الدرر بما في تغير الأيام والأعوام من الدروس والعبر

أ زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/التغيير سنة الله في الكون كله 2/بعض الدروس والعبر من تقلب الليل والنهار 3/على المسلم أن يغتنم عمره

اقتباس

وَفِي وَدَاعِ عَامٍ وَاسْتِقْبَالِ آخَرَ دَعْوَةٌ لِلتَّفَاؤُلِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ وَالرَّجَاءِ فِي تَحَسُّنِ الْمَآلِ لِمَنْ سَاءَتْ أَحْوَالُهُ وَتَنَكَّدَ عَيْشُهُ؛ فَكَمْ مِنْ عَبْدٍ عَاشَ حَيَاةَ الْكَدْحِ فِي رِزْقِهِ وَالْغُرْبَةِ عَنْ وَطَنِهِ، وَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ عَاشَ الظُّلْمَ وَالتَّسَلُّطَ وَالِاسْتِبْدَادَ، وَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ عَاشَ الْخَوْفَ وَالْقَهْرَ وَالْإِيذَاءَ، ثُمَّ بَدَّلَ اللَّهُ حَالَهُمْ وَحَسَّنَ مِنْ وَاقِعِهِمْ...

الخطبة الأولى:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ مُصَرِّفِ الدُّهُورِ، وَجَامِعِ الْخَلَائِقِ لِيَوْمِ النُّشُورِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَحَامِلِ النُّورِ، وَعَلَى آلِهِ أَهْلِ النَّقَاءِ وَصَحَابَتِهِ الْأَتْقِيَاءِ، أَهْلِ الْخَشْيَةِ وَأَصْفِيَاءِ الصُّدُورِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَإِنَّهَا الْمَخْرَجُ مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، وَهِيَ الْمُخَلِّصَةُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْقَبْرِ، وَالْمُنْجِيَةُ مِنْ حَسَرَاتِ الْأُخْرَى؛ وَالتَّقْوَى هِيَ وَصِيَّةُ اللَّهِ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؛ كَمَا كَانَتْ وَصِيَّتَهُ لِأَنْبِيَائِهِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَلِلْأَشْقِيَاءِ مِنْ خَلْقِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)[الْحَجِّ: 1-2].

 

عِبَادَ اللَّهِ: كُلُّ شَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ -تَعَالَى- يَتَغَيَّرُ، وَكُلُّ مَا هُوَ حَادِثٌ يَتَبَدَّلُ، وَلَنْ يَبْقَى شَيْءٌ فِي هَذَا الْكَوْنِ عُلْوِيِّهِ وَسُفْلِيِّهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ شَيْءٍ عَلَيْهِ إِلَّا وَلَهُ نِهَايَةٌ؛ فَالْكُلُّ سَيَهْلَكُ، وَالْجَمِيعُ سَيَنْتَهِي، وَلَنْ يَبْقَى فِي الْوُجُودِ إِلَّا خَالِقُهُ وَمُوجِدُهُ وَمُدَبِّرُهُ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[الْقَصَصِ: 88].

 

أَيَّامٌ تَتْبَعُهَا أَيَّامٌ، وَسَنَوَاتٌ تَتْلُوهَا سَنَوَاتٌ، وَفَصْلٌ يَتْبَعُهُ فَصْلٌ، وَلَيْلٌ يَعْقُبُهُ نَهَارٌ، وَجِيلٌ يَخْلُفُهُ جِيلٌ، وَهَكَذَا حَيَاةٌ يَتْبَعُهَا مَوْتٌ، ثُمَّ تَلِيهَا حَيَاةٌ أُخْرَوِيَّةٌ سَرْمَدِيَّةٌ لَا نِهَايَةَ لَهَا.

 

أَعْوَامٌ مَضَتْ بِأَعْمَارِنَا وَأَعْمَالِنَا، وَأَعْوَامٌ آتِيَةٌ تُقَرِّبُنَا مِنْ آجَالِنَا، وَتَنْقُصُ مِنْ حَيَاتِنَا، أَعْوَامٌ رَحَلَتْ بِخَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وَحُلْوِهَا وَمُرِّهَا، وَأَعْوَامٌ تَنْتَظِرُنَا لَا نَعْلَمُ مَا قُدِّرَ لَنَا فِيهَا وَلَا كَمْ بَقِيَ لَنَا مِنْهَا.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي أَيَّامِنَا هَذِهِ نُوَدِّعُ عَامًا، وَهَا هُوَ يَلْفِظُ أَنْفَاسَهُ الْأَخِيرَةَ مِنْ غَيْرِ رَجْعَةٍ، وَنَسْتَقْبِلُ عَامًا آخَرَ، وَهَا هِيَ نَسَائِمُهُ تَهُبُّ؛ وَلَنَا فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ الْحِكَمِ وَأَجَلُّ الْعِبَرِ؛ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ)[النُّورِ: 44]، وَفِي خُطْبَتِنَا هَذِهِ سَنَتَحَدَّثُ حَوْلَ الْعِبَرِ وَالْحِكَمِ مِنْ تَغَيُّرِ الْأَيَّامِ وَتَبَدُّلِ الْأَعْوَامِ مِنْ خِلَالِ نِقَاطٍ نَسُوقُ بَعْضًا مِنْهَا:

أُولَاهَا: إِنَّ فِي تَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ وَدَوَرَانِ الدُّهُورِ وَالْأَعْوَامِ وَتَعَاقُبِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ دُرُوسًا لِهَذَا الْإِنْسَانِ، يَأْخُذُ مِنْهَا الْعِبْرَةَ وَيَسْتَلْهِمُ مِنْهَا الْعِظَةَ، قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)[الْفُرْقَانِ: 62]؛ حَيْثُ يَسْتَنْتِجُ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ أَحْوَالُ الدُّنْيَا تَتَغَيَّرُ وَطَبِيعَتُهَا تَتَحَوَّلُ فَلَيْسَ هَذَا الْإِنْسَانُ إِلَّا وَاحِدًا مِنْهَا، يَجْرِي عَلَيْهِ مَا يَجْرِي عَلَى كَوْنِ اللَّهِ الْفَسِيحِ وَالْمُتَنَوِّعِ، مِنْ سُنَنِ اللَّهِ -تَعَالَى- النَّافِذَةِ وَقَوَانِينِهِ الصَّارِمَةِ.

 

وَإِذَا كَانَ هَذَا الْكَوْنُ بِمَا فِيهِ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ وَجِبَالٍ وَبِحَارٍ وَأَفْلَاكٍ وَكَوَاكِبَ يَأْتِي عَلَيْهِ أَمْرُ اللَّهِ فَيَقْضِي عَلَى حَرَكَتِهِ وَيُنْهِي وُجُودَهُ؛ فَكَذَلِكَ هَذَا الْإِنْسَانُ، بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمُكَلَّفُ بِمَنْهَجِ اللَّهِ وَتَطْبِيقِ شَرِيعَتِهِ عَلَى أَرْضِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى رَبِّهِ لِيُسْأَلَ عَنْهَا وَيُجَازَى عَلَيْهَا؛ فَكَمَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْإِنْسَانُ شَيْئًا مَذْكُورًا فَسَيَأْتِي يَوْمٌ لَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا شَيْئًا مَذْكُورًا؛ لِيَنْتَقِلَ إِلَى حَيَاةٍ أُخْرَى وَعَالَمٍ آخَرَ، هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا كَانَ يَعِيشُهُ فِي دُنْيَاهُ الرَّاحِلَةِ.

 

بَعْدَ أَنْ تَنَقَّلَ فِي مَرَاحِلِ نُمُوِّهِ الْمُخْتَلِفَةِ؛ مِنْ دَارِ الْأَرْحَامِ نُطْفَةً إِلَى أَنْ صَارَ جَنِينًا، ثُمَّ إِلَى دَارِ الدُّنْيَا طِفْلًا حَتَّى بَلَغَ أَشُدَّهُ حَتَّى أَصْبَحَ شَيْخًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ؛ قَالَ اللَّهُ: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ)[الْمُؤْمِنُونَ: 12 - 16].

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: الدُّنْيَا لَهَا نُقْطَةُ نِهَايَةٍ، كَمَا كَانَ لَهَا نُقْطَةُ بِدَايَةٍ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْأَعْوَامُ الَّتِي تَتَصَرَّمُ وَالسُّنُونُ الَّتِي تَنْقَضِي إِلَّا دَلِيلًا عَلَى زَوَالِهَا بِمَنْ فِيهَا؛ فَإِذَا كَانَتْ مُنْذُ خَلَقَهَا اللَّهُ وَهِيَ تُفْنِي الْمَخْلُوقَاتِ وَتُغَيِّبُهُمْ فِي بَاطِنِهَا فَسَيَأْتِي يَوْمٌ بِنَفْسِهَا تَنْتَهِي وَتَزُولُ، حَيْثُ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهَا مِنْ حَيَاةٍ وَلَا يَصْلُحُ عَلَيْهَا مِنْ عَيْشٍ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)[إِبْرَاهِيمَ: 48]، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا)[طه: 105 - 107].

 

وَأَنْتَ -أَيُّهَا الْإِنْسَانُ- جُزْءٌ مِنْ هَذَا الْكَوْنِ تَجْرِي عَلَيْكَ نَوَامِيسُهُ، فَيَوْمٌ بَعْدَ يَوْمٍ، وَشَهْرٌ يَلِيهِ شَهْرٌ، وَعَامٌ يَتْبَعُهُ عَامٌ، وَمَرْحَلَةٌ بَعْدَ أُخْرَى وَأَنْتَ تَقْتَرِبُ مِنْ حَتْفِكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ بِكَ الْعُمْرُ، ثُمَّ تُوَدِّعُ دُنْيَاكَ وَتَلْحَقُ بِأُولَى مَنَازِلِ آخِرَتِكَ؛ وَهُوَ الْقَبْرُ ثُمَّ السَّاعَةُ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ، فَتُفَاجَأُ وَأَنْتَ بَيْنَ جَمِيعِ الْبَشَرِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ الْأَرْضِ، وَقَدْ ظَنَنْتَ أَنَّكَ لَمْ تَلْبَثْ عَلَيْهَا وَلَمْ تُعَمَّرْ فِيهَا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ؛ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنَّ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ)[يُونُسَ: 45].

 

أَيْنَ نَمْرُودُ وَكَنْعَانُ وَمَنْ *** مَلَكَ الْأَرْضَ وَوَلَىَّ وَعَزَلْ

أَيْنَ عَادٌ أَيْنَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ *** رَفَعَ الْأَهْرَامَ مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ

أَيْنَ مَنْ سَادُوا وَشَادُوا وَبَنَوْا *** هَلَكَ الْكُلُّ وَلَمْ تُغْنِ الْقُلَلْ

أَيْنَ أَرْبَابُ الْحِجَى أَهْلُ النُّهَى *** أَيْنَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْقَوْمُ الْأُوَلْ

 

ثَانِيهَا: فِي تَغَيُّرِ الْأَعْوَامِ تَذْكِرَةٌ لِلْعَبْدِ فِيمَا مَضَى مِنْ عُمْرِهِ، وَدَعْوَةٌ لَهُ لِلتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمَعاصِيهِ؛ فَعَامُهُ الرَّاحِلُ ذَهَبَ وَطُوِيَتْ صَحَائِفُ أَعْمَالِهِ، وَلُفَّتْ سِجِلَّاتُهَا، وَلَا يَسَعُنَا مَعَهَا سِوَى النَّدَمِ عَلَى فَاتَ مِنَ الذَّنْبِ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الرَّجْعَةِ إِلَيْهِ. وَهَذَا يَدْعُونَا إِلَى أَنْ نَسْتَحْضِرَ نِدَاءَ اللَّهِ -تَعَالَى- وَهُوَ يَسْتَنْهِضُ نُفُوسَ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الْحَشْرِ: 18]؛ تِلْكَ النَّفْسُ الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا وَعَلَيْهَا فِي أَعْظَمِ وَأَكْبَرِ قَسَمٍ فِي كِتَابِهِ.

 

ثَالِثُهَا: فِي تَصَرُّمِ السِّنِينَ وَالْأَعْوَامِ وَتَبَدُّلِ الْأَحْوَالِ وَالْأَيَّامِ تَذْكِرَةٌ لِلْعَبْدِ فِي مُسْتَقْبَلِ عُمْرِهِ وَمَوْعِدِ لِقَائِهِ مَعَ رَبِّهِ بَعْدَ رَحِيلِهِ وَبَرْزَخِهِ، ثُمَّ بَعْثِهِ وَنَشْرِهِ، ثُمَّ حِسَابِهِ وَجَزَائِهِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 55 - 57].

 

رَابِعُهَا: فِي تَصَرُّمِ الْأَعْوَامِ عِبْرَةٌ لِمَنْ أَرَادَ شُكْرَ اللَّهِ -تَعَالَى- عَلَى مَا أَوْلَاهُ مِنْ نِعَمٍ عَظِيمَةٍ؛ شُكْرَهُ عَلَى نِعْمَةِ خَلْقِهِ كَإِنْسَانٍ كَرَّمَهُ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ، شُكْرَهُ عَلَى أَنْفَسِ نِعْمَةٍ وَأَعْظَمِهَا؛ وَهِيَ كَوْنُهُ مُسْلِمًا وَهَدَاهُ لَهُ، شُكْرَهُ عَلَى نِعْمَةِ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، شُكْرَهُ عَلَى أَنْ مَنَحَهُ عُمْرًا جَدِيدًا وَعَامًا آخَرَ يَسْتَأْنِفُ فِيهِ تَوْبَةً مِمَّا سَبَقَ وَيَسْتَكْثِرُ فِيهِ خَيْرًا فِيمَا لَحِقَ.

 

خَامِسُهَا: فِي وَدَاعِ عَامٍ وَاسْتِقْبَالِ آخَرَ يُدْرِكُ الْعَبْدُ إِبْدَاعَ الْخَالِقِ وَقُوَّةَ الْمُصَرِّفِ وَتَدْبِيرَ الْحَكِيمِ لِهَذَا الْكَوْنِ، وَهُوَ اللَّهُ -تَعَالَى- وَحْدَهُ الَّذِي خَلَقَهُ وَأَوْجَدَهُ، وَهُوَ مَنْ أَتْقَنَ جَمَالَهُ وَأَبْدَعَ صُنْعَهُ وَهُوَ مَنْ قَنَّنَ نِظَامَهُ الْمُحْكَمَ الدَّقِيقَ، وَهُوَ مَنْ تَوَلَّى تَصْرِيفَهُ وَتَسْيِيرَهُ؛ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ شَرِيكٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلِيًّا، قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)[الْفُرْقَانِ: 2].

 

سَادِسُهَا: فِي تَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ تَبْدِيلٌ لِلْأَحْوَالِ وَتَغْيِيرٌ لِتَفَاصِيلِ الْعَيْشِ فِيهِ؛ فَهَذَا الْعَالَمُ لَا يَسْتَقِرُّ لَهُ قَرَارٌ، وَهَذَا الْكَوْنُ لَا يَسْتَمِرُّ عَلَى حَالٍ؛ بَلْ يُجْرِي اللَّهُ -تَعَالَى- عَلَيْهِ تَغْيِيرَاتٍ هَائِلَةً وَتَبْدِيلَاتٍ مُتَنَوِّعَةً؛ فَهِدَايَةٌ وَضَلَالٌ وَغِنًى وَفَقْرٌ وَأَمْنٌ وَخَوْفٌ وَحَرْبٌ وَسِلْمٌ وَنَصْرٌ وَهَزِيمَةٌ وَحَيَاةٌ وَمَوْتٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ؛ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[آلِ عِمْرَانَ: 26].

 

سَابِعُهَا: فِي وَدَاعِ عَامٍ وَاسْتِقْبَالِ آخَرَ فُرْصَةٌ لِمَنِ انْشَغَلَ بِدُنْيَاهُ فِي مَا مَضَى أَوْ تَهَاوَنَ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ وَقَضَى، وَتَجَاوَزَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَنَهَى؛ إِنَّهَا فُرْصَةٌ جَدِيدَةٌ لِلْعَبْدِ أَنْ يُحْسِنَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ وَيَجْتَهِدَ وَيَسْتَدْرِكَ مَا فَاتَهُ؛ فَعَنْ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ الثَّقَفِيِّ، أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمْرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ"(الْأَلْبَانِيُّ، صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ، (2330)).

 

وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُدْرِكَ الْعَبْدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْخَوَاتِيمِ، وَالْعُهْدَةَ عَلَى النِّهَايَاتِ لَا الْبِدَايَاتِ؛ فَكَمْ عَبْدٍ عَمِلَ خَيْرًا وَخُتِمَ لَهُ بِغَيْرِهِ، وَكَمْ مِنْ عَبْدٍ عَمِلَ شَرًّا وَخُتِمَ لَهُ بِخِلَافِهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَتْهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ فِي الْكِتَابِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِذَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَحَوَّلَ فَعَمِلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَمَاتَ، فَدَخَلَ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ فِي الْكِتَابِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَحَوَّلَ، فَعَمِلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمَاتَ فَدَخَلَهَا"(الْوَادِعِيُّ، الصَّحِيحِ الْمُسْنَدِ: (1581)).

 

قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ، وَلِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ وَتُوبُوا إِلَيْهِ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ مُقَلِّبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، تَذْكِرَةً وَعِبْرَةً لِأُولِي الْعُقُولِ وَالْأَبْصَارِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ وَخِيرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَعَلَى آلِهِ الْأَطْهَارِ وَصَحَابَتِهِ الْأَبْرَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقَرَارِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَفِي وَدَاعِ عَامٍ وَاسْتِقْبَالِ آخَرَ دَعْوَةٌ لِلتَّفَاؤُلِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ وَالرَّجَاءِ فِي تَحَسُّنِ الْمَآلِ لِمَنْ سَاءَتْ أَحْوَالُهُ وَتَنَكَّدَ عَيْشُهُ؛ فَكَمْ مِنْ عَبْدٍ عَاشَ حَيَاةَ الْكَدْحِ فِي رِزْقِهِ وَالْغُرْبَةِ عَنْ وَطَنِهِ، وَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ عَاشَ الظُّلْمَ وَالتَّسَلُّطَ وَالِاسْتِبْدَادَ، وَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ عَاشَ الْخَوْفَ وَالْقَهْرَ وَالْإِيذَاءَ، ثُمَّ بَدَّلَ اللَّهُ حَالَهُمْ وَحَسَّنَ مِنْ وَاقِعِهِمْ، فَأَبْدَلَهُمْ بَعْدَ الْفَقْرِ غِنًى، وَبَعْدَ الْخَوْفِ أَمْنًا، وَبَعْدَ الِاسْتِضْعَافِ قُوَّةً وَتَمْكِينًا، وَكَمَا قِيلَ:

مَا بَيْنَ غَمْضَةِ عَيْنٍ وَانْتِبَاهَتِهَا *** يُغَيِّرُ اللَّهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالِ

 

فَأحْسِنْ الْظَّنَّ بِرَبِكَ وَأَمَّلَ فِيهِ خَيْرَاً؛ فَبِيَدِهِ الْأَمْرَ كُلَّهُ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلَّهُ؛ قَالَ اللَّهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ، الَّذِي رَوَاهُ وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ اللَّيْثِيُّ، أَبُو فَسِيلَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي؛ فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ"(الْأَلْبَانِيُّ، صَحِيحِ الْمَوَارِدِ: (2088)).

 

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِحَبْلِ اللَّهِ مُعْتَصِمًا *** فَإِنَّهُ الرُّكْنُ إِنْ خَانَتْكَ أَرْكَانُ

 

عِبَادَ اللَّهِ: هَا نَحْنُ نُخَلِّفُ وَرَاءَنَا عَامًا وَقَبْلَهُ أَعْوَامًا مِنْ أَعْمَارِنَا مَضَتْ، وَنَسْتَقْبِلُ أَعْوَامًا أُخْرَى مِنْ أَعْمَارِنَا بَقِيَتْ، إِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ قَدَّرَ لَنَا فِيهَا الْبَقَاءَ، وَدَّعْنَا عَامًا مَضَى بِحُلْوِهِ وَمُرِّهِ، وَكَانَ مَلِيئًا بِالْأَحْدَاثِ الْعِظَامِ وَالْفِتَنِ الْجِسَامِ، وَنَسْتَقْبِلُ عَامًا جَدِيدًا لَا نَدْرِي أَيَّ أَقْدَارِ اللَّهِ سَتَمْضِي عَلَيْنَا، وَكُلُّنَا رَجَاءٌ أَنْ يَجْعَلَهُ رَبُّنَا عَامَ خَيْرٍ وَنَصْرٍ وَبَرَكَةٍ وَصَلَاحٍ، وَأَنْ يُجْرِيَ عَلَيْنَا خَيْرَ أَقْدَارِهِ وَأَفْضَلَهَا فِيهِ.

 

وَمَا هَذِهِ الْأَيَّامُ إِلَّا مَرَاحِلٌ *** يَحُثُّ بِهَا حَادٍ إِلَى الْمَوْتِ قَاصِدُ

وَأَعْجَبُ شَيْءٍ لَوْ تَأَمَّلْتَ أَنَّهَا *** مَرَاحِلُ تُطْوَى وَالْمُسَافِرُ قَاعِدُ

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: بَيْنَ تَصَرُّمِ الْأَعْوَامِ حَيَاةٌ تَتَجَدَّدُ، وَأَنْفَاسٌ تَتَوَقَّفُ، وَآجَالٌ تَنْقَضِي؛ فَتَيَقَّنْ -أَيُّهَا الْإِنْسَانُ- أَنَّهَا تَعْمَلُ فِيكَ وَتَسْتَهْلِكُ مِنْكَ عُمْرَكَ وَتَسْلُبُ مِنْكَ قُوَاكَ حَتَّى تُفْنِيكَ وَتُدْنِيَكَ الْأَجَلَ وَتَنْزِلَكَ الْقَبْرَ؛ ثم تَجِدَ جَزَاءَ مَا كُنْتَ تَعْمَلُ:

إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا *** وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ

 

فَالْتَمِسْ -يَا مُسْلِمُ- عُمْرَكَ، وَاغْتَنِمْ خَمْسَكَ الْتِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَهَمِّيَّتِهَا، وَحَثَّ عَلَى اغْتِنَامِهَا، وَحَذَّرَ مِنَ الْغَبْنِ فِيهَا وَخَسَارَتِهَا، فَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" (الْأَلْبَانِيُّ، صَحِيحِ التَّرْغِيبِ، (3355)).

 

وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَهْمَا طَالَ بِكَ الْمُقَامُ، وَحَفَلَتْ بِكَ الْأَيَّامُ فَلَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ يَكُونُ فِيهِ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى؛ رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزَّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ"(رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

 

وَ(رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ) أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ".

 

عِبَادَ اللَّهِ: أَلَا صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ، وَالْمُبَلِّغِ النَّذِيرِ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ؛ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الْأَحْزَابِ: 56].

 

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا فِيمَا مَضَى مِنْ أَعْمَارِنَا وَتُبْ عَلَيْنَا فِي مُسْتَقْبَلِ أَيَّامِنَا.

 

اللَّهُمَّ اخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَقْوَالَنَا وَأَفْعَالَنَا وَاهْدِنَا يَا رَبَّنَا سُبُلَ السَّلَامِ.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَفَرِّجْ هُمُومَهُمْ، وَنَفِّسْ كُرُوبَهُمْ، وَفُكَّ أَسْرَاهُمْ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ.

 

اللَّهُمَّ وَعَلَيْكَ بِعَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ، يَا مُنْتَقِمُ يَا اللَّهُ.

 

اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَامَنَا هَذَا عَامَ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ وَنَصْرٍ وَتَمْكِينٍ وَسَلَامٍ وَأَمَانٍ.

 

اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ عِزًّا وَقُوَّةً وَسُؤْدُدًا، وَلِأَعْدَائِهِمْ ضَعْفًا وَهَزِيمَةً وَانْتِكَاسًا وَانْدِحَارًا.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحِ الرَّاعِيَ وَالرَّعِيَّةَ، وَالْأُمَّةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: اذْكُرُوا الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

وَأَقِمِ الصَّلَاةَ...

 

 

المرفقات

بين تقلب الأيام والأعوام

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات