خطر السائقين

محمد بن سليمان المحيسني

2022-10-06 - 1444/03/10
عناصر الخطبة
1/بواعث استقدام السائقين والخدم 2/الابتلاء بالسراء والضراء 3/حقارة الدنيا 4/بعض الأدلة على تحريم خلوة الرجل بالمرأة 5/أضرار وجود السائقين والرد على أعذار المستقدمين لهم 6/استفحال ظاهرة استقدام الخادمات ومحاذير استقدام الخادمة الكافرة 7/سلبيات الخادمات على الأهل والأولاد

اقتباس

إن وجود السائق -أيها المسلم- لا بد أن يحصل منه ضرر شئت أم أبيت، فلا بد أن يحصل منه أمر من هذه الأمور الثلاثة: الأمر الأول: أن تختلي امرأتك أو ابنتك به، فتكون أنت السبب في وقوعها بهذا الذنب. والأمر الثاني: أن ذهاب المرأة مع السائق يجرئ الفساق على مخاطبتهن ومعاكستهن داخل السيارة؛ لأنهم يرونها بدون راع وقائد. بل يرونها في موقع ريبة -وهي الخلوة- فيطمعون بها، ويطمئنون في معاكستها، وقد لوحظ هذا كثيراً. والأمر الثالث: هو...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً، وحذرنا من تقليد الكفار والركون إلى الأشرار، وحرم علينا الأسباب الموصلة إلى الحرام.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله رحمة للعالمين، فأغنى به بعد عَيلة، وكثَّر به بعد قلة، وأعزَّ به بعد ذلة، واستقامت ببعثته الملة، نبي شرح الله له صدره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بسنته وسار على نهجه إلى يوم القيامة، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى- واشكروه شكراً كثيراً على هدايته وإسدائه النعم لكم.

 

أيها المسلمون: في خطبة مضت؛ كان الكلام فيها عن خطورة سفور النساء، وخطورة تبرجهن، وكثرة خروجهن إلى الأسواق.

 

وإني في هذه الجمعة أنوه بذكر عامل خطير من أهم العوامل التي ساعدت على التبرج والسفور، وكثرة الخروج إلى الأسواق وغيرها.

 

وإن هذا العامل الذي أعنيه في هذه الجمعة، هو: عامل استقدام السائقين والخدم من رجال ونساء، حيث أنه في السنوات الأخيرة بدأ يزداد وينتشر في هذه البلاد التي لم يكن أحد من المسلمين يتوقع وجوده فيها، كيف وهي بلاد مهبط الوحي؟ ومنطلق الرسالة؟ وبلاد نشأت على التوحيد؟ وتربت عليه؟ وعرف أهلها الحلال من الحرام؟

 

ولكن ما حدث هو مصداق قول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث الذي يرويه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها؛ فينظر كيف تعملون! فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"[صحيح مسلم: باب أكثر أهل الجنة الفقراء (4/2098) رقم (2742)].

 

صدق المصطفى -صلى الله عليه وسلم-؛ فوالله ما جرأ المستقدمون للسائقين والخادمات على استقبالهم إلا كثرة نمو المال بين أيديهم، وإلا فوالله لقد عاشوا سنين طويلة بدون خدم ولا سائقين، ومشت أحوالهم، واستطاعوا أن يؤدوا جميع مهامهم، وأن يجمعوا بين خدمة أهليهم بالذهاب والرجوع بهم وبين بيعهم وشرائهم.

 

ولكن -والله- ما حمل كثير منهم على استقدامهم إلا حب الظهور المباهاة والمفاخرة أمام الآخرين.

 

وإلا فالنساء هن النساء والرجال هم الرجال، ولكن سبحان مغير الأحوال، ومقلب القلوب والأبصار.

 

عباد الله: اسمعوا ما يقوله الجبار -جل جلاله-، يقول سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)[آل عمران: 185].

 

فالله -سبحانه- يختبر عباده تارة بالشدة ليرى الصابرين، وتارة بالرخاء لينظر الشاكرين.

 

وإن كثرة الأموال عند بعض الناس، وازدياد الخيرات من المأكولات والمشروبات والمساكن والملبوسات لهو أعظم ابتلاء وأشد امتحان.

 

ولذلك كان السلف -رحمهم الله- يهربون من الغنى كما نهرب نحن من الفقر، وما ذاك إلا لأن الله -سبحانه- أعطاهم من العلم ما يدلهم على ما ينفعهم، وما يضرهم في هذه الحياة.

 

ولقد وجه الحسن -رحمه الله- نصيحة قيمة لعمر بن عبد العزيز، يبين فيها حقارة الدنيا، وعظيم خطرها على من دخلت عليه، فقال كلاماً طويلاً نسوق طرفاً منه، يقول رحمه الله بعد حمده لله -سبحانه- والصلاة والسلام على رسوله: "أما بعد: فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار مقام، وإنما أنزل إليها آدم عقوبة فاحذرها؛ فإن الزاد منها تركها، والغنى فيها فقرها، تذل من أعزها وتفقر من جمعها، كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه؛ فاحذر هذه الدار الغرارة الختالة الخداعة، ما نظر إليها الله منذ خلقها، ولقد عرضت على نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- مفاتيحها وخزائنها فأبى أن يقبلها، وكره أن يحب ما أبغضه خالقه، زواها الله عن الصالحين اختياراً، وبسطها لأعدائه اجتراراً، والله ما أحد من الناس بُسط له من الدنيا فلم يخف أن يكون مكراً، إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه"[حلية الأولياء (6/313)].

 

إلى آخر كلامه -رحمه الله-، لقد سبق -والله- بتحذيره من جمعها.

 

أيها المسلمون: أليس اجتراء بعض المسلمين على سماحهم لنسائهم أن يركبوا مع رجال أجانب -وأقصد بالأجانب أنهم ليسوا من محارمهم- أليس فعلهم هذا يعتبر منكراً عظيماً تقشعر منه جلود أهل الغيرة والدين؟

 

أليس فعلهم هذا فيه مخالفة لقول رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-، حيث أنه شدد في الحكم على المرأة أن تختلي بالرجل، وعلى الرجل أن يختلي بها، فقال في حديث يرويه عقبة بن عامر عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إياك والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت"[صحيح البخاري: باب لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم (5/2005)، رقم (4934)، وصحيح مسلم: باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها (4/1711)، رقم (2172)].

 

والحمو، هو: قريب الزوج.

 

وفي حديث آخر يرويه عمر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"[سنن الترمذي: باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات (3/474)، رقم (1171)، وقال:"حسن صحيح غريب"، والمستدرك (1/197)، رقم (387)].

 

وورد أيضاً من حديث أبي أمامة -رضي الله عن عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إياك والخلوة بالنساء، والذي نفسي بيده! ما خلا رجل بامرأة إلا ودخل الشيطان بينهما، ولئن يزحم الرجل خنزيراً متلطخاً بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له"[المعجم الكبير (8/205)، رقم (7830)، وقال في مجمع الزوائد (4/326):"رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح"].

 

فيا أيها المسلمون: إذا كان هذا الكلام موجهاً لصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين بالله ثم بهم اعتز الإسلام، وارتفعت راية الإيمان.

 

وإذا كان أخو الزوج له نصيب من النهي عن الدخول إلى بيت أخيه أثناء غيابه إلا بوجود محرم؛ فلماذا مكن أناس رجالاً استقدموهم لا يعرفون صلاحهم ولا يعرفون أصلهم؟!

 

ألم يعلموا أن ذلك محرم عليهم؟

 

وإن من العجيب في هؤلاء أنه لو طلبت زوجة أحدهم منه أن يقوم ابن الجيران بإيصالها بسيارته إلى حاجة من الحوائج لغضب، ولانتفخت أوداجه، واحمر وجه، ولحُق له ذلك الغضب، ولكن لماذا السائق المستقدم يسمح له بالخلوة بها، وتبادل الكلمات معها؟

 

هل رفع عنه القلم؟

 

هل شهوته معدومة؟

 

هل هو حيوان ليس من جنس البشر وليست له غريزة البشر أم ماذا؟

 

أجيبوا -أيها المستقدِمون- أجيبوا -أيها المستقدِمون-.

 

أيها المسلم: سمعت الأدلة على تحريم خلوة الرجل بالمرأة؛ فما الذي أحل للسائق أن يخلو بها؟ أأختلاف الجنسية أباحت ذلك، فالإسلام دين واحد؟

 

أم الفيزة التي استخرجتها من الجهات المسئولة هي التي نسخت ذلك الحكم؟

 

أم لأن الله فتح عليك باباً من أبواب الدنيا ليبلوك فركنت إليها، وتركت محارمك؟!

 

أيها المستقدِمون: أين الغيرة الدينية؟ أين الشيمة العربية؟ أين الغيرة على محارمكم؟ أين الخوف من العار والفضيحة؟

 

لقد كان المشركون قبل الإسلام يئدون البنات خشية العار والفضيحة، فلماذا أنتم تجلبونها بأيديكم؟

 

لماذا تجلبونها إلى بيوتكم لأنفسكم؟

 

وإن من المؤسف -والله- أنهم يستقدِمون شباباً مرداً، ويعطونهم الثقة الكاملة، ويتساهلون معهم إلى حد التفريط واللامبالاة بالعواقب والنتائج.

 

فالسائق مثلاً وضع تحت امرأة النساء يذهب بهن حيث شئن، وإلى أي مكان أردن.

 

ولقد والله- رأيت نساءً ركبن مع سائق فتوزعن في السيارة، فركب ثلاثة منهن في المرتبة الخلفية، واثنتان في المرتبة الأمامية، وكان كتفها قريب من كتفه، منظر مزري، ودياثة ظاهرة!.

 

وإذا كان الديوث هو الذي يقر الخُبث في أهله؛ فإني لا أظن أن هناك دياثة أعظم من هذه الدياثة المعلنة أمام الملأ كافرهم ومسلمهم.

 

ولكن سترى -أيها المستقدِم-: إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار؟!

 

ستعلم إذا انتُهك عرض، ولعب بمحارمك، وندمت حين لا ينفعك ندمك.

 

عباد الله: البعض من هؤلاء يعتذر بأعذار عجيبة، فتارة تجده يزكي هذا السائق، حتى يوصله إلى درجة الصالحين، أو بأنه رجل كبير، وتارة يعتذر بأعماله وانشغاله بعقاراته وممتلكاته.

 

فالجواب على من اعتذر بصلاحه، أو بكبر سنه، هو ما ذكرناه آنفاً، وهو نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- لصحابته مع قوة إيمانهم.

 

وإن وجود السائق -أيها المسلم- لا بد أن يحصل منه ضرر شئت أم أبيت، فلا بد أن يحصل منه أمر من هذه الأمور الثلاثة:

 

الأمر الأول: أن تختلي امرأتك أو ابنتك به، فتكون أنت السبب في وقوعها بهذا الذنب.

 

والأمر الثاني: أن ذهاب المرأة مع السائق يجرئ الفساق على مخاطبتهن ومعاكستهن داخل السيارة؛ لأنهم يرونها بدون راع وقائد.

 

بل يرونها في موقع ريبة -وهي الخلوة- فيطمعون بها، ويطمئنون في معاكستها، وقد لوحظ هذا كثيراً.

 

والأمر الثالث: هو جنايتك على مجتمعك المحافظ بإظهارك لهذا المنكر الذي أحرقت به قلوب أهل الغيرة والدين.

 

كما أن وجود السائق يسهل على النساء الخروج، فيكثر بذلك خروجها، وكثرة خروج المرأة سبب لفسادها.

 

وأما الجواب على المعتذر بانشغاله بممتلكاته؛ فأقول له:

 

تباً لرجل تشغله دنياه عن محارمه، وتبعده عن صيانته لأهله، وتباً لرجل يتخلى عن مسئولية ألقيت على عاتقه لجمع مال سيذهب ويتركه لوارثه.

 

وفي نهاية الكلام أقول لكل من وقع في هذه الكارثة: أنت مخير بين أمرين: إما أن تتوب إلى الله وتراجع نفسك قبل أن تندم كما ندم غيرك.

 

وأما إن قلت: لا بد لي من ذلك، فإياك أن يذهب بها إلا ومعها ابنها إن كان مميزاً، أو أخوها، أو غيرهما من محارمها المميزين.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه الآيات والذكر الحكيم.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على خير العالمين، وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً.

 

أما بعد:

 

عباد الله: اتقوا الله -تعالى- وأطيعوه وراقبوه وقوموا بما ائتمنكم الله عليه من بنات وزوجة وبنين، يقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)[الأنفال: 27-28].

 

أيها المسلمون: إذا كنا متأكدين تماماً بخطورة السائقين؛ فإن هناك خطورة أخرى ليست بعيدة عن خطورتهم، ألا وهي: استقدام الخادمات والمربيات.

 

ولقد استفحل هذا الأمر في كثير من بيوت المسلمين.

 

وإن الذي دفع كثيراً منهم إلى ذلك هو التنافس وحب التقليد، والإحساس بالنقص، مع إلحاح قاصرات العقول بذلك، حتى أصبح هذا عند كثير من النساء ضرورة من ضروريات الحياة، وسمة بارزة تدل على التقدم والمدنية.

 

وإن العكس هو الصحيح، فالالتزام بتعاليم الإسلام هو التقدم، وهو الظهور، وهو المدنية.

 

ولقد كن النساء في الوقت الماضي يعملن أضعاف عمل النساء في هذا الزمن، ومع هذا فلم يتضجرن ولم يطلبن خادمة ولا غيرها، وذلك لوجود الوازع الديني في نفوسهن.

 

وأما في السنوات الأخيرة لما كثر التنافس والتفاخر بينهن بدأن يظهرن التعب والمشقة، ويكثرن الإلحاح على الأزواج بإحضار الخادمات.

 

علماً بأن بيوت الناس اليوم أحسن حالاً من الزمن السابق، ولا مقارنة من حيث سهولة الصيانة، وتوفر الأجهزة المختلفة التي توفر الجهد والوقت.

 

وإن العتاب واللوم لا نلحقه بالمرأة، وإنما نلحقه بالرجل الذي له القِوامة، وألقيت على عاتقه المسئولية، كيف يرضخ لأمرها ويترك أمر الله -سبحانه-؟.

 

فالله يأمر المسلم أن يغض البصر عن النساء وهو يأتي بها ليتكشفها هو وأولاده.

 

وذلك امتثالاً لأمر زوجته، والله ينهى المرأة أن تسافر بدون محرم وهو يتسبب لامرأة تأتي من بلدها إلى بلده بدون محرم.

 

وإن الذي أدهى من ذلك وأمر: أن بعض من هؤلاء يعمد إلى بلاد الكفر والإلحاد ليستقدم منه خادمة تفسد عقائد أولاده، وتكشف أسرار بيته، وأسرار المسلمين، فيجمع بهذا العمل بين منكرين:

 

منكر استقدام امرأة أجنبية، وكونها كافرة؛ إذ أن الكافر لا يجوز للمسلم أن يجالسه ويؤاكله ويشاربه.

 

وهذه الخادمة سيضطر الجميع إلى ممازحتها، وإظهار البشاشة في وجهها.

 

وإن هذا -والله- هو الخطأ المحض في العقيدة، يا من تدَّعون أنكم حماة العقيدة، وأهل التوحيد يقول الله -سبحانه-: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رضي الله عنهم وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[المجادلة: 22].

 

ويقول الله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ)[الممتحنة: 1] الآية.

 

أيها الأولياء: اعملوا جميعاً أن للخادمات سلبيات على أهليكم وأولادكم.

 

وإن من هذه السلبيات:

 

أولاً: حرمان البنات من التعلم بمدرسة البيت، والتدريب في ميادينه المختلفة على سائر أعمال البيت التي ستكون هي مسئولة عنه في المستقبل بعد زواجها واستقلالها، ولقد حدث هذا، فلقد تُزوج بنساء لا يعرفن طبخ الطعام، ولا تغسيل الثياب؛ فضلاً عن القيام بمهمات الولائم للمناسبات، وذلك لأنهن ركن إلى الخمول، واعتمدن على الخادمة، وربما كان ذلك سبباً لعزوفهن عن الزواج، أو فشلهن بعد حصوله.

 

ثانياً: أن وجود الخادمة يسبب خمولاً للمرأة أو البنات، فيؤدي ذلك إلى وجود فراغ للمرأة قد تشغله بما يضرها من متابعة الأفلام، والبحث عن الزيارات المتبادلة.

 

ثالثاً: وهذا إذا كانت الخادمة تقوم بشئون الأطفال وتربيتهم؛ فإنها تفقدهم حنان الأبوة، وعاطفة البنوة؛ فينشأ الولد متعلقاً قلبه بالخادمة أكثر من أمه وأبيه.

 

رابعاً: وهو خاص بالخادمة الكافرة، هو أن تَولي الخادمة تربية أطفال المسلمين خطر يهدد الأطفال في العقيدة والفكر والسلوك، وحتى في اللغة، وما تعارف عليه المجتمع من الأعراف الطيبة من الأدب والحياء؛ لأن الولد ينشأ غالباً على دين مربيه ومعلمه.

 

ولقد حدثني مدير إحدى المدارس الابتدائية في هذا البلد، يقول: كنت أتجول بين الفصول، وأثناء تجولي دخلت فصلاً من الفصول، وإذا بي أفاجأ بطفل لا يتجاوز العاشرة من عمره، وإذا به قائم أمام الطلبة ويعلمهم التحية البوذية.

يقول هذا المدير: فوقفت محتاراً من علمه بهذا؟ فسألته من الذي علمك هذا؟ قال: علمتني الخادمة، يقول: فأمرته بإحضار والده، فلما حضر من الغد سألت والده هل عندكم خادمة؟ قال: نعم، قلت: فما جنسيتها؟ قال: بوذية، فقلت له: أدرك أولادك وأعلمته بما حصل.

 

أيها الإخوة: هذه بعض الأضرار الناتجة عن الخادمات والسائقين.

 

كما أني لست أنهى عن الخادمة الكافرة فقط، بل أنهى عن الجميع؛ لأنه ثبت لكم من خلال الأدلة ما يحرم ذلك، ولكن الكافرة أشد وأعظم.

 

أيها الإخوة في الله: انتهوا عما نهاكم الله عنه فإن عذاب الله شديد، ولا يفتننكم ما بأيديكم من مال، واحذروا أن تكونوا ممن قال الله فيهم: (وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)[التوبة: 74].

 

إخوتي في الله: حيث أن في هذا المسجد جمع كثير ممن ابتلوا بهذين الصنفين؛ فإني أقول لهم هذا الكلام ليس على سبيل الاعتذار، فصاحب الحق لا يعتذر، وإنما على سبيل الإيضاح والبيان، فإن هذا المقام الذي أنا فيه ليس مقاماً للمجاملات والمداهنات، وإنما هو مقام لتوضيح الحق من الباطل، ولتبيين الخطأ من الصواب، ولإقامة الحجة على كل من سمع الحق فلم يأخذ به.

 

أيها المسلمون: صلوا وسلموا على خير عباد الله، فقد أمركم الله لذلك، بقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه.

 

وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

 

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة من المسلمين.

 

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يجاهدون لإعلاء دينك، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم انصرهم على أعدائهم، واجعل العزة والقوة لهم.

 

اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم نظف بيوتنا من الخدم والسائقين، اللهم نظف بيوتنا من الخدم والسائقين، وسائر الملاهي والمعاصي برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

المرفقات

خطر السائقين.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات