نعمة الأمن والأمان

الشيخ خالد القرعاوي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/نحن مطالبون بالتمسك بشريعتنا الغراء 2/من لم يعترف بنعمة الأمن والأمان في أوطاننا إنسان جاحد للفضل 3/أسباب تحقق الأمن والأمان 4/محبة الوطن لا تتعارض مع العقيدة الصحيحة

اقتباس

يا مؤمنونَ: مَن يُحِبُّ بَلَدَهُ بِصدْقٍ وَيُرِيدُ لَهُ الخَيرَ وَالنَّمَاءَ، والأَمْنَ والأمانَ فَلا تَرَاهُ إِلَا مُطِيعًا لِرَبِّهِ، مُتَّبِعًا لِرَسُولِهِ، مُطِيعًا لِوُلاةِ أَمرِهِ، نَاصِحًا لِقَادَتِهِ، لا يُحدِثُ بَلبَلَةً وَلا يَبعَثُ فَوضَى، وَلا يُفسِدُ صَالِحًا، وَلا يُخَرِّبُ عَامِرًا...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ لله منَّ علينا بالإسلامِ، ونوَّرَ قُلُوبَنا بالإيمانِ، اللهمَّ جنِّبْنَا الكُفرَ والفُسُوقَ والعصيانَ، واجْعَلْنَا مِن الرَّاشِدِينَ، نَشهَدُ ألَّا إلهَ إلَّا الله وحده لا شريكَ لهُ رَبُّ العَالَمِينَ، وَنَشْهَدُ أنَّ نَبِيَّنا وَحَبِيبَنا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، المُصْطَفي الأَمِينُ، عليهِ وعلى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَفْضَلُ صَّلاةٍ وَأَتَمُّ تَسلِيمٍ، ومن سَارَ عَلى نَهْجِهِم إلى يومِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: عبادَ اللهِ: أوصيكم ونفسي بِتَقْوَى اللهِ وطاعتِهِ، وأُحذِّرُكم وإيِّايَّ من عصيانِهِ ومخالفةِ أَمرِهِ؛ فَاللهُ يَقُولُ وَهُوَ أصْدَقُ القَائِلِينَ: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)[فُصِّلَتْ: 46].

 

عبادَ اللهِ: إنِّنا مُطالَبونَ بالتَّمسُّكِ بِشَرِيعَتِنَا الغَرَّاءِ والعَضِّ عليها بالنَّواجذِ وَحِمَايَةِ جَنَابِهَا مِنْ أَنْ تُثلَمَ عَلى أَيدِي الرَّوافِضِ الخَائِبينَ، أو الغُلاةِ الخَارِجينَ، أو المُتَطَرِّفينَ الهَالِكينَ؛ أولئك الذين يُقَلِّبُونَ نُصوصَ الدِّينِ، وَيَتَلاعَبُونَ بِأَحْكَامِ رَبِّ العَالَمِينَ، فَاللهُ -تَعَالَى- يَقُولُ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْأَنْعَامِ: 153]، قَالَ الإمَامُ السَّعْدِيُّ -عليهِ رَحْمَةُ اللهِ- مَا مَفَادُهُ: "فَصِرَاطُ اللهِ المُوصِلِ إليهِ، وَإلى دَارِ كَرَامِتِهِ، مُعْتَدِلٌ سَهْلٌ مُخْتَصَرٌ فَمَن اتَّبِعهُ نَال الفَوزَ وَالفَلاحَ، وأَدْرَكَ الآمَالَ وَالأَفْرَاحَ، وَمَنْ خَالفَهُ ضَلَّ وَتَفَرَّقَ يَمِينًا وَشِمَالًا؛ وَمِنْ ثَمَّ إلى الجَحِيمِ، فَإنْ قُمْتُمْ بِمَا بَيَنَّهُ اللهُ لَكُمْ عِلْمًا وَعَمَلًا صِرْتُمْ مِن المُتَّقِينَ، وَعِبادِ اللهِ المُفْلِحِينَ، وَاللهُ هُوَ المُعِينُ لِلسَّالِكِينَ عَلَى سُلُوكِ صِرَاطِهِ المُسْتَقِيمِ". انتهى كَلامُهُ.

 

أيُّها المؤمنونَ: اسْأَلُوا اللهَ العافيةَ مَن عَمَلٍ غَيرِ صَالِحٍ، أو فِكْرٍ شَاذٍّ غَير ِسَوِيٍّ فقد قالَ نَبِيُّنا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "وَمَا سُئلَ اللهُ شيئًا يُعطى أَحَبَّ إليه مِنْ أَنْ يُسألَ العَافِيَةَ". فاللهمَّ إنَّا نَسأَلُكَ العَفْوَ والعَافِيَةَ في الدِّين والعقلِ، والدُّنيا والآخرةِ.

 

عِبَادَ اللهِ: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ نِعْمَةَ اللهِ عليهِ في أمْنِنا في أَوطَانِنَا، وَرَخَاءِ أَرْزَاقِنَا، والصِّحَةِ في الأبْدَانِ، فَهُو إنْسَانٌ كَنُودٌ لِلنِّعَمَ! وَمَنْ نَسَبَ النِّعَمَ لِغَيرِ اللهِ -تَعَالَى- فَهُوَ ظَلُومٌ كَفُورٌ: فَاللهُ -تَعَالَى- يَقُولُ: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)[النَّحْلِ: 53]. فَكُلُّ نِعْمَةٍ ظَاهِرَةٍ وَبَاطِنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ لا أَحَدَ يُشَارِكُهُ فِيهَا!

 

أَيُّها المُسْلِمُونَ: نَعِيشُ في بِلادِنَا -بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى- فِي أمْنٍ وَأمَانٍ، وَرَاحَةٍ وَقَرَارٍ، بَينَمَا فِتَنٌ مِنْ حَولِنا تَعْصِفُ بالبِلادِ والعِبَادِ، نَسْألُ اللهَ العَفْوَ والعَافِيةَ لَنَا وَلَهُمْ، وإنَّ سَلامَةَ بُلدَانِنا، وَأَمْنَ أَوطَانِنا، مَسْؤُولِيَّةُ الجَمِيعِ، وَنَفْعُهُ وَخَيرُهُ لِلْجَمِيعِ، فَالأمْنُ هُوَ الكَنْزُ الثَّمِينُ، وَهُوَ قِوَامُ الحَياةِ والدِّينِ، فَفِي ظِلِّهِ تُحْفَظُ الأَنْفُسُ، وتُصَانُ الأعْرَاضُ والأمْوَالُ، وتَأْمَنُ السُّبُلُ وتُقَامُ الحُدُودُ، وَفي ظِلِّ الأمْنِ تَقُومُ الدَّعْوَةُ إلى اللهِ وتُعمَرُ المسَاجِدُ، ويَسُودُ الشَّرْعُ ويَفْشُو المَعْروفُ ويَقِلُّ المُنْكَرُ، والأمْنُ والدِّينُ مُتَلازِمانِ، فلا يَسْتَقيمُ أحَدُهُما إلَّا بِوُجُودِ الآخَرِ: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)[قُرَيْشٍ: 3-4]. والأمْنُ يَحْتَاجُ إلى رِجَالٍ مُخلِصينَ مُتَعَاوِنِينَ وَمُتَكَاتِفِينَ.

 

عبادَ اللهِ: وَلِوُجُودِ الأَمنِ أَسبَابٌ، متى تَحقَّقَتْ كانَ الأَمْنُ وَالأَمَانُ! وَبِاخْتِلالِهَا يَكُونُ الشَّرُّ والفَسَادُ! (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[الْمَائِدَةِ: 23]. فَأَوَّلُ الوَاجِبَاتِ لِتَحقِيقِ الأَمْنِ التَّامِّ: البُعدُ عن الشِّركِ باللهِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ، وأُلوهِيَّتِهِ، وحُكمِهِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الْأَنْعَامِ: 82].

 

أيُّها المؤمنونَ: وحتى نُحقِّقَ الأَمنَ فَلا بُدَّ مِن العِنَايَةِ بالعلمِ الشَّرعي وَأهْلِهِ، المبنيِّ على الكتابِ والسُّنَّةِ دونَ إفراطٍ أو تَفْرِيطٍ، فالعلمُ عِصْمَةٌ مِن الفِتَنِ، فَإذا ظَهَرَ في بَلَدٍ قَلَّ الشَّرُّ فيها، وإذا خَفِيَ العلمُ ظَهَرَ الشرُّ والفَسَادُ!

 

عبادَ اللهِ: وحتى نَصلَ إلى الأمنِ التَّامِّ، فَعَلَينَا بِالأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكرِ، والنُّصحِ للهِ ولِرَسولِهِ ولِكتَابِهِ ولأَئِمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم بِصِدْقٍ وَإخْلاصٍ.

 

أيُّها الكرامُ: والمعاصي والأمنُ لا يجتمِعانِ، فالذُّنُوبُ مُزيلةٌ للنِّعمِ، وتُحِلُّ الفَوضى والنِّقَم، والطَّاعةُ حِصنُ اللهِ الأَعظَمُ، وَمَن دَخَلَ طَرِيقَها كانَ مِن الآمِنِينَ.

 

يا مؤمنونَ: مَن يُحِبُّ بَلَدَهُ بِصدْقٍ وَيُرِيدُ لَهُ الخَيرَ وَالنَّمَاءَ، والأَمْنَ والأمانَ فَلا تَرَاهُ إِلَا مُطِيعًا لِرَبِّهِ، مُتَّبِعًا لِرَسُولِهِ، مُطِيعًا لِوُلاةِ أَمرِهِ، نَاصِحًا لِقَادَتِهِ، لا يُحدِثُ بَلبَلَةً وَلا يَبعَثُ فَوضَى، وَلا يُفسِدُ صَالِحًا، وَلا يُخَرِّبُ عَامِرًا.

 

ألا وإنَّ المُحَافَظَةَ على جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ مِن أُصُولِ الإسلام، وَهِيَ وصيةُ اللهِ بِقَولِهِ: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آلِ عِمْرَانَ: 103]، وَوَصِيَّةُ نَبِيِّنا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَالَ: "يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ". وَاللَّهُ -تَعَالَى- لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا.

 

فَيا شَبَابَ الإسلامِ: الزموا غَرْزَ عُلمَائِكم النَّاصِحينَ، وتَشبَّثوا بِجَمَاعَةِ المُسلمينَ، واسألوا اللهَ العَفْوَ والعَافِيَةَ.

 

بَاركَ اللهُ لنا في القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنا بما فيه من الآيات والذِّكر الحَكِيم، أقولُ ما تَسمَعُونَ، وأستغفرُ اللهَ لي وَلَكم ولِسائِرِ المُسلمينَ من كلِّ ذنبٍّ فاستغفروه، إنَّه هو الغفورُ الرَّحيمُ.

 

 

الخطبةُ الثانيةُ:

 

الحَمدُ للهِ، تَعَاظَمَ وَاقْتَدَرَ، كَثِيرًا كَمَا أَمَرَ، ونَشكُرُهُ وقد تَأَذَّن بالزِّيادة لِمَن شَكَرَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خَيرِ البَشَرِ، وعلى آلِهِ وأصحابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الْمُستَقَرِّ.

 

أمَّا بعدُ: فاتَّقوا الله يا مؤمنونِ وأطيعُوه، واتَّبعوا أمرَه ولا تعصُوه.

 

يَا مُسْلِمُونَ: حينَ يُولَدُ إنسانٌ في أرضٍ وَينْشَأُ فيها، فإنَّ فِطرَتَهُ تَربِطُهُ بِها فَيُحِبُّها ويُوالِيها! فهذا رسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يُعلِن عن حُبِّه لوطَنِه مكَّةَ، وهو يُغادِرها مُهاجرًا فيقولُ: "واللهِ، إنَّكِ لأَحَبُّ البقاعِ إلى اللهِ وَأَحَبُّ البقاعِ إليَّ، ولولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ ما خَرَجتُ". وَلَمَّا عَلِمَ أنَّه سَيَبْقَى في المدينةِ دَعَا اللهَ أنْ يُحَبِّبَها إليه. قالَ ابنُ حَجَرٍ: "وفيه دلالةٌ على فَضْلِ المدينةِ، وعلى مَشرُوعيةِ حُبِّ الوَطَنِ والْحَنِينِ إليه".

 

أيُّها المُسلِمُونَ: وإذا كان هذا المعنى في كلِّ البُلدَانِ! فما بالُكم بِبَلَدِ التَّوحيدِ والعَقِيدةِ، ومَهدِ السُّنة والرِّسالَةِ، وَمَهْبِطِ الوحيِ والقُرآنِ، وَمَأْرِزِ الإيمَانِ والأَمَانِ، أَرضِ الْحَرَمَينِ وقِبلَةِ الثَّقَلَينِ! والوَطَنِيَّةُ بهذا المَفهومِ الطَّبِيعيِّ أَمْرٌ غَيرُ مُستَغرَبٍ، وَلا اعتِرَاضَ عليها، كما لا يَجُوزُ أنْ تَكونَ مَفهومًا مُشَوَّهًا يُعارَضُ بِهِ الوَلاءُ لِلدِّينِ، فالإِسلامُ لا يُغيِّرُ انتِمَاءَاتِ النَّاس إلى أَراضِيهم ولا شُعُوبِهم ولا قَبَائِلِهم، إنَّما يُرشِدُها، ويُوجِّهُهَا الوِجْهَةَ الشَّرعِيَّةَ.

 

عِبَادَ اللهِ: حُبُّ الْوَطَنِ لا يحمِلُنا على عصبِيَّةٍ لِلتُّرابِ والطِّينِ، والجِنْسِ والُّلغةِ، على حِسَابِ العقيدةِ والدِّينِ، لا يحمِلُنا على غَمْطٍ للِأُخوُّةِ الإسلاميَّةِ التي تَتَسَامَى عن الْحُدودِ الْجُغرَافِيَّةِ والنَّظراتِ الإقليميَّة، حاشا وكلَا. فقد قالَ أصدقُ القائِلينِ: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)[الْمُؤْمِنَونَ: 52]، وَقالَ رَسُولُنا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُيِّبَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، النَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْخَرُونَ بِرِجَالٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ النَّتَنَ بِأَنْفِهَا".

 

وَأَينَمَا ذُكِر اسمُ اللهِ في بَلَدٍ *** عَدَدتُ أرجاءَه مِن صُلبِ أَوطَانِي

 

ولا يَحمِلُنا كذلكَ أن نُجَسِّدَ حُبَّ الوَطَنِ في زَمَنٍ مَحدُودٍ أو بِطُقوسٍ مُعَيَّنةٍ؛ فذالِكُم الْمَحذُورُ!

عبادَ الله: مِن حقِّ أوطانِنِا علينا أنْ نكونَ لِتحقيقِ مَصالِحها سُعاةً، ولِدَرءِ الْمَفَاسِدِ عنها دُعاةً، ولأمنِها واستقرارِها حُماةً، فما عُمِرَتِ الأَوطَانُ بِمِثْلِ الأَخْذِ بالعقيدةِ الإسلاميِّةِ، وتحكيمِ الشَّريعةِ الرَّبانيَّةِ، قالَ اللهُ -تعالى-: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)[الْحَجِّ: 41].

 

يَا مُؤمِنُونَ: مَن يُحِبُّ الوَطَنَ حَقِيقَةً، لا تَرَاهُ إِلَا حَرِيصًا عَلَى أَمنِهِ، مُطِيعًا لِوُلاةِ أَمرِهِ، نَاصِحًا لِقَادَتِهِ، عَامِلًا بما يُسَنُّ مِن أَنظِمَةٍ وتَعْلِيمَاتٍ، مُقَدِّرًا لما يُبذَلُ لِلبِنَاءِ وَالتَّقَدُّمِ، فَنحنُ مُجتَمَعٌ كَسَفِينَةٍ واحدَةٍ، فأَيُّ خَرْقٍ فيها فَإِنَّمَا هُوَ إِيذَانٌ بِغَرَقِهَا فَلْنَلزَمِ الشُّكرَ؛ فَإِنَّهُ قَيدٌ للنِّعمِ، وَسَبَبٌ لازدِيَادِهَا: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَهَا عَلَى قَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم)[الْأَنْفَالِ: 53].

 

فاللهم إنَّا نعوذُ برضاكَ من سخطِكَ، وبمعافاتِكَ من عقوبتكَ، وبكَ منكَ لا نحصي ثناءً عليكَ، اللهم اجعلنا لِنِعمِكَ من الشَّاكرينَ، ولكَ من الذَّاكرينَ.

 

اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين، وخذ بنواصيهم إلى البِرِّ والتقوى، ووفقهم لِمَا ترضى، واجعلهم هداة مهتدين، اللهمَّ حبِّب إليهم الإيمانَ وزَيِّنْهُ في قلوبِهم، وكرِّه إليهم الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلهم من الرَّاشِدينَ، اللهم احفَظْ حُدُودَنَا وانْصُرْ جُنُودَنَا على الحُوثِيِّنَ الظَّالِمينَ.

 

اللهمَّ أرنا الحقَّ حقًا وارزقنا اتباعه والباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، اللهم أبرم لهذه الأمةِ أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ، ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ، ويؤمرُ فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر يا ربَّ العالمين.

 

اللهم وفِّق ولاةَ أمورِنا لِمَا تُحِبُّهُ وترضاهُ، اجمَعهُم على الهُدى والدِّينِ، واجْعَلْهُم رَحمَةً على رَعَايَاهُمْ، رَبَّنا اغفِرْ لنا وَلِوالِدِينَا والمُسلِمينَ أجمَعِينَ. (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].

 

 

المرفقات

نعمة الأمن والأمان

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات