رمضان وقسوة القلب

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/أهمية القلب ومكانته 2/قسوة القلب وأسبابها وآثارها 3/علاج قسوة القلب.

اقتباس

هل تجدونَ ما أجدُ في هذا الزَّمانِ من قسوةِ القلبِ؟، هل تُحسِّونَ بما أُحسُّ بهِ من ضعفِ المراقبةِ والخشيةِ؟، أينَ القلوبُ التي تخافُ من الذُّنوبِ؟، أينَ الدُّموعُ التي تنهمرُ مع الخشوعِ؟، أينَ السَّعادةُ التي كنَّا نجدُها في العبادةِ؟، أينَ الاطمئنانُ في قِراءةِ القُرآنِ؟، أينَ قُرَّةُ...

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70- 71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

عَنِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ -رَضِي اللهُ عَنْهُما- قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ"، سبحانَ اللهِ، قِطعةُ لحمٍ هي أساسُ الصَّلاحِ والفَسادِ، يُعرفُ بها مِقدارُ إيمانِ العبادِ، هي محلُ نظرِ اللهِ -تعالى- لكَ؛ فماذا سيرى اللهُ تعالى فيها، قَالَ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم وَلا إِلى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ".

 

أخبروني -يا عبادَ اللهِ- هل تجدونَ ما أجدُ في هذا الزَّمانِ من قسوةِ القلبِ؟، هل تُحسِّونَ بما أُحسُّ بهِ من ضعفِ المراقبةِ والخشيةِ؟، أينَ القلوبُ التي تخافُ من الذُّنوبِ؟، أينَ الدُّموعُ التي تنهمرُ مع الخشوعِ؟، أينَ السَّعادةُ التي كنَّا نجدُها في العبادةِ؟، أينَ الاطمئنانُ في قِراءةِ القُرآنِ؟، أينَ قُرَّةُ العينِ التي تُذكرُ عندَ المُصلِّينَ؟، أينَ ما يشعرُ بهِ أهلُ الصَّلاحِ من الرَّاحةِ والانشراحِ؟، بل ها قد دخلَ رمضانُ فأينَ الجِدُّ في العملِ والإحسانِ؟، أم قد أصابنا داءُ بني إسرائيلَ كما قالَ تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)[البقرة: 74]، ولقد توعَّدَ اللهُ أصحابَ هذه القلوبِ: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ)[الزمر: 22].

 

فما الذي أصابَ قلوبَنا حتى قَستْ هذه القسوةَ، وأصبحَ بينَها وبينَ التَّلذُّذِ بالعباداتِ جَفوةٌ؟! هل هو حبُّ الدُّنيا وحطيمِها؟! هل هو الانغماسُ في العاجلةِ ونعيمِها؟، هل هو قِلةُ ذكرِ اللهِ -تعالى- واليومِ الآخِرِ؟! هل هو احتقارُ النَّاسِ والكِبرُ والتَّفاخرُ؟! أم هو ما نراهُ من استقبالِ رمضانَ بأنواعِ الطَّعامِ؟! أو هو الاعلاناتُ عن شهرٍ مليءٌ بالمسلسلاتِ والأفلامِ؟! تعدَّدتْ الأسبابُ والنتيجةُ واحدةٌ: قسوةُ القُلوبِ، في شهرٍ خابَ من لم يغفرْ له علَّامُ الغيوبِ؟، ولكن اسمع معي لهذا العِلاجِ:

يَقولُ ابنُ القَيِّمِ -رحمَه اللهُ تَعالى-: "دواءُ القلبِ خمسةُ أشياءٍ: قراءةُ القرآنِ بالتَّدَّبرِ، وخلاءُ البطنِ، وقيامُ الليلِ، والتَّضَّرعُ بالأسحارِ، ومجالسةُ الصَّالحينَ"، ثُمَّ قَالَ:

دواءُ قلبِكَ خَمسٌ عندَ قسوتِه *** فدُم عليها تَفُزْ بالخيرِ والظَّفَرِ

خلاءُ بَطن ٍ وقُرآن ٌ تدبَّرُهُ *** كذا تَضَّرعُ باكٍ سَاعةَ السَّحرِ

كذا قِيامُك جُنحَ اللَّيل ِ أَوسطُهُ *** وأن تُجالسَ أهلَ الخَيرِ والخَبرِ

 

وسبحانَ اللهِ، هذه الأشياءُ أكثرُ ما تجتمعُ في رمضانَ، شهرُ الخيرِ والبركاتِ والرَّحمةِ والغُفرانِ.

 

أما خلاءُ البطنِ؛ فإنَّه يتحقَّقُ بالصِّيامِ في النَّهارِ، ويجتمعُ له دواءُ القلبِ وتكفيرُ الخطايا والأوزارِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، عبادةٌ عظيمةٌ تُداوي القلوبَ المُتحجِّرةَ، وينفعُ اللهُ تعالى بها في الدُّنيا والآخرةِ؛ فعَنْ أَبي أُمَامةَ البَاهِليِّ -رَضيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ".

 

تصومُ علاجاً وعبادةً، وتصومُ دواءً وسعادةً، قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "وللصائمِ فَرحتانِ يَفرحهُما: إذا أفطرَ فَرحَ بفِطْره، وإذا لَقِي ربَّه فَرِح بصومِه"؛ فهل رأيتُم مِثلَ هذا الكرمِ المِدرارِ؟، وهل جربتُم الفرحةَ التي عندَ الإفطارِ؟، وتخيلتمُ فرحةَ اللِّقاءِ بالعزيزِ الجبَّارِ؟.

 

أُوْصِيـكَ خَيْـراً بأيَّـامٍ نُسَافِرُهَـا *** فِي رِحْلةِ الصَّومِ يَحْيَا القَلبُ نَشْوانَا

فَأَوَّلُ الشَّهْرِ قَـدْ أفْضَـى بِمَغْفِـرَةٍ *** بِئسَ الخَلاَئقِ إنْ لَمْ تَلْـقَ غُفْرَانَـا

 

وأما قيامُ اللَّيلِ فيتحقَّقُ في رمضانَ المُباركِ، وهو دواءٌ لقلبٍ تشعَّبتْ به المسالكُ، وتغفرُ به ذنوبٌ قد تؤدي بصاحبِها إلى المهالكِ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"؛ فهل يَستوي ليلَ من قضاهُ بينَ السَّهراتِ والفضائياتِ غافلاً، وفي القِيلِ والقَالِ وضياعِ الأوقاتِ هائمًا، وبينَ ليلِ من قضاهُ ساجداً وراكعاً وقائماً، يَدعو ربَّه تعالى ويبكي من خَشيةِ اللهِ -جلَّ وعلَّا- خائفاً، ويَخضعُ للهِ -سبحانَه- ومن يومِ القيامةِ حاذراً،  (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)[الزمر: 9]، لا واللهِ لا يستوون.

 

قيامُك باللَّيلِ هو عِلاجُ قلبِكَ من الآثامِ، وهو عادةُ الصَّالحينَ في سالفِ الأيامِ، وهو طاعةٌ محبوبةٌ لذي الجلالِ والإكرامِ، قالَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ"؛ فاصبرْ مع إمامِكَ، واحتسبْ أجرَ قيامِكَ.

 

وفي الآخرةِ هناكَ غرفٌ خاصةٌ لأصحابِ قيامِ اللَّيلِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا" فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: "لِمَنْ أَطَابَ الْكَلامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ"؛ فيا أهلَ التَّراويحِ والقيامِ والسَّهرِ باللَّيلِ، هنئياً لكم هذه الغرفُ التي ليسَ لها مثيلٌ.

 

ثُمَّ يختمُ قيامَه بالاستغفارِ، والتَّضرعِ بالأسحارِ، وهو علاجٌ نافعٌ لقلوبٍ كالأحجارِ، قالَ تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الذاريات: 15 - 18].

 

إذَا مَا الَّليلُ أظلَمَ كَابَدُوه *** فيسفرُ عنهمُ وهمُ ركوعُ

أطَارَ الخَوفُ نومَهُم فَقَامُوا *** وَأهلُ الأمنِ فِي الدُنَيا هُجُوعُ

لَهُم تَحتَ الظَّلامِ وَهُمْ سُجُودٌ *** أنِينٌ مِنهُ تَنفَرجُ الضُّلُـوعُ

 

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِّ ذنبٍ؛ فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن مُحمداً عبدُه ورسولُه صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِه وأصحابِه أجمعينَ، وسلمَ تسليماً كثيراً، أما بعدُ:

 

فأما العلاجُ الرَّابعُ لعلاجِ القلوبِ التي لا تلينُ، هو مجالسةُ الأخيارِ والصَّالحينَ، كيفَ لا، وقد أُمرَ نبيُّنا عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بمجالستِهم والصَّبرِ مع الدَّاعينَ، (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)[الكهف: 28]، وتجدُهم في رمضانَ في المساجدِ، ما بينَ تالٍ للقرآنِ وراكعٍ وساجدٍ، حديثُهم يبعثُ الأملَ والسُّرورَ، ووجوهُهم قد زانتْ بالنَّضرةِ والنُّورِ، ومجالسُهم تحفُّهُا ملائكةُ الرَّحيمِ الغفورِ.

 

وأما تدَّبرُ القرآنِ بحيثُ يشتركُ فيه القلبُ مع العيونِ، فإن لم يكن في شهرِ القرآنِ فمتى يكونُ؟، ولا يوجدُ أعظمُ شفاءً للقلوبِ التي في الصُّدورِ، من تلاوةِ وتدَّبرِ هذا الكتابِ الذي في السُّطورِ، قالَ تعالى: (قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ)[يونس: 57]، ثُمَّ إذا شفاهُ من أمراضِه وألانَه من قسوتِه، ثبَّتَه على طريقِ الحقِّ وأيقظَه من غفلتِه، (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)[هود: 120].

 

أيُّها الأحبَّةُ: من أكبرِ أسبابِ قسوةِ القلبِ هو البعدُ عن كتابِ اللهِ تعالى، (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ)[الحديد: 16]؛ فاعتذرْ لكتابِ اللهِ تعالى من طولِ الهِجرانَ، وافتحْ معه صفحةً جديدةً في رمضانَ.

 

اللهمَّ إنا نسألُك أن تحييَ قلوبَنا بذكرِك يا ربَّ العالمينَ، اغفر لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا، اللهم اجعلنا من أهلِ القرآنِ، اجعلنا ممن يحلُّ حلالَه ويحرمُ حرامَه، ويؤمنُ بمحكمِه ومتشابهِه.

 

اللهم إنا نسألُك أن تغفرَ ذنوبَنا كلَّها دِقَّها وجِلَّها سِرَّها وعلانيتَها، اللهمَّ لا تدع لنا ذنباً إلا غفرتَه، ولا هماً إلا فرجتَه، ولا كَرباً إلا نفستَه، ولا عسيراً إلا يسرتَه، ولا ديناً إلا قضيتَه، ولا مريضاً إلا شفيتَه، ولا مَيتاً إلا رحمتَه، ولا عيباً إلا سترتَه، يا أرحمَ الراحمينَ، يا ربَّ العالمينَ أنزل رحمتَك وبركاتِك علينا، اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنينَ يومَ يقومُ الحسابُ، أحسنْ وقوفَنا بين يديك، ولا تؤاخذنا يومَ العرضِ عليكَ، اللهم إنا نسألُك قرةَ عينٍ لا تنقطعُ، ونسألُك لذةَ النظرِ إلى وجهِك والشوقِ إلى لقائك يا ربَّ العالمينَ، آمنا في الأوطانِ والدورِ، وأصلح الأئمةَ وولاةَ الأمورِ، واغفر لنا يا رحيمُ يا ودودُ يا غفورُ.

 

اللهم إنا نسألُك الرحمةَ لإخوانِنا المسلمينَ، اللهم ارفع عنهم البلاءَ، وانصرهم ولا تنصر عليهم، وأعنهم ولا تُعن عليهم، اللهم إن في المسلمينَ من الشدةِ والبلاءِ ما لا يعلمه إلا أنتَ، وإنَّا نسألُك لإخوانِنا المستضعفينَ في ساعتِنا هذه النصرَ والتمكينَ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٍ وبالإجابةِ جديرٍ.

 

سبحانَ ربِّكَ ربِّ العزةِ عما يصفونَ، وسلامٌ على المرسلينَ، والحمدُ للِه ربِّ العالمينَ.

 

المرفقات

رمضان وقسوة القلب

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
سمير
17-05-2018

جزاكم الله خير الجزاء