تعظيم شأن الصلاة

الشيخ عايد بن علي القزلان التميمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/الصلاة أم العبادات 2/ما ورد في فضل الصلاة وتعظيمها 3/ثمرات الصلاة وفوائدها 4/فضل صلاة الجماعة 5/الوصية بالمحافظة على الصلاة.

اقتباس

ولعظم شأن الصّلاة فإنّها هي الوحيدة التي فُرضت من فوق سبع سماوات، وهي أول ما يحاسب عنه المرء يوم القيامة؛ فإن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت فسد سائر العمل، وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل ذكراً أو أنثى، وهي تجب في كل حال في الصّحة والمرض, والإقامة والسّفر, والأمن والخوف....

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي جعل الصلاة عمود الدين، فقال -سبحانه-: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[البقرة: 45، 46], وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، حث على إقامة الصلاة في كتابه المبين، وأشهَدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وبارك عليه، وعلى آله وعلى أصحابه، الطيبين الطاهرين، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: فيا أيها المؤمنون أوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

عباد الله: عظّم الإسلام شأن الصلاة، ورفع ذكرها، وأعلى مكانتها؛ فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".

 

أيها المؤمنون: الصلاةُ أُم العبادات, وأفضلُ الطاعات؛ ولذلك جاءت نصوص الكتاب والسنة بإقَامتها والمحافظة عليها, والمداومة على تأديتها في أوقاتها؛ قال -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: 238], وقال –تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)[البقرة: 43]، وقال -سبحانه-: (إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ)[المعارج: 22، 23], وكان آخر وصايا النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى: "الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ, وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ"(أبو داود وصححه الألباني).

 

عباد الله: فالصلاةُ أفضل الأعمال؛ فقد سُئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أفضل الأعمال فقال: "الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا"(مسلم), والصلاةُ نهرٌ من الطهارةِ والمغفرة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ؛ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟" قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ, قَالَ: "فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا"(متفق عليه).

 

عباد الله: والصلاةُ كفارةٌ للذنوبِ والخطايا؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه -أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصَّلواتُ الخَمْسُ، والجُمُعةُ إِلى الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ، مَا لَمْ تُغش الكبَائِرُ"(رواه مسلم).

 

والصلاةٌ حفظٌ وأمانٌ للعبدِ في الدُّنيا؛ فعن جندب بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّه"(مسلم).

 

والصلاةُ عهدٌ من اللهِ بدخولِ الجنةِ في الآخرة, فعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى الْعِبَادِ, فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ؛ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ"(أبو داود والنسائي وهو صحيح).

 

والصلاةُ أول ما يُحاسب عنه العبد يوم القيامة؛ روى أبو داود والترمذي والنسائي عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ, فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ, وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ"(وصححه الألباني).

 

عباد الله: والصلاةُ نورٌ؛ فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-  أنه قال: "الصلاةُ نور"(مسلم), والصلاةُ أمانٌ منَ النارِ؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَنْ يلجَ النَّار أَحدٌ صلَّى قبْلَ طُلوعِ الشَّمْس وَقَبْل غُرُوبَها"(رواه مسلم)؛ يعْني: الفجْرَ والعصْرَ.

 

والصلاةُ أمانٌ مِنَ الكفرِ والشرك؛ فعن جابر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  يقول: "إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ"(مسلم).

 

وصلاةُ الفجرِ والعشاء في جماعة أمان من النفاق؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليسَ صَلَاةٌ أثْقَلَ علَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ والعِشَاءِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا"(متفق عليه).

 

أيها المؤمنون: والصلاةُ في جماعة من سنن الهدى؛ فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا؛ فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- سُنَنَ الْهُدَى, وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى, وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ, وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ, وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ, ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً, وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً, وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً, وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ, وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفّ"(رواه مسلم).

 

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة, أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، أمرنا بالاستعانة بالصبر والصلاة، على مشاق الحياة، وأخبر أنها كبيرة إلا على الخاشعين, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان.

 

أما بعد: ولعظم شأن الصّلاة فإنّها هي الوحيدة التي فُرضت من فوق سبع سماوات، وهي أول ما يحاسب عنه المرء يوم القيامة؛ فإن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت فسد سائر العمل، وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل ذكراً أو أنثى، وهي تجب في كل حال في الصّحة والمرض, والإقامة والسّفر, والأمن والخوف, على قدر الاستطاعة.

 

فحافظ عليها جيداً -أيها المسلم- بشروطها وأركانها وواجباتها, وإياك إياك أن تكون من المسلمين المزيفين الّذين يتسمون بالإسلام ولا يطبقون أحكامه، أو تكون من الّذين يصلون وقتًا ويدعون أوقاتًا، فإن هذه ليست من صفات المسلم الحق، بل إن من صفات المسلم الحق الاستسلام لله والانقياد له وطاعته بكل ما يأمر به, ومن ذلك أداء هذه الصّلاة والمحافظة عليها في أوقاتها.

 

واستجيبوا لأمر ربكم: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)[البقرة: 43]؛ فإقامة الصلاة علامة الإيمان, والتهاون بالصلاة علامة الضلال والخسران.

 

واعلموا أن الله -تعالى- أمركم بالصلاة والسلام على النبي، فقال -جل شأنه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلى الله عليه عشـر صلوات، وحُـطَّت عنه عشـر خطيئات، ورُفعت له عشـر درجات"(رواه أحمد والنسائي).

 

فاللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك مـحمد، وعلى آله وصحبه الطاهرين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين, وعن الصحابة أجـمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحـمتك يا أرحم الراحـمين.

 

 

المرفقات

تعظيم شأن الصلاة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات