هذه من آثارها

صالح بن عبد الرحمن الخضيري

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ القلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء 2/ أهمية الاستجابة لأمر الله ورسوله 3/ آثار الذنوب والمعاصي على العباد 4/ إلى متى هذه الغفلة؟ 5/ خطورة الأمن من مكر الله 6/ الأمن من مكر الله سبيل إلى عذاب الله 7/ صور من خوف السلف من فقدان الإيمان.

اقتباس

يا أيها الإنسان دائمًا فكِّر في أمرك، وفتِّش في حالك، وتذكَّر لماذا خُلقتَ، وتأمل في الأمر الذي أنت قادم عليه؛ كلنا مذنبون، ولكن نُطالَب بالتوبة والاستغفار، كلنا مذنبون خطاؤون، ولكن هناك فرق بين من يفعل المعصية وهو كارهٌ لها خائفٌ من تبعتها وآثارها يستغفر ربه ينظر إلى ذنوبه كأنه جبل يخاف أن يسقط عليه، وبين من يفعل المعصية ويرتكب الكبائر، ويصل الذنب بالذنب غير مبالٍ بمحرَّم ولا مؤدٍّ لواجب بل يرى ذنوبه كأنها ذبابة وقع على أنفه فقال بيده علي كذا فطار.

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي سبَّحت الكائنات بحمده، جل جلاله وتقدست أسماؤه، لا إله غيره ولا رب سواه، وأشهد أن لا إله إلا الله العظيم الكريم وحده لا شريك له يغفر سبحانه الذنوب، ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وهو شديد العقاب عزيز ذو انتقام.

 

وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله فصلوات الله وتسليماته على نبيه محمد وعلى آله وأصحابه وعلى إخوانه من أنبياء الله ورسله..

 

أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله ربكم وأطيعوه واجتنبوا معصيته وراقبوه..

 

أيها المؤمنون: استمعوا إلى خطاب الرحمن -جل جلاله-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال: 24- 25].

 

فبعد أن أمر -سبحانه- بالاستجابة لأوامره وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأخبرهم أن بذلك سعادة الدنيا والآخرة ذكر -سبحانه- أن أزمة القلوب بيده يصرفها كيف يشاء فلا يدرك الإنسان شيئًا إلا بمشيئة الله -عز وجل-.

ثم أمر المؤمنين ألا يقروا المنكر فيما بينهم فيعمهم الله بالعذاب.

 

أيها الناس: لقد خلقنا الله لعبادته وطاعته ورزقنا وأنعم علينا، أمدَّنا وأعدَّنا، وحذرنا من مخالفة أمره أو أمر رسوله، فقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].

 

إننا معاشر البشر ضعفاء في غاية العجز أمام قوة الله وقدرته وسلطانه وقهره وأجسادنا على النار لا تقوى؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) [فاطر: 15- 17].

 

أجل ما أهون الخلق على الله إذا عصوا أمره وهم يأكلون من رزقه ويسكنون في أرضه ويتمتعون بنعمه من صحة وأمن ورغد في العيش (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) [النحل: 53- 54].

 

(إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) [غافر:61]، فأين المفر إلا إليه جل جلا وعز: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا * أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً * أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) [الإسراء: 67- 69].

 

فيا أيها الإنسان دائمًا فكِّر في أمرك، وفتِّش في حالك، وتذكَّر لماذا خُلقتَ، وتأمل في الأمر الذي أنت قادم عليه؛ كلنا مذنبون، ولكن نُطالَب بالتوبة والاستغفار، كلنا مذنبون خطاؤون، ولكن هناك فرق بين من يفعل المعصية وهو كارهٌ لها خائفٌ من تبعتها وآثارها يستغفر ربه ينظر إلى ذنوبه كأنه جبل يخاف أن يسقط عليه، وبين من يفعل المعصية ويرتكب الكبائر، ويصل الذنب بالذنب غير مبالٍ بمحرَّم ولا مؤدٍّ لواجب بل يرى ذنوبه كأنها ذبابة وقع على أنفه فقال بيده علي كذا فطار.

 

فيا أيها المفرط المغرور! يا أيها العاصي لمولاه! أيها المفرط بفرائض الله وهو يسمعه ويراه، لا تنظر إلى نوع المعصية فقط، بل فكِّر في عظمة ربك الذي عصيته، وهو ينعم عليك ويسترك من الناس فلا تأمن عقوبته ولا تستخف بآثار معصية الله فوالله لتجدن آثرها ولو بعد حين (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [النحل: 45- 47].

 

أقوام غرَّهم حلم الله فجاهروا بالمنكرات وأغروا بها السفهاء وشجَّعوهم على فعلها وحضورها، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وتهاونوا بأكل الحرام، ظنوا بأن الحياة غناء وطرب وأكل وشرب، ثقل عليهم الوعظ بالقرآن، فاستراحوا بقرآن الشيطان بالغناء والألحان نسوا وقت رحيلهم من هذه الدنيا وأنه قريب (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجمعة:8].

 

غفلوا عن سر سعادتهم وسبب فلاحهم ونجاتهم وهو قربهم من الله -جل وعز-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ..) [الأنبياء: 1- 3].

 

المعاصي والذنوب تفسد القلب، وتضعف فيه تعظيم الرب تسبب في قلب العاصي الخوف والرعب تمحق بركة العمر والرزق.

 

الذنوب والمعاصي سبب لهوان العبد على ربه تطفئ نار الغيرة والحياء وتسبب تسلط الأعداء ونزول العقوبات الإلهية (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت:40].

 

وقال -جل وعلا-: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ * أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ * وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) [الأعراف: 97-  102].

 

قال بعض السلف: "بَغَتَ القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قومًا إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم فلا تغتروا بإمهال الله".

 

إظهار المنكر يا عباد الله وإعلانه، وفشوا المعصية وظهورها وعدم القيام بإنكارها سببًا للعقوبات المتنوعة وللآثار الخطيرة.

 

ولما سئل الصادق المصدوق نبي الله وخليله محمد -صلى الله عليه وسلم-: "أنهلك وفينا الصالحون؟" قال: "نعم إذا كثر الخبث" قال عمر بن عبدالعزيز: "كان يقال: إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة ولكن إذا عُمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم".

 

وعند أبي داود والترمذي: "إن الناس إذا رؤوا الظالم فلم يؤخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه"، فهل من توبة إلى الله؟ هل من مراجعة للنفس يا عباد الله؟ هل من استشعار للمسئولية الملقاة على عاتق كل فرد منا تجاه نفسه أولاً وتجاه أهل بيته وتجاه مجتمعه وأمته.

 

الله اللهَ في إصلاح أنفسكم، وأهليكم عباد الله مُروهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر وعلموا الجاهل، ونبِّهوا الغافل برفقٍ وعدلٍ وحكمة وعلم، عظِّموا شعائر الله في نفوسكم وفي نفوس أبنائكم؛ فالمسئولية عظيمة.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6].

 

اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم أصلح شبابنا، اللهم طهِّر قلوبنا وقلوبهم وحصِّن فروجنا وفروجهم، اللهم اهدِ مَن ضلَّ عن طريق الحق، اللهم جنِّب مجتمعنا كل فساد وتبرُّج واختلاط وغناء وربا، اللهم عليك بمن أراد إفساد أخلاق المسلمين وعقائدهم يا ذا الجلال والإكرام.

 

أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المؤمنين والمؤمنات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الأمين صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله -عز وجل- وعظموا أمره ونهيه -سبحانه- فإن هذا من علامة الإيمان.

 

إن عظمة الله -عز وجل- تدعو العبد إلى خوف الله، وإن تقلُّب القلوب وأخبار الناكصين عن الحق بعد ما عرفوه تجعل المؤمن يخشى أن يزيغ قلبه بعد الهدى، وإذا كان المعصومون يخافون ربهم ولا يأمنون مكر الله فكيف بسواهم من الخطاءين.

 

هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، وكان -عليه الصلاة والسلام- إذا رأى الغيم عُرف ذلك في وجهه يخشى أن يكون عذابًا، وقد أخبر عن خوف جبريل الأمين -صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل الملائكة ورسول الله إلى الرسل -عليهم الصلاة والسلام- فيقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: "مررت ليلة أسري بي مررت على جبريل في الملأ الأعلى كالحلس البالي من خشية الله تعالى" (رواه الطبراني).

 

والحلس هو الكساء القديم الرقيق الذي يُوضَع على ظهر البعير ومع حسن عمل سلف الصالح واجتهادهم في العبادة وتحريهم للحق واتباعهم للسنة وجهادهم في سبيل الله تعالى، فإنهم كانوا يخافون من تلقب القلوب ولا يؤمنون مكر ربهم -عز وجل-.

 

أخرج الإمام أحمد عن بعض الصحابة أنه بكى فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله -عز وجل- قبض بيمينه قبضة، وأخرى باليد الأخرى وقال هذه لهذه وهذه لهذه"، ولا أبالي ولا أدري في أي القبضتين أنا".

 

وقال عبدالوهاب بن عطاء الخفاف: "ما لقيت سفيان الثوري إلا باكيًا فقلت: ما شأنك؟ قال: "أتخوف أن أكون في أم الكتاب شقيًا"، وقال سفيان لرجل: "هل أبكاك قط علم الله فيك؟ فقال ذلك الرجل: تركتني لا أفرح أبداً".

 

وكان رحمه الله يقول: "أخاف أن أُسلَب الإيمان عند الموت"، وكان مالك بن دينار يبيت ليله قابضًا على لحيته يقول: "يا رب قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار، ففي أي الدارين منزل مالك"، وكان نقش خاتم الجنيد: "إن كنت تأمله فلا تأمنه".

 

أيها المسلمون: الأمن من مكر الله سبيل إلى عذاب الله، إذا أمن الناس مكر الله وانتشرت فيهم المعاصي حتى لا تنكر فذلك مؤذن بخراب الديار ونزول العذاب، كما أهلك الله أقواما قبلنا كان يعطيهم ويعصونه فجاء خبرهم في القرآن مثلاً مضروبًا للمعتبرين، واقرؤوا كتاب الله، فما ذكر الله هذه الأخبار، ولا قص هذه القصص للتسلية والعبث حشاه -جل وعلا- من ذلك كله، إنما قصَّها ليعتبر المؤمنين حين يقرؤون كتاب الله فيمرون بها فيحذرون ما وقع فيه الظالمون المفسدون لئلا يصيبهم ما أصابهم.

 

أيها المسلمون: يجب أن تُرفض المعصية ويُنكر المنكر حتى يكون مرتكب الذنب نشازًا بين الناس قد أتى شذوا من القول والفعل، لا أن تطغى المعصية حتى تصبح واقعًا مألوفًا بين الناس ينظر إلى من أنكرها بغرابة وإنكار وكأنه أتى من القول والفعل بهتانًا وزورًا وهو في الواقع على الحق المبين.

 

ولن تكون نجاة المسلمين من الهلاك والعذاب إلا بذلك كما أن نجاة الفرد كما من خاتمة السوء وخلاصه من الموت على المعصية لن يكون إلا بهجران المعصية والتوبة الصادقة والإقبال على الطاعة.

 

ألا فلنتق الله -عز وجل- ولنحذر سخط الجبار -جل جلاله- فإنه يمهل ولا يهمل ويرجى ولا ينسى..

 

اللهم إنا نسألك توبة صادقة تمحو بها ما سلف وما كان.

 

 

المرفقات

من آثارها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات