الخوارج

عبدالله عوض الأسمري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ذم الخوارج وخبث مسالكهم 2/تحريم الإسلام للدماء والتشديد فيها 3/خطورة التفجير والتخريب في بلاد المسلمين 4/وسطية الإسلام في الأمور كلها.

اقتباس

فالإسلام ليس مع الفئة الضالة التي تغلو وتفجر في المسلمين وتكفّرهم، وفي ذات الوقت لا يؤيد الانحلال وتقليد الكفار ومحبتهم وموالاتهم في دينهم. إن الإسلام وسط بين الغلو والجفاء، بين التشدد والانفتاح الغربي؛ فيأمر الإسلام بلزوم الطاعات، وترك المحرمات، وحرَّم قتل النفس المعصومة، ويأمر الإسلام بالمعاملة الحسنى مع الكفار، لكن مع الاعتزاز بالدين وعدم تقليدهم ومحبتهم وصداقتهم والانسياق وراءهم؛ فإنهم أعداء الله.

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[المجادلة:13].

 

حديثنا اليوم عن فئة باغية هم الذين قاتلوا الصحابة -رضي الله عنهم- في معركة النهروان؛ حيث قاتلوا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ الذين هم خيار الناس بعد الأنبياء -عليه الصلاة والسلام-. إنهم الخوارج الذين قتلوا عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-.

 

انظروا إلى فعل الخوارج، وهم ما يسمونهم حاليًا "داعش" في الشام والعراق، فكم قتلوا من أهل السنة وأهل الجهاد هناك! فضلاً عن أئمة المساجد والدعاة! بل ماذا فعلوا في بلاد الحرمين في سنوات ماضية من تفجيرات وتخريب وسفك لدماء المسلمين؟! إنهم يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الشرك.

 

عباد الله: إن مما جاءت به الشريعة الإسلامية تحريم الدماء والتشديد في ذلك فقال الله -تعالى-: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[النساء:93].

 

ولذا فإن أعظم ذنب بعد الشرك بالله هو قتل مسلم بغير حق؛ فجزاءه جهنم، وغضب الله عليه، وطرده من رحمة الله، وقد حرمت الشريعة ليس دماء الآدميين فقط، بل حتى دماء البهائم والطيور بدون حق. فعن المغيرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- : "لا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا"(رواه مسلم)؛ فإذا كان هذا النهي قد ورد في قتل الطائر بغير حق فكيف بقتل الآدمي؟! وكيف بقتل المسلم؟! وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار"(رواه الترمذي وصححه الألباني).

 

وفي الحديث عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم في عافية من أمره ما لم يُصِب دماً حراماً"، وفي رواية: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً"(رواه البخاري).

 

إن التفجير والتخريب في بلاد المسلمين، وقصد المعصومين بالترويع والإيذاء والقتل ما هو ألا ضرب من ضروب الفساد في الأرض، وفاعله قد أتى جرماً عظيماً، وعلق في رقبته دماء معصومة.

 

عباد الله: إن على العلماء والمفكرين مسؤولية كبري في توجيه الشباب وتوعيتهم وحمايتهم من الانسياق وراء أصحاب الأفكار الشاذة والمنحرفة وأصحاب الأهواء، وأفضل وسيلة مع الشباب هو الحوار والإقناع بخطورة أفكار الفئة الضالة، فضلاً عن أصحاب الهوى من العلمانيين الليبراليين الذين يريدون الانحلال عن الدين والمبادئ إلى تقليد الغرب والشرق في عاداتهم ومبادئهم الضالة.

 

فالإسلام ليس مع الفئة الضالة التي تغلو وتفجر في المسلمين وتكفّرهم، وفي ذات الوقت لا يؤيد الانحلال وتقليد الكفار ومحبتهم وموالاتهم في دينهم.

 

إن الإسلام وسط بين الغلو والجفاء، بين التشدد والانفتاح الغربي؛ فيأمر الإسلام بلزوم الطاعات، وترك المحرمات، وحرَّم قتل النفس المعصومة، وأمر بالرفق بالحيوان إلا بالحق، ويأمر الإسلام بالمعاملة الحسنى مع الكفار من اليهود والنصارى، لكن مع الاعتزاز بالدين وعدم تقليدهم ومحبتهم وصداقتهم والانسياق وراءهم؛ فإنهم أعداء الله.

 

نسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

من يعتدي من هذه الفئة على قتل المسلمين وترويعهم وأخذ أموالهم؛ فإن العلماء يرون تطبيق حد الحرابة؛ لأنهم من المفسدين في الأرض، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[المائدة:33].

 

نسأل الله يديم على هذه البلاد الأمن والأمان وجميع بلاد المسلمين، ونسأله –عز وجل- أن يرينا الحق حقّاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.

 

اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته، ولا مريضًا إلا شفيته.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المرفقات

الخوارج

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات