الكلمة الطيبة

محمد عبد الكريم الشيخ

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ الآيات الممثّلة للكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة 2/ وقفات تفسيرية معها وبيانٌ لمعنى الكلمتين 3/ سمات وحياة المؤمن الممثَّل له بالكلمة الطيبة 4/ ثمرات الإيمان   

اقتباس

إن الإنسان خلق ليعرف ربه ويعبده, إنه لنبأ عظيم حقًا أن يكون الإنسان لم يخلق لنفسه, وإنما خلق لعبادة ربه, لم يخلق لهذه الدنيا الصغيرة الفانية, إن المؤمن يعيش لربه الأعلى، ولحياته الأخروية، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ) [المؤمنون:115-116]، تعالى الله أن يخلقنا عبثًا, تعالى الله أن يخلق السموات والأرض لاعبًا.

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

يقول الله -تبارك وتعالى- في محكم التنزيل: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) [إبراهيم:24-27].

 

أتعرفون ما هاتان الشجرتان؟ هاتان الشجرتان ليستا من الأشجار التي نعهدها في الدنيا, الشجرة الأولى هي شجرة الإيمان التي قال الله عنها:  (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا)، إنه الإيمان الذي إذا حَلّ في العبد المؤمن تفتق فيه كل الخير، وأصبح إلى طاعة ربه من السابقين, هذه الشجرة التي تشبه العبد المؤمن، قال عنها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إنها النخلة, فالنخلة أصلها ثابت, جذورها في أعماق التربة، وتؤتي ثمارها كل حين على مدار السنة.

 

وفي مقابل ذلك يضرب الله -تعالى- المثل للكفر بالشجرة الخبيثة، بشجرة الحنظلة التي لا أصل لها، وإن كان لها أصل, فأصلها ليس بالثابت, فهذه الشجرة الخبيثة مثل يضربه الله -تعالى- للكفر وما فيه الكافر من عدم اتزان، ومن عدم قرار، ومن عدم سوية في الأمر, وما أحوجنا أن نقف عند حياة المؤمن لنعرف كيف ينبغي على المسلم أن يكون!.

 

إن الإنسان خلق ليعرف ربه ويعبده, إنه لنبأ عظيم حقًا أن يكون الإنسان لم يخلق لنفسه, وإنما خلق لعبادة ربه, لم يخلق لهذه الدنيا الصغيرة الفانية, إن المؤمن يعيش لربه الأعلى، ولحياته الأخروية، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ) [المؤمنون:115-116]، تعالى الله أن يخلقنا عبثًا, تعالى الله أن يخلق السموات والأرض لاعبًا.

 

نريد أن نقف على باب حياة المؤمن الصادق وقفات, وأن نعرف: كيف هو؟ نجد -أولاً- في حياة المؤمن الصادق وضوح الغاية والطريق, المؤمن حياته واضحة لا غبن فيها ولا ريب, والطريق كذلك واضح المعالم, غير المؤمن يعيش في الدنيا تتوزعه هموم كثيرة وتتنازعه غايات شتى, هذه تميل به ذات اليمين وهذه تميل به ذات الشمال, لا يدري أيها يرضى، فهو حائر حتى في إرضاء المجتمع، أي الأصناف يرضيهم ويسارع في هواهم, فإنه إن أرضى أناسًا لا يرضى عنه آخرون, فإن رضا الناس غاية لا تدرك.

إذا رضيت عني كرام عشيرتي  *** فما زال غضبانٌ عليّ لئامها

 

والعكس بالعكس طبعًا, إذا رضي اللئام غضب الكرام, وتذكرون الحكاية المشهورة وهي حكاية الشيخ وابنه وحماره، ركب الشيخ ومشي الولد وراءه, فتعرض الرجل للوم النساء, فركب الولد ومشى الرجل فتعرض الولد للوم الرجال, وركبا معًا فتعرضا لدعاة الرفق بالحيوان, ومشيًا معًا والحمار أمامهما فتعرضا لطرف أولاد البلد، فقال الولد لوالده: دعنا نمشي ونترك الحمار، فقال الوالد: يا بني، فإن الناس لا يرضون, وسيقولون: مجنون مجنون.

 

وفي هذا قال:

ومن في الناس يرضي كل نفسٍ *** وبين هوى النفوس مدى بعيدُ

 

المؤمن حقًا قد استراح من هذا كله، وحصر الغايات كلها في غاية واحدة, عليها يحرص، وإليها يسعى, وهي رضوان الله -تعالى-, لا يبالي بعد ذلك رضي الناس أم سخطوا عليه, شعاره في ذلك قول الشاعر:

فليتك تحلو والحياة مـريرة *** وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامرٌ *** وبيني وبين العالمين خـرابُ

إذا صح منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب ترابُ

 

المؤمن جعل الهموم همًا واحدًا, وهو سلوك الطريق الموصل لله -تعالى-, وهو الذي يسأل الله -تعالى- في كل صلاة عدة مرات: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة:6-7].

 

هو طريق واحد لا عوج فيه ولا التواء: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:135]. وما أعظم الفرق بين رجلين أحدهما عرف الغاية وعرف الطريق إليها فاستراح, وآخر ضال يخبط في عماية ويمشي في غير غاية, لا يدري إلى ما يسير ولا أين المصير: (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الملك:22].

 

استهان المسلم في سبيل هذه الغاية في سبيل إرضاء ربه كل صعب, واستعذب كل عذاب, واسترخص كل تضحية؛ بل قدمها راضيًا مستبشرًا، ألا ترى إلى ذلك المجاهد الحبيب، إلى "خُبيب" حيث أحاط به المشركون وصلبوه, أحاطوا به يظهرون الشماتة فيه، يحسبون أنه ستنهار أعصابه أو تذل نفسه، لكنه نظر إليهم بيقين ورفع رأسه وهو ينشد هذه الأبيات:

ولست أبالي حين أقتل مسـلمًا  *** على أن جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشـأ  *** يبارك على أوصال شلـو ممـزع

 

ألا ترى إلى ذلك الرجل من الصحابة ومن تبعهم بإحسان من التابعين كيف كان أحدهم يخوض عُباب المعارك, والموت يبرق ويرعد، وهو يقول: عجلت إليك ربي لترضى, متمثلاً في ذلك النبي الكريم موسى -عليه السلام-  (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) [طه:84].

 

ألا تسمع لأحدهم وهو قد نفذ الرمح في صدره حتى وصل إلى ظهره فما كان منه إلا أن قال وهو يرى هذا المنظر: "فزت ورب الكعبة!".

 

في غزوة الأحزاب، وقد ابتلي المؤمنون ابتلاءً شديدًا، زاغت الأبصار, بلغت القلوب الحناجر, ماذا قال المؤمنون؟ قال المؤمنون: (هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ) [الأحزاب:22]، في هذا الجو المليء بالصعوبات في موقف المعركة تجد موقف السكِينة والطمأنينة تتنزل عليهم, سجل الله -تعالى- ذلك في سورة الأحزاب فقال -عز وجل-: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الأحزاب:22]، ما الذي وهب هؤلاء السكِينة في أثناء القتال؟ من الذي منحهم ذلك وقد عرفوا الموت؟ إن الإيمان وحده، هو الذي دخل في قلوبهم، وصدق الله حين قال: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) [الفتح:4]، (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:27-28].

 

بهذا الصراط المستقيم كان المؤمن في أخلاقه, في سلوكه، مطمئنًا غير قلق, ثابتًا غير متقلب, واضحًا غير متردد, مستقيمًا غير معوجّ, بسيطًا غير معقد, لا يحيره تناقض الاتجاهات، ولا يعذبه تنازع الرغبات, ولا يحطم شخصيته الصراع الداخلي في نفسه: أيفعل أم يترك؟ أيفعل هذا أم ذاك؟ إن للمؤمن مبادئ واضحة، ومعايير ثابتة، يرجع إليها في كل عمر فتعطيه الإشارة، وتفتح له الطريق, فيقدم على هذا الطريق بوضوح، أو تضيء له النور الأحمر فيحجم، وحسبه كتاب ربه -عز وجل- هاديًا، ورسوله  معلمًا، قال -تعالى-: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [المائدة:15-16].

 

المؤمن يستشعر في حياته بأنه ممتثل لأمر ربه؛ لذلك لا تعجب عندما تجد في القرآن العظيم قصصًا فيها الثبات, فيها كذلك الإيضاح التام لأمر الله -تعالى-, هاكم هذه القصة العجيبة بين أب وابنه المؤمن, أب تمنى أن يكون له ولد حليم, فأوتي هذا الولد على كبر في سنه، فأعطاه ما يعطي الوالد ولده من العطف والحنان, رزقه الله -تعالى- بولد حليم, وجاء أمر الله -تعالى- إليه بأن يدع هذا الولد وزوجه كذلك في واد غير ذي زرع، فامتثل لأمر ربه، لا ماء ولا شجر, امتثل لأمر الله -تعالى-، ولما شب الغلام أمره الله -تعالى- بأن يضع السكين على رقبة هذا الولد الذي تمناه سنين طويلة, فماذا كان موقف هذا الأب؟ وماذا كان موقف هذا الابن؟ أسلم الوالد ولده، وأسلم الولد عنقه؛ امتثالاً لأمر الله -تعالى-.

 

سطّر القرآن ذلك عن إبراهيم -عليه السلام-، وكذلك عن إسماعيل: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ) [الصافات:103-106]، ابتلاه الله -سبحانه وتعالى-، ولما أشار إلى ابنه قائلاً: (فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات:102].

 

وفي خاتمة القصة: (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) [الصافات:111]، سرّ هذا الثبات أن هذا العبد كان من عباد الله المؤمنين, وإذا كنا مؤمنين حقًا فإنا سنثبت في الشدائد، ولن نجزع، ولن نخاف، ولن تأخذنا الأمواج يمنةً ويسرة, فإن الله -عز وجل- يثبت المؤمنين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

 

أسأل الله -تعالى- أن يثبتنا بالإيمان، وأن يرسخنا باليقين. أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل، وأفاض عليهم النعمة, وكتب على نفسه الرحمة, وضمَّن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه.

 

دعا عباده إلى دار السلام حجةً منه عليهم وعدلاً, وخصّ بالهداية والتوفيق منهم من شاءه منّة وفضلاً, فهذا عدله وحكمته فهو العزيز الحكيم, وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

 

والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقائد الغُر المحجلين، سيدنا وإمامنا وقدوتنا محمد، صلوات ربي وسلامه عليه.

 

إذا نظرنا كذلك إلى حياة المؤمن نجد استقرار النفس فيه؛ لقوله -سبحانه وتعالى-:  (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) [الأنعام:82]. الأمن هو الذي نراه في حياة المؤمن, الأمن على رزقه, يأمن عليه أن يفوت؛ لأنه يعلم أن الأرزاق في ضمان, فالله -سبحانه وتعالى- لا يخلف وعده، ولا يضيع عبده, والله خلق الأرض مهادًا وفراشًا وبساطًا, وقدر فيها أقواتها، وهو القائل عن نفسه -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات:58].

 

ولقد كان المؤمن يذهب إلى ميدان الجهاد حاملاً رأسه على كتفه متمنيًا الموت في سبيل عقيدته, ومن خلفه ذريةٌ ضعافٌ، وأفراخ زُغب الحواصل, لا ماء ولا شجر, ولكنه كان يوقن أنه يتركهم في رعاية رب كريم هو أبرّ بهم, وأحَنّ عليهم منه, وتقول له الزوجة المؤمنة وهو يحمل رمحه في سبيل الله: "اذهب على بركة الله", وتقول لقريناتها -وهو ذاهب في سبيل الله-: "إنني ما عرفته إلا أكالاً, وما عرفته رزاقًا, ولئن ذهب الأكال لقد بقي الرزاق", نعم، إذا ذهب الأكال زوجها بقي الرّزاق ربها, يرزقها صباح مساء. وفي الحديث عن نبينا: "إن الرزق ليبحث عن الإنسان كما يبحث عنه أجله".

 

المؤمن آمن كذلك على أجله، يعلم أن الله -تعالى- كتب الآجال, ويعلم أن الأجل إذا حل فلا يستقدم ساعة ولا يتأخر؛ لذلك فهو يخوض غمار الحروب, يخوض فيما أمره الله -تعالى- من غير خوف؛ لأنه يعلم أن الله -تعالى- كتب أجله، وإنه في أي مكان أتى فلا محالة ميت، (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) [النساء:78].

 

إذا عرفنا أن حياة المسلم كذلك، ينبغي علينا أن نعيش هذه الحياة لنطرق باب الإيمان, ولندخل هذا البيت الآمن, فإذا أدخلناه أمِنا على أرزاقنا، وأمِنا على آجالنا, والله -عز وجل- يقول: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا) [طه:111].

 

 

المرفقات

الطيبة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات