بعض آداب وأحكام الطب والتداوي

صلاح بن محمد البدير

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/مكانة علم الطب وأهميته 2/عناية الإسلام بالطب ودلائل ذلك 3/الطبيب الماهر رحمة ومواساة 4/بعض أحكام التداوي ومحاذيره 5/التحذير من أدعياء الطب وخطرهم 6/وجوب الصبر على جميع أقدار الله تعالى

اقتباس

لقد أزهَق اللهُ أباطيلَ الكُهَّانِ بالفُرْقان والقرآن، فاحذروا الكهنةَ والدجَّالينَ والمنجِّمينَ والمشعوِذينَ، الذين يدَّعون علم المغيَّبات، وكشف المضمَرات، ومعرفة الخفيَّات، احذروا دجاجلة الرقاة، الذين خرجوا عن الرُّقى الشرعية، وزادوا عليها، وأدخَلوا فيها البدعَ المقيتة البغيضة...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، آوى مَنْ إلى لطفه أوَى، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، داوى بإنعامه مَنْ يئس من أسقامه الطب والدوا، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، مَنِ اتَّبَعَه كان على الهدى، ومَنْ عصاه ضلَّ وفي خزيِ الغوايةِ غوى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاةً تبقى وسلامًا يترى.

 

أما بعدُ: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله؛ فتقواه أفضل مكتسَب، وطاعته أعلى نسَب، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].

 

أيها المسلمون: علمُ الطب من أجلِّ العلوم نفعًا وأعظمها وَقْعًا، والحَذْقُ فيه من ذوائب العز والشرف، ودون ذلك عقبة كَأْدَاء، شاقَّة المصعد، صعبة المرتَقى، لا يزال طالب الطب رقَّاء عليها وصعَّادًا درجةً درجةً، حتى يبلغ المنزلة السامقة والمرتبة الباسقة، التي لا ينالها إلا الجادُّ الدَّئِب المصابر، ولا يحصِّلها إلا المواظب الملازم المثابِر، قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "العِلْمُ عِلْمانِ: عِلْم فقه الأديان، وعِلْم طبِّ الأبدان"، وقال الربيع: "سمعتُ الشافعيَّ يقول: لا أعلم علمًا بعد الحلال والحرام أنبلَ من الطب"، وقيل: "لا تَسْكُنْ بلدًا ليس فيه سلطانٌ يحميكَ، ولا ماءٌ يرويكَ، ولا عالِمٌ يُفتيكَ، ولا طبيبٌ يداويكَ".

 

وقد عُنِيَ الإسلام بالطب غايةَ العناية، وانظر كتاب الطب في صحيح البخاري، وباب الطب والمرض والرُّقَى في صحيح مسلم، وكتاب الطب في سنن أبي داود، وكتاب الطب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنن الترمذي، وكتاب الطب في السنن الكبرى للنسائي، وكتاب الطب في سنن ابن ماجه.

 

رُوِيَ أنَّ ابن ماسويه الطبيب لَمَّا قرأ حديثَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطن، بحسب ابن آدم أُكُلاتٌ يُقمنَ صلبَه، فإن كان لا محالة فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه"، قال: "لو استعمَل الناسُ هذه الكلماتِ لَسَلِموا من الأمراض والأسقام، ولتعطَّلت المارستاناتُ ودكاكينُ الصيادلةِ"، وقالت العرب: "خير الغداء بواكره، وخير العَشاء بواصره".

 

والطبيب الحاذق الماهر البارع، يستدلُّ على الأدواء الخوافي ويُزيل الغواشي، عن العيون العواشي، جعَل الله مِبضَعَه رحمةً، ومِشرطَه شفقةً، وجراحته نجاة، ووصله حِباء، ورباطه دواء، وعقاقيره شفاء، سمَّتْه العربُ الحكيمَ والرفيقَ؛ لأنه يرفُق بالمريض ويلاطفه ويواسيه، والله هو الذي يُبرئه ويعافيه، ولا يقدِّر الأطباء ولو اجتمعوا على سَوْق الشفاء لمريض إلا بإذن الله-تعالى؛ لأنه -وحدَه- الشافي، الذي ابتلى بالأدواء، وأعان بالدواء، ورَحِمَ بالشفاء.

 

يُمَنِّينِي الطبيبُ شفاءَ عَيْنِي *** وهل غيرُ الإلهِ لها طبيبُ؟!

 

ولما كان الشفاء من أصول النِّعَم التي لا ينالها المريضُ إلا من الله لا من الطب، قال إبراهيم -عليه السلام-: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[الشُّعَرَاءِ: 80]، وعن صهيب -رضي الله عنه- في قصة الغلام، الذي كان يُبرئ الأكمهَ والأبرصَ ويداوي سائرَ الأدواء بإذن الله، فسَمِعَ به جليسٌ للمَلِك كان قد عمي، فأتى الغلامَ بهدايا كثيرة، فقال: "ما هاهنا لكَ أجمعُ إن أنتَ شفيتَني"، قال: "إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي اللهُ، فإن آمنتَ بالله دعوتُ اللهَ فشفاكَ"، فآمَن بالله فشفاه اللهُ وردَّ عليه بصرَه. (أخرجها مسلم).

 

وأصبحتُ لا أدعو طبيبًا لطبِّه *** ولكِنَّنِي أدعوكَ يا مُنزِلَ القَطْرِ

 

وللأطباء والممرضين فضل يقصُر القول عن كِفائه واستيفائه.

 

وأعلمُ أنَّ طَوْلَكَ لا يُجازى *** وهل تُجازى على الدُّرِّ البحورُ؟!

 

فاحفَظوا للأطباء مكانتَهم، وللمُمَرِّضين قدرَهم، واشكروا لهم جهدَهم وتضحياتِهم، وقد وقفوا جميعًا حصنًا منيعًا وذرًى رفيعًا لحماية الناس من حومة الموت وغمرة "كورونا"، بقلوب لا تشتكي، ومَوافِق لا تتكي.

 

وتفوح من طيب الثناء روائح *** لهمو بكل مكانة تُستنشَقُ

 

مدحناهم فلم نُدرك بمدحٍ *** مآثِرَهم ولم نترُكْ مقالَا

 

أطباءنا وممرِّضينا: نَظْمُ الممادحِ طاب في أمثالكم *** ماذا أقول وأنتمُ ما أنتمُ

آثَرْتُمُوا المرضى على أولادكم *** والحُبُّ والإيثارُ يُعرَفُ مِنكُمُ

 

أيها المسلمون: ويُستحبُّ التداوي، فإن كان تركه يُفضي إلى الهلكة صار واجبًا، عن أسامة بن شريك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تداوَوْا؛ فإن الله لم يُنزِل داءً إلَّا وقد أنزَل له شفاءً، إلا السامَ والهَرَم" (أخرجه أحمد وأصحاب السنن، وابن حبان، واللفظ له)، والسام يعني الموت، فإذا نزَل الأمرُ المحتوم، وانقضى الأمد المقسوم، خانت العقاقيرُ وبطلت التدابيرُ.

 

وقد فارَق الناسُ الأحبةَ قبلَنا *** وأَعْيَا دواءُ الموتِ كلَّ طبيبِ

 

كم من عليل قد تخطاه الرَّدى *** فنجا ومات طبيبُه والعُوَّدُ

 

يقول لك الطبيب: دواكَ عندي *** إذا ما جسَّ كفَّكَ والذِّراعَا

 

ولو عرَف الطبيبُ دواءَ داءٍ *** يردُّ الموتَ ما قاسى النِّزاعَا

 

نعلِّل بالدواء إذا مَرِضْنا *** وهل يشفي من الموت الدواءُ؟

ونختار الطبيبَ وهل طبيبٌ *** يؤخِّر ما يقدِّمه القضاءُ؟

 

وما أنفاسُنا إلا حسابٌ *** وما حركاتُنا إلا فَناءُ

 

أيها المسلمون: ويجب على الطبيب تشجيعُ المريض وتطميعُه في العافية، والتلطُّف معه في المقال، والتنفيس والتوسيع والتفريج والترفيه له، والرِّفق به، وتبديد خوفه وقلقه، وتسكين رَوْعه وفزعه، وتذكيره وتطمينه، وقد قيل: "لطفُ الطبيبِ نصفُ الدواءِ"، والتبسُّم في وجه المريض يخفِّف آلامه، وإدخال السرور عليه، لا يخفى عظيمُ وقعه، وجليل نفعه، والطبيب الفظُّ الغليظ الجافي يمر على المريض كالريح الهجوم، التي تقتلع ما أمامَها، وتدمِّر في النفوس آمالَها، ومَنْ روَّع المريض بالعلة الفاجعة، بلا توطئةٍ ولا تمهيدٍ ولا تذليلٍ فقد زاد الطينَ بِلَّةً، والمرضَ علةً.

 

ويجب على الطبيب التحلِّي بالصبر، ومراعاة حقوق المرضى، وجبر المصاب، والعطف على المريض المبتَلَى، الذي ضعُفَت قواه وعظُمَت شكواه، فخذوا -أيها الأطباءُ- بأيدي مرضاكم من ضيق الألم إلى سعة الأمل، ومن وطأة الحرج إلى فضاء الفَرَج، ويجب على الطبيب أن يُنزل المريضَ منزلةَ نفسِه، فيصون عرضَه، ويحفظ سرَّه، ويكتم عيبَه، ويكفَّ عن إفشاء علته، التي قد يكون في كشفها ضررٌ عليه، ويجب ألَّا يكشف عورتَه إلا لضرورة العلاج، ويجب على الطبيب التحرِّي والتوقِّي والتروِّي في التشخيص والتوصيف، والتثبُّت من علة المرض، والاستشارة في الأمور الملتَبِسة، وتَرْك العجَلة، وترك الإقدام على ما لا يُتقِن، ويحرُم تعاطي الطب من الجاهل الذي لا علم له، ولا حذق لديه، ولا إتقان ولا مِراسَ، ومتى تعاطى المتطببُ الجاهل الطب ومداواة المرضى، فقد غرَّر بالناس، وهجَم بجهله على إتلاف الأنفس، وأقدَم بالتهوُّر وإساءة العلاج على تعمُّد الضرر، فيلزم تعزيرُه وتضمينُه؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ تطبَّب ولا يُعلمَ منه طِبٌّ فهو ضامنٌ" (أخرجه أبو داود والنسائي)، (وعند الدارقطني وصححه الحاكم): "من تطبَّب ولم يكن بالطب معروفًا فأصاب نَفْسًا فما دونَها فهو ضامنٌ".

 

ولا يجوز للمتطبب الجاهل، أو الطبيب غير الحاذق إجراء العمليات الجراحية، ولا مباشَرتُها، فإِنْ أجرَاها فقد أَثِمَ وأجرَم وظلَم، وضَمِنَ ما أخطأ فيه وسرايته، والطبيب ذو المهنة، إذا جَنَتْ يداه، وأخطأ خطأً لا يقع فيه أمثالُه أو أهمَل أو قصَّر أو فرَّط فهو ضامنٌ، قال الخطابيُّ: "لا أعلم خلافًا في أن المعالِج إذا تعدَّى فتلف المريضُ كان ضامنًا، والمتعاطي علمًا أو عملًا لا يعرفه متعدٍّ، فإذا تولَّد من فِعْلِه التلفُ ضَمِنَ الديةَ"، والطبيب الجاهل يستحثُّ الموتَ، ويزرع المخاوفَ، وينشر المهالكَ.

 

فإذا ما الجُرْحُ رُمَّ على فساد *** تبيَّن فيه تفريطُ الطبيبِ

 

ويحرُم على الطبيب صرفُ أدوية لا يحتاج لها المريضُ، ويحرُم حشو المريض بما يُسقى ويسفُّ ويُحقن، بدون التحقُّق من علته، بل بمجرد الخَرْص، والتوقيع بالظن، والتخيُّل للداء، كان في الوجود أم لم يكن، والسقام لا تُداوى بالأوهام، وليس المقصود زوال المرض وحسبُ، بل زواله على وجه مأمون، لا ينشأ عنه مرضٌ آخَرُ، أو علةٌ أشدُّ.

 

ويحرُم استغلال المرضى، بإجراء الفحوصات والكشوفات والتحاليل التي لا ضرورةَ تستدعيها، ولا غايةَ من إجرائها، إلا الاتجارُ وسلبُ أموال المرضى، وبئس الثراءُ، ثراءٌ لا ينمو إلا على التَّجْر بآلام المرضى والموعوكين.

 

ومن الأطباء والصيادلة مَنْ يصرف للمرضى دواءً عاليَ الثمن، مع وجود بديل ملائم مماثِل في الأثر، رخيص في الثمن، يفعل ذلك بقصد الترويج لشركات الأدوية، والحصول على بعض العروض التي تُقدَّم منها، فيقدِّم مصلحتَه على مصلحة المريض، ولا يفعل ذلك إلا مَنْ خلا قلبُه أو كاد أن يخلو من الرحمة والخشية، وحفظ العهد وصَوْن الأمانة، عن أنس -رضي الله عنه- قال: "قلَّما خطَبَنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا قال: لا إيمانَ لمَنْ لا أمانةَ له، ولا دينَ لمَنْ لا عهدَ له" (أخرجه البيهقي).

 

أيها المسلمون: احذروا دجاجلة الطب، الذين يفتحون العيادات المشبوهة، ويستقبلون المرضى بدون تصريح، ويدَّعون القدرة على علاج بعض الأمراض، ويبيعون المستحضَرات المغشوشة، ونحذِّر المسلمين من تصديق غير المتخصِّصين في الطب، الذين ينشرون الوصفات الطبية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويبيعون الوهمَ، ويَعبَثون بحياة المرضى، ويُلحِقون الضررَ البيِّنَ المستيقَنَ بصحة الناس وأبدانهم، وينشرون الأخطارَ ويتقحمون الأسوارَ، فاحذروا الانخداعَ بهؤلاء الظلمة المفسدينَ في الأرض، المجرمينَ في حق النفس البشرية، التي جاء الإسلام بوجوب حمايتها وصيانتها وتحريم الاعتداء عليها.

 

أيها المسلمون: لقد أزهق الله أباطيل الكُهَّان بالفُرْقان والقرآن، فاحذروا الكهنة والدجَّالين والمنجِّمين والمشعوِذينَ، الذين يدَّعون علم المغيَّبات، وكشف المضمَرات، ومعرفة الخفيَّات، احذروا دجاجلة الرقاة، الذين خرجوا عن الرُّقى الشرعية، وزادوا عليها، وأدخَلوا فيها البدعَ المقيتة البغيضة، احذروا المخادِعين المموِّهين الكذَّابين، الذين يدَّعون علاج المسحورِين والممسُوسِينَ، والمصروعين بالخنق والشنق والربط والوخز والطلاسم والشعوذة، ويبيعون الحُجُب والجوامع والتمائم والحروز، ويصنعون التعاويذ والمعلَّقات والرقى الشركية، ويروِّجون الخرافة ويبيعون الأوهام التي لا تنطلي إلا على ضعيف العقل والعقيدة، عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليس منا مَنْ تطيَّر أو تُطِيَّر له، أو تكَّهَن أو تُكُهِّنَ له، أو سَحَرَ أو سُحِرَ له، ومن عقد عقدةً، ومن أتى كاهنًا فصدَّقَه بما قال فقد كفَر بما أُنزِلَ على محمد -صلى الله عليه وسلم-"(أخرجه البزَّارُ).

 

ومن أتى هؤلاء الدجاجلة فهو شريك لهم في الإثم؛ لأنه كثَّر سوادَهم، وروَّج باطلَهم، ويجب تبليغُ الجهات الأمنية عن هذه الأوكار الخبيثة، ويحرُم السترُ عليهم والسكوتُ عليهم.

 

يَهُونُ علينا أن تصاب جسومنا *** وتَسْلَمَ أعراضٌ لنا وعقولُ

 

أقول ما تسمعون وأستغفِر اللهَ لي ولكم، ولسائر المسلمينَ من كل ذنب وخطيئة فاستغفِروه، إنه كان للأوَّابين غفورًا.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ذي الآلاء والنِّعَم، ومُودِع السمع والأبصار والكَلِم، مَنْ يحمد الله يأتيه المزيد ومن يكفر فكم نعم آلت إلى نِقَم.

 

وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعدُ: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله وراقِبوه وأطيعوه ولا تعصوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التَّوْبَةِ: 119].

 

أيها المسلمون: البرايا أهداف البلايا، وقد قيل: "ما دمتَ في هذه الدار فلا تستغرب وقوعَ الأكدار، فلا تكن ممَّن أصابَه الضُّرُّ فَزِعَ وجَزِعَ وانخلع قلبُه، وأَيِسَ من رحمة ربه، وتذكَّرْ قولَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد إذا سبَقَتْ له من الله منزلةٌ، لم يبلغها بعمله، ابتلاه اللهُ في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبَّرَه على ذلك، حتى يُبلِّغَه المنزلةَ التي سبَقَتْ له من الله -تعالى-"(أخرجه أبو داود)، قال أحد السلف: "لولا مصائب الدنيا لَوَرَدْنا القيامةَ مفاليسَ"، وقال قيس بن عباد: "ساعاتُ الوجعِ يُذهبنَ ساعاتِ الخطايا".

 

ولا يتمنَّى المؤمنُ تعجيل العقوبة، بل يسأل اللهَ العافيةَ، عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاد رجلًا من المسلمين قد خَفَتَ، فصار مثل الفَرْخ، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ، أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. كُنْتُ أَقُولُ: اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سُبْحَانَ اللهِ لَا تُطِيقُهُ، وَلَا تَسْتَطِيعُهُ، فَهَلَّا قُلْتَ: اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". "فَدَعَا اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَشَفَاهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-"(أخرجه مسلم).

 

فإن أمرض فما مرض اصطباري *** وإن أُحْمَمْ فما حُمَّ اعتزامي

وإن أَسْلَمْ فما أبقى ولكِنْ *** سلمتُ من الحِمامِ إلى الحِمامِ

 

وصلُّوا وسلِّموا على أحمد شفيع الورى طُرًّا، فمَن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا، اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمد، بشير الرحمة والثواب، ونذير السطوة والعقاب، الشافع المشفَّع يوم الحساب، اللهم وارضَ عن جميع الآل والأصحاب، وعنَّا معهم يا كريمُ يا وهابُّ.

 

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ، وأَذِلَّ الشركَ والمشركينَ، ودَمِّر أعداءَ الدِّينِ، وادفع الفتنَ والحروبَ والنزاعاتِ عن جميع أوطان المسلمين، يا أرحمَ الراحِمينَ.

 

اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا، خادمَ الحرمين الشريفين، لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفِّقْه ووليَّ عهده لِمَا فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين، يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهم احفظ حدودنا، وانصر جنودنا، يا ربَّ العالمينَ، اللهم داوِ جرحاهم، واشفِ مرضاهم، وتقبَّل موتاهم في الشهداء يا كريمُ.

 

اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، وانصرنا على مَنْ عادانا، اللهم اجعل رزقَنا رَغَدًا، ولا تُشمِتْ بنا أحدًا، ولا تجعل لكافر علينا يدًا، اللهم اغفر لآبائنا، اغفر لآبائنا، اللهم اغفر لأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربَّوْنا صغارًا، اللهم اجعل دعاءنا مسموعًا، ونداءنا مرفوعًا، يا كريم يا عظيم يا رحيم.

 

 

المرفقات

بعض آداب وأحكام الطب والتداوي

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات