في تقديم محبة الله ورسوله على من سواها

عبد الله بن محمد الخليفي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ذم القرآن لمن كره ما أحب الله وأحب ما كرهه تعالى 2/وجوب محبة ما أحبه الله ورسوله له وبغض ما كرهه الله ورسوله 3/تقديم المؤمن لمحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على محبة ما سواه 4/مقتضيات ومستلزمات المحبة الصحيحة لله ولرسوله 5/مخاطر ومفاسد تقديم هوى الإنسان على محبه الله ورسوله 6/كمال إيمان من أحب لله وأبغض لله

اقتباس

عباد الله: اعلموا أن جميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوى الإنسان ونفسه على محبه الله ورسوله. وكذلك البدع كلها إنما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع الشريف. فكذلك المعاصي، إنما تقع من تقديم الهوى على محبة الله ورسوله، ومحبة ما يحبه الله. ومن كان حبه وبغضه، وعطاؤه ومنعه؛ لهوى نفسه، كان ذلك نقصا في ...

الخطبة الأولى:

 

الحمد الله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلوات الله وسلامه على خاتم المرسلين، أحمده سبحانه وأتوب إليه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك، نبيا محمد وآله وصحابته إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: إنه لا يخفى على كل ذي لب: أن الله -تعالى- قد ذم من كره ما أحبه، وأحب ما كرهه تعالى، قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) [محمد:9].

 

فالواجب إذا على كل مسلم عاقل موفق أن يحب ما أحبه الله ورسوله له، ويكره ما كرهه الله ورسوله، لتحل له السعادة، والفوز الكبير.

 

ولا شك أن الإنسان لا يؤمن إيمانا قويا صحيحا، حتى يحب ما أحبه الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله.

 

ولا يكون المؤمن مؤمنا حقا حتى يقدم محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على محبة جميع الخلق، بل وعلى محبة الأهل والولد والناس أجمعين، ولهذا جاء في الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده والده والناس أجمعين".

 

ثم إن المحبة الصحيحة الصادقة تقتضي المتابعة والموافقة في حب المحبوبات، وبغض المكروهات، ولهذا قال تعالى: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ) [التوبة:24].

 

وقال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)[آل عمران:31].

 

والسبب في نزول هذه الآية الكريمة: أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: يا رسول الله إنا نحب ربنا حبا شديدا، فأحب الله أن يجعل لحبه علما؟ فأنزل تعالى هذه الآية.

 

وفي الصحيحين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار".

 

فمن أحب الله ورسوله محبة صحيحة صادقة، من قلبه؛ أوجب له ذلك أن يحب بقلبه ما يحبه الله ورسوله، ويكره ما يكره الله ورسوله، وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض، فإن عمل بجوارحه شيئا يخالف ذلك، دل على عدم محبته الواجبة، فعليه أن يستغفر الله، ويتوب إليه من ذلك، ويرجع إلى تكميل المحبة الواجبة.

 

عباد الله: اعلموا أن جميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوى الإنسان ونفسه على محبه الله ورسوله.

 

وكذلك البدع كلها إنما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع الشريف.

 

فكذلك المعاصي، إنما تقع من تقديم الهوى على محبة الله ورسوله، ومحبة ما يحبه الله.

 

ومن كان حبه وبغضه، وعطاؤه ومنعه؛ لهوى نفسه، كان ذلك نقصا في إيمانه الواجب، فيجب عليه: التوبة من ذلك، والرجوع إلى سنة الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- من تقديم محبة الله ورسوله، وما فيه رضاء الله ورسوله على هوى النفس ومراداتها.

 

فيجب على كل مؤمن صادق الإيمان محبة الله، ومحبة من يحبه من الملائكة والرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين عموما.

 

ولهذا جاء أن من علامات وجود حلاوة الإيمان: أن يحب المرء، لا يحبه إلا لله.

 

ومن أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)[النازعات:40].

 

أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

المرفقات

في تقديم محبة الله ورسوله على من سواها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات