مطلب الأمن وتحصين الشباب

الشيخ أ.د عبدالله بن محمد الطيار

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/توضيح العلاقة بين الإيمان والأمن 2/الأسرة هي الحصن الحصين لوقاية المجتمع من الشرور 3/ضرورة تكاتف الجميع ليعم الأمن والأمان

اقتباس

إن بلادنا محسودة على ما تتمتع به من صفاء العقيدة وسلامة المنهج ووحدة الصف، والأمن الوارف، وهذا ما أقضّ مضاجعَ الأعداء؛ فراحوا يزرعون هذه النابتة التي تخدمهم وهم في بلادهم، فالحيطةَ الحيطةَ، والحذرَ الحذرَ، وتعاونوا جميعًا على البر والتقوى، وكونوا صفًّا واحدًا في وجه هؤلاء...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، امتنَّ على هذه البلاد بالأمن والأمان والسلامة والإسلام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أرسله اللهُ رحمةً للعالمينَ، وقدوةً للمتقينَ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].

 

عباد الله: لقد امتن الله على عباده بالأمن من الخوف، والإطعام من الجوع، وامتن عليهم بحماية البيت العتيق في قصة الفيل التي جاءت في سورة تُتلى إلى يوم القيامة، بسم الله الرحمن الرحيم: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)[الْفِيلِ: 1-5].

 

وربط جل وعلا بين الإيمان والأمن في قوله -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الْأَنْعَامِ: 82]؛ أي: هؤلاء الذين أَخْلَصُوا العبادةَ لله وحدَه، ولم يظلموا أنفسَهم بالإشراك بالله هم الآمنون يوم القيامة من عذاب الله -تعالى-، المهتدون في الدنيا والآخرة.

 

فالإيمان يهذِّب السلوكَ الإنسانيَّ، ويقيم قواعد العدل، ويقضي على الشر والفساد، ويربط القلوب برباط المحبة والرحمة والمودة، ومتى وُجِدَ الإيمان وُجِدَ الأمنُ النفسيُّ في حياة الفرد، والأمن الجماعي في حياة الجماعة.

 

عباد الله: والأسرة هي اللَّبِنَة الأولى للمجتمع، وهي الحصن الحصين لوقاية أفراده من الجرائم بأنواعها، فإذا كان هذا الحصن قويًّا ومتماسكًا كان المجتمع فاضلًا نقيًّا من الشوائب.

 

ولذا جاء التأكيد على تربية الأولاد، والعناية بهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[التَّحْرِيمِ: 6]، وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (متفق عليه)، وقال أيضًا: "ما نحل والدٌ ولدَه أفضلَ من أدب حسن" (رواه الترمذي، والحاكم، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع رقم 5227).

 

فالأسرة إذا أحسنت في أداء رسالتها تجاه أبنائها فإنها تساهِم في تكوين مجتمع فاضل بعيد عن الانحرافات والميل إلى الإجرام والإرهاب، وأما إذا أهملت الأسرة أبناءها فإنها تدفعهم -من حيث لا تشعر- إلى هاوية الجريمة والغلو والانحراف والإرهاب، والواقع خير شاهد على ما أقول.

 

أيها المؤمنون: وإذا تعاون البيت والمدرسة على رعاية الأبناء ومتابعتهم تحقَّق الخيرُ لهم ولأسرهم وللمجتمع، ولعل من أهم ما يقوم به الوالدان والمدرسة ما يأتي:

 

(1) غرس العقيدة الصحيحة، وتحذيرهم من الأفكار الوافدة والدعوات المضللة.

 

(2) حماية الأبناء من الأفكار الدخيلة التي تتلون بألوان مختلفة وتتشكل، لكن يجمعها أنها بعيدة عن واقعنا ومجتمعنا، وتخالف مبادئنا، وتزهِّد في ولاة أمرنا وعلمائنا، وتربط ولاء الأبناء بأهل التكفير والتفجير، وأصحاب الفكر المنكوس.

 

(3) تكوين الوعي الإيجابي لدى الأبناء؛ ليكون لديهم حصانة من هذه الأفكار الوافدة.

 

(4) التعرف على حاجيات البناء وتلمُّس مشكلاتهم، وإيجاد الحلول الحاسمة لها بعيدًا عن التشنج والمبالغة.

 

(5) تبصير الأبناء بأخطار السموم التي تبثها القنوات الفضائية وينشرها الأقزام عبر الإنترنت، وإيضاح الطريق لهم، وبيانُ مَنْ يتلقون عنه من أهل العلم الصادقين الموثوقين.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق: 16-18].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

 

أقول ما سمعتم، فاستغفروا الله يغفر لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، وبعونه ينتشر الأمن والأمان والسلامة والإسلام، والصلاة والسلام على قدوتنا وحبيبنا محمد بن عبد الله، الذي حثَّ أمتَه على كل خير، ونهاهم عن كل شر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع سُنَّتَه إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله: فالتقوى مفتاح كل خير.

 

أيها الإخوة المؤمنون: لقد أثلج صدورَنا وأفرح قلوبَنا ما تم إعلانُه قبل ليلتين من إنجاز أمنيّ كبير؛ حيث تم القبض على أكثر من مائتين من المطلوبين من خلايا الإرهاب والإفساد، وإننا نحمد الله -تعالى- على هذا الإنجاز الأمني الكبير الذي تم بفضل الله وتوفيقه، ثم بيقظة رجال الأمن ومتابعتهم وسهرهم وملاحقتهم لأوكار هؤلاء، وكان لتكاتف المواطنين مع رجال الأمن الأثر الكبير في ذلك، وإننا إذ نشدّ على أيدي رجال الأمن المخلصين وندعو لهم بالتوفيق والسداد نعلن أننا معهم قلبًا وقالبًا لحماية الدين والمقدسات والدفاع عن مكتسبات هذا الوطن الغالي.

 

وإننا نلتمس ونرجو من جميع المواطنين والمقيمين، ومن يعيش على ثرى هذا البلد المبارك التعاون مع رجال الأمن لحفظ هذا البلد الآمِن المطمئنّ من هؤلاء المفسدين الذين تسبَّبُوا في كثير من المفاسد بسبب وقوعهم في براثن الفكر المنحرف وبُعدهم عن طريق الجادة.

 

عباد الله: لقد سمعنا في البيان الأخير ما كان ينويه هؤلاء من تخطيط ماكر للقضاء على بعض رجالات هذا البلد وعلمائه المخلصين، فأيّ إجرام بعد هذا الإجرام؟! وأي عذر وخيانة بعد ذلك؟!

 

إن بلادنا محسودة على ما تتمتع به من صفاء العقيدة وسلامة المنهج ووحدة الصف، والأمن الوارف، وهذا ما أقضّ مضاجعَ الأعداء؛ فراحوا يزرعون هذه النابتة التي تخدمهم وهم في بلادهم، فالحيطةَ الحيطةَ، والحذرَ الحذرَ، وتعاونوا جميعًا على البر والتقوى، وكونوا صفًّا واحدًا في وجه هؤلاء، لعل الله -جل وعلا- أن يرد كيدهم إلى نحورهم، وحذار حذار من التعاون مع هؤلاء الإرهابيين أو التعاطف معهم أو الدفاع عنهم، فكل ذلك يعتبر شكلًا من أشكال مساعدتهم، وعلينا -جميعًا- أن نبلغ عمن نلحظ عليه شيئًا من هذه التصرفات، وهذا أقل ما نقوم به من واجب شرعي لحماية البلاد والعباد من كيد هؤلاء.

 

أسأل الله بمنه وكرمه أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمورنا وعلماءنا، وأن يُعين رجالَ الأمن على مهمتهم العظيمة في حفظ أمن هذه البلاد ممن يتربصون بها من الداخل والخارج، وأن يكلل مساعيَ كلِّ مخلص يدافع عن بلادنا بنفسه ولسانه وقلمه وفكره.

 

اللهم وفِّق ولاةَ أمور المسلمين لما تحب وترضى، اللهم خذ بنواصيهم للبر والتقوى.

 

اللهم إنا نستغفرك، إنك كنت غفارا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، الله اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، الله أسقنا وأغثنا.

 

اللهم بارك لنا فيما أنزلته من فضلك، وزد لنا منه، واجعل البركة فيه يا رب العالمين.

 

هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى، فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: ٥٦].

 

 

المرفقات

مطلب الأمن وتحصين الشباب

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات