اقتباس
وأوضح الدكتور الشريم أن المجتمعات المسلمة عانت في هذا العصر من غياب الضمير الحي الواعي الذي عودهم في غابر الأزمان أنه إذا عطس أحداً منهم في المشرق شمته من بالمغرب، وإذا استغاث من بالشمال لامست استغاثته أسماع من بالجنوب.
ملتقى الخطباء: أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعلم أن الدنيا دار ممر لا دار مقر، وأن الله جعلنا مستخلفين فيها لينظر كيف نعمل.
وقال في خطبة الجمعة، التي ألقاها اليوم " أيها المسلمون أن العالم اليوم يعيش أوج مراحله التقنية والمعلوماتية ويشهد حمم براكين الابتكارات والمحدثات في الميادين كافة فلا يلبث الناس لحظات يسيرة مع مستحدث جديد يتأملون صورته إلا داهمهم من الجديد ما ينسيهم الأول وهكذا دوا ليك".
وأضاف قائلا: إنه "في حين أن العالم اليوم استطاع بهمته وحب استطلاعه أن يصل إلى الفضاء ويصنع القنبلة النووية، إلا أنه في الوقت نفسه لم يستطع إيقاظ الضمير لدى المجتمعات والشعوب ولم يملأ الخواء الروحي في أن يجعل الحياة وسيلة لا غاية فأبصروا نجوم الفضاء وعمو عن القذاة في العين، الضمير الحي مطلب بحت لأجله أصوات الناصحين المخلصين لأمتهم وشعوبهم عز عليه أن يلاقي رجع صدا ينتشل أمة الإسلام من الضيق إلى السعة ومن الذل إلى العز ومن الأثرة إلى الإيثار ومن الشين إلى الزين، وغالبا اليقظة متأخرة إن وجدت بعد الوقوع لا قبله والمنقذ فيها هو الوقوع نفسه لا أصوات الناصحين.
وبيّن فضيلته أن الضمير هو ذلك الشعور الإنساني الباطني، الذي يجعل المرء رقيباً على سلوكه ولديه الاستعداد النفسي ليميز الخبيث من الطيب في الأقوال والأعمال والأفكار واستحسان الحسن واستقباح القبيح، مؤكدا أن الإسلام في صميمه شريعة حرة قد حرّرت العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ودلت على أن العزة مع الإيمان والذلة والدون مع الكفر والفسوق والعصيان يبدو ذلك كله جليا من خلال ضمير الفرد وينتهي في محيط ضمير المجتمعات المسلمة بأسرها.
وقال" الضمير الحي إذا غاب عن المجتمعات أصبح أفرادها أشباحا بلا أرواح وربما ترقت ببعض بنيها إلى أن يكونوا شياطين في جثمان إنس ولا يمكن أن يكون في واقع الناس قضايا مشتركة في الضعف والقوة والغنى والفقر والإيمان والفسق والعدل والظلم إلا وله صلة وثيقة بيقظة الضمير أو غفلته وغفوته".
وأوضح الدكتور الشريم أن المجتمعات المسلمة عانت في هذا العصر من غياب الضمير الحي الواعي الذي عودهم في غابر الأزمان أنه إذا عطس أحداً منهم في المشرق شمته من بالمغرب، وإذا استغاث من بالشمال لامست استغاثته أسماع من بالجنوب.
وقال: " بيد إن الدهشة كل الدهشة ما أصاب الأمة في هذا العصر، حيث يصرخ من هو بجانبك
ويئن فلا يسمع ويشير بيديه الغوث الغوث فلا يرى فأنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
وأكد فضيلته أنه لن يستيقظ ضمير الأمة إلا بيقظة ضمير أفرادها متسائلاً: كيف يستقيم الظل والعود أعوج وكيف يلبس الخاتم امرؤ اكتع اليدين.
وقال: " كلما ضعف الضمير كلما تأخرت ساعة الوعي وكأنما على ضمائر أقفالها فأصبحت عقرا حلقا، ثم إن الناس أصنافاً مع ضمائرهم فصنف ضميره ظاهر حي يعرف المعروف وينكر المنكر يشارك أمته همومها وآلامها وآمالها يواسي ويسلي ويتوجع ذليلاً على المؤمنين الصادقين عزيزاً على الجبابرة المجرمين لا يخاف لومة لائم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم، وصنف من الناس ضميره مستتر لا محل له من الإعراب مثل العبد الذي هو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير وجوده زيادة في عدد لا يهش ولا ينش، فهو لم يمت ولكنه مستتراً لدنيا يصيبها أو حظ يستوفيه أو يخشى ذرية ضعافا من خلفه ولسان حاله يقول نفسي نفسي فلا يستفيد منه فقير ولا ينصح مستنصحا، وكأنه خلق ليأكل ويشرب ومثل هذا إن لم يتعاهد ضميره فسيكون مع الزمن في عداد الضمائر الميتة ".
ومضى بقوله: " وصنف ثالث وهو الضمير الميت الذي يغلب شره خيره أو لا خير فيه لا تجده في المقدمة ولا في الساقة لا يشاطر إلا في الشر ولا تراه إلا في دوائر القبح يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ويقبض يديه نسي الله فنسيه لا تجده إلا كاذبا غاشا أنانيا همازا لمازا مشاء بنميم لسان حاله يقول أنا ومن ورائي الطوفان هو كالذباب لا يقع إلا على الجروح يعوذ مجتمعه من أمثاله حين يمسي وحين يصبح وكأنه إنما خلق ليثقل ميزانه بالآثام فيلقى ربه يوم القيامة وما في وجهه مزعة لحم".
وأبان أن الضمير الحي هو مضخة الإيمان الحقيقي المثمر التواد والتراحم والتعاطف وهو جامع الأعضاء في جسد واحد وهو جسد الأمة المتكامل.
وقال فضيلته إنه لو حاكم كل واحد منا نفسه أمام ضميره لعلم أن شجرة الضمير الغافل لا تثمر أبداً وأن من بالغ في الاستسلام لما يمليه عليه ضميره إن خيراًَ فخير وان شرا فشر فإن ضميره سيضيق به الواسعة بما رحبت وتزغل عينه عن رؤية الحقيقة وسيعلم كل محاسب أن عواقب الصمت عن محاسبة الضمير وتعاهده أشد خطورة من أسبابه، ولذا فانه ينبغي أن يستنطق كل حريص ضميره لأن الضمير الصامت شيطان أخرس، كما أن الضمير الناطق بالسوء شيطان ناطق.
المدينة النبوية:
وفي المدينة المنورة حض فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي المسلمين على تقوى الله تعالى عز وجل حق التقوى والتمسك بالعروة الوثقى لأن فيها صلاح الأمور وعز الدهور وحسن العاقبة عند النشور .
وقال في خطبة الجمعة اليوم"عباد الله هل لكم بركن عظيم وعمل جليل وخير مستديم يصلح الله به جميع أعمالكم , ويزكي به قلوبكم , ويقوم به أخلاقكم , ويدر به أرزاقكم , ويعمر به دنياكم , ويرفع به في الجنات درجاتكم , وتدركون به من سبقكم , وتنالون به فوق أمانيكم , هل لكم بذلك كله , فما هو هذا الركن العظيم الذين تنالون به كل خير ويدفع الله به كل شر ألا إنه إقامة الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها".
وأضاف فضيلته إن الصلاة هي الركن الأعظم بعد الشهادتين فقد فرضها الله في كل دين شرعه , ولا يقبل الله من الأولين ولا الآخرين ديناً بغير الصلاة " قال تعالى (( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى? مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ? فَإِلَ?هُكُمْ إِلَ?هٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ? وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى? مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ )) .
وأوضح فضيلة إمام المسجد النبوي أن الله تعالى خص هذه الأمة من الفضائل بما لم يخص أمة قبلها, لفضل كتابها وكرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ربه , ,وأن مما خصها الله به وفضلها أن فرض الله تعالى على هذه الأمة الصلوات الخمس ,مبينا أن الله عز وجل فرض على هذه الأمة الصلوات الخمس في السماء ليلة المعراج.
وزاد إمام وخطيب المسجد النبوي عن فضل الصلاة المكتوبة , مبيناً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع أركانها وواجباتها ومستحباتها وعلم أصحابه كل قول وفعل يقيمها وصلى بها إماماً طيلة حياته وفي كل أحواله , و نقل كل جيل عن الذي قبله الصلوات لم يهمل منها قولاً ولا فعلاً .
وحمد فضيلة الشيخ على الحذيفي المولى العلي القدير أن جعلنا مسلمين وحفظ لنا الدين , قائلا ما أعظم رحمة الله وما أجل نعمه على الناس.
وأكد أن فرض الصلوات من رب العالمين على الأمة بكلام الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بلا واسطة من أعظم الأدلة على منزلة الصلوات عند الله تعالى ومكانتها من الدين وأن فيها الخير كله .
وأبلغ فضيلته جموع المصلين أن فضل الصلاة عظيم حيث يبقى الدين في الأرض ما بقيت الصلاة , وينقص الدين إذا نقصت وينتهي الدين في الأرض إذا انتهت الصلاة , وتصلح الأرض بكثرة المقيمين للصلاة وتخرب الأرض بقلة المقيمين للصلاة , وقال لو أن كل مسلم ومسلمة قد أقام الصلاة كما أقامها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لكانت الأمة في عافية من الفتن والشرور ولكفاها الله شر أعدائها ولصلحت أحوال كل مسلم ومسلمة , وبصلاح الأفراد يكثر الخير في المجتمع وإذا تهاونوا في الصلاة أو ضيعوها وتهاونوا في أركانها وزهدوا في أدائها مع المسلمين في أوقاتها في المساجد أو أخروها عن مواقيتها انعكس التقصير في الصلاة على أمور الناس فانفرط على كل مضيع في الصلاة أمره وتغيرت عليه حاله, وتشتت شمله, قال الله تعالى , " وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )) .
وواصل حديثه عن فضائل الصلاة قائلا " قالت أم سلمة رضي الله عنها " كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعون أبصارهم في موضع سجودهم وكانوا في عهد أبي بكر يضعون أبصارهم قريباً من موضع سجودهم, وكانوا في عهد عمر يطمح بعضهم بأبصارهم إلى جهة القبلة, وكانوا في عهد عثمان يتلفتون يميناً وشمالاً فوقعت الفتنة ".
وأكد فضيلته أن الصلاة هي عمود الدين وجامعة أمور الإسلام مستدلا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة )) وقوله عليه الصلاة والسلام (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن مالم تغشى الكبائر )) متناولا كذلك جملة من الأحاديث النبوية حول أهمية الصلاة في حياة الفرد المسلم .
وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إن في تقوىالله تعالى صلاح الأعمال وغفران الذنوب , وأن ما يزكي الصلاة ويكمل ما نقص منها المداومة على النوافل والسنن , بينما ترك الصلاة سبب لدخول النار لقوله تعالى ((مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ , قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ )).
المصدر: واس
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم