ولو كنت فظا غليظ القلب

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/عظم حلم النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه 2/حاجة الناس إلى من يحنو عليهم ويرفق بهم 3/نداء مهم إلى كل أب أو مدير أو زوج أو مسؤول 4/فضائل حسن الخلق 5/من أعظم المُحفِّزات على ملازمة الأخلاق الصَّالحات.

اقتباس

النَّاسُ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ بحَاجةٍ إلى كَنفٍ رَحيمٍ، وإلى رِعايةٍ فائقةٍ، وإلى بَشاشةٍ سَمحةٍ، وإلى وُدٍّ يَسَعُ مشاعرَهم وأحاسيسَهم، وحِلْمٍ لا يَضيقُ بجهلِهم وضَعفِهم ونَقصِهم، في حَاجةٍ إلى قَلبٍ كبيرٍ يُعطيهم، ولا يَحتاجُ منهم إلى عَطاءٍ، ويَحمِلُ همومَهم ولا يُشغلُهم بهمِّه، ويَجدونَ عندَه الاهتمامَ والرِّعايةَ والعَطفَ، والسَّماحةَ والوُدَّ واللُّطفَ، وهكذا كانَ قلبُ رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-،

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

 

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

بعدَ معركةِ أُحدٍ، وفي الوقتِ الذي لا يَزالُ فيه جُرحُ النَّبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- يَنزفُ، وقد استُشهدَ من أصحابِه سبعونَ صحابيًّا، وبعدَ أن رجعَ ثُلثُ الجيشِ قبلَ المعركةِ، وخَالفَ بعضُ الرُّماةِ أمرَه وضَعُفوا أمامَ إغراءِ الغَنيمةِ، ووَهنَ البعضُ أمامَ إشاعةِ مَقتلِه فانقلبَوا على أعقابِهم مُنهزمينَ، وتَركوهُ في النَّفرِ القَليلِ مُثْقَلًا بجِراحِهِ، وهو صَامدٌ يَدعوهم في أُخرَاهم، وهم لا يَلْوُونَ على أَحدٍ.

 

بعدَ كلِّ ما حدثَ فيها من الأحداثِ الأليمةِ، والمواقفِ الجسيمةِ، يأتي الخِطابُ الرَّبانيُّ في آياتٍ من سورةِ آل عمرانَ في وصفِ أحداثِ المعركةِ، ثُمَّ يُنهيها بمِنَّةٍ ومَدحٍ، وتوجيهٍ ونُصحٍ، وبُشرى وفَتحٍ، فيقولُ اللهُ –تعالى- لنبيِّه -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)[آل عمران: 159]؛ فالعفو والمغفرةُ هي شِيمةُ الكِرامِ.

 

فهذه رحمةُ اللهِ التي نالتْه، فجعلتْه رَحيمًا بهم، لَيِّنًا معهم حتى في هذا الموقفِ العصيبِ .. ولو كانَ فَظًَّا في القَولِ، غَليظَ القلبِ ما تَألَّفتْ حولَه القلوبُ، ولا تَجَّمعتْ حولَه المشاعرُ، والكلامُ لرسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- مع صِدقِه وبلاغتِه وإخلاصِه ووجوبِ اتِّباعِه، والذينَ قد ينفَضُّون هم الصَّحابةُ -رضيَ اللهُ عنه- مع إيمانِهم واستجابتِهم وحِرصِهم وتضحيتِهم، فكيفَ بغيرِهِ وغيرِهم؟!

 

النَّاسُ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ بحَاجةٍ إلى كَنفٍ رَحيمٍ، وإلى رِعايةٍ فائقةٍ، وإلى بَشاشةٍ سَمحةٍ، وإلى وُدٍّ يَسَعُ مشاعرَهم وأحاسيسَهم، وحِلْمٍ لا يَضيقُ بجهلِهم وضَعفِهم ونَقصِهم، في حَاجةٍ إلى قَلبٍ كبيرٍ يُعطيهم، ولا يَحتاجُ منهم إلى عَطاءٍ، ويَحمِلُ همومَهم ولا يُشغلُهم بهمِّه، ويَجدونَ عندَه الاهتمامَ والرِّعايةَ والعَطفَ، والسَّماحةَ والوُدَّ واللُّطفَ.

 

وهكذا كانَ قلبُ رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-، وهكذا كانتْ حياتُه مع النَّاسِ، ما غَضبَ لنفسِه قَط، ولا ضاقَ صدرُه بضعفِهم البَشريِّ، ووسعَهم حلمُه وبِرُّه وعطفُه ووِدُّه الكريمُ، ولا استأثرَ لنفسِه شيئًا من أَعراضِ هذه الحياةِ، بل أَعطاهم كلَّ ما ملكتْ يداهُ في سَماحةٍ نَديةٍ، وما رآهُ أحدٌ إلا امتلأَ قلبُه بحبِّه، بسببِ ما أفاضَ عليهم -صلى اللهُ عليه وسلمَ- من نَفسِه الكبيرةِ الرَّحيبةِ.

 

فيا أيُّها المديرُ في إدارتِه ويا أيُّها الرئيسُ في عملِه..

لَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضَّ من حولِكَ الموظَّفونَ.. فكنْ رحيمًا بهم، ليِّنًا لهم، واعفُ عنهم ما قد يكونُ من الأخطاءِ البشريَّةِ، واغفرْ لهم ما قد يبدرُ منهم من الأغلاطِ المِهنيَّةِ، وشاورْهم في أمورِ العملِ ولا تجعلْ قراراتِك فرديَّةً، ولا يَغرُّكَ مَنصِبَك فهو تكليفٌ لا تشريفٌ، بل اجعلْهم في صَفِّكَ، فنجاحُهم نجاحُكَ، وفشلُهم فشلُكَ، وطَالبْ بحقوقِهم ومُستحقاتِهم، وابذلْ وُسْعَك في مساعدتِهم، وتغافلْ عمَّا يكونُ من نقصِ الإنسانِ، وما قد يُصيبُهم بسببِ ظُروفِ الزَّمانِ، وصدقَ القائلُ:

لَيْسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَوْمِهِ *** لكنَّ سيِّدَ قومِهِ المُتغابي

 

وأيُّها الصَّديقُ والصَّاحبُ..

لَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضَّ من حولِكَ الأصدقاءِ، ولضاقَ بكَ واسعَ الفَضاءِ، فأخبرني أينَ تجدُ صاحبًا دونَ تقصيرٍ وأخطاءَ، فاعفُ عنهم واستغفرْ لهم، واسمع إلى توجيهِ ربِّ العالمينَ إلى سيِّدِ المُرسلينَ، عندما أمرَه بملازمةِ الصَّالحينَ، فقالَ له: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)[الكهف: 28]؛ فأمرَه بالصَّبرِ، لأنَّكَ لا تجدُ صديقًا إلا وفيه النَّقصِ في جانبٍ من الجوانبِ، فكنْ خيرَ صاحبٍ.

مَنْ ذا الذي ما سَاء قَطْ *** ومَنْ لَه الحُسنى فَقَطْ

 

أيُّها الزَّوجُ ..

لَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضَّتْ من حولِكَ زوجتُك، واسمعْ إلى وصيةِ رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- لحياةِ زوجيةٍ سعيدةٍ: "لَا يَفْرَكْ –أي: لا يُبغضُ- مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ"، فاعفُ عنها واستغفرْ لها، ولا تنسَ ما تبذلُه لكَ ولأبنائكَ من الخدمةِ والتَّعبِ، واشكرْ لها وشَجِّعها بدلًا من الملامةِ والعَتبِ، فهي تحتاجُ إلى كلمةٍ حَانيةٍ، ويَدٍ دانيةٍ، تضعُها على كتفِها بعدَ عناءٍ يومٍ شاقٍ، وتقولُ لها: أحبُّكِ من قلبٍ يمتلئ بالأشواقِ، مازحْها يومًا إذا دخلتَ عليها ورأيتَها تستاكَ وقُل لها:

قَدْ فُزتَ يا عودَ الأراكِ بثغرِها *** أما خِفتَ يا عُودَ الأراكِ أَراكا

لو كُنتَ من أهلِ القِتالِ قَتلتُكَ *** ما فَازَ مني يا سِواكُ سِواكا

عندَها سترى الحياةَ الزَّوجيةَ بألوانٍ أخرى، قد كُنَّا نسمعُ عنها في قِصصٍ جميلةٍ تُروى.

 

أيُّها الأبُّ..

لَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضَّ من حولِكَ الأبناءُ والبناتُ، ولحرمتَهم من كثيرٍ من الخيرِ والبركاتِ، فأينَ حنانُ ورحمةُ الأبِّ، أينَ العطفُ والمؤانسةُ والحبُّ، كيفَ ستكونُ قُدوةً لهم إن كُنتَ غليظًا، وكيفَ سيتعلمونَ منكَ الأدبَ إن كنتَ بَغيضًا، فاعفُ عنهم ما قد يكونُ من الأطفالِ والصِّغارِ، واستغفرْ لهم تقصيرَهم وأخطاءَهم وهم كِبارٌ، كُنْ لهم القُدوةَ في التَّسامحِ والعفوِ، واستمعْ إليهم، ولا تدعُ عليهم، وعلمهم في الصِّغرِ، ما لا تستطيعُ تعليمَهم في الكِبرِ، كما قالَ القائلُ:

قد يبلغُ الأدبَ الأطفالُ في صَغَرٍ *** وليس يَنفعهُم من بعدِه أدبُ

إن الغُصُونَ إِذا قَوَّمْتَها اعتدلْت *** ولا يلينُ إِذا قَوَّمْتَهُ الخَشَبُ

 

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذَنبٍ فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيبًا كما يُحبُ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له في الآخرةِ والأولى، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النَّبيُّ المصطفى، والرَّسولُ المُجتَبى، اللهمَّ صلِّ وسلمْ عليه وعلى آلِه وصحبِه ذَوي الفضلِ والتُّقى.

 

أما بعدُ: يا أيُّها المسلمُ: لَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضَّ من حولِكَ النَّاسُ في الدُّنيا، ولذهبَ عملُكَ الصَّالحُ هباءً منثورًا في الآخرةِ، فما فائدةُ العملِ الصَّالحِ مع فظاظةِ اللِّسانِ، وغِلَظِ الجنانِ، واسمعْ إلى هذا الحديثِ وأصغِ له بالآذانِ، عَنْ أَبي هُريرةَ -رَضيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ -يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا- غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ -يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا- وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ".

 

ويا من يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ..

اعلم أنَّ من أعظمِ الأعمالِ التي ستراها يومَ القيامةِ هو حُسنَ الخُلُقِ، قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "ما من شيءٍ أثقلَ في الميزانِ يومَ القيامةِ من حُسنِ الخُلُقِ"، بل يبلغُ بِه العبدُ دَرجةَ العابدينَ الصَّادقينَ، كما جاءَ في الحديثِ: "إنَّ العبدَ ليبلغُ بحسنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ"، بل أعظمُ من هذا حينَ يكونُ لكَ ذلكَ المجلسُ العظيمِ، في ذلكَ المقامِ الكريمِ، كما قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "أَلا أُخبرُكُم بأَحبِّكُم إِليَّ، وأقْرَبِكُم منِّي مجْلِسًا يومَ القيامةِ: أحاسِنُكم أَخْلاقًا"، وهذا من أعظمِ المُحفِّزاتِ، لملازمةِ الأخلاقِ الصَّالحاتِ.

 

وقِيلَ للقَعْقَاعِ الأَوسيِّ -رحمَه اللهُ-: قُلْ لنا شَيئًا عن الجَنَّةِ، يُشوِّقُنا إليها، قَالَ: "فِيها رَسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-"؛ فاللهمَّ ارزقنا رؤيتَك ورؤيةَ نبيِّكَ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- في الجَنَّةِ.

 

اللهمَّ إنك تحبُّ مَعاليَ الأخلاقِ، وتكرَهُ سَيِّئَها، فاللهمَّ وفقْنا إلى أحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرف عنا سيِّئَها.

 

اللهمَّ إنَّا نعوذُ بك من منكرَاتِ الأخْلاقِ والأهواءِ والأعْمالِ والأدواءِ، اللهمَّ إنا نسألُكَ الجنَّةَ وما قرَّبَ إليها من قَولٍ أو عَملٍ، ونعوذُ بك من النَّارِ وما قرَّب إليها من قولٍ وعملٍ.

 

اللهم ألِّف بينَ قلوبِ المسلمينَ، وأصلِح ذاتَ بينِهم، واهدِهم سُبُلَ السلامِ، وأخرِجهم من الظلماتِ إلى النورِ برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ.

 

المرفقات

ولو كنت فظا غليظ القلب

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات