ثلاثة مقامات لمن عمل الصالحات

صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/ إكرام الله تعالى لنا بإشهادنا رمضان 2/ مقام الوجل من عدم قبول العمل 3/ مقام دعاء الله تعالى بقبول العمل 4/ مقام إتْباع العمل الصالح بعملٍ صالح آخر 5/ صيام ستة أيام من شوال

اقتباس

ثم اعلموا -رحمكم الله- أن من إكرام الله لكم إشهادكم شهر رمضان، فأكرمكم الله بشهود رمضان، ويسّر لكم فيه ما يسّر من أعمال البر والإحسان. وإن مَن عمل الصالحات ينبغي أن يشهد بعد فراغه من عمله ثلاثة مقامات...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

 

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها المؤمنون: اتقوا الله تكونوا من المفلحين.

 

ثم اعلموا -رحمكم الله- أن من إكرام الله لكم إشهادكم شهر رمضان، فأكرمكم الله بشهود رمضان، ويسّر لكم فيه ما يسّر من أعمال البر والإحسان.

 

وإن مَن عمل الصالحات ينبغي أن يشهد بعد فراغه من عمله ثلاثة مقامات:

 

المقام الأول: مقام الوجل ألّا يقبل منه العمل، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) [المؤمنون:60]، أي: أنهم يفعلون ما يفعلون وتكون قلوبهم في وجل، قالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)، هو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يا ابنة الصديق! هو الرجل يصلي ويصوم ويتصدق، ثم يخاف ألا يتقبل منه".

 

فينبغي أن يوجل قلب أحدنا ألّا يقبل منه عمل؛ فإن من الخسار والبوار أن يجهد المرء نفسه بفصل نفسه عن مألوفاتها من الطعام والشراب، وبانتصاب قدمه قياما بالليل، ثم لا يتقبل الله منه عمله! فإن وجل القلب يستدعي رحمة الله -سبحانه وتعالى-، أن ينظر الله -عز وجل- إليه فيرى ما في قلبه من وجل ألّا يقبل منه عمله فيكرمه الله -عز وجل- بقبول عمله.

 

والمقام التالي: الاقتداء بسنة الأبوين: إبراهيم وإسماعيل، عليهما الصلاة والسلام، بدعاء العبد ربه -سبحانه وتعالى- أن يتقبل منه عمله؛ قال -تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة:127]. فإذا عمل المرء صالحا حسن به أن يدعو ربه -سبحانه وتعالى- أن يتقبل منه، فيكون من دعائه بعد فراغه من عمله: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

 

وكان السلف، لعظم شهودهم هذا المقام، يدأبون ستة أشهر بعد رمضان يدعون الله -سبحانه وتعالى- أن يتقبل منهم أعمالهم. فادعوا ربكم -سبحانه وتعالى- أن يتقبل منكم الأعمال في رمضان.

 

والمقام الثالث: وصل العمل بالعمل الصالح من جنسه أو من غيره، فإن الحسنة تستدعي الحسنة، كما أن السيئة تستدعي السيئة، فمن توفيق الله -سبحانه وتعالى- للعبد مواصلته عمل الحسنات.

 

وإن من رحمة الله -عز وجل- بنا وتمام إكرامه لنا أن شرع لنا صيام ستة أيام من شوال؛ ليكمل بها الإنسان صيام سنته كلها، فإن الحسنة بعشر أمثالها، فمن صام ثلاثين يوما في رمضان كان صيامه كصيام ثلاثمائة يوم، وصيام الستة كصيام ستين يوما، فتم له صيام السنة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر"، يعني: كأنما صام أيام سنته كلها.

 

فاحرصوا على وصل عملكم الصالح في رمضان مما كان فيه من الصيام بصيام ستة أيام من شوال.

 

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، رب السماوات ورب الأرض رب العرش العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ورحمته المهداة للعالمين.

 

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

أما بعد: أيها المؤمنون، إن الأيام خزائن الأعمال، فاخزنوا أعمالكم في أيام عمركم، واستودعوها عند ربكم، تجدوها في الآخرة، فاعملوا من الصالحات، وافعلوا الخير، واحرصوا على ما يحبه الله منكم؛ تكونوا من المفلحين في الدنيا والآخرة.

 

اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانا واحتسابا، اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانا واحتسابا،

اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانا واحتسابا...

 

المرفقات

ثلاثة مقامات لمن عمل الصالحات

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
مكرم بن عبد السلام
07-06-2019

السلام عليكم. حياكم الله وتقبل منا ومنكم! للتنبيه: صاحب هذه الخطبة (وغيرها مما اختلط عليكم) ليس «د صالح بن مقبل العصيمي» إنما هو «د صالح بن عبد الله بن حمد العصيمي». فيرجى التعديل وجزاكم الله خيرا.