صحيح البخاري وثناء أئمة الإسلام عليه

عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: شخصيات مؤثرة
عناصر الخطبة
1/مكانة السنة النبوية 2/تجرؤ الطاعنين في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- 3/اجتهاد أئمة الحديث في تمييز الصحيح من الضعيف 4/الطعن في صحيح البخاري طعن في جميع كتب السنة 5/بعض أقوال أئمة الإسلام في الثناء على صحيح البخاري

اقتباس

لا شكَّ أنَّ سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحيٌ منزَّل، فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيَّض الله لها علماءً نقاداً، ينفون عنها تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأنَّ الله -سبحانه- جعلها...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله قيَّض لهذا الدين أئمة وأعلاماً ينشرون سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويدعون الناس إليها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.

 

أما بعد: فاتقوا الله -أيها المسلمون- فإنَّ التقوى جماع كل خير.

 

معاشر المسلمين: قال تعالى: (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا)[النساء: 113]، والكتاب هو القرآن الكريم، والحكمة هي السنة.

 

وقال الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر: 9]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ"(أخرجه الإمام أحمد وصححه الألباني).

 

قوله: "ومثله معه" أي السنة، وهي الأحاديث التي ثبتت عنه عليه الصلاة والسلام.

 

وقال الإمام ابن باز -رحمه الله-: "لا شكَّ أنَّ سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحيٌ منزَّل، فقد حفظها الله كما حفظ كتابه، وقيَّض الله لها علماءً نقاداً، ينفون عنها تحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون؛ لأنَّ الله -سبحانه- جعلها تفسيراً لكتابه الكريم، وبياناً لما أجمل فيه من الأحكام، وضمَّنها أحكاماً أخرى لم ينص عليها الكتاب العزيز".

 

معاشر المسلمين: تعلمون -حفظكم الله- تجرؤ الطاعنين في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما لهم من نشاط في بعض القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعية، وهم ما بين طاعن في الصحابة -رضي الله عنهم- وطاعن في كتب السنة التي نقلت لنا أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصحها: صحيحي البخاري ومسلم بإجماع المسلمين.

 

ولكن لماذا الطعن في رواة الحديث وكتب السنة النبوية؟

لماذا يثير بعضهم الشبهات حولها؟

لماذا يتعمَّدون الطعن في صحيح الإمام البخاري الذي هو أصح كتاب بعد القرآن الكريم بإجماع أئمة الإسلام؟

هل يريدون زعزعة ثقة المسلمين في كتب السنة التي نقلت إلينا أحاديث نبينا -صلى الله عليه وسلم-؟

هل يريدون الحطَّ من قدر أئمة الإسلام الذين بذلوا أوقاتهم وأفنوا أعمارهم خدمة لسنته -صلى الله عليه وسلم-؟

معاشر المسلمين: لقد اجتهد أئمة الحديث -رحمهم الله- اجتهاداً كبيراً في تمييز الصحيح من الضعيف كما بينوا الأحاديث الباطلة المكذوبة، وذلك باهتمامهم بعلم الرواية ورجال الإسناد في علم لا تجد له مثيلاً في الأمم.

 

ومن العجب الذي لا ينقضي: أن ترى وتسمع من المتعالمين متعالم لم يقتنع بعقله القاصر بشيء من الأحاديث في الجامع الصحيح فأخذ يطعن في صحتها، وهذه لوثة فكرية من لوثات العقلانيين الفلاسفة الذين يُقدِّمون العقل على النقل ولهم أسلاف سبقوهم إلى ذلك، فردَّ عليهم أئمة الإسلام؛ مثل الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم، وغيرهم من أئمة الإسلام -رحمهم الله-.

 

معاشر المسلمين: إنَّ من يتجرأ على صحيح البخاري طعناً وانتقاصاً لهذا الكتاب الصحيح لن يبالي في الطعن في صحيح مسلم وكتب السنن والمسانيد؛ مثل مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن النسائي وابن ماجه -رحمهم الله ورضي عنهم-.

 

معاشر المسلمين: من يطعن في صحيح البخاري يريدنا أن نسمع قوله ولا يريدنا أن نسمع قول أئمة الإسلام الذين أثنوا خيراً على صحيح البخاري، اسمعوا ما قاله أولئك الأئمة الكبار، قال العقيلي: "لمَّا ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة".

 

وكفى بشهادة إمام أهل السنة والجماعة له بالصحة وثنائه عليه. وكذلك إمامي الحديث ابن معين وعلي بن المديني الذي هو من أعلم المحدثين بعلل الحديث.

 

وقال الإمام النووي -رحمه الله-: "اتفق العلماء على أنَّ أصح الكتب المصنفة صحيحا البخاري ومسلم، واتفق الجمهور على أنَّ صحيح البخاري أصحهما صحيحًا، وأكثرهما فوائد".

 

وقال الإمام النسائي -رحمه الله-: "أجود هذه الكتب كتاب البخاري، وأجمعت الأمة على صحة هذين الكتابين، ووجوب العمل بأحاديثهما".

 

وقال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: "وَأَمَّا كُتُبُ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةُ: مِثْلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، فَلَيْسَ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ".

 

وقال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: "ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل" يعني البخاري.

 

وقال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله-: "ما رأيت تحت أديم السماء أعلمَ بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحفظَ له من محمد بن إسماعيل".

 

وقال الإمام الترمذي -رحمه الله-: "لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل".

 

وقال الإمام الذهبي عن الإمام البخاري: "وأمّا جامعه الصحيح فأجلُّ كُتب الْإِسلَام وأفضلها بعد كتاب اللَّه –تعالى- وهو أعلى شيء فِي وقتنا إسنادًا للناس, ومن ثلَاثين سنة يفرحون بعُلُوّ سماعه، فكيف اليوم؟ فلو رحل الشخص لسماعه من مسيرة ألف فرسخ لَمَا ضاعت رحلتهُ".

 

وقال إمام الحرمين: "لو حلف إنسان بطلاق امرأته أنَّ ما في كتابي البخاري ومسلم ممَّا حكما بصحته من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ألزمته الطلاق ولا حنثته لإجماع علماء المسلمين".

 

معاشر المسلمين: هذه أقوال أئمة الإسلام من السلف في ثنائهم على الإمام البخاري وصحيحه، ولو استقصينا ثناء العلماء عليه لطال الكلام واحتجنا معه إلى خطب متعددة، فلا يُلتفت إلى كلام الخلف الطاعنين فيه، بل يجب أن يحاسب ويوقف كل من طعن فيه أو في غيره من كتب سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حفظاً لها من أن يعتدي عليها معتد أو يقدح فيها قادح.

 

عباد الله: لقد اعتنى علماء الإسلام عناية كبرى بصحيح البخاري دراسةً وحفظاً وشرحاً، ولهم فيه عشرات الشروح ولا زال علماء الإسلام يشرحونه إلى هذا الزمن.

 

رحم الله الإمام البخاري ورضي الله عنه وجمعنا به في الجنة.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

المرفقات

صحيح البخاري وثناء أئمة الإسلام عليه

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات