الحوثيون والحقد الأسود

الشيخ محمد ابراهيم السبر

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/قدم الصراع بين الحق والباطل 2/سنة الله فيمن أطاعه وعصاه 3/بعض فضائل أهل اليمن 4/خطر الحوثة على اليمن والعرب والمسلمين وأهدافهم الشريرة 5/بعض ما يجب على المسلمين تجاه الحوثة

اقتباس

الحوثيون فئة وشرذمة باغية تدعمها قوى إقليمية كارهة للعرب والمسلمين؛ تهدف إلى بسط هيمنتها على اليمن، وجعله منطلقا لنفوذها على بلاد العرب والمسلمين. وتحالفت الفئة الباغية مع جماعات باعت دينها ووطنها لاستجلاب مكاسب شخصية ودنيوية على حساب....

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ لله له المُلك وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير، أحمدُه سبحانه وأشكره الحكَمُ العدلُ اللطيفُ الخبير، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه البشيرُ النذير، والسراجُ المُنير، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- (حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

عباد الله: الصراع بين الخير والشر والحق والباطل قديم قدم الإنسان ذاته، فمنذ أن خلق الله -تعالى- آدم -عليه السلام-, ابتلي بإبليس الرجيم، وهكذا هي سنة الابتلاء تجري في عباده ليكرم الله -تعالى- أولياءه، ويعزهم في الدنيا والآخرة، وليهين أعداءه، ويخزيهم في الدنيا والآخرة, والله -تبارك وتعالى- شاء بحكمته وعلمه وقدرته وعدله وتدبيره, أن يصلح الأرض بالحق وأهله, وأن يدفع الشر وفساد المفسدين في الأرض بالإيمان وأهله, قال تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)[البقرة: 251].

فلولا دفع الله فساد المفسدين وشرك المشركين بصولة الحق وأهله وغلبتهم لفسدت الأرض بالشرك والبدعة والظلم والعدوان، وسفك الدماء، وانتشار الخوف والمجاعة، وهدم المساجد، وتعطيل أحكام الشرع: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)[الحج: 40], (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)[محمد: 4].

 

إن سنن الله تجري على كل أحد لا يقدر أحد من الخلق أن يغيرها ولا يبدلها مصداقا لقوله تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)[فاطر: 43]، وقوله تعالى: (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)[الفتح: 23].

 

فسنة الله أن من أطاعه ونصر دينه وأعز الحق وأهله, نصره الله وأيده ومن حارب دين الله -تعالى- وأهان أولياءه, واستكبر وطغى خذله الله وأهلكه وجعله عبرة ومثلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)[محمد: 7-8].

 

إن الإسلام دخل إلى اليمن في أوائل الهجرة سلماً بلا قتال حباً في الإيمان, وأثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهل اليمن، فقال: "جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية"(متفق عليه)، فهي أرض الحكمة والإيمان، ويمن التوحيد والسنة، وصنعاء التاريخ والحضارة، ولهم في الإسلام والعلم والجهاد مفاخر ومآثر.

 

وقد شاء الله -تعالى- لهذا البلد العربي المسلم أن يبتلى بطائفة منحرفة عن الدين هي طائفة الحوثيين هذه الفئة المتآمرة على اليمن وأهله تريد أن تغير هويته ودينه، وهي طائفة معروفة بالعدوان والدسائس.

 

وقد عرف من يقف وراءها في داخل اليمن وخارجه، وأصبحت أهدافهم ونواياهم مكشوفة للعيان من تخريب وإفساد، وحقد طائفي أسود، وإن ادعو الإيمان، وأنهم أنصار الله، وأعلنوا حرب الكفار: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)[آل عمران: 118].

 

الحوثيون فئة وشرذمة باغية تدعمها قوى إقليمية كارهة للعرب والمسلمين؛ تهدف إلى بسط هيمنتها على اليمن، وجعله منطلقا لنفوذها على بلاد العرب والمسلمين.

 

وتحالفت الفئة الباغية مع جماعات باعت دينها ووطنها لاستجلاب مكاسب شخصية ودنيوية على حساب عروبة اليمن وعقيدتها تحركهم وتمولهم في ذلك صفوية إيران المجوسية، وأعداء تجمعوا على عداء العرب والمسلمين، وتقسيم دولهم واغراقهم في الفتن والحروب.

 

يريدون زرع هذه الجماعة شوكة في خاصرة الجزيرة العربية محاولين تكرار نفس المشهد في الشام والعراق، ولم يلق العرب والمسلمون من زرعهم هذا خيرا، بل عثوا في تلك البلدان فسادا وظلما وعدوانا، فهذه الطائفة ولا ريب أصبحت عدوة للسلم مزعزعة للأمن وخطرا وحربا على أمن بلاد الحرمين الشريفين ودول الخليج واستقرارها.

 

الحوثيون قوم طارئون على اليمن، وزمرة فعلت من الجرائم أفظعها من تشريد للناس، وانتهاك للأعراض، وسفك للدماء، وقطع للسبل، وإيقاف لحركة الحياة؛ بهدم المساجد والمدارس ومؤسسات الدولة, بل تطاول الأوباش بمحاولات الاعتداء على حدود المملكة، وتهديدهم بغزو الحرمين الشريفين، وضربها بالصواريخ والأعمال الإرهابية والتخريبية.

 

الحوثيون يريدون بمحاولاتهم اليائسة والفاشلة زعزعة أمن بلاد التوحيد والسنة وبلد الحرمين الشريفين، وخدمة أعداء الدين، ولن يحققوا مرادهم بحول الله وحفظه ونصره، ثم بيقظة وعزيمة رجال أمننا وجنودنا الأشاوس الأبطال.

 

إن ما تُحاوله وتسعَى فيه جماعةُ الانقلابيين الحوثيين من مُحاولات يائسة للمساس بأمن بلاد الحرمين ومقدساتها وحُدودها ومناطقها الجنوبية، لهِيَ دلالة على ما وصلَت إليه هذه الجماعةُ من يأسٍ وإحباطٍ، وهي رفسة الموت بعدما ما مُنِيَت بهزائِم مُتكرِّرة، وفشلٍ ذريعٍ في تحقيق مآربها الخبيثة.

 

وكل ما تفعلُه وهجمات صاروخية ودعابات مضللة ما هو إلا بعضٌ من ضُروب العبَثِ والاستعراض الذي لن يُجدِيَ نفعًا، ولن يُحقِّق لها أملاً، ولن يرفعَ لها رأسًا: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)[فاطر: 43].

نعوذ بالله من البغي وأهله، ومن سُوء مُنقَلَبه، ومن قُبح عاقبتِه، ونسأل الله أن يكف بأسهم وعدوانهم: (وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا)[النساء: 84].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن الحكيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآي والذكر الحكيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.

 

وبعد: فإن مدافعة الحوثيين بعاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية وحلفاؤها؛ لهو قيام بحق الأخوة، وحق الجوار، وإغاثة الملهوف، وإنقاذ لبلاد الإسلام من تغلل المد الصفوي المحتل، وقطع تمدد سم الأفعى الخطير في الأمة.

 

كما إن استنقاذ اليمن من براثن الاحتلال الصفوي واجب شرعي، والقتال في سبيله جهاد في سبيل الله، والدفاع عن اليمن هو الدفاع عن الركن اليماني الذي يجاهر الأعداء احتلاله، ويهددون أمن الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين.

 

وإن ما يقوم به جنودنا البواسل من المجاهدين والمرابطين على حدودنا الجنوبية هو: جهاد ورباط عظيم؛ فهم يدفعون الصائل، ويردون الباغي، ويجالدون الباطل، ويكفون الشر عن بلاد الحرمين الشريفين، وبلاد المسلمين، فعملهم هذا من أعظم القربات، وأوجب الواجبات.

 

وواجبنا: الدعاء لهم، وتشجيعهم، وإعانتهم في أنفسهم وأهليهم, مع تقوى الله -سبحانه- والبعد عن الذنوب والمعاصي، وكفران النعم، وجمع الكلمة، ووحدة الصف، وعدم التنازع، فالاتفاق والطاعة سبب للنصر: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)[الأنفال: 46].

 

نسأل الله -تعالى- أن يقطع دابر الحوثيين، ومن يقف وراءهم من المجوس والصفويين، وأعداء الدين وأن يكبتهم، وأن يحفظ بلادنا وديننا ومقدساتنا، وولاة أمرنا وجنودنا، وحدودنا من كل سوء ومكروه.

 

اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدميره في تدبيره.

 

اللهم أصلح ولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتحذرهم من الشر.

 

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

المرفقات

الحوثيون والحقد الأسود

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات