خطبة عيد الفطر المبارك 1440هـ

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/سرعة رحيل شهر رمضان 2/خطورة أعداء الأمة وتكالبهم عليها 3/دين الله ظاهر ومنصور 4/رسائل هامة لنساء الأمة.

اقتباس

رحل وفي رحلته عبرٌ وعظات، نِعمةٌ تتم، وعمل صالح يرفع، وابتهاج بالعيد، لذا كان من السنة الفرح بالعيد فهو يوم فرح وسرور، لا يومَ حُزْنٍ وهموم، إنه يوم صلة وتصافي، لا يوم قطيعة وتجافي، إنه يوم مساواة لا يوم طبقية ولا عرقية، إنه يوم نشاط وخفة نفس لا يوم كسل ونوم.

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله…

 

أما بعد: فيا أيها الناس اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

 

معاشر المؤمنين: اتقوا الله، فتقوى الله خير زاد الراحلين، وأنيس المغتربين، ونجاة المذنبين، لقد أوصى الله الأولين والآخرين بتقواه لما فيها من الفلاح والنجاح، ولقد رحل ضيفنا المبارك، كان سريعًا كعادته، لا يدع فرصة للمتكاسلين، رحل وفي رحلته عبرٌ وعظات، نِعمةٌ تتم، وعمل صالح يرفع، وابتهاج بالعيد، لذا كان من السنة الفرح بالعيد فهو يوم فرح وسرور، لا يومَ حُزْنٍ وهموم، إنه يوم صلة وتصافي، لا يوم قطيعة وتجافي، إنه يوم مساواة لا يوم طبقية ولا عرقية، إنه يوم نشاط وخفة نفس لا يوم كسل ونوم.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

الكل يعلم أن الأمة تئن في كل شبر من بلاد المسلمين، وأن المسلمين في ضعف وذلّ، ولا نختلف أن سبب ذلك هو البعد عن شرع الله، وعدم العمل به كما أمر الله. ولن نتحدث عن هذا، ولكن سنتحدث عن أن الأمر مهما اشتد، والفتن تحتد، فإن العاقبة للإسلام، وأنه لا يمكن للكفر وأهله أن يقضوا على الإسلام مهما أوتوا من تسلط، والقرآن والسنة شاهدان بذلك؛ قال -تعالى-: (إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)[هود:49]، وقال: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[الصف:8-9]، وقال: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)[الصافات:171-173].

 

أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث تميم الداري عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَر ولا وَبَر إلا أدخله الله هذا الدين بعزّ عزيز أو بذل ذليل، عزّاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر".

 

والحديث معناه واضح فالمراد بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "هذا الأمر"؛ أي: الإسلام، أي أنه سيبلغ ما بلغ الليل والنهار وهي الأرض كلها، وقوله: "بعز عزيز" إلى آخره؛ أي: أن مَن أسلم يعزه الله ويعز به الإسلام، ومن امتنع أذله الله -تعالى- بالصغار والجزية ويذل به الكفر، ففي مسند الإمام أحمد عن تميم الداري راوي الحديث: "وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ، يَقُولُ: قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ".

 

وقال الألباني في كتابه تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد: "إن الظهور المذكور في الآية لم يتحقق بتمامه، وإنما يتحقق في المستقبل، ومما لا شك فيه أن دائرة الظهور اتسعت بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- في زمن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم ولا يكون التمام إلا بسيطرة الإسلام على جميع الكرة الأرضية، وسيتحقق هذا قطعًا لإخبار الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك".

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد

 

معاشر المسلمين: لا خوف على الإسلام فلا يتطرق إليكم الوهن والضعف والخور والاستسلام، إنما يجب على المسلم أن يخاف على نفسه أن يُسلَب إيمانه قبل الموت أو يُفْتَن في دينه، والعياذ بالله.

 

فالله -جل وعلا- ينصر الباطل على الحق لحكمة أرادها الله -سبحانه-، منها إظهار الحق، كما قال ابن تيمية -رحمه الله-: "ومن سنة الله أنه إذا أراد إظهار دينه أقام من يعارضه، فيحق الحق بكلماته، ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق"(الفتاوى 28/57).

 

أيها المؤمنون: لقد كثر أعداء الدين في شتى بقاع الأرض، الذين يحاربون الدين باسم الدين، يتلبسون باسم الدين، حتى إذا تمكنوا ضربوا بالدين عُرض الحائط، واعلموا أن الدين عتيق، مسطر في كتاب الله وسنة رسوله، وبيَّنه أهل العلم الثقاة، فلا يلتفت إلى المنافقين الذين يزخرفون القول ببهارج لا تنطلي إلا على مَن لا عِلْم له، أو مفتون يوافق هواه، فعليكم بالعتيق من الدين، ومن كان منكم مقتدٍ فليقتد بمن مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة.

 

اللهم اهدنا وثبتنا واحفظ علينا ديننا، أقول قولي هذا...

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد فيا أيها الناس: أوجه كلمتي للنساء وأوليائهن، فيا نساء المؤمنين: اتقوا الله، والله إن الحرب لتدور عليكن، وإن أعداء الدين ليساومون بكن ويجعلونكن سلاحًا لتنفيذ مخططاتهم على بلاد المسلمين، فالحذر الحذر من الوقوع في مخططاتهم، كوني يقظة أبية، فَطِنَة لما يُحَاك ضدك، إن أكبر وظيفة للمرأة في حياتها، هو إدارة أعمال بيتها، وتربية الأولاد على الدين الصحيح والأخلاق الإسلامية، فإن خروج المرأة من بيتها لغير حاجة يُعدّ فسادًا للمجتمع، وذلك لتعطيل وظيفتها الأساس، وتركها للخادمات والمربيات، إن من يصنع الرجال وينشئ الأمهات هو النساء، فإذا تخلت المرأة عن ذلك ضاع المجتمع وانخرط في الفساد، والعياذ بالله.

 

أيتهن الكريمات العفيفات، أكثرن من الصدقة، واحرصن على طاعة الزوج في غير معصية الله، فإن ذلك هو طريقكن للجنة، أخرج البخاري في صحيحه من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ"؛ فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِير مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"؛ قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟" قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ"؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا".

 

فنصيحتنا للأخوات الحرص على التمسك بشعائر الإسلام وفرائضه لا سيما الصلاة والبعد عما حرمه الله -سبحانه وتعالى-، وبخاصة الشرك بصوره المتعددة التي تنتشر في أوساط بعض النساء مثل طلب الحاجات من غير الله، وإتيان السحرة والعرافين، ونحو ذلك.

 

اللهم احفظ علينا أمننا، وديننا، وأنفسنا وأهلينا، وجميع المسلمين.

 

اللهم تقبل منا الصيام والقيام والدعاء وسائر أعمالنا يا رب العالمين.

 

اللهم ارفع اللأواء والسيف عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم مكَّن لهم في بلادهم، وأعنهم على تطبيق شرعك.

 

اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم واصرف عنهم شرارهم.

 

اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه……

 

المرفقات

خطبة عيد الفطر المبارك 1440هـ

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات