ولاية المرأة في الإسلام

أحمد بن عبد العزيز القطان

2022-10-10 - 1444/03/14
التصنيفات: قضايا المرأة
عناصر الخطبة
1/أنواع الولاية في الإسلام 2/ مفاسد الولاية العامة للمرأة 3/ تحريمها 4/ وقفة مع جهاد البطلة سناء 5/ أهمية التربية الجهادية

اقتباس

إنهم الآن يطالبون أن تكون المرأة في الولاية العامة على المسلمين، وهذا لا يجوز شرعاً بالنص النبوي الصحيح الذي يرويه البخاري -رضي الله عنه-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بلغه أن الفرس قد جعلوا عليهم ملكة امرأة قال -عليه الصلاة والسلام-: "لن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة"...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ حيث أمرنا في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، وأعطانا الأمان النفسي والمعيشي في التقوى، فقال -سبحانه-: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3]، وأعطانا الضمان المعيشي لذريتنا بالتقوى والدعوة إلى الله، فقال: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) [النساء:9].

 

اللهم ألف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان، وأرنا في أعدائك عجائب قدرتك، اللهم إنا ندرأ بك في نحور أعدائنا، ونعوذ بك من شرورهم.

 

اللهم منزل الكتاب، ومنشئ السحاب، ومجري الحساب، وهازم الأحزاب؛ اهزم أحزاب الباطل يا رب العالمين! انصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا، ونسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى ووحدانيتك، نسألك تحرير المسجد الأقصى، وأرض فلسطين، وأن ترزقنا فيه صلاة طيبة مباركة، وتحرير أرض أفغانستان؛ إنك على ذلك قدير، ونسألك أن تخفف وطأة اليهود والعملاء في جنوب لبنان، وأن تحرر أرض لبنان، وأن تجعلها تحت قيادة مسلمة موحدة؛ أنت ولي ذلك والقادر عليه.

 

أما بعد: أيها الأحباب الكرام، هناك قضية يخطط لها، ويسعى لها في الخفاء، وهي توصيل المرأة إلى حق الترشيح والانتخاب إلى البرلمان، وهناك من يسعى في الليل والنهار لإيجاد هذا الحق المفتعل، وأصبح من اللازم علينا من فوق هذا المنبر إظهار الحق قبل أن يلبس على الناس دينهم.

 

الولاية -أيها الأحباب الكرام- نوعان: ولاية عامة، وولاية خاصة.

 

الولاية العامة: هي السلطة التي تكون سلطة ملزمة في شأنٍ من شؤون الجماعة، يحق لها سن القوانين والتشريعات، والفصل في الخصومات، والقضاء، وتنفيذ الأحكام، وهذه الولاية العامة جعلها الله للرجال فقط ولم يجعلها للنساء.

 

وأما الولاية الخاصة: فهي السلطة التي بها تنفذ المرأة شأناً من شؤونها الخاصة، أو شؤون الغير كتصرفها في الوصاية على الأولاد، أو أموالها، أو ممتلكاتها، وقد أباح الشرع للمرأة أن تفعل في أموالها وملكها من الهبة والإيجار والبيع والشراء ما تشاء.

 

إنهم الآن يطالبون أن تكون المرأة في الولاية العامة على المسلمين، وهذا لا يجوز شرعاً بالنص النبوي الصحيح الذي يرويه البخاري -رضي الله عنه-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بلغه أن الفرس قد جعلوا عليهم ملكة امرأة قال -عليه الصلاة والسلام-: "لن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة"، وهذا الحديث يفيد التحريم، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يرد به أمراً تعبدياً فقط، وإنما أمراً تشريعياً شرائعياً يجب على المسلمين أن يأخذوا به.

 

فهذه الأمة فهمت هذا الحديث من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، فهمت أن الولاية العامة لا تجوز بالنسبة للمرأة، وقد توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- واختلف الأنصار والمهاجرون على من ينتخبون خليفة، ولكنهم اتفقوا بعد ذلك على أبي بكر، وما استدعيت المرأة في الخلاف، أو تشارك في الانتخاب أو البيعة.

 

وكم من الأمور كانت في عهد الرسول والصحابة -رضي الله عنه- لم تستدع فيها المرأة لكي تشارك فيها أبداً، وظلت هكذا.

 

المرأة ليس منعها من الولاية العامة يدل على أنها ليس عندها ذكاءٌ أو فطنة أو فهم، لا. وإنما المانع الوحيد والعلة الوحيدة والحكمة الوحيدة أنها أنثى، والأنثى لها طبيعة تكوينية تختلف عن الذكر، فهي تتعرض إلى حالات ومستجدات في حياتها الخلقية الفطرية الطبيعية تمنعها من الولاية العامة، والمرأة لا تنكر ذلك من نفسها وتعلمه علم اليقين، وهذه الخلقة التكوينية الطبيعية هيأت المرأة تهيئة عاطفية خاصة؛ لتقوم بشؤون الأولاد، وتربية الأولاد، وشؤون البيت، فهي لها عاطفة خاصة. ويوم أن تقحم المرأة في هذا المجال ستعترض وتصطدم مع فطرتها كأنثى، وتتعرض إلى كثير من الأذى، وتتعرض الأسرة إلى كثير من الأذى.

 

إن المرأة تتحكم بها عاطفتها، لا شك في ذلك، وخير دليلٍ على ما أقول: أحد الوزراء لما قال في أحد التصريحات، وكان هذا الوزير نائباً، ثم عين وزيراً في الحكومة، قال: إن المشكلة الاقتصادية والإسكانية يجب أن تأخذ الأولوية بالنسبة لقضية انتخاب وترشيح المرأة. فما كان من إحدى الكاتبات إلا أن اتهمت هذا الوزير المشهود له بنزاهته بأنه يدفع فواتير كرسي الوزارة، أليست هذه هي العاطفة التي لا نريدها يوم أن تصل المرأة إلى البرلمان فتسوقها تلك العاطفة لمثل هذه التصريحات؟ إن الإسلام له حكمته ورحمته في تشريعاته، ويوم أن تتجاوز الأمة هذا التشريع الإلهي؛ ماذا سيحدث للأمة؟ وماذا سيحدث للبرلمان؟.

 

أيها الإخوة: يوم أن نتجاوز النص النبوي، فنقحم المرأة لكي تصل إلى الولاية العامة؛ ماذا سيحدث؟ إن الأربعة شهور الأولى ستعاني المرأة من الوحم والنفاس -إذا كانت حاملاً- فعلى الإخوة في البرلمان مراعاة شعور العضوة حتى لا يتأثر الجنين! لهذا نرجو عدم الإثارة وكثرة الابتسام في وجهها خلال النقاش والمداولات، ثم علينا أن نتحاشى تلك الروائح التي تزعج المرأة في وحمها، حتى لا تصاب بهذه الروائح من الغثيان، وعلينا أن نختار لها كرسياً خاصاً يناسب المرأة الحامل، ثم دخول مصطلح جديد في البرلمان، فعلى سبيل المثال: النائب يقول: إن هذا مقترح برغبة، فيدخل مصطلح جديد يسمى: اقتراح في حالة حمل.

 

ثم -أيها الأحباب- إن مثل هذا الأمر يحتم وجود سيارة إسعاف دائماً بجوار سيارة الرئيس؛ لنقلها بسرعة إلى الولادة، ثم بعد ذلك إذا جاء المولود من خلال مداولات تسعة شهور لا شك أنه سيولد وبيده مطرقة سيضربها على رأس صلعة الطبيب ويقول: رفعت الجلسة؛ لشدة الضيق والهم الذي هو فيه.

 

ثم -أيها الأحباب- علينا تنظيم أوقات لزيارة المستشفى بين العضوة والشعب الذي سيهنئها بالولادة، ثم تعطيل المشاريع، حتى تخرج الأخت من النفاس أربعين يوماً، وأمام هذه المستجدات والمتغيرات، سيضطر المجلس الموقر بسن قوانين جديدة بخصوص ترشيح المرأة. المادة الأولى: يفضل أن تكون المرشحة فوق الخمسين عاماً لضمان عدم الحمل. المادة الثانية: يفضل إن كانت دون الأربعين أن تكون بلا زوج. المادة الثالثة: العضوة الشابة يؤخذ من زوجها تعهد بتحديد النسل حتى تنتهي الدورة البرلمانية. المادة الرابعة: يوقع الزوج تعهداً بعدم منع الناخبين وأصحاب الحاجات من لقائها. المادة الخامسة: في شهور الحمل الأولى تعطى الأخت العضوة إجازة لمدة أربعة شهور من تاريخ الحمل حتى انتهاء الوحم، ثم إجازة في الشهور الثلاثة الأخيرة -ما قبل الولادة- ثم إجازة أربعين يوماً للنفاس، ثم إجازة سنتين للرضاعة ففصاله في عامين.

 

أما في حالة طلاقها فتعطى إجازة لمدة ثلاثة شهور لإتمام العدة، أما في حالة وفاة الزوج وهي حامل في الشهر الأول تعطى إجازة تسعة شهور لإتمام العدة، أو أربعة شهور وعشرة أيام في حالة عدم الحمل لإتمام العدة.

 

هذا، وفي حالة اجتماع كل هذه الأسباب وتوافرها، فإن هذه الأخت تقال من العضوية من البرلمان، ويعين العضو البديل حسب الانتخاب!.

 

ثم يجب توفير محرم للأخت؛ ليكون معها حين خلوها مع الوزير أو أي رجل أجنبي، وذلك بالنص الشرعي، ثم رسم ميزانية للمحارم في حال سفر الأخت للخارج للقيام بالمهام المنوطة بها، ومرافقة المحرم لها، وذلك بالنص الشرعي. أخيراً: حيازة إذن خاص من الزوج بخصوص سفرها، وذلك بالنص الشرعي!.

 

أيها الإخوة: يا لها من عقبات ستحدث لو وصلت إلى البرلمان! أما بخصوص انتخابها وأنها تمارس عملية الانتخاب، فإن هذه وسيلة وباب ودخول إلى الترشيح، وإن ما حرمه الشرع تحرم وسائله التي توصل إليه، فأصبح من الممنوع والحرام الانتخاب؛ لأن الترشيح والولاية العامة لا تجوز في الشرع.

 

على إثر ذلك أصدرت لجنة الفتوى في الأزهر الشريف عام اثنين وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد، تلك الفتوى القائلة: ومن هنا تقرر لجنة الفتوى أن الشريعة الإسلامية تمنع المرأة كما جاء في الحديث الشريف أن تلي شيئاً من هذه الولايات، وفي مقدمتها ولاية سن القوانين التي هي مهمة أعضاء البرلمان، هذا وليس من الولايات العامة التي تمنع منها المرأة ما يعهد به إلى بعض النساء من الوظائف والأعمال كالتدريس للبنات، وعمل الطبيبة والممرضة في علاج المرضى من النساء وتمريضهن، فإن هذه الأعمال وما شابهها ليس فيها معنى الولاية العامة الذي هو سلطان الحكم وقوة الإلزام.

 

وأما احتجاج المرأة بأن الطالبة في الجامعة تنتخب وترشح، فقد ناقشت اتحاد الطلبة هناك فقالوا: إنها ليست ولاية عامة، إنما وجود الأخت في جمعيات أو لجان ما هو إلا وسيلة اتصال بين الاتحاد وبين الطالبات، وأما جمعيات النفع العام فهي لا تصل فيها إلى الولاية العامة، فأصبح -أيها الأحباب الكرام- لا حجة بيد من يطالبون للوصول إلى البرلمان، ولتحفظ المرأة في بيتها بشرفها وكرامتها.

 

إن الإسلام منع المرأة من الجماعات العامة، وصلاة الجماعة، وصلاة الجنازة، والجهاد في سبيل الله، كل ذلك من أجل الحفاظ على أنوثتها وكرامتها؛ فلماذا نريد أن نقحمها في مجال الولاية العامة الذي لا يناسب المرأة؟ إن ذلك ما هو إلا تقليد للغرب ولأعداء الدين، وفي تقليد الأمة أعداءها وفقدها شخصيتها دليل على انهزامها الروحي والمعنوي.

 

نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يحفظ أعراضنا ونساءنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأصلي وأسلم على قرة عيني وقائدي ومعلمي وحبيبي محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، والتابعين، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد: أيها الأحباب الكرام، من هنا، من منبر الدفاع عن المسجد الأقصى وحقوق المسلمين، إلى هناك عند المجاهدين في جنوب لبنان، أرفع تحيةً مني ومنك إلى تلك البطلة (سناء) المجاهدة التي قامت وفجرت اليهود وتطايروا أمامها أشلاءً، إنها تعلّم وهي تجلس على كرسي الانفجار كثيراً من القادة الرجولة والبطولة، القابعين على كراسي الحكم، القابعين على كراسي الجاه والشهرة، إنها تعلمهم كيف تبذل الأرواح، والجود بالنفس أقصى غاية الجود.

 

إنها وحدها أمة، وإن أمة تريد أن تنتصر على عدوها، لا تنتصر عليه بالغناء، ولا تنتصر عليه بالملاهي، ولا تنتصر عليه بالكاسيات العاريات، ولا تنتصر عليه بما هو الآن من أساليب التربية، إنما ينتصر على العدو بإحياء روح الجهاد حتى يصبح أسمى أماني العبد الشهادة في سبيل الله.

 

الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما استطاع أن ينتصر على أعدائه البعيدين والقريبين إلا بعد أن عبأ المجاهدين المسلمين تعبئة روحية إيمانية، هذا هو المطلوب؛ لهذا، باسمي وباسمكم، أطالب الدولة هنا وجميع الدول العربية -وبالأخص دول المجابهة- أن يغيروا برامج التربية، وأن يكثفوا التربية الروحية، والتربية التكنولوجية؛ لتسير جنباً إلى جنب، ننتج السلاح، وننتج الرجال، بهؤلاء نستطيع أن ننتصر على دولة العلم والإيمان هناك في إسرائيل؛ فإن دولتهم قامت على الدين والعلم والإيمان بالتلمود والتوراة.

 

أيها الإخوة الكرام: الرسول -صلى الله عليه وسلم- بجنوده القلة -ثلاثمائة وأربعة عشر- وهم حفاة عراة عالة جياع في بدر، يجابهون معسكر الكفر القوي، وكان يعبئهم في تلك اللحظة ويقول لهم: "من قاتل المشركين صابراً محتسباً، ثم قتل، أدخله الله الجنة"، فكانت الإجابة السريعة من الجنود، إذ قام ممثلهم عمير بن الحمام وكان بيده تمرات وقال: "يا رسول الله! لئن قاتلت وقتلت يدخلني الله الجنة؟"، قال: "بلى! إن شاء الله"، فألقى التمرات من يده، وقال: "لئن عشت حتى آكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة".

 

"ركضاً إلى الله بغير زاد *** إلا التقى وطلب المعاد

والصبر في الله على الجهاد *** وكل زاد عرضة النفاد

إلا التقى والبر والرشاد "

 

وجاهد واستشهد، رضي الله عنه وأرضاه.

 

وهذا عمير بن أبي وقاص عمره أربعة عشر عاماً، عمره في مثل عمر أولادنا، الذين يسمعون الديسكو والموسيقى، ويذهبون إلى الفيديو والسينما ودور الملاهي، هذا الطفل لما نظر إليه النبي وإلى صغر سنه أمر بإعادته إلى المدينة، فبكى عمير بن أبي وقاص، فقال أخوه سعد: والله يا رسول الله! ما خرج من المدينة إلا رغبةً في الشهادة، فلا تحرمه الشهادة يا رسول الله! فأذن له الرسول -صلى الله عليه وسلم- فكان من أوائل الشهداء في بدر -رضي الله عنه وأرضاه، وعمره أربعة عشر عاماً.

 

وهذا معاذ ومعوذ ابنا عفراء يقولان لـعبد الرحمن بن عوف في معركة بدر: يا عماه! هل تعرف فرعون الأمة أبا جهل؟ قال: نعم. وماذا تريدان منه؟ قالا: إنا قطعنا عهداً بيننا وبين الله لئن رأيناه لنلفحنه بسيفينا هذين، فقال: هو ذاك! فانطلقا إليه وأحدهما عمره أربعة عشر عاماً والآخر سبعة عشر عاماً، انطلقا كأنهما صقران أو نسران وانقضا على أبي جهل ومزقاه بالسيف وخر على الأرض، فقام ابنه عكرمة وضرب معاذاً بسيفه فقطع يده من الكتف، وتدلت يده خلف ظهره بجلده فأخذ السيف بشماله، وأخذ يقاتل فلما ضيقت عليه يده وضعها تحت قدمه ثم تمطى عليها فقطعها وواصل القتال في سبيل الله!.

 

من يطيق ذلك إلا رجال الإيمان والإسلام، إنها التربية التي أوجدت أمثال هؤلاء الرجال، وهم يوجدون الآن في بقع مستنيرة على وجه الأرض، تتمثل بتلك البطولات الفردية التي تحدث في جنوب لبنان، أو على أرض فلسطين، أو على أرض أفغانستان، أو على أرض الفلبين، إن هذه البطولات ما نشأت من فراغ إنما نشأت من صيحة: الله أكبر الله أكبر! من تربية كتاب الله وسنة رسوله.

 

وإن لم نعد إلى هذه التربية لن نستطيع أن ننتصر على العدو أبداً، وصدق الله -سبحانه وتعالى- إذ يقول في كتابه: (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء:10]، أي: فيه عزكم ومجدكم ونصركم، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يصيح بأمته إلى يوم القيامة: "الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، تركت فيكم أمرين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله، وسنتي".

 

اللهم إني أسألك أن تعيد وترد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً، اللهم إني أسألك أن تعين ولاة أمر المسلمين على تطبيق شرعك يا أرحم الراحمين...

 

 

المرفقات

المرأة في الإسلام

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات