أنطبق اليوم هذه الصفات؟

يحيى جبران جباري

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ إكماله الله الدين مع إبلاغ النبي صلى الله عليه وسلم له 2/ وجوب طاعة الله ورسوله 3/ صفات المؤمنين في قوله تعالى: (إن المسلمين والمسلمات..) 4/ أهمية الاعتبار بهذه الآية والعمل بها

اقتباس

وما فيها من أساسيات لهذا الدين العظيم الذي كمله رب العالمين، وقمت بمقارنة في خيالي، وطبقتها على حالي، وعلى كثير ممن رأيت معي وأمامي ومن يشاركني في حياتي؛ فصغت ما سمعتم من وعظ في كلامي لأبلغكم؛ فرب مبلغ أوعى من سامع، وإلا...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله؛ فضح وستر، وعذب وغفر.. أحمده سبحانه وأشكره؛ كما حمده خير عباده وشكر، وأستعينه وأستهديه وأستغفره؛ معين من صبر، والهادي لمن عن الحق نفر، وغافر الذنوب والمعاصي لمن وقع فيها وعثر.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق كل شيء والعالم بكل شيء إله الجن والبشر، وكل ما خفي وكل ما ظهر.. وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله؛ بلغ رسالة ربه ولدينه نشر.. صل الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه؛ ما بقي الأموات في الحفر.

 

ثم أما بعد: فأوصيكم -أيها المسلمون- ونفسي المقصرة بتقوى الله -عز وجل- ومراقبته، وخشيته فيما خفي من قول وعمل وما ظهر، وعدم التعلق بالدنيا؛ فما مثلها إلا كقَنْطَرة نصبت على ظهر نهر، وما سبق لمارٍّ عليها أن أقام وعمر؛ فخذوا القدوة عن أبي بكر وعمر.

 

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 33-34]

 

أيها المسلمون: يقول ربكم: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة:3].

 

ويقول سبحانه: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) [آل عمران:19-20].

 

وفي صحيح البخاري عن ابي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى"! قيل: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى"؛ فمن أي الفريقين أنت وأنا؟

 

بين ربنا بأنه أتم لنا ديننا؛ وأخبر بأنه قد كلف بالتبليغ نبينا.. والخلاصة؛ أن من أطاع محمدا -عليه الصلاة والسلام- فيما جاء به دخل الجنة، ومن عصاه فيما جاء به دخل النار؛ وترك سبحانه لهذه الأمة -بعد مشيئته- الاختيار؛ فلامجال -في كل ما سبق- للإنكار؛ فمن لا يريد الجنة؟! ومن يريد النار؟! خاب وخسر الكفار والفجار.

 

(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب:35] فليقس الرجال والنساء على أنفسهم في هذا الزمان هذه الصفات؛ نسأل الله عفوه ورحمته، ثم الهداية والثبات.

 

فنحمد الله أن خلقنا على الإسلام وجعل لنا نساءا مسلمات؛ فما الإيمان؟ هو اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح والأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان؛ فهل بلغنا درجة المؤمنين والمؤمنات.

 

وأما القنوت فهل نحن محافظين على الصلوات كما يريد رب البريات؛ سل أئمة المساجد والخطباء على المنابر؛ عمن يتأخرون عن الجمع والجماعات.

 

وأما الصدق؛ فقد مدت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كسرة خبز لعبدالله بن الزبير وهو طفل ليرجع إليها ورسول الله ينظر فلما اقترب وأمسكته اعطته؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لها: "أما إنك لولم تعطه لكتبت عليك كذبه". فاجمع ما شئت علينا من الكذب في هذا الزمان؛ حتى على أبنائنا والبنات.

 

وصبرنا ما صبرنا مقارنة بصبر من كان ومن فات؛ اليوم تضيق النفوس من الانتظار حتى لدقائق أمام الإشارات؛ وحدث -ولا حرج- عن كثرة الخصومات؛ بسبب قلة الصبر؛ بين الأزواج والزوجات والإخوة والأخوات؛ والجيران والجارات فيما بينهم؛ بسبب أشياء تافهات.

 

وانظر اليوم لحال الخاشعين والخاشعات؛ فكم من ناس لأمر لا يتذكره إلا إذا كبر للصلاة؛ وإذا أضاع شيئا تذكر مكانه بين الركعات؛ وأما الخاشعات؛ فعيونهن تدور لمراقبة التحركات في المنزل بين التكبيرات، وينصتن لكل الأصوات؛ فهل نحن خاشعون هكذا؟! وهل هن خاشعات؟!

 

وأما المتصدقين والمتصدقات أصبحوا يمسكون كثيرا من الصدقة ويمنعونها عن الفقراء والمحتاجين والمحتاجات إلا من رحم الله؛ خشية ارتفاع المصروفات، ونقص المدخرات؛ متناسين بأن المال لا تنقصه الصدقات.

 

والصائمين والصائمات فاحصرهم على أصابعك إلافي رمضان، وإذا بدأ انشغل الرجال والشباب بالنوم والدورات؛ وتنشغل النساء والبنات بالمطابخ والمسلسلات؛ نسأل الله السلامة من الافتراءات.

 

وأحيل ملف الحافظين فروجهم والحافظات إلى ستر الله -جل وعلا-، ومن أراد أن يعرف شيئا من خباياه فليسأل أصحاب الشرط والهيئات؛ ستر الله أعراضنا وأعراضكم في الحياة وبعد الممات.

 

وعن حال الذاكرين والذاكرات فانظر لمن يستعجلون الرحيل من المساجد، ومن يتسابقون في الذهاب والقيام اذا انتهت التسليمات؛ أو جلس عقبها إمام أو واعظ؛ يذكرهم بفضل التسبيح والتهليل والتكبير؛ ويذكرهم بما أعده الله من أجر عظيم للذاكرين والذاكرات؛ غفر الله لنا ولكم الغفلة والزلات.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36].

 

بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم قلت ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم …

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وكفى؛ أحمده سبحانه وأشكره عدد من أفاق وغفى؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده أكرم من عفى؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى؛ صل الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن اقتفى.

 

وبعد:

 

يا من لأجر الله قد هفى: اتق الله؛ فمن اتقى الله فاز واحتفى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق:5]

 

عباد الله: ما قلت ما أسلفت على مسامعكم إلا بعد أن استوقفتني هذه الآية، وما فيها من أساسيات لهذا الدين العظيم الذي كمله رب العالمين، وقمت بمقارنة في خيالي، وطبقتها على حالي، وعلى كثير ممن رأيت معي وأمامي ومن يشاركني في حياتي؛ فصغت ما سمعتم من وعظ في كلامي لأبلغكم؛ فرب مبلغ أوعى من سامع، وإلا فكتاب الله هو الجامع؛ وسنة نبيه هي الهدي النافع؛ لذا فنحن جميعا حري بنا -لحالنا في هذا الزمان- أن نراجع؛ فالجل عن أساسيات النهج ضائع، وفي طاعة الشيطان وهوى النفس واقع، مع أن المؤمنة الصادقة الطائعة والمؤمن الصادق الطائع هما من لا يكون لهما الخيرة من أمرهم إذا قضى الله ورسوله أمرا؛ بل ينفذان أمر الله ورسوله بدون أي مانع؛ وبدون النظر لأي شهوات ودوافع؛ أو التردد بسبب رغبات ومطامع؛ وهنا أقف؛ لأوصي نفسي وكل سامع؛ بأن يحاسب نفسه الآن ويراجع، وربي وربكم هو البصير السامع.

 

ثم الصلاة والسلام الجامع، على الذي عاش لرب خاضع، ما جمعت في الأرض من جوامع

 

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد.

المرفقات

أنطبق اليوم هذه الصفات؟

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات