الأسرة المسلمة في عصر العولمة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-07 - 1444/03/11
عناصر الخطبة
1/حقيقة العولمة2/الأسرة الغربية في ظل العولمة3/وسائل العولمة لإفساد الأسرة المسلمة4/الآثار السلبية للعولمة على الأسرة5/طرق مواجهة العولمة.

اقتباس

وَمِنَ الْآثَارِ السَّلْبِيَّةِ لِلْعَوْلَمَةِ: مُحَارَبَةُ الْقِوَامَةِ وَالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِرَبِّ الْأُسْرَةِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَتَأْدِيبِهِ لَهُمْ وَتَوْجِيهِهِمْ؛ فَهِيَ فِي نَظَرِ الْعَوْلَمَةِ لَيْسَتْ إِلَّا تَضْيِيقًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ الْفَرْدِيَّةِ وَحِرْمَانًا لَهَا؛ حَتَّى يَغْدُوَ الْأَبُ لَا سُلْطَانَ لَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ؛ فَإِذَا رَكِبُوا مَطَايَا الْفَاحِشَةِ فَحَاوَلَ مَنْعَهُمْ؛ فَالْقَوَانِينُ تَقُومُ مَعَهُمْ ضِدَّهُ!

الْخُطْبَةُ الْأُولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب:70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هُنَاكَ خَطَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَجْتَاحَ كُلَّ الْمَسَاحَاتِ، وَيَتَجَاوَزَ كُلَّ الْحُدُودِ، وَيَهْدِمَ كُلَّ نِظَامٍ حِسِّيٍّ وَمَعْنَوِيٍّ؛ لِيَغْدُوَ التَّفَكُّكُ هُوَ السِّمَةَ الْبَارِزَةَ لِلْحَيَاةِ، تَفَكُّكُ الْعَقْلِ؛ حَتَّى لَا يَبْقَى هُوَ الْمَسْؤُولَ عَنِ التَّفْكِيرِ، وَتَفَكُّكُ الدِّينِ وَالْأَخْلَاقِ؛ لِكَيْ لَا تَبْقَى حَوَاجِزُ تَمْنَعُ الْغَرَائِزَ مِنْ تَلْبِيَةِ حَاجَاتِهَا الشِّرِّيرَةِ، وَتَفَكُّكُ الْمُجْتَمَعَاتِ؛ حَتَّى لَا تَبْقَى لَدَيْهَا قِيَمُهَا الْخَاصَّةُ الَّتِي تَمْنَعُهَا مِنْ قَبُولِ الْمُسْتَوْرَدِ الْمَكْرُوهِ، فَلَا دِينَ وَلَا لُغَةَ وَلَا هُوِيَّةَ وَلَا قِيَمَ تَبْقَى فِي طَرِيقِ هَذَا الطُّوفَانِ الْعَارِمِ! إِنَّهَا الْعَوْلَمَةُ، طُوفَانُ الْعَصْرِ الْحَدِيثِ.

 

فَمَاذَا تَعْنِي الْعَوْلَمَةُ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ؟

إِنَّهَا تَعْني "التَّدَاخُلُ الْوَاضِحُ فِي أُمُورِ الدِّينِ، وَالِاقْتِصَادِ، وَالِاجْتِمَاعِ، وَالسِّيَاسَةِ، وَالثَّقَافَةِ، وَالسُّلُوكِ، دُونَ اعْتِدَادٍ يُذْكَرُ بِالْحُدُودِ السِّيَاسِيَّةِ لِلدُّوَلِ ذَاتِ السِّيَادَةِ، أَوِ انْتِمَاءٍ إِلَى وَطَنٍ مُحَدَّدٍ، أَوْ لِدَوْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ، دُونَ حَاجَةٍ إِلَى إِجْرَاءَاتٍ حُكُومِيَّةٍ".

 

إِنَّهَا -بِكُلِّ اخْتِصَارٍ- ذَوَبَانُ الْمُجْتَمَعَاتِ عَنْ كُلِّ خُصُوصِيَّاتِهَا فِي الْمُجْتَمَعِ الْغَرْبِيِّ بِكُلِّ خُصُوصِيَّاتِهِ، وَهَذَا أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْقُوَى الْمُهَيْمِنَةِ الَّتِي تَفْرِضُ عَلَى الضُّعَفَاءِ سِيَاسَاتِهَا.

 

وَنَحْنُ -مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ- أُمَّةٌ مَيَّزَهَا اللهُ بِدِينٍ عَظِيمٍ اخْتَارَهُ لَهَا، وَأَتَمَّ بِهِ النِّعْمَةَ عَلَيْهَا؛ فَقَالَ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)[المائدة:3].

 

فَلِذَلِكَ عَلَيْنَا أَنْ نُرَابِطَ عَلَى حِصْنِ هَذَا الدِّينِ، وَنَحْذَرَ كُلَّ عَدُوٍّ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَنَا مِنْ هَذَا الْحِصْنِ الْحَصِينِ؛ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ عَنْهُ (فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)[الحج:31].

 

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْعَوْلَمَةَ -بِتِلْكَ الْغَايَاتِ السَّابِقَةِ- خَطَرٌ كَبِيرٌ عَلَى الدِّينِ، وَخَطَرٌ عَلَى الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ الَّتِي تَحْتَمِي بِحِمًى مَنِيعٍ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْقِيَمِ الَّتِي تَحْفَظُ خُصُوصِيَّةَ حَيَاةِ أَهْلِهَا فِي شُؤُونِ الْحَيَاةِ الْمُخْتَلِفَةِ: الدِّينِيَّةِ، وَالسِّيَاسِيَّةِ، وَالِاقْتِصَادِيَّةِ، وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَغَيْرِهَا، وَالَّتِي قَالَ اللهُ فِي وَصْفِهَا: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ... )[آل عمران:110].

 

عِبَادَ اللهِ: إِنَّكُمْ لَوْ تَأَمَّلْتُمْ فِي مَفْهُومِ الْعَوْلَمَةِ وَغَايَاتِهَا لَوَجَدْتُمْ تَرْكِيزًا كَبِيرًا عَلَى الْأُسْرَةِ، خَاصَّةً الْأُسْرَةَ الْمُسْلِمَةَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ فَسَادَ الْأُسْرَةِ فَسَادٌ لِلْمُجْتَمَعِ كُلِّهِ فِي جَمِيعِ نَوَاحِي حَيَاتِهِ.

 

فَالْعَوْلَمَةُ تَهْدِفُ إِلَى الْقَضَاءِ عَلَى بِنْيَةِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ وَهَدْمِهَا وَاقْتِلَاعِهَا؛ حَتَّى تَتَعَطَّلَ عَنْ إِنْتَاجِ الْأَجْيَالِ النَّقِيَّةِ، وَهِيَ كَذَلِكَ تَهْدِفُ إِلَى مَحْوِ خُصُوصِيَّتِهَا الْمُمَيَّزَةِ عَلَى الْمُسْتَوَى الْأُسَرِيِّ، وَالْقَضَاءِ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ خِلَالِ تَفْكِيكِهَا، وَالْبَدْءِ بِالْمَرْأَةِ بِاعْتِبَارِهَا الْأَسَاسَ فِي الْبِنَاءِ الْأُسَرِيِّ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: أَنْتُمْ أَهْلُ الطُّهْرِ وَالنَّقَاءِ، وَأَصْحَابُ الْفَضِيلَةِ وَالْحَيَاءِ، تَنْحَدِرُونَ مِنْ أُسَرٍ كَرِيمَةٍ تَعْرِفُ لِلدِّينِ وَالْخُلُقِ مَكَانَتَهُمَا، وَتَفْتَخِرُ بِانْتِمَائِهَا إِلَيْهِمَا، فَاعْلَمُوا -أَيُّهَا الْفُضَلَاءُ الْكِرَامُ- أَنَّ هَذِهِ النُّقْلَةَ الْإِفْسَادِيَّةَ لِلْعَوْلَمَةِ لَا تُقَدِّمُ أَفْكَارَهَا عَارِيَةً عَنِ الْأَمْثِلَةِ التَّطْبِيقِيَّةِ، بَلْ تَرْفُقُهَا بِنَمُوذَجِ الْمُجْتَمَعِ الْغَرْبِيِّ، وَتُرِيدُ عَبْرَهُ أَنْ تَنْقُلَ إِلَى مُجْتَمَعِكُمُ النَّقِيَّ تَجْرِبَةَ الْأُسْرَةِ الْغَرْبِيَّةِ الَّتِي تَآكَلَتْ تَحْتَ ظِلِّ الِانْعِتَاقِ عَنِ الدِّينِ وَالْقِيَمِ؛ فَإِلَّيْكُمْ صُورَةً مُصَغَّرَةً عَنِ الْأُسْرَةِ الْغَرْبِيَّةِ؛ حَتَّى تَحْمَدُوا اللهَ عَلَى نِعْمَةِ الْأُسْرَةِ فِي ظِلِّ الْإِسْلَامِ.

 

فِي السِّتِّينَاتِ شَهِدَتْ بَعْضُ الدُّوَلِ الْغَرْبِيَّةِ ثَوْرَةَ تَحَرُّرٍ مِنْ كُلِّ الْقِيَمِ، فِي ظِلِّ مَا عُرِفَ بِاللِّيبْرَالِيَّةِ، وَأَصْبَحَ كُلُّ مَا يُلَبِّي رَغَبَاتِ الْإِنْسَانِ وَنَزَوَاتِهِ أَمْرًا مَقْبُولًا، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ عَوَاقِبِهِ، وَكَانَتْ أَوَّلَ ضَحَايَا هَذَا التَّحَرُّرِ هُوَ الْأُسْرَةُ؛ حَيْثُ إِنَّ جَوْهَرَ هَذَا التَّحَرُّرِ هُوَ  تَحْرِيرُ الْفَرْدِ مِنْ كُلِّ الْقُيُودِ؛ أَيْ أَنَّهُ انْفِلَاتٌ كُلِّيٌّ؛ فَأَصْبَحَتِ الْمَجَلَّاتُ، وَالْأَفْلَامُ، وَالْمَسْرَحِيَّاتُ، وَالْجَامِعَاتُ، وَجَمِيعُ الْمُنْتَدَيَاتِ تَعْزِفُ عَلَى وَتَرِ النَّزَوَاتِ وَالْغَرَائِزِ، وَالْأَنَانِيَّةِ، وَالتَّحَرُّرِ مِنَ الدِّينِ، وَالسُّخْرِيَةِ مِنْ قُدْسِيَّةِ الْأُسْرَةِ، وَالْمُطَالَبَةِ بِتَجْرِبَةِ كُلِّ شَيْءٍ".

 

فَسُبْحَانَ اللهِ! كَيْفَ يُرَادُ نَقْلُ هَذِهِ الْحَيَاةِ الْعَفِنَةِ إِلَى حَيَاةِ أُمَّةٍ خَصَّهَا اللهُ بِالطُّهْرِ وَالنَّقَاءِ؛ فَأَيُّ إِنْسَانٍ عَاقِلٍ يُرِيدُ اسْتِنْسَاخَ تِلْكَ الْحَيَاةِ إِلَى أُسْرَتِهِ؟!

 

غَيْرُ أَنَّ هُنَاكَ أُنَاسًا مِمَّنْ رَقَّ دِينُهُمْ، وَغَرِقَتْ فِي لُجَّةِ الْأَهْوَاءِ عُقُولُهُمْ سَعَوْا وَرَاءَ مُحَاكَاةِ الْحَيَاةِ الْغَرْبِيَّةِ، لَكِنَّهُمْ جَنَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أُسَرِهِمُ الشَّقَاءَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الْأَمْرَاضُ الَّتِي أُصِيبُوا بِهَا؛ نَتِيجَةَ إِرَاقَةِ مَاءِ الْحَيَاءِ وَالْعَفَافِ عَلَى قَارِعَةِ طَرِيقِ الْفَوَاحِشِ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ -وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ-: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا؛ إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ؛ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ؛ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ؛ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ؛ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ"(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ).

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هُنَاكَ وَسَائِلُ كَثِيرَةٌ تَتَّخِذُهَا الْعَوْلَمَةُ مَعْبَرًا لَهَا لِلْوُصُولِ إِلَى الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ، وَمِنْ تِلْكَ الْوَسَائِلِ:

وَسَائِلُ الْإِعْلَامِ بِمُخْتَلَفِ أَشْكَالِهَا وَأَنْوَاعِهَا: الْمَقْرُوءَةِ وَالْمَسْمُوعَةِ وَالْمَرْئِيَّةِ، وَالَّتِي تَشْمَلُ الْقَنَوَاتِ الْفَضَائِيَّةَ، وَالصُّحُفَ، وَالْمَجَلَّاتِ، وَالشَّبَكَةَ الْعَنْكَبُوتِيَّةَ، وَغَيْرَهَا مِنَ الْوَسَائِلِ الْإِعْلَامِيَّةِ، وَهَذَا الْأَمْرُ مَعْلُومٌ لِلْجَمِيعِ، وَمُشَاهَدٌ عَلَى أَرْضِ الْوَاقِعِ.

 

وَمِنْ وَسَائِلِ الْعَوْلَمَةِ لِإِفْسَادِ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ: الْإِكْثَارُ مِنَ الْمُنَظَّمَاتِ وَالْجَمْعِيَّاتِ وَالْمُؤَسَّسَاتِ الْأَهْلِيَّةِ ذَاتِ الْأَهْدَافِ اللَّادِينِيَّةِ، وَدَعْمُهَا مَالِيًّا وَمَعْنَوِيًّا.

 

وَمِنْ وَسَائِلِ الْعَوْلَمَةِ لِإِفْسَادِ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ: وَسِيلَةُ التَّعْلِيمِ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا: التَّوَسُّعُ فِي قَبُولِ الطُّلَّابِ الْأَجَانِبِ فِي الْجَامِعَاتِ وَالْمَعَاهِدِ الْغَرْبِيَّةِ؛ فَفِي أَمْرِيكَا وَحْدَهَا أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفَ جَامِعَةٍ وَمَعْهَدٍ، مُهِمَّتُهَا: الْقِيَامُ بِالْبَرَامِجِ الثَّقَافِيَّةِ الَّتِي تُرَسِّخُ لَدَيْهِمُ الثَّقَافَةَ الْغَرْبِيَّةَ، وَتَسْتَخْدِمُهُمْ وَسَائِلَ لِلْعَوْلَمَةِ.

 

وَمِنْ وَسَائِلِ الْعَوْلَمَةِ لِإِفْسَادِ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ: عَقْدُ الْمُؤْتَمَرَاتِ، وَإِقَامَةُ الِاتِّفَاقِيَّاتِ الدَّوْلِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَرْأَةِ وَالطِّفْلِ، مِنْ أَجْلِ تَمْرِيرِ ثَقَافَاتٍ وَسِيَاسَاتٍ تَخْدِمُ الْعَوْلَمَةَ.

 

عِبَادَ اللهِ: إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الْعَوْلَمَةَ وَسُوءَهَا؛ فَتَأَمَّلُوا مَعِي فِي الْآثَارِ السَّلْبِيَّةِ الَّتِي تَحْمِلُهَا لِهَدْمِ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ، فَمِنْ تِلْكَ الْآثَارِ:

التَّأْثِيرُ السَّلْبِيُّ عَلَى تَمَاسُكِ الْأُسْرَةِ فِكْرِيًّا، مِنْ خِلَالِ أُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ، مِنْهَا: التَّرْكِيزُ دَائِمًا فِي وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مَظْلُومَةٌ وَمَقْهُورَةٌ، وَتُطَالِبُهَا بِأَخْذِ حُقُوقِهَا، وَهَذِهِ فَلْسَفَةٌ تُعْرَضُ بِشَكْلٍ يَوْمِيٍّ، وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا الْجَمِيعُ؛ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى التَّنَازُعِ عَلَى الْقِوَامَةِ فِي الْأُسْرَةِ، وَبِالتَّالِي كَثْرَةُ الْمَشَاكِلِ الْأُسَرِيَّةِ ثُمَّ تَفَكُّكُهَا وَتَشَرُّدُ أَبْنَائِهَا. كَمَا أَنَّ الِاتِّجَاهَ الْعَالَمِيَّ يَصْبُو نَحْوَ إِلْغَاءِ كَلِمَةِ (زَوْجٍ)، وَإِحْلَالِ لَفْظِ (شَرِيكِ حَيَاةٍ) بَدِيلاً عَنْهُ.

 

وَمِنَ الْآثَارِ السَّلْبِيَّةِ لِلْعَوْلَمَةِ: مُحَارَبَةُ الْقِوَامَةِ وَالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِرَبِّ الْأُسْرَةِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَتَأْدِيبِهِ لَهُمْ وَتَوْجِيهِهِمْ؛ فَهِيَ فِي نَظَرِ الْعَوْلَمَةِ لَيْسَتْ إِلَّا تَضْيِيقًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ الْفَرْدِيَّةِ وَحِرْمَانًا لَهَا؛ حَتَّى يَغْدُوَ الْأَبُ لَا سُلْطَانَ لَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ؛ فَإِذَا رَكِبُوا مَطَايَا الْفَاحِشَةِ فَحَاوَلَ مَنْعَهُمْ؛ فَالْقَوَانِينُ تَقُومُ مَعَهُمْ ضِدَّهُ!

 

وَمِنَ الْآثَارِ السَّلْبِيَّةِ لِلْعَوْلَمَةِ: التَّأْثِيرُ عَلَى تَمَاسُكِ الْأُسْرَةِ اجْتِمَاعِيًّا: وَيَتَمَثَّلُ ذَلِكَ فِي أُمُورٍ، مِنْهَا:

كَثْرَةُ الْمَشَاكِلِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْأُسَرِيَّةِ الظَّاهِرَةِ النَّاجِمَةِ مِنَ الِانْفِتَاحِ السَّلْبِيِّ، بِتَأْثِيرَاتِ الْعَوْلَمَةِ السَّلْبِيَّةِ. أَصْبَحَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالزَّوْجَاتِ لَا يَحْتَرِمُونَ رِبَاطَ الزَّوَاجِ الشَّرْعِيِّ، وَالْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ، وَيَلْجَئُونَ إِلَى الطَّلَاقِ لِأَتْفَهِ الْأَسْبَابِ.

 

الْإِغْرَاقُ فِي الْجَانِبِ الِاقْتِصَادِيِّ الْعَائِلِيِّ؛ حَتَّى خَرَجَتِ الْمَرْأَةُ لِلوَظِيفَةِ، وَتَرَكَتْ عَمَلَهَا الرَّئِيسَ فِي رِعَايَةِ الْبَيْتِ وَشُؤُونِ الْأَوْلَادِ، وَحَصَلَ بِذَلِكَ شَرٌّ مُسْتَطِيرٌ عَلَى الْأُسْرَةِ.

 

وَمِنَ الْآثَارِ السَّلْبِيَّةِ لِلْعَوْلَمَةِ: التَّأْثِيرُ عَلَى تَمَاسُكِ الْأُسْرَةِ أَخْلَاقِيًّا، وَيَتَمَثَّلُ ذَلِكَ فِي صُوَرٍ، مِنْهَا:

عَوْلَمَةُ مَفَاهِيمَ وَأَنْظِمَةٍ تُخَالِفُ قَوَانِينَ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ الْمُسْتَمَدَّةِ مِنَ الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ، بَلْ هِيَ مَفَاهِيمُ تَتَصَادَمُ مَعَ الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ، وَالْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ فَمَثَلاً: التَّرَاضِي بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ لِإِقَامَةِ عَلَاقَةٍ جِنْسِيَّةٍ عَابِرَةٍ لَا يُعَدُّ جَرِيمَةً أَخْلَاقِيَّةً، أَوْ خِيَانَةً زَوْجِيَّةً؛ إِذِ الْخِيَانَةُ الزَّوْجِيَّةُ هِيَ الَّتِي تُرْتَكَبُ فِي فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ، وَأَمَّا خَارِجَهُ فَلَا تُعْتَبَرُ خِيَانَةً. وَأَيْضًا: الْمَرْأَةُ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْغَرْبِيَّةِ تَخْرُجُ مَعَ مَنْ تَشَاءُ، وَتُصَادِقُ مَنْ تَشَاءُ، وَتَفْعَلُ مَا تَشَاءُ، وَبِحِمَايَةِ الْقَانُونِ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ وَلَا لِلزَّوْجِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى شَيْءٍ، وَأَيْضًا سَنَّ زَوَاجَ الشَّوَاذِّ، أَيْ: زَوَاجَ الرَّجُلِ بِالرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ، وَالْمُطَالَبَةَ بِحُقُوقِهِمْ، وَأَصْبَحَ هَذَا الْقَانُونُ فِي الْغَرْبِ جُزْءًا مِنْ نِظَامِ الْأُسْرَةِ لَدَيْهِمْ! بَلْ لَقَدْ تَمَّ تَعْدِيلُ الْمُصْطَلَحِ الْعِلْمِيِّ مِنْ شَوَاذَّ إِلَى تَسْمِيَتِهِ بِـزَوَاجِ الْمِثْلِيِّينَ!

 

فَيَا أَيُّهَا الْغَيَارَى: الْيَقَظَةَ الْيَقَظَةَ، وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طُوفَانِ الْعَوْلَمَةِ، حَصِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، وَاحْفَظُوا أُسَرَكُمْ؛ لِتَحْفَظُوا بِذَلِكَ دِينَكُمْ، وَطَهَارَةَ حَيَاتِكُمْ؛ فَيَا سَعَادَةَ أَهْلِ الْغَيْرَةِ وَالْيَقَظَةِ!

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعْدُ:

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْحَرِيصُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَهُوِيَّتِكُمْ وَأُسَرِكُمْ، بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُمْ شَيْئًا يَسِيرًا عَنِ الْعَوْلَمَةِ وَخَطَرِهَا وَآثَارِهَا، وَالْإِرَادَةِ الْجَامِحَةِ لِتَصْدِيرِهَا إِلَى مُجْتَمَعَاتِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَمَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نُوَاجِهَ هَذَا الْخَطَرَ الدَّاهِمَ بِمَا نَسْتَطِيعُ؛ فَرَبُّ الْأُسْرَةِ مَسْؤُولٌ عَنْ أُسْرَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التحريم:6]. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا..."(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

أَلَا وَإِنَّ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي تُوَاجَهُ بِهَا الْعَوْلَمَةُ: التَّمَسُّكُ بِالشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي ارْتَضَاهَا اللهُ -تَعَالَى- لَنَا، فَبِهَا نُنَظِّمُ حَيَاتَنَا، وَنُرَبِّي أَجْيَالَنَا، وَنَتَبَصَّرُ بِحَقَائِقِ الْحَيَاةِ.

 

وَإِعَادَةُ النَّظَرِ فِي مُشْكِلَاتِنَا الِاجْتِمَاعِيَّةِ فِي ضَوْءِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْعَامَّةِ، وَمَقَاصِدِهَا، وَغَايَاتِهَا الْحَكِيمَةِ فِي الْحَيَاةِ أَوَّلًا؛ لِتَحْدِيدِ مَسْئُولِيَّةِ الْأُسْرَةِ، وَالْمَدْرَسَةِ وَالْجَامِعَةِ، وَمَعَاهِدِ التَّعْلِيمِ، وَمُؤَسَّسَاتِ الْمُجْتَمَعِ الْمَدَنِيِّ، فِي الْقِيَامِ بِوَاجِبَاتِهَا فِي هَذَا الْجَانِبِ.

 

وَمِنْ طُرُقِ مُوَاجَهَةِ الْعَوْلَمَةِ: الِاهْتِمَامُ بِتَرْبِيَةِ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ؛ وَذَلِكَ بِتَثْقِيفِ أَفْرَادِهَا، وَتَوْعِيَتِهِمْ، وَتَوْجِيهِهِمْ مِنْ خِلَالِ الْوَسَائِلِ، وَالْبَرَامِجِ الَّتِي تَشْتَرِكُ جَمِيعًا فِي تَكْوِينِ أَجْيَالٍ تَشْعُرُ بِانْتِمَائِهَا الْإِسْلَامِيِّ.

 

وَمِنْ طُرُقِ مُوَاجَهَةِ الْعَوْلَمَةِ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ مِنَ الْمَخَاطِرِ الْخَارِجِيَّةِ؛ وَذَلِكَ بِكَشْفِ سَوْءَاتِ مُؤْتَمَرَاتِ تَحْرِيرِ الْمَرْأَةِ، وَبَيَانِ مَرَامِيهَا، وَمُخَالَفَتِهَا لِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، وَضَرُورَةِ إِعَادَةِ النَّظَرِ فِي خُطَطِ تَعْلِيمِ الْمَرْأَةِ، بِحَيْثُ تَتَّفِقُ مَعَ طَبِيعَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ نَاحِيَةٍ، وَظُرُوفِ الْمُجْتَمَعِ، وَاحْتِيَاجَاتِ التَّنْمِيَةِ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى.

 

وَمِنْ طُرُقِ مُوَاجَهَةِ الْعَوْلَمَةِ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأُسْرَةِ مِنَ الدَّاخِلِ، وَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ: إِحْيَاءِ الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ دَاخِلَ الْأُسْرَةِ، وَتَصْحِيحِ الْعِبَادَةِ الْإِيجَابِيَّةِ الدَّافِعَةِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ، وَالتَّدْرِيبِ عَلَى الصَّبْرِ، وَإِحْيَاءِ الْقِيَمِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ دَاخِلَ الْأُسْرَةِ، وَإِدْرَاكِ حَقِيقَةِ الْعَلَاقَةِ الَّتِي ارْتَضَاهَا الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَيْنَ الْأَفْرَادِ دَاخِلَ الْأُسْرَةِ، وَأَنَّهَا عَلَاقَةُ رَحْمَةٍ وَمَوَدَّةٍ وَتَكَافُلٍ، وَلَيْسَتْ تَنَافُسًا وَأَنَانِيَةً وَتَآمُرًا.

 

فَاللهَ اللهَ -عِبَادَ اللهِ- فِي حِمَايَةِ الدِّينِ، وَتَحْصِينِ الْأُسْرَةِ مِنْ سِهَامِ الْكَائِدِينَ، وَخِدَاعِ الْمَاكِرِينَ الَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ لِلْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ إِلَّا التَّخَلِّيَ عَنِ الدِّينِ، وَتَعْرِيضَ الْعِرْضِ لِكُلِّ أَمْرِ مَشِينٍ.

 

فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرُدَّنَا إِلَى دِينِهِ رَدًّا جَمِيلًا، وَأَنْ يَصُونَ أُسَرَنَا الْإِسْلَامِيَّةَ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ يُرِيدُ بِهَا ضَرَرًا.

 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

 

 

المرفقات

الأسرة المسلمة في عصر العولمة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات