصحاب العقول على الاستهانة بهذه السنن وعدم الاعتبار بما اشتملت عليه من مواطن عظة واعتبار، مورداً فضيلته قول الله تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِك َنَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ).

 

وأوضح أن القرآن يرد الناس إلى سنن الله، فبه القاعدة الثابتة التي تحكم الحياة بأمر الله ولا تتخلف ولا تجعل الأمور تمضي جزافًا، وللمستقبل حكم ما حصل في الماضي، وأحداث الماضي دليل على ما يحصل في المستقبل، ولقد قصّ القرآن الكريم علينا قصص الأمم التي خلت وما حل بها من سوء أعمالها لنتعظ ونعتبر ولا نفعل فعلهم لئلا يصيبنا ما أصابهم، قال تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ)، ودوام النظر في كتاب الله يبصّرنا بسنن الله في الكون وفي النفس ومع العصاة ومع المكذبين.

 

وبيّن الشيخ الثبيتي أن التاريخ أظهر ميدانٍ تتجلى فيه سنن الله -تبارك وتعالى-، والقرآن الكريم أكد على الانتفاع بأحداث التاريخ؛ قال الله تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)، ومن عرف التاريخ وسنن الله فيه تعلم من أخطاء الأولين، وكان له بهم عظة، فالسعيد من وعظ بغيره وبالماضي.

 

وقال: إن من خالف سنن الله وسار في حياته حسب الأهواء والرغبات فإن سننه لا تحابي أحداً، وكوننا مسلمين ليس ضمانًا بأننا لا نؤاخذ بما نفعل، قال تعالى: (لّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)، وخير الخلق بعد الأنبياء صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أصابهم ما أصابهم في غزوة أحد بمعصية بعضهم؛ قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)، فليس بين الله سبحانه وبين أحد من خلقه نسب، إنما هي الطاعة والتقوى.

 

المصدر: واس

 

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات